تردّد الدم بين الحيض وغير دم القرحة - أقل مدّة الحيض 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6992


ــ[112]ــ

ولو إشتبه بدم آخر حكم عليه بعدم الحيضيّة إلاّ أن تكون الحالة السابقة هي الحيضيّة (1) .

   [ 706 ] مسألة 6 : أقل الحيض ثلاثة أيّام (2) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   دوران الدم بين الحيض وغير دم القرحة

   (1) إذا لم يعلم أنّ الدم يخرج من الرّحم أو من عرق آخر فإن كانت حالتها السابقة هي الطّهارة وعدم كونها حائضاً فتستصحب طهارتها ، وإذا كانت هي الحيض وكانت حائضاً فتستصحب كونها كذلك ، وبالإستصحاب يثبت كونها حائضاً أو طاهرة ، لإنحلال العلم الإجمالي بجريان الأصل المثبت في طرف والأصل النافي في طرف آخر ، كإستصحاب بقاء حيضها مع إستصحاب عدم طهارتها أو بالعكس .

   وأمّا إذا جهلت الحالة السابقة ولم تعلم أنّ الحالة المتصلة بخروج الدم هي الطّهر أو الحيض فلا يمكن إستصحاب كون المرأة حائضاً أو طاهرة ، لتعارض إستصحاب طهارتها بإستصحاب كونها حائضاً ، أو لعدم جريانهما في نفسهما كما بنى عليه صاحب الكفاية (قدس سره) ، وحينئذ فمقتضى العلم الإجمالي بتوجه تكليف إلزامي عليها ـ  حيث إنّ لكلّ من الحيض والطّهر أحكاماً إلزاميّة  ـ هو الإحتياط ، إلاّ أنّ مقتضى الأصل الجاري في نفس الدم وعدم خروجه من الرّحم وعدم إتصافه بالحيضيّة ـ  أعني إستصحاب العدم الأزلي  ـ عدم ترتيب آثار الحيضيّة من أحكام نفس الحيض أو أحكام من يخرج عنه ، وهذا الإستصحاب لا معارض له كما هو ظاهر .

    أقل مدّة الحيض

   (2) هذا هو المتسالم عليه بين أصحابنا قدس الله أرواحهم ، بل ادعي عليه الإجماع في كلمات غير واحد منهم على ما في مفتاح الكرامة (1) ، وقد نقل فيه أنّ أبا يوسف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مفتاح الكرامة 1 : 341 / المقصد السادس في الحيض .

ــ[113]ــ

وأبا حنيفة أيضاً ذهبا إلى ذلك ، وأمّا مالك والشّافعي وابن حنبل فقد ذهبوا إلى أنّ أقلّه أقل من ثلاثة أيّام ، على تفصيل في ذلك فليراجع .

   ويدل على ذلك جملة من الأخبار فيها صحاح وموثقة وغيرها ، بل لا يبعد تواترها إجمالاً .

   منها : صحيحة معاوية بن عَمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيّام ، وأكثر ما يكون عشرة أيّام» (1) .

   ومنها : صحيحة صفوان بن يحيى قال : «سألت أبا الحسن الرّضا (عليه السلام) عن أدنى ما يكون من الحيض ، قال : أدناه ثلاثة وأبعده عشرة» (2) إلى غير ذلك من الأخبار (3) .

   وبإزاء هذه الرّوايات موثقتان :

   إحداهما : موثقة إسحاق بن عَمّار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة الحُبلى ترى الدم اليوم واليومين ، قال إن كان الدم عبيطاً فلا تصلّ دينك اليومين ، وإن كان صُفرة فلتغتسل عند كلّ صلاتين» (4) .

   وثانيتهما : موثقة سَماعة بن مِهران قال «سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدّة أيّام سواء ، قال : فلها أن تجلس وتدع الصّلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة ، فإذا إتفق شهران عدّة أيّام سواء فتلك أيّامها» (5) .

   قد يقال بكونهما معارضتين للأخبار المتقدّمة ، لدلالتهما على أنّ أقل الحيض أقل من ثلاثة أيّام ، فلا بدّ من طرحهما أو حملهما على خلاف ظاهرهما ، بل عن المحقّق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 293 / أبواب الحيض ب 10 ح 1 .

(2) الوسائل 2 : 294 / أبواب الحيض ب 10 ح 2 .

(3) الوسائل 2 : 293 و 299 / أبواب الحيض ب 10 و 12 و ...

