حكم قضاء الصلاة إذا حاضت بعد دخول الوقت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7699


ــ[433]ــ

   [ 774 ] مسألة 31 : إذا حاضت بعد دخول الوقت فإن كان مضى منه مقدار أداء أقلّ الواجب من صلاتها بحسب حالها من السرعة والبطء والصحّة والمرض والسّفر والحضر وتحصيل الشرائط بحسب تكليفها الفعلي من الوضوء أو الغسل أو التيمم وغيرها من سائر الشرائط غير الحاصلة ولم تصل وجب عليها قضاء تلك الصّلاة ، كما أنّها لو علمت بمفاجأة الحيض وجب عليها المبادرة إلى الصّلاة وفي مواطن التخـيير يكفي سعة مقدار القصر ، ولو أدركت من الوقت أقلّ ممّا ذكرنا لا يجب عليها القضاء وإن كان الأحوط القضـاء ((1)) إذا أدركت الصّلاة مع الطّهارة وإن لم تدرك سائر الشرائط ، بل ولو أدركت أكثر الصّلاة ، بل الأحوط قضاء الصّلاة إذا حاضت بعد الوقت مطلقاً وإن لم تدرك شيئاً من الصّلاة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إذا حاضت بعد دخول الوقت

   (1) يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين :

   أحدهما : فيما إذا كانت المرأة طاهرة فحاضت بعد دخول الوقت هل يجب عليها القضاء أو لا ؟

   وثانيهما : إذا كانت المرأة حائضاً فطهرت قبل خروج الوقت فهل يجب عليها أن تأتي بها في الوقت أداءً أو لا يجب ؟

   أمّا المقام الأوّل : فلا إشكال ولا خلاف في أنّ المرأة لو علمت ولو من جهة عادتها بأنّها تحيض بعد دخول الوقت وجبت المبادرة عليها إلى الصّلاة قبل أن تحيض ، فلو تركتها حتّى حاضت عصت وفوّتت الصّلاة الواجبة في حقّها اختياراً وهو حـرام وهذا ممّا لا إشكال فيه فيما إذا كانت المرأة متمكّنة من الإتيان بالصلاة مع الطّهارة المائيّة وسائر الشروط المعتبرة فيها في حال الاختيار .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل لا يبعد أن يكون هذا هو الأظهر .

ــ[434]ــ

   وأمّا إذا كانت المرأة متمكّنة من الإتيان بالصلاة مع الوضوء ولم يسع الوقت لتهيئة باقي الشروط كتطهير ثوبها النجس فهل يجب عليها الإتيان بالصلاة مع الوضوء فاقدة لبقيّة الشرائط أو لا يجب ؟ الصحيح أنّ المبادرة واجبة عليها في هذه الصّورة وذلك لأنّ بقيّة الشرائط غير الطّهارة شرائط إختياريّة ، ومع عدم التمكّن منها ينتقل الأمر فيها إلى بدلها ، فتصلّي المرأة في مفروض المسألة مع الوضوء بالثوب النجس على ما هو المختار عندنا أو عارية على قول آخر فيمن لم يتمكّن من الصّلاة في الثوب الطاهر ، وليس لها تفويت وظيفتها في تلك الحالة بوجه .

   وأمّا إذا لم يسع الوقت للصلاة مع الوضوء وتمكّنت من الصّلاة مع التيمم لعدم الماء وقتئذ أو أنّ الماء موجود ولكن بعض مواضع وضوئه متنجس لا يسع الماء لتطهيره فالظاهر أنّ الأمر كذلك ، لأنّ وظيفتها حينئذ هي الصّلاة مع الطّهارة الترابيّة .

   والمناقشة في شمول أدلّة البدليّة لهذه الصورة واضحة الفساد ، لأنّ المكلّف يجب أن يأتي بالصلوات المفروضة حسب ما تقتضيه وظيفته في الوقت ، من الصّلاة مع الوضوء أو مع التيمم أو في الثوب النجس أو عارياً أو نحو ذلك من الوظائف ، ولم يرد في المقام دليل على خروج الحائض عمّا هو الواجب على بقيّة المكلّفين وأ نّه لا يجب على الحائض الصّلاة مع التيمم ، فلا إمتياز للحائض عن باقي المكلّفين .

