تجاوز الدم عن العشرة في ذات العادة العددية - التسوية بين أوصاف الدم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6504


ــ[305]ــ

   [ 734 ] مسألة 7 : صاحبة العادة العدديّة ترجع في العدد إلى عادتها ، وأمّا في الزّمان فتأخذ بما فيه الصفة، ومع فقد التمييز تجعل العدد في الأوّل على الأحوط((1)) (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأعداد لأنّ عادتها هو الجامع بينها ، فمما لا تشملها الأدلّة بوجه .

   إذن لا يمكن أن يحصل لها العلم بعدم زيادة حيضها على الخمسة مثلاً بل تحتمل زيادة حيضها عنها ونقصانها عنها ، ومعه تشملها المرسلة (2) الدالّة على أنّ المضطربة والّتي لم تسـتقر لها عادة لزيادة دمها تارة ونقصانه اُخرى تتخيّر بين الستّة والسبعة فلا مانع من الأخذ بأحدهما وإن لم تر الدم زائداً على خمسة أيّام كما مرّ .

   وهذا بخلاف العلم بزيادة الحيض على السبعة ، لأ نّها من العادة الوجوديّة ، ولا مانع من أن يحصل لها العلم بأنّ عادتها العدديّة أكثر من السبع ، ومعه لا يمكنها الرّجوع إلى العدد بل تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة ، للعلم الإجمالي بأ نّها حائض أومستحاضة إذا أمكنها الإحتياط ، وأمّا إذا قلنا بحرمة العبادة عليها ذاتاً فتتخيّر كما مرّ .

    وظيفة صاحبة العادة العدديّة

   (1) إذا رأت الدم ولم يزد على عشرة أيّام وهو واجد للصفات فيحكم على الجميع بالحيضيّة ، لأنّ الدم قبل العشرة من الحيضة الاُولى ، وأمّا إذا زاد عليها فمن جهة العدد ترجع إلى عادتها فتأخذ بها كخمسة أيّام مثلاً والباقي إستحاضة ، وأمّا من حيث الوقت والزّمان فترجع فيه إلى الصفات فتجعل خمسة أيّام من الدم الواجد للصفات حيضاً .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل على الأظهر .

(2) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 3 .

ــ[306]ــ

وإن كان الأقوى التخيير (1) وإن كان هناك تمييز لكن لم يكن موافقاً للعدد فتأخذه وتزيد ((1)) مع النقصان وتنقص مع الزّيادة (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وإذا فرضنا أنّ الدم كلّه بلون واحد فذكر الماتن (قدس سره) أ نّها تجعل العدد في الأوّل على الأحـوط وإن كان الأقوى التخـيير ، والظاهر أ نّه استند في الحكم بالتخيير في المقام إلى الأخبار الواردة في أنّ ذات العادة ترجع إلى عددها (2) ، حيث إنّها مطلقة وغير مقيّدة بالعدد من الأوّل أو الأخير أو الوسط .

   إلاّ أنّ الصحيح كما ذكرناه في المبتدئة والمضطربة جعل العدد من الابتداء والإستحاضة بعد ذلك ، وذلك للأخبار الدالّة على أنّ ذات العادة ترجع إلى عادتها وتستظهر بيوم أو يومين أو أكثر ثمّ هي مستحاضة (3) ، حيث جعلت الإستحاضة بعد التحيّض ، وهي صريحة في المدعى . نعم هي واردة في ذات العادة الوقتيّة والعدديّة أو في الوقتيّة فقط ، إلاّ أنّ منها ما يشمل ذات العادة العـدديّة أيضاً كصحيحة ابن نُعيم الصحّاف عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث حيض الحامل قال : «فلتمسك عن الصّلاة عدد أيّامها الّتي كانت تقعد في حيضها» (4) ، لأنّ الحامل لا يلزم أن تكون ذات عادة وقتيّة وترى الدم في وقت معيّن ، هذا كلّه ظاهر لا خفاء فيه .