(4) الوسائل 2 : 296 / أبواب الحيض ب 10 ح 13 .

(5) الوسائل 2 : 304 / أبواب الحيض ب 14 ح 1 .

ــ[114]ــ

الهمداني(1) (قدس سره) العمل بهما في موردهما ، أعني المرأة الحبلى والمبتدئة الّتي ترى الدم في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام ، تخصيصاً لما دلّ على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام بالإضافة إلى مورد الرّوايتين .

   ولكن الصحيح عدم معارضتهما للأخبار المتقدّمة بوجه ، وذلك لأنّ الموثقة الاُولى لم تدل على أ نّها لا تصلّي بعد ذينك اليومين ، وإنّما دلّت على ترتيب آثار الحيض من حين ترى الدم في اليوم واليومين ومقارناً لخروجه ، حيث قال (عليه السلام) «فلا تصلّ ذينك اليومين» لا أ نّها لا تصلّي بعدهما ، كما لا دلالة لها على أنّ وظيفتها أيّ شيء إذا إنكشف إنقطاع الدم قبل ثلاثة أيّام ، وعليه فالرواية بصدد بيان الحكم الظّاهري وأنّ المرأة بمجرّد رؤيتها الدم ترتّب آثار الحيض على نفسها ، ثمّ إنّه إذا إنكشف إنقطاعه قبل ثلاثة أيّام فيعلم عدم كونه حيضاً بمقتضى الأخبار المتقدّمة الّتي دلّت على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام .

   فالموثقة مسوقة لبيان الحكم الظّاهري والأخبار المتقدّمة مبيّنة للحكم الواقعي ، ولا تعارض بين الحكم الظّاهري والواقعي . نعم لو كانت الموثقة دلّت على أنّ المرأة بعد إنقطاع الدم قبل ثلاثة أيّام ترتب أحكام الحائض على نفسها لكانت معارضة مع الأخبار المتقدّمة ، لدلالتها حينئذ على أنّ أقلّ الحيض أقلّ من ثلاثة أيّام ، ولكن لا دلالة لها على ذلك كما عرفت .

   وكذلك الحال في الموثقة الثانية الواردة في وظيفة المبتدئة ، أي الّتي لم تر الحيض قبل ذلك ، حيث دلّت على أ نّها ترتب آثار الحيض من حين ترى الدم وهو حكم ظاهري ، ولا دلالة لها على أنّ الدم إذا إنقطع قبل ثلاثة أيّام أيضاً تبني على كونها حائضاً ، حيث إنّها سـيقت لبيان أن رؤية الدم شهرين على وجه التساوي يوجب تحقّق العادة للمرأة، وليس لها نظر إلى وظيفة المرأة عند إنقطاع دمها قبل الثلاثة ، وأمّا أ نّها تبني على كونها حائضاً أو لا تبني عند إنقطاع الدم قبل الثلاثة فلا دلالة لها على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 262  السطر 31 .

ــ[115]ــ

شيء منه .

   فالموثقة سيقت لبيان الوظيفة الظاهريّة للمبتدئة ، فإذا إنقطع الدم قبل ثلاثة أيّام إنكشف عدم كون الدم حيضاً بمقتضى الرّوايات المتقدّمة ، فلا معارضة بينها وبين الأخبار المتقدّمة ، لأنّ الموثقة بصدد بيان الحكم الظاهري والأخبار المتقدّمة تدل على الحكم الواقعي ، ولا تنافي بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة حتّى تطرح الموثقتان أو تحملا على خلاف ظاهرهما ، أو يعمل بهما في موردهما فقط ، أعني المرأة الحبلى أو المبتدئة الّتي ترى الدم في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة .

   ثمّ إنّ هذا التحديد حقيقي كسائر التحديدات الشرّعيّة ، كتحديد الكرّ بالوزن أو بالمقدار ، وتحديد السفر الموجب للقصر بثمانية فراسخ ، أو وجوب التمام عليه بالتردّد ثلاثين يوماً وهكذا ، فكما أ نّها تحديدات حقيقيّة شرعيّة بحيث لو نقص الماء أو المسافة عنهما ولو بأقل قليل لم يترتب عليه الحكم بالكرية ووجوب القصر كذلك الأمر في المقام ، فلو رأت المرأة الدم ثلاثة أيّام إلاّ قليلاً فلا يحكم عليه بالحيض بمقتضى ظهور الأخبار الواردة في تحديد الحيض بأن لا يكون أقل من ثلاثة أيّام .

