حكم استمرار الدم بعد الولادة إلى شهر أو أكثر - وجوب الاستظهار على النّفساء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7349


ــ[188]ــ

   [ 815 ] مسألة 6 : إذا ولدت إثنين أو أزيد فلكل واحد منهما نفاس مستقل ، فإن فصل بينهما عشرة أيام واستمرّ الدم فنفاسها عشرون يوماً لكل واحد عشرة أيام ، وإن كان الفصل أقل من عشرة مع استمرار الدم يتداخلان في بعض المدّة ، وإن فصل بينهما نقاء عشرة أيام كان طهراً ، بل وكذا لو كان أقل من عشرة على الأقوى من عدم اعتبار العشرة بين النفاسين ، وإن كان الأحوط مراعاة الاحتياط في النقاء الأقل كما في قطعات الولد الواحد (1) .

   [ 816 ] مسألة 7 : إذا استمرّ الدم إلى شهر أو أزيد فبعد مضي أيام العادة في ذات العادة والعشرة في غيرها محكوم بالاستحاضة (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   الصحيح عدم إلحاقه بالنفاس ، وذلك لأنّ الدليل على احتسابه من النفاس إنّما هو الاطلاقات الواردة في أنّ النّفساء تقعد أيامها (1) ، وقد تقدّم أن أيامها إنّما تحسب بعد تماميّة الولادة ورؤية الدم ولا تحسب من أثنائها ، فالنقاء المتخلل بين الدمين في أثناء الولادة ممّا لم يقم دليل على كونه نفاساً ، فلا يترتّب عليه أحكامه ، لأنّ المطلقات الدالّة على وجوب الصّلاة والصِّيام وجواز إتيان الزوج زوجته تقتضي ثبوت تلك الأحكام ما لم يقم دليل على تقييدها ، وهو إنّما قام على التقييد في خصوص النقاء بين نفاس واحد كما مرّ .

   (1) ظهر حكم هذه المسألة ممّا ذكرناه في المسألة الاُولى من المسائل الثلاث (2) فليلاحظ .

    إذا استمرّ الدم شهراً أو أكثر

  (2) لصحيحة عبدالله بن المغيرة(3) الدالّة على اعتبار الفصل بأقل الطّهر بين الحيض

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 381 ، 382 /  أبواب النّفاس ب 1 ، 3 .

(2) في ص 183 .

(3) الوسائل 2 : 393 /  أبواب النّفاس ب 5 ح 1 .

ــ[189]ــ

وإن كان في أيام العادة ، إلاّ مع فصل أقلّ الطّهر عشرة أيام بين دم النّفاس وذلك الدم ، وحينئذ فإن كان في العادة يحكم عليه بالحيضية ، وإن لم يكن فيها فترجع إلى التمييز ، بناءً على ما عرفت من اعتبار أقل الطهر بين النّفاس والحيض المتأخّر وعدم الحكم بالحيض مع عدمه وإن صادف أيام العادة ، لكن قد عرفت أن مراعاة الاحتياط في هذه الصورة أولى .

   [ 817 ] مسألة 8 : يجب على النّفساء ((1)) إذا انقطع دمها في الظاهر الاستظهار بإدخال قطنة أو نحوها والصبر قليلاً وإخراجها وملاحظتها على نحو ما مرّ في الحيض (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتأخِّر والنّفاس ، ومع هذا الاشتراط إذا خرج الدم قبل أقل الطّهر فيستكشف أ نّه ليس بحيض وإنّما هو استحاضة ، كما أنّ النقاء نقاء بعد النّفاس وهو ليس في حكم النّفاس ، نعم إذا خرج بعد مضي أقل الطّهر من النّفاس فهو دم قابل لأن يكون حيضاً ، فإن كان في أيام العادة فهو حيض مطلقاً ، وإذا لم يكن في أيامها بنحو كان واجداً للصفات فهو حيض ، وإلاّ فهو استحاضة ، لأنّ الصفرة في غير أيام العادة ليست بحيض كما تقدّم .