   وإنّما المهم فيما إذا إختلفت الصفات مع العدد فكانت عادتها سبعة أيّام والدم الواجد للصفات أربعة أيّام أو ثمانية فهل يجب تكميل الناقص وتنقيص الزائد ليتحد مع العادة أو لا ؟ يأتي عليه الكلام في التعليقة الآتية فلاحظ .

    إذا لم يكن التمييز موافقاً للعدد

   (2) كما إذا تجاوز دمها العشرة وكان الواجد للصفات منه أقلّ من عشرة أيّام حتّى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه وفيما بعده إشكال ، بل الظاهر عدمه .

(2) الوسائل 2 : 281 إلى 287 / أبواب الحيض ب 5 و 6 .

(3) الوسائل 2 : 281 / أبواب الحيض ب 5 .

(4) الوسائل 2 : 284 / أبواب الحيض ب 5 ح 6 .

ــ[307]ــ

يمكن التمييز إلاّ أ نّه لم يكن موافقاً للعادة العدديّة ، كما إذا كان الدم واجداً للصفات ثمانية أيّام وعادتها ستّة أو كان الدم الواجد للصفات ستّة أيّام وعادتها ثمانية .

   ذكر (قدس سره) أنّ مقتضى ما دلّ على أنّ ذات العادة ترجع إلى عددها تنقيص الزائد على الستّة وتكميل الناقص ، لأنّ المدار إنّما هو عددها ، فالزائد ليس بحيض وإن كان واجداً للصفات ، كما أنّ الفاقد حيض إلى أن يكمل العدد لأ نّها تتحيّض بعددها .

   ولا يمكن المساعدة على شيء ممّا ذكره في التكميل والتنقيص .

   أمّا بالإضافة إلى تكميل الناقص فلأن ما دلّ على أنّ ذات العادة ترجع إلى عددها فإنّما هو يختص بالمستحاضة الّتي تجاوز دمها العشرة وكان بلون واحد بحيث لم يمكن التمييز بالصفات ، وأمّا إذا كان الدم الواجد للصفات أقل من عشرة كما في المقام فهو ليس من موارد الرّجوع إلى العدد ، وإنّما هو من موارد التمييز بالصفات ، وقد دلّت صحيحة ابن البَختَري وغيرها من أخبار الصفات(1) على أنّ دم الحيض أسود حارّ عَبيط ودم الإستحاضة بارد أصفر ، ومقتضاها الحكم بحيض المرأة فيما نحن فيه ستّة أيّام وإن كانت عـادتها العدديّة ثمانية ، وذلك لصفرة الدم في اليومين الزائدين على الستّة ، والصفرة ليست بحيض .

   وقد خرجنا عن عمومه في أيّام العادة فقط ، ولكن الصفرة في المقام ليست من الصفرة في أيّام العادة ، لأ نّها ليست بذات عادة وقتيّة لتكون لها أيّاماً ويحكم فيها على الصفرة بكـونها حيضاً ، وعليه فلا وجه لضمّ الصفرة إلى الستّة وتكمـيلها إلى ثمانية أيّام .

   نعم يمكن التكميل في بعض الفروض ، وهو ما إذا كان الدم الواجد للصفات أقلّ من ثلاثة أيّام ، فإنّ مقتضى أخبار الصفات أنّ اليومين مثلاً حيض ، ويستفاد منها بالدلالة الإلتزاميّة أنّ الصفرة بمقدار يكمل بها ثلاثة أيّام أيضاً حيض ، لأنّ الحيض لا يقل عن ثلاثة أيّام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 275 / أبواب الحيض ب 3 ح 2 وغيرها من روايات الباب .

ــ[308]ــ

   ولكن هذا أيضاً مشكل ، لأنّ جعل اليومين حيضاً وتكميلها بيوم واحد من الدم الأصفر معارض بما دلّ على أنّ الصفرة ليست بحيض(1) ، فإنّه يدل بالإلتزام على عدم كون اليومين حيضاً ، لأ نّه لا يقل عن ثلاثة أيّام ، فتحصل أن التكميل ممّا لا يمكن تتميمه بدليل .

