تقارن الحدث الأصغر مع الغسل الارتماسي - الحدث الأكبر أثناء الغُسل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7934


ــ[27]ــ

وأمّا إذا كان على وجه الآنيّة (1) فلا يتصور فيه حدوث الحدث في أثنائه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    تقارن الحدث الأصغر مع الإرتماسي

   (1) كما هو الصّحيح ، حيث قدّمنا أ نّه أمر آنيّ عقلي غير قابل للتجزئة (1) ، وعليه فلا معنى لوقوع الحدث الأصغر في أثنائه ، إذ لا أثناء له حتّى يقع الحدث في أثنائه . نعم يمكن أن يقارنه الحدث الأصغر ، بأن يتحقّق الحادثان مقترنين ، وهذا لا ينافي عدم إمكان وقوع أحدهما في أثناء الآخر لبساطته ، إذ لا مانع من أن يكون البسيط مقارناً لأمر آخر بحسب الزّمان ، وهل يكون هذا موجباً لبطلان غسل الجنابة كما كان هو الحال في الغسل التّرتيبي أو الإرتماسي التّدريجي أو لا يكون ؟

   التحقيق صحّة الغسل حينئذ وعدم بطلانه بمقارنة الحدث الأصغر معه ، وذلك لأنّ نسبة الغسل إلى ارتفاع الجنابة كنسبة العلّة إلى معلولها ونسبة الحكم إلى موضوعه ومن البديهي أنّ التقدّم في العلّة ومعلولها وكذا في الحكم وموضوعه طبعي رتبي ، وأمّا بحسب الزّمان فهما متقارنان ، لإستحالة تخلّف المعلول عن علّته والحكم عن موضوعه ، وعليه فالمكلّف حينما يغتسل محكـوم بإرتفاع جنابته ، وبما أنّ الحدث الأصغر مقترن مع الغسل فهو مقترن مع إرتفاع الحدث والجنابة لا محالة ، فالحكم بكونه محدثاً بالحدث الأصغر إنما هو في زمان الحكم بعدم جنابته ، ومن الواضح أنّ وظيفة المحدث بالحدث الأصغر غير الجنب هو التوضؤ دون الإغتسال ، كما قدّمنا تقريبه عند الإستدلال بالآية المباركة (2) .

   نعم ، لو قلنا بإعتبار المرسلة ورواية الفقه الرّضوي وتعدّينا عن موردهما الّذي هو الغسل التّرتيبي إلى المقام لأمكن الحكم ببطلان غسل الجنابة حينئذ ، إلاّ أ نّك عرفت عدم تماميّة شيء منهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم في المسألة [ 665 ] .

(2) تقدّم في الصفحة 21 .

ــ[28]ــ

   [ 692 ] مسألة 9 : إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل فإن كان مماثلاً للحدث السّابق ـ كالجنابة في أثناء غسلها أو المس في أثناء غسله ـ فلا إشكال في وجوب الإستئناف ، وإن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه ، فيتمّه ويأتي بالآخر ، ويجوز الإستئناف بغسل ((1)) واحد لهما ويجب الوضوء بعده ((2)) إن كانا غير الجنابة أو كان السابق هو الجنابة ((3)) حتّى لو استأنف وجمعهما بنيّة واحدة على الأحوط، وإن كان اللاّحق جنابة فلا حاجة إلى الوضوء ، سواء أتمّه وأتى للجنابة بعده أم استأنف وجمعهما بنيّة واحدة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وقوع الحدث الأكبر في أثناء الغسل وصوره

   (1) للمسألة صور : فإنّ الحدث الأكبر الواقع في أثناء الغسل إمّا أن يكون متماثلاً مع الحدث السابق ، كما إذا خرج منه المني في أثناء غسله من الجنابة ، أو مسّ الميت في أثناء غسله من المس وهكذا ، وإمّا أن يكون مخالفاً له ، وعليه فقد يكون المتقدّم هو الجنابة وما وقع في الأثناء غير الجنابة ، وقد يكون المتقدّم غير الجنابة والمتأخر هو الجنابة ، وثالثة يكون المتقدِّم والمتأخِّر كلاهما غير الجنابة .

   أمّا إذا كان المتأخر والمتقدّم متماثلين فلا ينبغي الإشكال في أنّ المتأخر موضوع مستقل للحكم بوجوب الإغتسال ، وظاهر الأمر بالغسل حينئذ إيجاده من الابتداء فلا يكفي تتميم الغسل السابق في إرتفاع حدثه ، فيجب عليه حينئذ أن يستأنف غسله ، ففي غسل الجنابة لا يجب عليه الوضوء حينئذ ، لأ نّه مغن عنه ، وأمّا في غيره فيبتني على القول بأ نّه يغني عن الوضوء أو لا يغني ، وحال المكلّف حينئذ من هذه الجهة حال ما إذا لم يكن له إلاّ حدث واحد ولم يطرأ عليه الحدث الثّاني في أثناء غسله .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إرتماساً ، وأمّا التّرتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود على النحو المأمور به في الواقع .

