وصيّة الميت في تجهيزه والكلام في تقدّمها على الولاية 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5724


ــ[300]ــ

   [ 856 ] مسألة 7 : إذا أوصى الميِّت في تجهـيزه إلى غير الولي ، ذكر بعضهم عدم نفوذها إلاّ باجازة الولي، لكن الأقوى صحّتها ووجوب العمل بها ، والأحوط إذنهما معاً ولا يجب قبول الوصية على ذلك الغير وإن كان أحوط (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهذا هو الّذي تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ، إمّا لأن النِّساء غير قابلات لمباشرة تلك الاُمور شرعاً كما في تغسيل الميِّت ، وإمّا لعدم جريان العادة بتصدي المرأة لمثل الصلاة على الميِّت وتغسيله ونحوهما .

   فما أفاده الماتن (قدس سره) من أنّ الوارث إذا انحصر بالاُم والابن أو بالجدة والأخ ، فانّ الاُم والجدّة يتقدّمان على الابن والأخ ، ممّا لا يمكن المساعدة عليه بل الأمر في كلتا المسألتين بالعكس والولاية للابن والأخ كما عرفت .

    وصيّة الميِّت لغير الولي

   (1) قد يقال بتقدم الوصية على الولاية ، لأن تبديل الوصيّة إثم فلا يجوز تغييرها .

   واُخرى يقال بتقدم الولاية على الوصية ، لأنّ الوصية فيما لا يوافق الشرع غير نافذة ـ  كما في الشرط والنذر ونحوهما  ـ وتلك الاُمور ثابتة للولي فلا تنفذ الوصية على خلافها .

   والصحيح ما أفاده الماتن (قدس سره) من نفوذ الوصيّة وتقدّمها على الولاية مطلقاً ، سواء كان مدركها السيرة أم الأخبار .

   أمّا بناءً على أن مدركها السيرة فلوضوح أنّ القدر المتيقن من السيرة ما إذا لم يوص الميِّت لأحد ، ولا سيرة على عدم جواز مزاحمة الولي عند الوصية للغير ، ومعه لا تكون الوصية غير موافقة للشرع ، لقصور المقتضي لثبوت الولاية حينئذ . ومقتضى إطلاق أدلّة جواز الوصية ونفوذها لزوم العمل على طبقها ، وذلك لأن إطلاقها هو المحكّم ما لم يقم دليل على خلافها .

 
 

ــ[301]ــ

   وأمّا بناءً على أن مدرك الولاية هو الأخبار ، فلأن غاية ما يمكن استفادته من الأخـبار أنّ الولي مقدّم على غيره من الأرحام والأجانب ـ  كما احتملناه في الآية المباركة (وَأُولُوا ا لاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَولَى بِبَعْض )(1) على ما ورد في بعض الأخبار  ـ فالولي أولى بالاضافة إلى غيره من الأقرباء والحق له ، وأمّا أنّ الولي أولى بالاضافة إلى نفس الميِّت أيضاً فيتقدّم حقّه عليه فهذا لم يثبت بوجه ، لأنّ الميِّت أولى بنفسه من غيره .

   وهكذا غير الميِّت ، لأ نّه ليس أحد أولى إلى الشخص من نفسه سوى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لقوله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ )(2) وعلى ذلك لم يثبت حق الولي بالاضافة إلى الميِّت ، بل الميِّت أولى بنفسه منه فله الوصية بما شاء فله أن يراعي نفسه ويوصي بما شاء لمن شاء كما إذا أوصى أن يدفن في مكان خاص فانّه ليس للولي تغيير ذلك . وهكذا إذا أوصى أن يصلّي عليه شخص معين ، فاطلاقات أدلّة الوصية محكّمة ولم يقم دليل على خلافها ، لعدم ثبوت كونها على خلاف المقرّر في الشرع .

   نعم، هناك كلام آخر وهو أن معنى نفوذ الوصية وصحّتها أن للوصي حق التصدِّي للصلاة أو غيرها ممّا أوصى له الميِّت ، وأمّا أن قبولها واجب على الوصي ولا مناص من أن يباشرها بنفسه فهذا ممّا لم يثبت بدليل ، كيف وهو إضرار وإلقاء له في الحرج ولو جاز لصحّت الوصية بأن يحج عنه ويصلّي ويصوم ويقوم بسائر الأعمال الواجبة أو المستحبّة ، ولا إشكال في أن قبولها لو كان واجباً على الوصي كان ذلك ضرراً وأمراً حرجياً لا محالة ، وكيف كان فلا يجب قبول الوصية على الوصي بل له ردّها وإنّما الوصيّة تولّد حقاً للوصي في القيام بما أوصى به ، وأولوية له بالاضافة إلى الغير .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأحزاب 33 : 6 .

(2) الأحزاب 33 : 6 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net