    هل يجب الاستظهار على النّفساء

   (1) ذكر جماعة أنّ النّفساء كالحائض إذا انقطع دمها في الظاهر وجب أن تستظهر بإدخال قطنة ونحوها حتّى تعلم انقطاع دمها وعدمه .

   ويمكن الاستدلال عليه بوجوه :

   أحدها : أنّ النّفساء كالحائض تعلم بتوجه عدّة تكاليف إلزامية إليها ، كوجوب الصوم والصلاة على تقدير انقطاع دمها ، وحرمة ذلك في حقّها إذا لم ينقطع بناءً على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

ــ[190]ــ

أن حرمة الصوم والصلاة ذاتية .

   فلا مناص من أن تستخبر حالها بالفحص والاستظهار حتّى تخرج عن عهدة ما علمت بتوجهه إليها إجمالا ، ولا سيما في موارد دوران الأمر بين المحذورين إذا قلنا بحرمة العبادة في حقّها ذاتاً لدوران أمرها بين وجوب الصلاة في حقّها وحرمتها .

   ويرد على هذا الوجه أنّ الشبهة موضوعية ، ومقتضى استصحاب عدم انقطاع دمها في الباطن والمجرى ـ وإن انقطع دمها في الظاهر ـ أنّها نفساء ، ومعه لا أثر للعلم الاجمالي في حقّها .

   الثاني : أنّ النّفاس والحيض واحد وحكمه حكمه ، فكما أنّ الاستظهار واجب على الحائض فكذلك يجب في حقّ النّفساء .

   ويندفع هذا الوجه بما يأتي عن قريب من أ نّه لا دليل على دعوى اتحادهما كلية .

   الثالث : روايتي يونس وسماعة الواردتين في المرأة الّتي انقطع دمها ولا تدري أطهرت أم لم تطهر(1) ، حيث دلّتا على أنّها تستظهر وتقوم قائماً وتستدخل قطنة ، فلو خرجت ملوّثة بالدم فلم تطهر ، وحيث إن موضوعهما مطلق المرأة الّتي انقطع دمها فتشملان النّفساء أيضاً ، لعدم اختصاصهما بالحائض .

   ويرد على ذلك أنّ الروايتين مخدوشتان سنداً ، لارسال الاُولى وضعف الثانية بأحمد بن محمّد الذي روى عنه المفيد ، لأ نّه إمّا أحمد بن محمّد بن يحيى أو أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، وكلاهما غير موثقين .

   على أ نّهما مخدوشتان من حيث الدلالة أيضاً ، وذلك لأ نّهما وردتا في المرأة الّتي انقطع منها الدم فلا تدري أطهرت أم لم تطهر ، وقد دلّتا على أنّها إذا أرادت أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 309 /  أبواب الحيض ب 17 ح 2 ، 4 ، والثانية معتبرة لعين ما ذكر السيِّد الاُسـتاذ (دام ظلّه) في تصحيح طريق الشيخ (قدس سره) إلى أحمد بن محمّد بن عيسى ، وحاصل ذلك :

         أنّ الشـيخ يروي جميع روايات وكتب محمّد بن علي بن محبـوب بطريق آخر معتبر ، فضعف هذا الطريق لا يضر .

ــ[191]ــ

   [ 818 ] مسألة 9 : إذا اسـتمرّ الدم إلى ما بعد العادة في الحيض يستحب لها الاستظهار ((1)) بترك العبادة (1) يوماً أو يومين أو إلى العشرة على نحو ما مرّ في الحيض .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تستخبر حالها فكيفية الاستخبار أن تستدخل قطنة ... الخ .

   فهما واردتان لبيان كيفية استعلام حالها إذا أرادت ذلك ، ولا دلالة لهما على وجوب ذلك في حقّها بوجه ، نعم هذا واجب على الحائض لرواية اُخرى معتـبرة سنداً  (2) قدّمناها في مبحث الحيض(3) .