   نعم هناك بحث آخر وهو أنّ الثّلاثة يعتبر فيها التوالي والإستمرار أو لو رأت الدم ثلاثة أيّام متفرقة أيضاً ـ بأن تراه يوماً وانقطع حتّى تراه بعد أيّام يوماً وهكذا إلى ثلاث أيّام ـ يكتفى به في الحكم بالحيضيّة ؟ وهذا بحث آخر أجنبي عمّا نحن بصدده يأتي التعرّض إليه عند تعرّض الماتن له (1) ، فلا وجه لإبتناء المسألة على استفادة إعتبار التوالي من الأدلّة الدالّة على أنّ أقل الحيض ثلاثة أيّام ، والقول بأن الحكم المذكور واضح بناءً على استفادة اعتبار التوالي من ظهور الأدلّة المشار إليها .

   وذلك لأ نّا إنّما نعتمد في الحكم بعدم حيضيّة الدم الأقل من ثلاثة أيّام ولو بقليل على ظواهر الأخبار ، لكونها ظاهرة في التحديد الحقيقي ، سواء قلنا بإعتبار التوالي في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يأتي في الصفحة 121 .

ــ[116]ــ

الثلاثة أم لم نقل ، فإنّ الثلاثة لا بدّ من أن تتحقّق في الحكم بالحيضيّة متوالية أو متفرِّقة .

   ثمّ إنّ ذلك التحديد تحديد شرعي ، والمناط فيه صدق رؤية الدم ثلاثة أيّام ، ولا يدور الحكم بالحيضيّة مدار كثرة الدم أو قلته بحسب السّاعات ، بل المدار على صدق الثّلاثة ، وهي تختلف باختلاف الأزمنة وحالات النِّساء ، فقد تكثر ساعاتها وقد تقلّ ، وذلك لأنّ الظّاهر من كلمة يوم في الأخبار الواردة في المقام هو مقابل اللّيل كما هو الحال في جميع الموارد ، إلاّ أن تقوم قرينة على إرادة الأعم من ليلته ، فاليوم بمعنى بياض النّهار .

   فلو رأت المرأة الدم قبل طلوع الشّمس بقليل أو قبل طلوع الفجر ـ بناءً على أ نّه أوّل الصبح وإن كان الأوّل أصحّ ـ حتّى مضت عليها ثلاثة أيّام فلا محالة يحكم عليه بالحيضيّة لكونه ثلاثة أيّام ، وليس الأمر كذلك فيما إذا رأت الدم من أوّل اللّيل إلى نصف اليوم الثّالث ، حيث لا يحكم عليه بالحيضيّة ، لعدم رؤيتها الدم ثلاثة أيّام بل يومين ونصف يوم ، مع أ نّه بحسب الساعات أكثر من الصورة الاُولى ، حيث إنّها في الصّورة الاُولى رأت الدم ثلاثة أيّام وليلتين بينهما فالمجموع ستّون ساعة ، وأمّا في الصّورة الثّانية فقد ترى الدم ستّاً وستّين ساعة إلاّ أ نّه لا يحكم عليه بالحيضيّة ، لعدم صدق رؤية الدم ثلاثة أيّام بل يومين ونصف يوم .

   وكذا إذا رأت الدم وهي في أيّام الشـتاء أوّل النّهار ـ  أعني طلوع الشمس أو الفجر  ـ إلى ثلاثة أيّام فإنّه محكوم بكونه حيضاً ، وأمّا إذا رأت الدم بعد أوّل النّهار بساعتين وهي في أيّام الصيف إلى آخر اليوم الثّالث فإنّه غير محكوم بالحيضيّة ، لعدم صدق أ نّها رأت الدم ثلاثة أيّام بل ثلاثة أيّام إلاّ ساعتين ، مع أنّ رؤيتها الدم بحسب السّاعات أكثر في الصّورة الثّانية من الاُولى ، وذلك لأنّ اليوم في الشتاء قصير فلنفرضه عشرة ساعات ، وحيث إنّها رأته ثلاثة أيّام وليلتين فقد ترى الدم ثماني وخمسين ساعة ، وأمّا اليوم في الصيف فطويل فلنفرضه أربع عشرة أو خمس عشرة ساعة ـ الترديد بإعتبار أنّ ما بين الطلوعين من اللّيل أو من النهار ـ وبما أ نّها ترى




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net