حكم النقاء المتخلل بين الحيضتين - تساوي الحيضتين في العددية 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8054


ــ[171]ــ

   [ 713 ] مسألة 13 : إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النّقاء في البين فهل العادة أيّام الدم فقط أو مع أيّام النّقاء أو خصوص ما قبل النّقاء ؟ الأظهر الأوّل ((1)) . مثلاً إذا رأت أربعة أيّام ثمّ طهرت في اليوم الخامس ثمّ رأت في السّادس ، كذلك في الشهر الأوّل والثّاني فعادتها خمسة أيّام لا ستّة ولا أربعة فإذا تجاوز دمها رجعت إلى خمسة متوالية وتجعلها حيضاً ، لا ستّة ولا بأن تجعل اليوم الخامس يوم النّقاء والسّادس أيضاً حيضاً ولا إلى الأربعة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    النّقاء بين الحيضتين

   (1) بأن رأت الدم في كلّ واحد من الشّهرين أربعة أيّام مثلاً وحصل النّقاء في اليوم الخامس ثمّ رأت الدم في اليوم السّادس أيضاً ، فهل تجعل أيّامها ستّة ، أعني مجموع أيّام الدم والنّقاء ، أو أنّ عادتها خمسة أيّام بإسقاط يوم النّقاء أو أنّ عادتها أربعة أيّام ، أعني ما رأته قبل النّقاء فحسب ؟

   ذهب الماتن (قدس سره) إلى أنّ عادتها هي أيّام الدم وهي خمسة ، دون ما قبل النّقاء أو المجموع . أمّا ما أفاده من أنّ أيّام العادة ليست هي أيّام الدم قبل النّقاء فحسب فهو كما أفاده لأنّ تخصيص الحيض بها بلا مخصّص ، فإنّه عبارة عن دم الحيض أو حدثه ، وكلاهما زائدان عن الأربعة في المثال ، وإنّما الكلام في أنّ عادتها هل هي أيّام الدم المركّبة ممّا تقدّم على النّقاء وما تأخّر عنه دون يوم النّقاء ، أو أنّ عادتها مجموع أيّام الدم والنّقاء ؟

   والظّاهر أنّ النّزاع في هذه المسألة يبتني على الخلاف المتقدِّم من أنّ النّقاء في أثناء الحيضة الواحدة طهر أو ملـحق بما سـبقه ولحقـه من الدم (2) ، فعلى ما ذهب إليه صاحب الحدائق (قدس سره) واحتاط فيه الماتن ـ من عدم كون يوم النّقاء من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأظهر الثّاني ورعاية الاحتياط أولى .

(2) تقدّم في الصفحة 135 .

ــ[172]ــ

الحيض بحمل ما ورد من أنّ أقلّ الطّهر عشرة أيّام على ما بين الحيضتين دون أثناء الحيضة الواحدة ـ لا بدّ من أن يلتزم بما أفاده الماتن (قدس سره) من جعل العادة هي أيّام الدم فحسب دون المجموع منها ومن يوم النّقاء ، لأنّ أيّام الدم هي أيّام قعودها وجلوسها الّتي ترجع إليها عند زيادة دمها على العشرة ، دون يوم النّقاء لأ نّها فيه طاهرة .

   وأمّا بناءً على ما قوّيناه ـ  من أن يوم النّقاء ملحق بما سبقه ولحقه من أيّام حيضها وأ نّه لا وجه لتقييد ما دلّ على أنّ أقلّ الطّهر عشرة أيّام بالحيضتين المستقلّتين  ـ فالعادة هي المجموع من أيّام الدم وأيّام النّقاء ، لأ نّه أيّام قعودها وجلوسها لا خصوص أيّام دمها .

   وتوضيح ذلك : أنّ ظاهر «أيّامها» الّتي ترجع إليها المرأة عند تجاوز دمها العشرة هو أيّام قعودها وجلوسها ، وهي أعم من أيّام الدم ويوم النّقاء إذا قلنا بكونه بحكم الحيض ، ثمّ لو تنازلنا عن ذلك وقلنا إنّها ظاهرة في أيّام الدم أو أ نّها مجملة في نفسها فهناك جملة من الأخبار قد وردت في أنّ الأيّام الّتي ترجع إليها المرأة عند تجاوز دمها العشرة هي أيّام قعودها وجلوسها .

