الثّانية : الطّواف 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5989


   الثاني : الطواف الواجب دون المندوب (3) لكن يحرم على الجنب دخول مسجد الحرام فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهواً وطاف ، فإن طوافه محكوم بالصحّة . نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل ولو كان الطواف مندوبا .

ــــــــــــــــــــــ
    الثاني ممّا يتوقف على الغسل :  الطّواف

   (3) فإنّ الطّواف منه واجب بالأصالة أو بالعرض ، أعني ما وجب لأجل وجوب الإتمام في الحج ومنه مندوب ، لأن الطواف عبادة في نفسه وللمكلف أن يأتي به وحده من دون ضمّه إلى بقيّة النسك وهو أمر مندوب شرعاً . وهل تعتبر الطّهارة من الحدث الأكبر في كلا القسمين من الطواف أو لا يعتبر ؟ للكلام في ذلك جهات :

    الجهة الاُولى : في اعتبار عدم الجنابة في الطواف الواجب .  وتدلّ على ذلك نصوص :

   منها : صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف ، قال : يقطع الطواف


ــ[286]ــ

ولا يعتد بشيء ممّا طاف»(1) .

   ومنها : صحيحة علاء عن محمّد بن مسلم ، قال : «سألت أحدهما (عليه السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور ، قال : يتوضأ ويعيد طوافه ، وإن كان تطوعاً توضأ وصلّى ركعتين»(2) . فإن الجواب في هذه الصحيحة وإن كان مختصّاً بالوضوء إلاّ أن السؤال عن الطواف من غير طهور الأعم من الغسل والوضوء قرينة واضحة على أن الطواف يعتبر فيه الطّهارة عن كل من الحدث الأكبر والأصغر ، وهو (عليه السلام) إنما تعرض لخصوص الوضوء لأنه الأمر الغالبي ، فإن الطواف من غير غسل لا يتحقق إلاّ نادراً ، لحرمة الدخول في المسجد الحرام على الجنب ، ولا يتصور ذلك إلاّ في موارد النسيان والغفلة أو الإجبار ، وهذا نادر بخلاف الطواف من غير وضوء . على أن الاشتراط بالوضوء يستدعي الاشتراط بالغسل أيضاً ، لما يأتي من أن الجنب لا وضوء له(3) وهذا ظاهر .

   ومنها : صحيحة معاوية بن عمار ، قال «قال أبو عبدالله (عليه السلام) : لا بأس أن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف بالبيت ، والوضوء أفضل»(4) أي في غير الطواف ، حيث دلّتنا على بطلان الطواف من غير وضوء ، ومن البديهي أن الجنب ليس له وضوء ، فيعتبر في الطواف عدم الجنابة مضافاً إلى اعتبار الوضوء فيه ، نعم علمنا خارجاً أن الغسل من الجنابة يغني عن الوضوء وهو أمر آخر .

   ومنها : صحيحة جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنه سئل أينسك المناسك وهو على غير وضوء ؟ فقال : نعم إلاّ الطواف بالبيت فإن فيه صلاة»(5) . وهي مروية بطريقين أحدهما ضعيف ، والذي فيه جميل صحيح . وقد دلّتنا على اعتبار الوضوء في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 375 / أبواب الطواف ب 38 ح 4 .

(2) الوسائل 13 : 374 / أبواب الطواف ب 38 ح 3 .

(3) في ص 394 .

(4) الوسائل 13 : 374 / أبواب الطواف ب 38 ح 1 .

(5) الوسائل 13 : 376 /  أبواب الطواف  ب 38 ح 6 ، الطريق الأوّل فيه سهل والثاني فيه إبراهيم بن هاشم فهي صحيحة .

ــ[287]ــ

الطواف ـ الملازم لاعتبار عدم الجنابة ، إذ لا وضوء للجنب ـ لأجل اعتباره في جزء الطواف الذي هو صلاته ، فدلّتنا على سراية حكم الجزء إلى كلّه . ومنها : غير ذلك من الأخبار (1) .

    الجهة الثانية : في اعتبار عدم الجنابة في الطواف المندوب وعدمه إذا دخل المسجد الحرام نسياناً وغفلة أو أنه اُجبر على الدخول فيه بحيث لم يتمكن من الخروج عنه ، وبالجملة لم يكن الدخول فيه ممنوعاً في حقّه فهل يشترط في طوافه المندوب عدم الجنابة ؟ المشهور بينهم عدم اشتراط الطّهارة من الحدث الأكبر في الطواف المندوب . وقد يستدلّ عليه بأن الأصل عدم الاشتراط . وفيه ما ذكرناه غير مرّة من أن البراءة غير جارية في المستحبات ، وإنما تجري في الأحكام الإلزامية فحسب ، وذلك لأن الرفع في مقابل الوضع أعني وضع إيجاب التحفظ والاحتياط ، والمستحبات لا يجب فيها التحفظ والاحتياط بالبداهة حتى ترفع بالبراءة هذا . مضافاً إلى أنه لا معنى للتمسك بالأصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي في المسألة ، فإن الإطلاق في صحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة يكفي في الحكم باعتبار عدم الجنابة في الطواف المندوب لعدم قرينة فيها على الاختصاص بالطواف الواجب .

   فالصحيح في الحكم بعدم اشتراط الطواف المندوب بالطّهارة من الحدث الأكبر أن يستدلّ بما قدّمناه من صحيحة علاء عن محمّد بن مسلم (2) لأنها فصّلت بين الطواف الواجب والتطوّع ، حيث أوجب الإعادة في الأوّل إذا كان لا عن وضوء ولم يوجب ذلك في التطوّع ، بل أوجب فيه الوضوء للصلاة فقط ، وقد أسلفنا أن المراد من اشـتراط الطواف الواجب بالوضـوء هو اشتراطه بكل من الغسل والوضوء بقرينة عمومية السؤال ، وإنما خص الجواب بالوضوء لأنه الفرد الغالبي . على أن الاشتراط بالوضوء يستدعي الاشتراط بالغسل أيضاً . وكيف كان ، فقد دلّتنا الصحيحة على أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 374 / أبواب الطواف ب 38 ح 2 ، 5 ، 6 ، 8 ، 11 .

(2) تقدّم ذكرها في ص 286 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net