   نعم ، هناك مطلب آخر لكنّه أجنبي عن المقام ، وهو أنّ المرأة إذا علمت بأنّها لو لم تهيّء مقدّمات صلاتها قبل الوقت لم تتمكّن من تحصيلها بعد دخولها وجب عليها تحصيلها قبل دخول الوقت ، إلاّ أنّ ذلك يعم كلّ مكلّف علم بعدم تمكّنه من الإمتثال على تقدير تركه المقدّمات قبل الوقت ولا إختصاص له بالحائض بوجه . هذا كلّه فيما إذا علمت المرأة بعد دخول الوقت أنّها ستحيض في أثنائه .

   وأمّا إذا لم تعلم المرأة بذلك فدخل الوقت وهي طاهرة ثمّ فاجأها الحيض فهل يجب عليها القضاء مطلقاً أو لا يجب مطلقاً أو فيه تفصيل أو تفاصيل ؟

   أمّا احتمال أن لا يجب عليها القضاء مطلقاً فهو مقطوع العدم ولم يقل به أحـد

ــ[435]ــ

وذلك لأ نّه مضافاً إلى الأخبار الواردة في خصوص المقام (1) الدالّة على أنّ المرأة إذا حاضت بعد دخول الوقت وجب عليها أن تقضي صلاتها يدلّ عليه العمومات الواردة في أنّ من لم يصل أو ترك صلاته نسياناً قضاها (2) ، فهي شاملة للمرأة في المقام .

   ودعوى أنّ الأخبار(3) دلّت على أنّ الحائض لا تقضي صلاتها وإنّما تقضي صومها ، فلا يجب عليها قضاء الصّلاة حينئذ .

   مندفعة بأن تلك الرّوايات ظاهرة أو كالصريحة في أن عدم وجوب القضاء في الصّلاة إنّما هو فيما إستند تركها إلى الحيض ، بأن لم تصل المرأة لمانع فيها وهو الحيض فهي لا تقضي تلك الصّلاة ، وأمّا إذا استند تركها إلى مانع آخر من نوم أو نسيان أو تساهل فلا دلالة لتلك الأخبار على عدم وجوب قضـائها ، فإحتمال عدم وجوب القضاء على المرأة في المقام مطلقاً ممّا يقطع بخلافه .

   وقد يفصّل في وجوب القضاء بين ما إذا كانت المرأة متمكّنة من إدراك أكثر الصّلاة فلم تصل فيجب عليها القضاء وبين ما إذا لم تتمكّن من أكثرها فلا يجب ، ويستدلّ عليه برواية أبي الورد قال «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المرأة الّتي تكون في صلاة الظهر وقد صلّت ركعتين ثمّ ترى الدم ، قال : تقوم من مسجدها ولا تقضي الركعتين ، وإن كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلّت ركعتين فلتقم من مسجدها ، فإذا تطهرت فلتقض الركعة الّتي فاتتها من المغرب» (4) .

   بتقريب أنّها دلّت على عدم وجوب قضاء الركعتين الباقيتين في صلاة الظهر فيما إذا صلّت ركعتين ، لأ نّهما ليستا بأكثر الصّلاة في صلاة الظهر ، ولم تكن المرأة متمكّنة من الإتيان بأكثرها ، فلذا لم يجب عليها القضاء في صلاة الظّهر ، وأمّا في صلاة المغرب فبما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 359 / أبواب الحيض ب 48 .

(2) الوسائل 8 : 253 / أبواب قضاء الصلوات ب 1 .

(3) الوسائل 2 : 346 / أبواب الحيض ب 41 .

(4) الوسائل 2 : 360 / أبواب الحيض ب 48 ح 3 .