   منها : موثقة سماعة قال : «سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل ، قال : تقعد أيّامها الّتي كانت تحيض ، فإذا زاد الدم على الأيّام الّتي كانت تقعد إستظهرت بثلاثة أيّام ثمّ هي مستحاضة» (1) .

   ومنها : صحيحة الصحّاف قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إنّ اُمّ ولدي ـ  إلى أن قال  ـ وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الّذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنّه من الحيضة ، فلتمسك عن الصّلاة عدد أيّامها الّتي كانت تقعد في حيضها» الحديث (2) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 302 / أبواب الحيض ب 13 ح 6 .

(2) الوسائل 2 : 330 / أبواب الحيض ب 30 ح 3 .

ــ[173]ــ

   ومنها : صحيحة أو موثقة يونس بن يعقوب (1) فراجع .

   ومنها : غير ذلك من الأخبار الدالّة على أنّ المراد من الأيّام أيّام قعودها وجلوسها (2) ، وقد عرفت أ نّها أعمّ من أيّام الدم والحدث .

   وعليه فإذا قلنا أنّ يوم النّقاء محكوم بحكم الحيض كما بنينا عليه فأيّامها ستّة في المثال ، لأ نّها الّتي كانت تقعد فيها ، أي هي أيّام قعودها . وأمّا إذا قلنا أنّ يوم النّقاء يوم طهر كما بنى عليه صاحب الحدائق (قدس سره) فأيّامها خمسة في المثال ، لأ نّها الّتي كانت تقعد فيها ، وأمّا اليوم الخامس فهو يوم طهر لا يوم حدث ولا دم ، هذا كلّه في ذات العادة العدديّة .

   وأمّا ذات العادة الوقتيّة كما إذا رأت أربعة أيّام من أوّل الشهر وانقطع يوم الخامس ثمّ عاد اليوم السّادس فقط ، ورأت كذلك في الشهر الثّاني إلاّ أ نّها رأت بعد اليوم الخامس يومين ففي هذه الصّورة إن قلنا بأنّ كلمة «أيّامها» الّتي لا بدّ من أن ترجع إليها المرأة عند تجاوز دمها العشرة ظاهرة في أيّام قعودها وجلوسها فأيضاً يأتي التفصيل المتقدّم ، فعلى القول بأن يوم النّقاء محكوم بالحيض فأيّامها الّتي كانت تقعد فيها ستّة لا محالة ، وأمّا إذا قلنا بكونه يوم طهر فأيّامها الّتي تقعد فيها خمسة .

   وكذلك الحال فيما إذا قلنا بإجمالها لتردّدها بين أيّام الدم والأعم منها ومن أيّام الحدث ، إذ لنا أن نرجـع حينئذ إلى مرسـلة يونس الطويلة (3) المشتملة على الأمر بالرّجوع إلى أيّام أقرائها عند تجـاوز دمها العشرة ، والأقراء جمع قرء وهو أعم من الدم والحدث ، فعلى القول بأن يوم النّقاء طهر فلا محالة تكون أيّامها خمسة في المثال لأنّ اليوم الخامس ليس بيوم الحدث ولا الدم .

   كما لا يمكن الحكم بكون الصفرة فيه حيضاً تمسّكاً بما دلّ على أنّ الصّفرة في أيّام العادة حيض ، وذلك لعدم كون النّقاء من أيّام عادتها وإنّما هو يوم طهر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 303 / أبواب الحيض ب 13 ح 12 .

(2) الوسائل 2 : 300 / أبواب الحيض ب 13 .

(3) الوسائل 2 : 276 / أبواب الحيض ب 3 ح 4 .

ــ[174]ــ

   [ 714 ] مسألة 14 : يعتبر في تحقّق العادة العدديّة تساوي الحيضتين (1) وعدم زيادة إحداهما على الاُخرى ولو بنصف يوم أو أقل ، فلو رأت خمسة في الشهر

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   نعم لا مانع من التمسّـك بصحيحة محمّد بن مسلم أو حسنته بإعتبار إبراهيم بن هاشم أو الموثقة بإعتبار حماد الواقع في سندها ، قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة ترى الصفرة في أيّامها فقال : لا تصلِّي حتّى تنقضي أيّامها ، وإن رأت الصفرة في غير أيّامها توضّأت وصلّت» (1) حيث دلّت على أنّ الصـفرة الّتي تراها المرأة محكومة بالحيض ما دام لم تنقض أيّامها ، وعليه فإذا رأت المرأة صفرة في اليوم الخامس مثلاً فضلاً عن الدم في الشهر الثّالث فلا بدّ من الحكم بكونه حيضاً ، لأ نّها تراها في وقت لم تنقض أيّامها لبداهة أ نّها في اليوم الخامس لا يصحّ أن يقال : إنّ أيّامها انقضت ، لأ نّها ترى الدم بعد ذلك يوماً أو يومين .