   وأمّا بالإضافة إلى التنقيص والحكم بعدم حيضيّة الدم في اليومين الزائدين على العادة وهي ستّة أيّام فلأن الدم الواجد للصفات إذا لم يتجاوز عن العشرة فهو أيضاً حـيض ، لما دلّ على أنّ كلّ دم تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضـة الاُولى (2) والمفروض في المقام أنّ الدم الّذي رأته المرأة في المقام أقلّ من عشرة ، لأنّ الصفرة وجودها كعدمها على ما قدّمناه من أنّ الصفرة جعلت في مقابل الدم في بعض الرّوايات (3) ، فيصح أن يقال إنّها ليست بدم ، فالمرأة لم تر الدم زائداً على العشرة وعليه فالمرأة عالمة بأن ما رأته من الدم الواجد للصفات حيض ولا تردد لها في الحيضيّة لترجع إلى العدد ، إذ الرّجوع إليه إنّما هو في صورة التحير والتردّد كما إذا تجاوز الدم العشرة وكان جميعه بلون واحد أي متّصفاً بصفات الحيض ، وأمّا في المقام فلا تحيّر للمرأة كما ذكرناه .

   وعلى الجملة : إنّ الدم إذا كان واجداً للصفات ثمانية أيّام مثلاً وكانت عادة المستحاضة بحسب العدد هو الست لا وجه للإكتفاء بالست وجعل اليومين الزائدين استحاضة مع أنّ الدم فيهما واجد للصفات ، بدعوى أ نّها وإن كانت مستحاضة وقد رأت الدم أكثر من عشرة أيّام إلاّ أنّ الصفرة لمّا كانت مقابلة للدم في بعض الرّوايات فهي كالعدم ، فيصح أن يقال إنّ المرأة لم تر الدم زائداً على ثمانية أيّام ، وتشملها الأخبار الدالّة على أنّ كلّ دم تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة السابقة من دون أن يعارضها ما دلّ على أنّ المستحاضة ترجع إلى عددها ، لأ نّا فرضنا أ نّها كمن لم تر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 331 و 334 / أبواب الحيض ب 30 ح 6 و 16 .

(2) الوسائل 2 : 296 / أبواب الحيض ب 10 ح 11 ، 298 / ب 11 ح 3 ، 299 / ب 12 ح1 .

(3) الوسائل 2 : 280 / أبواب الحيض ب 4 ح 8 ، 285 / ب 6 ح 1 ، 291 / ب 8 ح 4 .

ــ[309]ــ

   [ 735 ] مسألة 8 : لا فرق في الوصف بين الأسود والأحمر ، فلو رأت ثلاثة أيّام أسود وثلاثة أحمر ثمّ بصفة الاستحاضة تتحيّض بستّة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدم زائداً على العشرة وكأ نّها ليست مستحاضة لأنّ الصفرة في مقابل الدم ، هذا .

   ولكن تتميم ذلك مشكل جدّاً ، إذ الحكم بأنّ الدم متى ما اُطلق يراد منه الدم الواجد للصفات يحتاج إلى الدليل ، ولا دليل عليه .

   فالصحيح في وجه الحكم بحيضيّة الثمان أن يقال : إنّ مقتضى الأخبار الدالّة على أنّ ما تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة الاُولى هو الحكم بحيضيّة الثمان ، لأ نّها فرضت في الحكم بحيضيّة الدم المرئي قبل العشرة وجود حيضة قبل ذلك ، والأمر في المقام كذلك لأ نّا سواء قلنا بالرجوع إلى عادتها العدديّة أم بالرجوع إلى الصفات فإلى اليوم السّادس يحكم بحيضيّة الدم لا محالة ، إذن لا بدّ من الحكم بحيضيّة الزائد على الست أيضاً ، لأ نّه دم رأته المرأة قبل العشرة ، فالأخبار غير قاصرة الشمول للمقام .

