4 ـ التقليد في مبادئ الاستنباط 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7254


    4 ـ التقليد في مبادئ الاستنباط :

   وهي العلوم الأدبية واللغة وعلم الرجال ، وهل يجوز للمجتهد أن يقلّد عالماً من علماء الأدب أو الرجال في شيء من القواعد الأدبية أو في تفسير كلمة أو فيما يرجع إلى الرجال، حتى يرتّب على ذلك حكماً من الأحكام الشرعية عند التصدي لاستنباطها عن مداركها ؟

ــ[351]ــ

   الصحيح عدم جريان التقليد في تلك الاُمور وذلك لأن مشروعية التقليد إنما ثبتت بالسيرة والكتاب والسنة ولا يشمل شيء منها للمقام . أما الكتاب فلأن قوله عزّ من قائل : (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدّين ... )(1) إنما يدل على مشروعية التقليد في الأحكام الشرعية الراجعة إلى الدين ، ومن الظاهر أن القاعدة الأدبية، أو وثاقة راو وعدمها ليست من الدين بوجه .

   وأما السنة فلأن المستفاد من الروايات إنما هو مشروعية التقليد فيما يرجع إلى الحلال والحرام أو معالم الدين ونحوها ، ولا ينطبق شيء من ذلك على القواعد الأدبية أو الرجالية لوضوح عدم كونها من الحلال والحرام ولا أنها من المعالم كما لا يخفى .

   وأما السيرة العقلائية فلأنها وإن جرت على رجوع الجاهل إلى العالم ، ورجوع المجتهد إلى العالم بتلك القواعد أيضاً من رجوع الجاهل إلى العالم ، إلاّ أن ذلك على إطلاقه ليس مورداً للسيرة أبداً ، لاختصاصها بالمسائل النظرية المحتاجة إلى التدقيق والاستدلال كما في الطبابة والهندسة وغيرهما . وأما الاُمور الحسية الّتي لا يحتاج فيها إلى الدقة والاستنباط فلم تقم فيها السيرة على رجوع الجاهل إلى العالم ، وهذا كموت زيد وولادة ابنه ونحوهما فإنه إذا علم بها أحد باجتهاده وحدسه لم يكن أي مجوّز لتقليده ، لأنهما أمران حسيان لا يحتاجان إلى الاستنباط والاجتهاد ، ولا سيرة على رجوع الجاهل إلى العالم في مثلهما . ومبادئ الاستنباط من هذا القبيل ، لأن القواعد الأدبية راجعة إلى إثبات الظهور ، وهو من الاُمور الحسية فإذا بنى اللغوي أو غيره على أن اللفظة المعينة ظاهرة في معنى كذا بحدسه واجتهاده ، لم يجز اتباعه فيه لأنه لا دليل على مشروعية التقليد في الاُمور الحسية ، ومن هنا قلنا في محله إن اللغوي لا دليل على حجية قوله ونظره ، وكذلك الحال بالنسبة إلى علم الرجال ، لأن العدالة والوثاقة من الاُمور المحسوسة والاخبار عنها حدساً ليس بمورد للتقليد أبداً .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التوبة 9 : 122 .

ــ[352]ــ

   وفي مسائل اُصول الفقـه ، ولا في مبادئ الاستنباط من النحو والصرف ونحوهما ، ولا في الموضوعات المستنبطة العرفية((1)) أو اللغوية ولا في الموضوعات الصرفة ، فلو شكّ المقلّد في مائع أنه خمر أو خل مثلاً وقال المجتهد أنه خمر لا يجوز له تقليده . نعم، من حيث إنه مخبر عادل يقبل قوله ، كما في إخبار العامّي العادل ، وهكذا . وأما الموضوعات المستنبطة الشرعية كالصلاة والصوم ونحوهما فيجري التقليد فيها كالأحكام العملية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net