ــ[436]ــ

أنّ الركعتين أكثر الصّلاة فيها وقد تمكّنت المرأة من أكثرها فوجب عليها قضاء الركعة الباقية ، ولمّا كانت الصّلاة مركّبة إرتباطيّة كان قوله (عليه السلام) فلتقض الركعة الّتي فاتتها كناية عن قضاء تمام الصّلاة ، فتدلنا الرّواية على أنّ من تمكّنت من إدراك أكثر الصّلاة وجب عليها قضاؤها بأجمعها إذا لم تأت بها في وقتها .

   ويرد على هذا الإستدلال اُمور :

   أوّلاً : أنّ الرّواية ضعيفة ، لعدم ثبوت وثاقة أبي الورد على ما قدّمنـاه في بحث التقيّة (1) ، فإنّه وإن ورد في بعض الرّوايات الواردة في الحج أنّ أبا الورد ورد على الإمام (عليه السلام) وذكر في حقّه ما يوجب مدحه (2) إلاّ أ نّه لم يعلم أنّ أبا الورد الواقع في هذا السند هو ذاك الرّجل الوارد على الإمام (عليه السلام) أو غيره فالسند ضعيف .

   وثانياً : أنّ دلالتها قاصرة ، وذلك لأنّ حملها على ما إذا كانت المرأة متمكّنة من أكثرها أو غير متمكّنة منه يستلزم حمل الرّواية على مورد نادر ، وهو فرض أنّ المرأة صلّت في أوّل زمان ممكن من الزّوال ، وهو فرض نادر ولا سيما في النِّساء ، فإنّ المصلّي عادة لا يأتي بصلاة في أوّل آن ممكن من الزّوال بل يأتي بها بعده بزمان ، فلا دلالة لها على أنّ المرأة في صلاة الظهر كانت غير متمكنة من أكثر الصّلاة لا من جميعها وفي صلاة المغرب كانت متمكّنة من أكثرها .

   بل الرّواية على تقدير اعتبارها تدلّ على أنّ الحائض في صلاة الظّهر إذا أتت بركعتين منها لا يجب عليها أن تأتي بالركعتين الباقيتين ، لعدم كونهما فريضة أو لغير ذلك ، وأمّا في صلاة المغرب فيجب أن تأتي بالركعة الثّالثة أينما تمكّنت منها ، نظير ما ورد في بعض الأخبار من أن من صلّى الظهر مثلاً ركعتين وترك ركعتيها نسياناً يقضي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم في شرح العروة 5 : 203 ، ولكن الرّجل موجود في أسناد تفسير القمّي ، فيمكن الحكم بوثاقته من تلك الجهة .

(2) الكافي 4 : 263 ح 46 / باب فضل الحج والعمرة وثوابهما .

ــ[437]ــ

الركعتين منفصلة أينما تذكرهما ولو بالصين (1) ، فالقضاء في الرّواية وإن لم يكن بمعنى الإتيان كما يأتي في الرّواية الاُخرى ، بل هو بمعنى الإتيان بعد الوقت إلاّ أ نّه ليس بمعنى القضاء المبحوث عنه في المقام أعني قضاء تمام الصّلاة ، بل بمعنى قضاء خصوص الركعة أينما تذكرها كما في تلك الأخبار .

   ثمّ إنّ الوجه في عدم كون القضاء في الرّواية بمعنى الإتيان هو أ نّه ذكر في ذيله أنّها تقضي الركعة الّتي فاتتها من المغرب ، فراجع .

   إذن لا موجب لحمل الرواية على إرادة وجوب قضاء صلاة المغرب بوجه .

   وعن بعضهم وجوب القضاء على المرأة مستنداً في ذلك إلى إطلاق بعض الأخبار الواردة في المقام ، كما في صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج ، قال «سألته عن المرأة تطمث بعدما تزول الشمس ولم تصل الظهر هل عليها قضاء تلك الصّلاة ؟ قال : نعم» (2) ، فإنّها مطلقة وقد دلّت على أنّ المرأة إذا تركت صلاتها بعد زوال الشّمس قضتها ، سواء كانت متمكّنة من الصّلاة الإختياريّة أو الإضطراريّة أم لم تكن .