    إذا استمرّ الدم إلى ما بعد العادة

   (1) قدّمنا في مبحث الحيض(4) أنّ الحائض يجب عليها الاستظهار بترك العبادة يوماً واحداً، ويستحب لها الاستظهار بيومين أو بثلاثة أو بعشرة ، لأ نّه الّذي يقتضيه الجمع بين الأخبار الدالّة على أنّها تستظهر بيوم أو بيومين أو بثلاثة أو بعشرة .

   ودعوى أن اختلاف الأخبار في التحديد يكشف عن استحباب الاستظهار في حقّها.

   مندفعة بأن ما دلّ منها على وجوب الاستظهار عليها بيوم واحد رواية معتبرة لا معارض لها بوجه ، فلا منـاص من الأخذ بها ، نعم في الزائد على اليوم يحكم فيه بالاستحباب جمعاً بين الأخبار .

   وهكذا الكلام في النّفاس ، لدلالة الأخـبار على أنّها تستظهر بيوم أو بيومين فالاستظهار واجب بيوم ومستحب في ما عداه .

   ويدل على ذلك جملة من الأخبار :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر وجوبه بيوم وتتخير بعده بين الاستظهار وبيومين أو إلى العشرة وعدمه .

(2) الوسائل 2 : 308 /  أبواب الحيض ب 17 ح 1 .

(3) راجع شرح العروة 7 : 251  وما بعدها .

(4) في شرح العروة 7 : 251  وما بعدها .

ــ[192]ــ

   منها :  ما رواه الشيخ عن علي بن الحسن بن فضال ... عن مالك بن أعين قال «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن النّفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم ؟ قال : نعم ، إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدّة حيضها ثمّ تستظهر بيوم ...»(1) .

   وإنّا وإن ذكرنا أن طريق الشيخ إلى ابن فضال ضعيف إلاّ أ نّه فيما إذا روى الشيخ عنه في كتابه من غير واسطة ، فإن طريقه إليه ، على ما ذكره في المشيخة(2) ضعيف ، لاشتماله على أحمد بن عبدون وابن الزُّبير .

   وأمّا إذا روى الشيخ عنه في نفس الكتاب بطريق معتبر فلا كلام في اعتبار الرواية حينئذ ، لدلالته على أن للشيخ إليه في هذه الرواية طريقين أحدهما معتبر على الفرض ، والأمر في المقام كذلك كما لا يخفى على من راجع الوافي(3) والتهذيب(4) ، فلا إشكال في الرواية من حيث السند ، ودلالتها ظاهرة .

   ومنها :  صحيحة محمّد بن مسلم المتقدمة الدالّة على أنّ النّفساء أكثر نفاسها ثمان عشرة ، حيث ورد في ذيلها «ولا بأس بأن تستظهر بيوم أو بيومين»(5) .

   وهي وإن حملناها على التقيّة بالاضافة إلى أكثر النّفاس نظراً إلى اختلاف نسخها ، إلاّ أ نّه غير مستلزم لحملها على التقية في هذا الحكم أيضاً ، حيث إنّها مشتملة على حكمين ولا مناص من حملها في أحدهما على التقيّة ، وأمّا في الآخر فلا موجب لرفع اليد عنه بوجه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 383  / أبواب النّفاس ب 3 ح 4 ، 395 /  ب 7 ح 1 .

(2) التهذيب (المشيخة) 10 : 55 .

(3) الوافي 6 : 481 / ب حدّ النفاس ح 13 .

(4) والطريق الآخر أخبرني جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسى عن أحمد بن محمّد بن سعيد، التهذيب 1 : 176 / 505 ، وأمّا الطريق المذكور في الفهرست [ 92 / 381 ] والمشيخة [ 10 / 55 ] ، فإنّه ضعيف بابن الزُّبير ، وأمّا أحمد بن عبدون فإنّه ثقة على الأظهر لأ نّه من مشايخ النجاشي (قدس سره)، هذا مضافاً إلى ما تقدّم مراراً من تصحيح طريق الشيخ إلى ابن فضال من جهة طريق النجاشي إليه .

(5) الوسائل 2 : 387 /  أبواب النّفاس ب 3 ح 15 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net