المبادرة بالأعمال بعد الوضوء والغُسل - التحفظ من خروج الدم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6499


ــ[98]ــ

   [ 794 ] مسألة 8 : قد عرفت أنه يجب بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصّلاة لكن لا ينافي ذلك إتيان الأذان(1) والأقامة والأدعية المأثورة ، وكذا يجوز لها إتيان المستحبات في الصلاة، ولا يجب الاقتصار على الواجبات، فإذا توضأت واغتسلت أوّل الوقت وأخّرت الصلاة لا تصح صلاتها ، إلاّ إذا علمت بعدم خروج الدم وعدم كونه في فضاء الفرج (2) أيضاً من حين الوضوء إلى ذلك الوقت بمعنى انقطاعه ولو كان انقطاع فترة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وجوب المبادرة بعد الطهارة

   (1) كما لا ينافي إتيانها بسائر المقدمات كذهابها من المغتسل إلى مصلاّها ونحوه وذلك لأن الواجب من المبادرة حسبما يستفاد من الأخبار إنما هو المبادرة العرفية بمعنى عدم التأخير والتواني عرفاً لا المبادرة العقلية ، والاشتغال بالمقدمات لا ينافي المبادرة العرفية بوجه ، لعدم كونها تأخيراً وتوانياً عرفاً .

   (2) والوجه في ذلك أن المستفاد من مثل قوله (عليه السلام) «تقدم هذه وتؤخر هذه» (1) وغيره من الأخبار الواردة في المقام أن المبادرة إنما تجب تحفظاً عن خروج الدم زائداً على المقدار المعلوم تخصيصه من ناقضية الدم .

   فإن الدم الخارج من المستحاضة حدث ناقض للطهارة ، وإنما خصصنا ناقضيته بمقدار اغتسال المرأة وتوضئها وصلاتها ، ومعه لا بدّ من الاقتصار على المتيقن تخصيصه ، وهو صورة إتيانها بالصلاة بعد طهارتها من غير تأخير وتوان دون ما إذا أخرتها .

   وهذا إنما يختص بصورة خروج الدم من المستحاضة ، وأمّا إذا انقطع ساعة أو أقل أو أكثر ولو انقطاع فترة فلا حدث ولا ناقض لطهارتها ليكتفى في الخروج عن ناقضيته بالمقدار المتيقن ، ومعه لا دليل على وجوب المبادرة ، فلها أن تؤخر صلاتها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1 وغيرها .

ــ[99]ــ

   [ 795 ] مسألة 9 : يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفّظ من خروج الدم(1) بحشو الفرج بقطنة أو غيرها وشدّها بخرقة ، فإن احتبس الدم ، وإلاّ فبالاستثفار ـ  أي شد وسطها بتكة مثلاً وتأخذ خرقة اُخرى مشقوقة الرأسين تجعل إحداهما قدّامها والاُخرى خلفها وتشدهما بالتكة ـ أو غير ذلك ممّا يحبس الدم ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى ساعة أو أقل أو أكثر وتصلِّي بعد ذلك بالغسل أو الوضوء السابقين .

    وجوب التحفّظ من خروج الدم

   (1) استدل عليه بالأخبار الآمرة بالاحتشاء والاستثفار وإدخال قطنة بعد قطنة(1) وغيرها مما هو بهذا المضمون ، وذكروا أنها إذا قصّرت في الاحتفاظ فخرج منها الدم بطلت صلاتها بل وغسلها أيضاً ، هذا .

   والظاهر عدم وجـوب ذلك بخصـوصه على المرأة ، وذلك لأن الأمر بالاحتشـاء والاستثفار وغيرهما لا يحتمل أن يكون أمراً مولوياً نفسياً ، بأن يكون ذلك من الواجبات النفسية في حق المرأة تعاقب على تركها ولا نعهد قائلاً بذلك أيضاً ، وإنما هو إرشاد إلى عدم خروج الدم من المستحاضة وهذا لعله مما لا كلام فيه .

   وإنما الكلام في أن الدم بنفسه وبما هو هو مانع عن الصلاة بحيث لو خرج عن المرأة من دون أن يصيب شيئاً من بدنها وثيابها أوجب بطلان صلاتها ، أو أن خروج الدم إنما يوجب البطلان من جهة مانعية النجاسة في الصلاة ، لاشتراطها بالطهارة الحدثية والخبثية معاً .

   والظاهر من الأخبار الآمرة بالاحتشاء في المقام والذي يساعد عليه الارتكاز هو الثاني وأن خروج الدم بما هو دم لا يضر بحالها ، وإنما يضرها من جهة تلويثه بدنها ولباسها ، والأخبار إما ظاهرة في ذلك وإما إنها محتملة لذلك ، وأمّا كونها ظاهرة في أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 / أبواب الاستحاضة ب 1 .

ــ[100]ــ

فلو قصّرت وخرج الدم أعادت الصلاة (1) ، بل الأحوط إعادة الغسل أيضاً  (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خروج الدم بما هو مانع عن الصلاة فلا .

   وعلى ذلك فليس هذا شرطاً مختصاً بالمستحاضة بل هي كغيرها من المكلفين وهذا لا نحتاج في اشتراطه إلى الاستدلال بالروايات ، بل لو لم تكن هناك رواية كنّا نلتزم بذلك ، لاشـتراط الصلاة بالطهارة الخبثيّة لا أن صلاة المستحاضة تزيد على صلاة غيرها .

   فهذا الاشتراط لا أساس له في المقام ، ومعه إذا خرج الدم منها في أثناء غسلها أو بعده وغسلت ظاهر فرجها وثيابها المتلوثة به صح غسلها وصلاتها .

   ومن ذلك يظهر أنها لو لم تزل الدم عن بدنها أو لباسها أو أنه خرج في أثناء صلاتها وتلوث به بدنها ولباسها لا تبطل بذلك سوى صلاتها ، وأمّا غسلها فهو مما لا موجب لبطلانه بوجه .

   نعم ، إذا خرج منها الدم بعد غسلها وبطلت صلاتها وبعد الفصل بزمان أرادت أن تعيد صلاتها وجب عليها أن تعيد غسلها أيضاً ، لكنّه لا لبطلانه بخروج الدم بل للاخلال بالمبادرة الواجبة في حق المستحاضة .

   فتحصل : أنه لا دليل على أن خروج الدم مبطل للصلاة أو الغسل تعبداً ، وإنما هو مبطل للصلاة على طبق القاعدة ، لاستلزامه التلويث ونجاسة البدن والثياب ، ومن هنا لو صلّت بعد غسلها أو أعادتها بعد خروج الدم من غير فصل زماني مخل بالمبادرة العرفية لم يجب عليها إعادة غسلها لاعتبار الوحدة بين طهارتها وصلاتها بالاتصال .

   (1) لما مرّ من اشتراطها بالخلو من النجاسة الخبثية .

   (2) قد عرفت عدم وجوبه ، وأمّا الاعادة الاستحبابية فهي مطلب آخر .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net