   وفيه : أنّ ظاهر قوله «ولم تصل الظهر» أنّها لم تصلِّها مع التمكّن من الصّلاة ـ  أي كانت المرأة ممّن من شأنها أن تصلِّي ولم تصلّ اختياراً واستند تركها الصّلاة إلى اختيارها لا إلى عدم تمكّنها من الصّلاة ، وإلاّ لم يصح التعبير عن عدم إمكان الصّلاة أنّها لم تصل الظهر  ـ لا أنّها تركتها لعدم التمكّن من الصّلاة ، فهي نافية وسالبة بنفي المحمول لا بسلب الموضوع، فلا دلالة لها على وجوب القضاء مطلقاً ، بل لو كنّا نحن وهذه الرّواية كانت الإطلاقات الدالّة على أنّ الحائض لا تقضي صلاتها هي المحكّمة .

   وقد يقال : إنّ المدار في وجوب القضاء على المرأة إنّما هو مضي مقدار من الزّوال تتمكّن فيه المرأة من الصّلاة الإختياريّة بمقدّماتها الّتي تختلف بإختلاف النِّساء والحالات من السرعة والبطء وكثرة المقدّمات وقلّتها ، كالحاجة إلى تطهير أثواب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 204 / أبواب الخلل في الصّلاة ب 3 ح 20 . (وليس فيها لفظ القضاء) .

(2) الوسائل 2 : 360 / أبواب الحيض ب 48 ح 5 .

ــ[438]ــ

متعدّدة لتلبسها في صلاتها أو إلى تطهير ثوب واحد كما في الشتاء والصيف ، فإذا زالت الشّمس ومضى مقدار من الزّمان تتمكّن فيه المرأة من الصّلاة الإختياريّة ولم تصل وجب القضاء عليها ، وإذا لم يمض زمان تتمكّن فيه المرأة من الصّلاة الإختياريّة لم يجب عليها القضاء وإن كانت متمكّنة من الصّلاة الإضطراريّة ، ويستدلّ على ذلك بوجوه :

   منها : صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج ، قال «سألته عن المرأة تطمث بعدما تزول الشمس ولم تصل الظهر هل عليها قضاء تلك الصّلاة ؟ قال (عليه السلام) : نعم» (1) بدعوى أنّ المراد بقوله «ولم تصلّ الظهر» أي لم تصلّها بإختيارها لأ نّه ظاهره ، فيكون وجوب القضاء دائراً مدار تركها الصّلاة الإختياريّة وحسب .

   وفيه : أنّ ظاهر قوله «ولم تصلّ الظهر» أنّها لم تأت بما هو وظيفتها الفعليّة في صلاة الظهر ، لا أنّها تركت الصّلاة الإختياريّة ، نعم ظاهرها أنّ الترك إختياري لها ، وأمّا أنّ المتروك هو الصّلاة الإختباريّة فقط فلا ، بل الظاهر أنّ المتروك هو الوظيفة الفعليّة الأعم من الصّلاة الإختياريّة أو الإضطراريّة ، فلا دلالة للموثقة على المدّعى .

   ومنها : موثقة سَماعة ، قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة صلّت من الظهر ركعتين ، ثمّ إنّها طمثت وهي جالسة ، فقال : تقوم من مكانها ولا تقضي الركعتين» (2) ، بتقريب أنّ العادة قاضية على أن من تتمكّن من الصّلاة الإختياريّة ركعتين فهي تتمكّن من أربع ركعات من الصّلاة الإضطرارية ، فالموثقة تدلّنا على أن من لم تتمكّن من الصّلاة الإختياريّة لا يجب عليها القضاء وإن تمكّنت من الصّلاة الإضطراريّة .

   ويدفعه أوّلاً : ما أشرنا إليه من أنّ حمل الموثقة على ذلك حمل على المورد النادر حيث إنّ لازمه حملها على أنّ المرأة قد صلّت صلاتها في أوّل زمان ممكن من الزّوال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نفس المصدر .

(2) الوسائل 2 : 360 / أبواب الحيض ب 48 ح 6 . وفي نسخة : من مسجدها .