(2) على الأحوط ، ولا يبعد عدم وجوبه في غير غسل الإستحاضة المتوسطة كما سيأتي .

(3) إذا كان الاستئناف بغسل ارتماسي كان الاحتياط في هذا الفرض ضعيفاً .

ــ[29]ــ

   وأمّا إذا  كان المتقدّم والمتأخر متخالفين فقد تقدّم أنّ له صوراً ثلاثاً ، ولا إشكال في جميع تلك الصور في عدم بطلان الغسل في الأعضاء السابقة بالحدث الأكبر الواقع في أثنائه ، لأ نّه لا دليل عليه ، وإنّما الكلام في أ نّه هل يوجب الوضوء أو لا يوجبه ؟

   أمّا الصورة الاُولى ووقوع الحدث غير الجنابة في أثناء غسل الجنابة ، كما إذا مسّ الميت في أثناء غسل الجنابة ، فإن قلنا إنّ الأحداث الكبيرة غير الجنابة أيضاً من نواقض الوضوء فهي في أنفسها توجب الوضوء ولا رافع له ، لأنّ غسل الجنابة إنّما يغني عن الوضوء فيما إذا وقع بتمامه بعد الحدث ، وأمّا إذا وقع بعضه بعد الحدث فلا يوجب رفعه ، ومعه لا بدّ من أن يتمّ غسله ثمّ يغتسل لمسّ الميت ويضمّ إليه الوضوء أيضاً ، نعم له أن يرفع يده عن غسله ويعدل إلى الإرتماس فإنّه حينئذ يكفي عن كلا الحدثين كما يغني عن الوضوء أيضاً .

   وأمّا إذا لم نقل بكونها من النواقض ، فسواء قلنا بكونها مغنية أم لم نقل لا يجب عليه الوضوء في مفروض المسألة ، لأنّ غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء ، ولم يحدث سبب يقتضي الوضوء ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون المكلّف محدثاً بالأصغر قبل حدثه الأوّل أم كان متطهراً منه .

   وأمّا الصّورة الثّانية  اُعني ما إذا كان الحدث الواقع في الأثناء هو الجنابة والحدث الأوّل غير الجنابة ، كما إذا أجنب في أثناء غسل مسّ الميت ، فلا إشكال في عدم وجوب الوضوء عليه ، لأ نّه لا بدّ من أن يغتسل للجنابة في أثناء غسله أم بعده وغسل الجنابة يغني عن الوضوء .

   وله في هذه الصّورة أيضاً أن يرفع يده عن غسله ويأتي بغسل الجنابة بعد ذلك لأ نّه يرفع جميع الأحداث الطارئة عليه سواء قصدها أم لم ينوها ، لما يأتي من أنّ غسل الجنابة يرفع ما تقدّم عليه من الأحداث ، وهذه الصّورة أيضاً لا يفرق فيها بين ما إذا كان المكلّف متطهراً قبل حدثه الأوّل أم كان محدثاً .

   وأمّا الصّورة الثّالثة  بأن يكون الحدثان كلاهما غير الجنابة ، كما إذا مسّت المرأة ميتاً في أثناء إغتسالها من النّفاس ، فإن كان المكلّف متطهراً قبل حدثه السابق وقلنا

ــ[30]ــ

إنّ الحدث الأكبر غير الجنابة ليس من نواقض الوضوء ولا يوجبه كما هو الصّحيح فلا موجب لتوهم وجوب الوضوء عليه ، لأ نّه كان متطهراً على الفرض ، وما وقع من الحدثين غير ناقض ولا موجب للوضوء ، فطهارته باقية بحالها .

   وأمّا إذا كان محدثاً قبل حدثه السّابق وقلنا أنّ الحدثين غير ناقضين ولا موجبين للطهارة فلا مناص من أن يتوضأ ، لأ نّه محدث بالأصغر ولم يطرأ ما يرفعه .

   وأمّا إذا قلنا إنّ الأحداث الكبيرة غير الجنابة موجبة للطهارة ومغنية عن الوضوء فأيضاً لا يجب عليه الوضوء ، لإغتساله من الحدثين ، وهما يغنيان عن الوضوء ، وإن قلنا بالتفصيل في ذلك بين الأحداث ولم نقل بإغناء بعضها عن الوضوء ، كغسل الإستحاضة المتوسطة مثلاً ، فلا بدّ من التفكيك في المقام والحكم بعدم وجوب الوضوء في غسل الإستحاضة المذكورة والحكم بوجوبه فيه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net