   نعم ، إطلاق تلك الرّوايات في المقام معارض بما دلّ على أنّ المستحاضة ترجع إلى عددها (1) ، فإنّها تقتضي الحكم بحيضيّة الست دون الزائد عليها ، ويتساقطان بالمعارضة فترجع إلى أخبار الصفات (2) الدالّة على أنّ دم الحيض ليس به خفاء لأ نّه حار أسود عبيط ، ومقتضاها الحكم بحيضيّة الثمانية كما ذكرناه .

    التسوية بين أوصاف الدم

   (1) يأتي التعرّض لذلك في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى(3) ، وسـيظهر أنّ ما أفاده الماتن (قدس سره) هو الصحيح ، ولا يمكن الاعتماد على ما نسب إلى جماعة من أنّ الأسود مقدّم على الأحمر ، وهو مقدم على الأصفر ، وهو متقدّم على الأكدر ، لأ نّها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 3 .

(2) الوسائل 2 : 275 / أبواب الحيض ب 3 .

(3) يأتي في الصفحة 317 .

ــ[310]ــ

استنباطات لا يساعدها الدليل .

   وذلك لأنّ الأخبارالواردة في صفات الحيض من صحيحة حفص بن البَختَري والمرسلة وغيرهما(1) إنّما دلّتا على أنّ دم الحيض أسود ودم الاستحاضة بارد أصفر ولا تعرّض في شيء من تلك الرّوايات للأحمر (2) ، فيدور الأمر بين إدراج الأحمر تحت الأسود والحكم بأ نّه أعم من الحمرة ، وبين إدراجه تحت الأصفر والحكم بأ نّه أعم من الأحمر ، إذ لا واسطة بين الحيض والإستحاضة ولا مجال لتثليث الأقسام والقول بأنّ الدم الأحمر ليس بحيض ولا بإستحاضة .

   فإذا راجعنا الرّوايات رأينا أنّ الأسود يراد به الأعم من الأسود والأحمر . وذلك لأنّ السواد بمفهومه المتعارف كما في سواد الفحم ممّا لا يوجد في الدم بوجه ، ولو وجد فهو أقلّ قليل ولا يمكن حمل الأخبار الواردة في أنّ دم الحيض أسود على المعدوم أوالنادر مع كثرة النِّساء وكثرة حيضهن ، فمنه يعرف أنّ المراد بالأسود هو اللون المناسب للون الدم ، حيث يعبّر عن الدم شديد الحمرة بالأسود حتّى في زماننا ، وعليه فالمراد بالأسود هو الأحمر وإنّما عبّر عنه بذلك لشدّة حمرته .

   ويكشف عن ذلك ما ورد في بعض الأخبار من جعل المقابلة بين الدم والصفرة حيث ورد أ نّها «ترى البياض لا صفرة ولا دماً» (3) ، أو أ نّها «إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة» (4) ، حيث يدلّنا على أنّ المراد بالأسود هو ما يقابل الأصفر أحمر كان أم أسود ، فإنّ الصفرة ليست بدم ، وما ورد في المرسلة من قوله «لأنّ السنّة في الحيض أن تكون الصُفرة والكُدرة فما فوقها في أيّام الحيض إذا عرفت حيضاً كلّه إن كان الدم أسود أو غير ذلك» (5) حيث جعلت السواد وغيره حيضاً في قبال الصفرة والكدرة فما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 275 / أبواب الحيض ب 3 .

(2) نعم ورد في رواية محمّد بن مسلم : الوسائل 2 : 334 / أبواب الحيض ب 30 ح 16 ، إلاّ أ نّها مرسلة .

(3) الوسائل 2 : 285 / أبواب الحيض ب 6 ح 1 .

(4) الوسائل 2 : 291 / أبواب الحيض ب 8 ح 4 .

(5) الوسائل 2 : 276 / أبواب الحيض ب 3 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net