ــ[439]ــ

وهو فرض بعيد ، فإنّ العادة جرت في المكلّفين الأعم من الرّجال والنِّساء على الصّلاة بعد الزوال بشيء ، ومعها من أين يستكشف أنّ المرأة لم تتمكّن في مفروض الرّواية من الصّلاة الإختياريّة .

   وثانياً : أنّ القضاء في الموثقة لا قرينة على إرادة القضاء بالمعنى المصطلح منه ، بل حمله عليه عجيب لأ نّه بمعنى الإتيان ، ومعنى أنّها لا تقضي الركعتين أنّها لا تأتي بهما لحدوث المانع الّذي هو الحيض .

   ومنها : رواية الفضيل بن يونس عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام) في حديث «قال : وإذا رأت المرأة الدم بعدما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلتمسك عن الصّلاة ، فإذا طهرت من الدم فلتقض صلاة الظهر ، لأنّ وقت الظهر دخل عليها وهي طاهر وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهر ، فضيّعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها» (1) .

   ورواية أبي عبيدة عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث «قال : وإذا طهرت في وقت فأخرت الصّلاة حتّى يدخل وقت صلاة اُخرى ثمّ رأت دماً كان عليها قضاء تلك الصّلاة الّتي فرّطت فيها» (2) بتقريب أ نّهما دلّتا على أنّ المدار في وجوب القضاء على المرأة في مفروض الكلام هو صدق أنّها ضيّعت صلاتها أو فرّطت فيها بعد رفع اليد عن صدر الرّواية الاُولى الظاهر في أنّ المدار في وجوب القضاء مضي أربعة أقدام من الزّوال ولو بقرينة الذيل الظاهر في أن المدار في وجوب القضاء هو التضييع والتفريط .

   ومن الظاهر أنّ المرأة لو كانت بعد الزّوال مشتغلة بمقدّمات الصّلاة من تطهير الثوب والبدن والوضوء ونحوها وطرأ عليها الحيض في أثنائها لم يصدق عليها أنّها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 359 / أبواب الحيض ب 48 ح 1 .

(2) الوسائل 2 : 359 / أبواب الحيض ب48 ح2، والرّواية صحيحة، فإنّ علي بن زيد الموجود في الوسائل عن بعض نسخ الكافي محرف علي بن رئاب كما هو الموجود في التهذيبين ، وقد تعرّض لذلك السيِّد الاُستاذ (دام ظلّه) في المعجم في ترجمة علي بن زيد بن علي .

ــ[440]ــ

ضيّعت صلاتها أو فرطت فيها ، وإنّما يصدق هذا العنوان فيما إذا تمكّنت من الصّلاة بمقدّماتها الإختياريّة ولم تصل ، وأمّا التمكّن من الصّلاة الإضطراريّة فهو لا يحقق صدق عنوان التضييع والتفريط ، هذا .

   ولا يخفى أنّ بين صدق عنوان التضييع والتفريط وبين ما ذهب إليه المشهور من إعتبار مضي زمان تتمكّن فيها المرأة من الصّلاة الإختياريّة بمقدّماتها عموم من وجه فقد يصدق عنوان التضـييع مع عدم مضي زمان تتمـكّن فيه المرأة من الصّلاة الإختياريّة ، كما إذا مضى من الزّوال مدّة تتمكّن فيها المرأة من الصّلاة الإضطراريّة دون الإختياريّة بمقدّماتها وتركت وظيفتها ، فإنّه لا شبهة في صدق عنوان التضييع عليها ، ويشهد على ذلك أنّ المرأة لو علمت بأنّها تحيض بعد الزّوال بمقدار الصّلاة الإضطراريّة لم يستشكل أحد في وجوب الصّلاة عليها ، ولا نحتمل فقيهاً يفتي بعدم وجوب الصّلاة عليها حينئذ ، ومع وجوبها في حقّها وقد تركتها فيصدق أنّها ضيّعت صلاتها وفرّطت فيها مع عدم مضي زمان تتمكّن فيه المرأة من الصّلاة الإختياريّة بمقدّماتها .

