إجزاء غسل الميت عن الجنابة والحيض - عدم اشتراط غسل الميت بما بعد البرد 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8333


ــ[61]ــ

   [ 889 ] مسألة 2 : يجزئ غسل الميِّت عن الجنابة والحيض(1) بمعنى أ نّه لو مات جنباً أو حائضاً لا يحـتاج إلى غسلهما ، بل يجب غسل الميِّت فقط ، بل ولا رجحان في ذلك وإن حكي عن العلاّمة (قدس سره) رجحانه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إجزاء هذا الغسل عن غيره

   (1) لأ نّه مقتضى القاعدة من غير حاجة فيه إلى الدليل ، وذلك لما قدّمناه(1) من أن غسل الجنابة والحيض وغيرهما من الأغسال ليست بواجب نفسي وإنّما يجب من جهة اشتراط الطهارة في الصلاة ، بل ولم يقل أحد بالوجوب النفسي في غير الجنابة نعم فيها قول بالوجوب النفسي وقد عرفت اندفاعه ، لضعف الرواية المستدل بها عليه .

   وحيث إنّ الميِّت غير مكلّف بالصلاة فلا يجب عليه الغسل من الجنابة أو غيرها بل لو قلنا بأنّها واجبات نفسية لا يجب في المقام ، لأنّ الميِّت لا يكلّف بشيء .

   فلا يجب على الحي سوى تغسيله بغسل الميِّت ، بل ولا يجب عليه تغسيله من الجنابة على تقدير حدوثها بعد تغسيله كما لو قاربه أحد بعد تغسيله ، وذلك لعدم الدليل عليه .

   فلا يقاس المقام بالتداخل في الحي ، كما إذا كان جنباً ومسّ الميِّت أو هما مع الحيض وهكذا ، فانّ الواجب عليه أغسال متعددة بتعدد أسبابها فلا يمكن القول بالتداخل إلاّ أن يقوم دليل عليه كما ورد «إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد» (2) .

   فالمتحصل : أن مقتضى القاعدة عدم وجوب التغسيل زائداً على غسل الميِّت من دون حاجة فيه إلى الدليل ، هذا .

   وقد ورد في جملة من الروايات ما ربما يشعر بوجوب التغسيل زائداً على غسل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في شرح العروة 6 : 349 .

(2) الوسائل 2 : 262 /  أبواب الجنابة ب 43 ح 1 .

ــ[62]ــ

الميِّت وهي أربع روايات عن العيص :

   اثنان منها لا يمكن الاستدلال بهما على هذا المدّعى بوجه ، لاشتمالهما على أ نّه «إذا مات الميِّت وهو جنب غسل غسلاً واحداً ثمّ اغتسل بعد ذلك» (1) أو «يغسل غسلة واحدة بماء ثمّ يغتسل بعد ذلك» (2) . وذلك لأنّ الأمر بالاغتسـال ثانياً متوجّه إلى الغاسل من جهة مسّ الميِّت ، ولا يتوهّم دلالته على وجوب تغسيل الميِّت ثانياً من الجنابة أو الحيض أو غيرهما .

   وثالثتها : ما رواه سعيد بن محمّد الكوفي عن محمّد بن أبي حمزة عن عيص قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الرجل يموت وهو جنب ، قال : يغسل من الجنابة ثمّ يغسل بعد غسل الميِّت» (3) .

   وظاهرها أنّ الميِّت يغسل ثلاثاً ، تارة : من الجنابة قبل غسل الميِّت ، واُخرى : من غسل الميِّت ، وثالثة : بعد غسل الميِّت ، وهذا ممّا لا معنى له ، لأن غايته أن يجب غسلان للجنابة ولغسل الميِّت ، وأمّا الأغسال الثلاثة فلا معنى له في مفروض الرواية .

   والّذي يمكن أن تفسّر به الرواية أن يقال : إن معنى قوله «يغسل من الجنابة» ـ  مشدّداً أو مخفّفاً  ـ أي يغسل من المني ، لأ نّه قد تطلق عليه الجنابة نظراً إلى أ نّه سبب لها كما في بعض الأخبار «أصاب ثوبي الجنابة» فليراجع (4) .

   ومعه يكون المأمور به غسل الميِّت والاغتسال بعده للغاسل من جهة مسّ الميِّت هذا .

   على أن سندها ضعيف بسعيد بن محمّد الكوفي لعدم توثيقه .

   ورابعتها : ما رواه عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) في حديث

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 540 /  أبواب غسل الميِّت ب 31 ح 5 .

(2) الوسائل 2 : 541 /  أبواب غسل الميِّت ب 31 ح 6 .

(3) الوسائل 2 : 541 /  أبواب غسل الميِّت ب 31 ح 7 . إذا قُرئ «بعد» بالضمّ بتقدير المضاف إليه فلا تدلّ الرواية على ثلاثة أغسال .

(4) الوسائل 3 : 482 /  أبواب النجاسات ب 43 ح 1 ، 483 /  ب 44 ح 4 وغيرها .

ــ[63]ــ

   [ 890 ] مسألة 3 : لا يشترط في غسل الميِّت أن يكون بعد برده (1) وإن كان أحوط (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال : «إذا مات الميِّت وهو جنب غسل غسلاً واحداً ثمّ يغسل بعد ذلك» (1) .

   وهذا أيضاً محمول على ما حملنا عليه رواياته الثلاثة المتقدمة ، أي يغسل غسل الميِّت لا زائداً عليه ، لقوله «غسلاً واحداً ثمّ يغسل» أي يغتسل من المس ، هذا مضافاً إلى ضعف سندها بالارسال .

   إذن لا يجب في مفروض المسألة إلاّ غسل واحد وهو غسل الميِّت دون الجنابة أو غيرها ، بل لا رجحان للتغسيل من أجلها ، لعدم دلالة الدليل عليه ولو بناءً على التسامح في أدلّة السنن ، إذ لم تثبت دلالة الرواية على الأمر بالتغسيل ثانياً للجنابة أو الحيض أو غيرهما ، لاحتمال إرادة الغسل من مسّ الميِّت كما مرّ .

   فما حكي عن العلاّمة ـ كما في المتن ـ من رجحان ذلك (2) ممّا لا موجب له .

    غسل الميِّت غير مشروط بما بعد البرد

   (1) لاطلاق ما دلّ على أنّ الميِّت لا بدّ من تغسيله فلا فرق بين أن يكون بعد برده أو قبله .

   ودعوى : أنّ الحرارة ملحقة بالحياة لأنّها من شؤونها وتوابعها ،

   مندفعة بأنّ الأحكام المترتبة على الميِّت إنّما ترتبت على الموت، سواء أكان بحرارته أم لم يكن كالتوارث ، لأ نّه إذا مات الميِّت فمات ولد من أولاده قبل برد المورّث لا  إشكال في أ نّه ينتقل ماله إلى ولده ومنه إلى وارثه ، فلا فرق في وجوب تغسيله بين أن يكون قبل برده أو بعده . نعم ، المس قبل البرد لا يوجب الغسل كما مرّ .

   (2) ولو لاحتمال كون الحرارة ملحقة بالحياة في الواقع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 541 /  أبواب غسل الميِّت ب 31 ح 8 .

(2) المنتهى 1 : 432  السطر 20 /  كتاب الصلاة ، في تغسيل الميِّت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net