دخول الجنب المتيمم المسجد لأخذ الماء منه - هل يجوز للجنب المتيمم لغاية أن يدخل المسجد 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 19778


    فرعان :

   الجنب المتيمم لكون الماء في المسجد ليس له أن يدخل المسجد

   الأوّل : ما إذا تيمم للصلاة خارج المسجد من جهة كون الماء في المسجد وحكم بطهارته فهل يجوز أن يدخل المسجد حينئذ لأنه متطهر أو لا يجوز ؟ الصحيح أنه لا يترتب على تيممه للصلاة جواز دخوله المسجد ، وذلك لأنه يلزم من جواز دخوله المسجد عدمه ، وما استلزم وجوده عدمه فهو مستحيل . وتقريب ذلك : أن المكلّف إذا تيمم بغاية الصلاة حكم عليه بالطّهارة شرعاً ، لأنه كان فاقداً وجاز التيمم في حقه فإذا تيمم لأجلها صار محكوماً بالطّهارة ، والمتطهر يجوز له جميع الغايات المتوقفة على الطّهارة التي منها دخوله المسجد ، فبمجرّد تيممه جاز له الدخول في المسجد فإذا جاز له الدخول تمكن من استعمال الماء وإذا تمكن منه انتقض تيممه لا محالة وإذا انتقض تيممه لم يجز له الدخول في المسجد ، فيلزم من القول بجواز دخوله المسجد عدم جواز دخوله وهو مستحيل ، ولذا قلنا إن تيممه لا يترتب عليه جواز الدخول في المسجد .

ــ[344]ــ

   ويدلّ على ما ذكرناه قوله تعالى : (وَلا جُنُباً إلاّ عَابِرِي سَبِيل حَتّى تَغْتَسِلُوا ) (1) حيث جعل الغاية الاغتسال ولم يقل حتى تيمموا ، لأنه باطلاقه يدلّ على أن وظيفته الغسل تيمم أم لم يتيمم . وعلى الجملة لا يجوز الدخول في المسجد بالتيمم إلاّ أن يضطر إليه اضطراراً شرعياً كتوقف إنقاذ نفس محترمة على الدخول ونحوه .

    الجنب المتيمم لبعض المسوغات ليس له أن يدخل المسجد

   الثاني : ما إذا كان جنباً ووجب عليه التيمم لا لأجل كون الماء في المسجد ، بل لأجل مرض له أو قرحة وجراحة وتيمم لأجل الصلاة فهل يجوز أن يدخل المسجد حينئذ أو لا يجوز ؟  ظاهر كلماتهم جواز ذلك بل لم نر ولم نسمع خلافاً في ذلك ، ولكن للمناقشة فيما تسالموا عليه مجال واسع .

   وذلك لأنّ الحكم قد يترتب على عنوان الحدث وعدم الطّهارة كما في حرمة مسّ كتابة القرآن ، حيث إنها مترتبة على عنوان الحدث وعدم الطّهارة على ما ورد في بعض الأخبار من استشهاده (عليه السلام) على عدم جواز مسّ المحدث الكتاب بقوله تعالى : (لاَ يَمَسُّهُ إِلاّ ا لْمطَهَّرُونَ )(2) فجواز المس مترتب على الطّهارة وعدم الحدث ، وكوجوب الصلاة فانه متوقف على الطّهارة لما ورد من أنه لا صلاة إلاّ بطهور(3) ، ففي أمثال ذلك إذا لم يتمكن المكلّف من الوضوء أو الغسل وتيمم به بدلاً عن الطّهارة المائية فلا محالة ترتفع عنه الأحكام المترتبة على الحدث وعدم الطّهارة ، لأن التيمم يرفع الحدث ويوجب الطّهارة حقيقة غاية الأمر ما دام معذوراً عن الماء . والقول بالإباحة كلام محض بل لعله لا قائل بها واقعاً ، وذلك لعدم إمكان الالتزام بأن المتيمم محدث ويجوز له الصلاة وغيرها تخصيصاً في أدلّة اشتراط الطّهارة في الصلاة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 43 .

(2) كما في موثقة إبراهيم بن عبدالحميد عن أبي الحسن (عليه السلام) الوسائل 1 : 384 / أبواب الوضوء ب 12 ح 3 .

(3) الوسائل 1 : 365 / أبواب الوضوء ب 1 ح 1 ، وغيرها من الموارد .

ــ[345]ــ

   وقد يكون الحكم مترتباً على عنوان الجنابة لا على عنوان الحدث وهذا كما في المقام ، لأن دخول المسجد محرم على الجنب لا على المحدث بحدث الجنابة وقد قال الله سبحانه : (وَلا جُنُباً إلاّ عَابِرِي سَبِيل ) ولم يقل ولا محدثاً ، وفي مثل ذلك لا ترتفع الأحكام المترتبة على عنوان الجنابة بالتيمم ، لأنه إنما يرفع الحدث ويوجب الطّهارة لا أنه يرفع الجنابة ، حيث لم يرد في شيء من الأخبار والآيات ما يدلّنا على ارتفاع الجنابة بالتيمم ، بل هو جنب متطهر وجنب غير محدث لا أنه ليس بجنب ، لقصور المقتضي أي عدم الدليل ولوجود المانع وهو لزوم أن يكون وجدان الماء سبباً للجنابة حيث إنها ارتفعت بالتيمم ، وبما أن التيمم ينتقض بوجدان الماء فتعود عليه الجنابة بالوجدان ، مع أن سببها أمران : الجماع والإنزال ، وليس وجدان الماء من أسبابهـا وعليه فلا يجوز للمتيمم بدلاً عن الجنابة أن يدخل المسجد لأنه جنب ولم ترتفع جنابته بتيممه . ويدلّ على ما ذكرناه قوله تعالى : (وَلا جُنُباً إلاّ عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) (1) حيث جعل غاية حرمة القرب من المسجد للجنب الاغتسال ، فلو كان له غاية اُخرى وهو التيمم لذكره ولما حصرها في الاغتسال مع أنه قال : (حَتّى تَغْتَسِلُوا ) ولم يقل تغتسلوا أو تيمموا ، فيدلّ باطلاقه على أن وظيفته الغسل سواء تيمم أم لم يتيمم .

   ونظير المقام ما إذا يمم الميت لعدم الماء أو لجراحة في الميت ولم يغسل فان مسّه موجب لغسل المس ، لأن وجوب الغسل عن المس إنما يترتب على عنوان الميت الذي برد ولم يغسل ولم يترتب على عنوان الميت المحدث بحدث الموت ، والتيمم إنما يرفع الحدث ولا يرفع الموضوع بأن يجعل الميت مغسلاً ، فلو مسّه أحد بعد تيممه لوجب عليه غسل المس أيضاً . وتظهر ثمرة ما ذكرناه في غير هذين الموردين أيضاً كما في البقاء على الجنابة في شهر رمضان ، فان الحكم فيه أيضاً مترتب على الجنابة لا على الحدث .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 43 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net