   وقد يمضي من الزّوال زمان تتمكّن فيه المرأة من الصّلاة الإختياريّة ولا يصدق بترك الصّلاة أنّها ضيعت صلاتها كما إذا غفلت أو نسيت أو نامت قبل الزّوال إلى ساعة بعد الزّوال ، فإنّها تركت الصّلاة في المدّة الّتي تتمكّن المرأة فيها من الصّلاة الإختياريّة بمقدّماتها ولكن لا يصدق أنّها ضيعت صلاتها بوجه .

   وعليه فلا يمكن الإستدلال بالروايتين على مسلك المشهور .

   على أنّ وجوب القضاء في الشريعة المقدّسة لم يترتب على عنوان التضييع بضرورة الفقه ، وإلاّ لم يجب القضاء على من تركت صلاتها لغفلة أو نسيان ونحوهما من الأعذار المانعة عن صدق التضييع على الترك .

   هذا كلّه على أنّ الرّواية الاُولى لا بدّ من ردّ علمها إلى أهله وذلك لدلالتها على أنّ الواجب من الزّوال إلى أن يمضي أربعة أقدام هو صلاة الظهر فقط ، ومن ثمة أوجبت قضاءها دون قضاء صلاة العصر ، مع أنّ الرّوايات دلّتنا على أ نّه إذا زالت الشّمس

 
 

ــ[441]ــ

وجبت الصلاتان إلاّ أنّ هذه قبل هذه (1) ، وعلى مسلك العدلية لا بدّ من الحكم في الرّواية بوجوب قضاء كلتا الصلاتين الظهر والعصر ، وتخصيصها القضاء بالظهر يدلّ على أنّ مقدار أربعة أقدام من الزّوال وقت صلاة الظهر فقط ، وهذا لا نقول به وإنّما تلتزم به العامّة ، ولعل الرّواية صدرت تقيّة من هذه الجهة ، فلا مناص من رد علم الرّواية إلى أهله .

   إذن لمّا لم يثبت أنّ وجوب القضاء يدور مدار التمكّن من الصّلاة الإختياريّة بمقدّماتها فإطلاق صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج هو المحكّم ، قال «سألته عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشّمس ولم تصلّ الظهر ، هل عليها قضاء تلك الصّلاة ؟ قال : نعم» (2) ، فإنّها تدلّ على أنّ القضاء يدور مدار ترك الوظيفة من الصّلاة الإختياريّة أو الإضطراريّة ، فالقضاء واجب فيما إذا زالت الشّمس ومضى زمان تتمكّن فيه المرأة من أقلّ الواجب وهو الصّلاة الإضطراريّة أعني الصّلاة والطّهارة ، فلو تركتها وجب عليها قضاؤها ، وأمّا غير الطّهارة من الشرائط والأجزاء فهي شرائط وقيود إختياريّة ينتقل إلى بدلها مع العجز عنها ، وهذا بخلاف الطّهارة لأنّها عمود الصّلاة ولا صلاة إلاّ بطهور . نعم لا فرق في الطّهارة بين المائيّة والترابيّة كما تقدّم .

   لا يقال : إنّ لازم ذلك أنّ المرأة إذا حاضت بعد الزّوال بمقدار تتمكّن فيه من الصّلاة دون الطّهارة لا تجب الصّلاة عليها لعدم تمكّنها من الصّلاة والطهور معاً ، مع إمكان أن يقال إنّ في وجوب الأداء يكفي التمكّن من أداء نفس الصّلاة ، والطّهارة لا بدّ من إتيانها قبل الوقت حتّى تتمكّن من الصّلاة عن طهور بعد الوقت .

   فإنّه يقال : لا يجب على المرأة تحصيل الطّهارة قبل الوقت ، لأنّ الأدلّة دلّت على أنّ الشّمس إذا زالت فقد وجب الطهور والصلاتان ، وأمّا قبل الزّوال فلا ، لعدم وجـوبها وبعد الزّوال لا يجب لعدم التمكّن منها على الفرض .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 125 / أبواب المواقيت ب 4 وغيره .

(2) الوسائل 2 : 360 / أبواب الحيض ب 48 ح 5 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net