   وعليه ففي العادة الوقتيّة لا بدّ من الحكم بأنّ عادتها هي مجموع أيّام الدم والنّقاء من غير تفصـيل بين كون النّقاء طهراً أم حيضاً . وأمّا في العـادة العدديّة فلا بدّ من التّفصيل بين المسـلكين ، فعلى مسلكنا تكون عادتها هي مجمـوع أيّام الدم والنّقـاء وعلى مسلك صاحب الحدائق (قدس سره) هي أيّام الدم فحسب .

    تساوي الحيضتين في العدديّة

   (1) نسب إلى بعضهم عدم كون الزّيادة بساعة أو ساعتين أو أكثر مانعة عن تحقّق العادة العدديّة ما لم تبلغ اليوم ، وذلك بدعوى أنّ المدار في العادة العدديّة على تساوي الشهرين من حيث عدد الأيّام ولا اعتبار بتساويهما من حيث السّاعات ، فلو رأت في أحد الشّهرين خمسة أيّام وفي الشهر الآخر خمسة أيّام ونصف يوم صدق أنّ المرأة رأت الدم في الشهر الثّاني بعدد لا يزيد عن عدد الأيّام في الشهر السابق بيوم وهي خمسة أيّام ونصف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 278 / أبواب الحيض ب 4 ح 1 .

ــ[175]ــ

الأوّل وخمسة وثلث أو ربع يوم في الشّهر الثّاني لا تتحقّق العادة من حيث العدد .

نعم لو كانت الزّيادة يسيرة لا تضرّ . وكذا في العادة الوقتيّة تفاوت الوقت ولو

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولكن الصحيح ما هو المعروف بينهم من اعتبار التّساوي من حيث العدد في العادة العدديّة وعدم تحقّقها عند زيادة إحدى الحيضتين على الاُخرى ولو بنصف يوم .

   والوجه في ذلك : أنّ الموثقة (1) دلّت على أنّ العادة العدديّة إنّما تتحقّق فيما إذا اتّفق الشهران عدّة أيّام سواء ، ولا إشكال في عدم صدق ذلك عند رؤيتها الدم في شهر خمسة أيّام وفي شهر آخر خمسة أيّام ونصف ، لأنّ الأيّام كغيرها من الموجـودات فكما أنّ أحداً إذا ملك خمسة دنانير مثلاً وملك الآخر خمسة دنانير ونصفاً لا يصدق أ نّهما متّفقان في عدد ما يملكانه ، بل يقال إنّ أحدهما ملك خمسة دنانير ونصفاً وملك الآخر خمسة دنانير ، فكذلك الحال في المقام ، فلا يصدق في المثال أ نّها رأت الدم في الشهرين عدّة أيّام سواء .

   نعم ، الزّيادة اليسيرة بمقدار لا ينافي صدق اتّحاد الحيضتين من حيث العدد عرفاً غير مضرة ، لتحقّق العادة العدديّة بذلك ، كما إذا زاد أحد العددين عن الآخر بخمس دقائق ونحوها ، وذلك للقرينة الخارجيّة وهي القطع بعدم إرادة تساوي الحيضتين تساوياً عقليّاً بحسب العدد بحيث يضرّها الإختلاف ولو بزيادة أحدهما على الآخر بخمسة دقائق بل بدقيقة ، لعدم تحقّق ذلك في الخارج أصلاً ، ولو كان أمراً متحقّقاً فهو من الندرة بمكان لا يمكن حمل الموثقة عليه .

   على أنّ السّاعات الدقيقة لم تكن موجودة في أزمنة صدور هذه الأخبار ، وإنّما المرأة كانت ترى الدم بعد طلوع الشّمس في شهر بمقدار ما وكانت تراه في الشهر الآخر بعد طلوعها بمقدار تظن أ نّه عين المقدار السابق في الشهر الأوّل أو الحيضة الاُولى ، ولم يكن حينئذ طريق إلى حساب ساعات الدم وأيّامه على وجه دقيق عقلي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 304 / أبواب الحيض ب 14 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net