اعتقاد بطلان صلاة الغير - حكم المصلوب - تكرار الصلاة على الميت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5819


ــ[272]ــ

   [ 980 ] مسألة 12 : إذا صلّى عليه العاجز عن القيام جالساً باعتقاد عدم وجود مَن يتمكّن من القيام ثم تبين وجوده فالظاهر وجوب الإعادة، بل وكذا إذا لم يكن موجوداً من الأوّل لكن وجد بعد الفراغ من الصلاة ، وكذا إذا عجز القادر القائم في أثناء الصلاة فتمّمها جالساً فانّها لا تجزئ عن القادر ، فيجب عليه الإتيان بها قائماً (1) .

   [ 981 ] مسألة 13 : إذا شك في أن غيره صلّى عليه أم لا بنى على عدمها (2) وإن علم بها وشكّ في صحّتها وعدمها حمل على الصحّة (3) وإن كان من صلّى عليه فاسقاً ، نعم لو علم بفسادها وجب الإعادة وإن كان المصلِّي معتقداً للصحّة وقاطعاً بها  (4) .

   [ 982 ] مسألة 14 : إذا صلّى أحد عليه معتقداً بصحّتها بحسب تقليده أو اجتهاده لا يجب على من يعتقد ((1)) فسادها بحسب تقليده أو اجتهاده نعم لو علم علماً قطعيّاً ببطلانها وجب عليه إتيانها وإن كان المصلِّي أيضاً قاطعاً بصحّتها (5) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجزئة . وأيضاً الاعتقاد والتخيل لا يوجبان الإجزاء ، فمع وجود من يتمكّن من الصلاة التامة لا يمكن الاكتفاء بصلاة الفرد العاجز كما هو ظاهر .

   (1) ظهر حكم هذه المسألة ممّا قدّمناه(2) ، فلا حاجة إلى إعادته .

   (2) للاستصحاب ، أو بنى على وجوبها لقاعدة الاشتغال .

   (3) لأصالة الصحّة الجارية عليها السيرة القطعية المستمرة .

   (4) كما يأتي إن شاء الله .

    إذا صلّى على الميِّت معتقداً صحتها

   (5) قد يرى الآخر بطلان تلك الصلاة على الميِّت الصادرة من المصلّي بالعلم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل يجب عليه ، إذ لا فرق بين القطع الوجداني والتعبدي .

(2) في ص 258 .

ــ[273]ــ

   [ 983 ] مسألة 15 : المصلوب بحكم الشرع لا يصلّى عليه قبل الإنزال ، بل يصلّى عليه بعد ثلاثة أيام بعد ما ينزل ، وكذا إذا لم يكن بحكم الشرع لكن يجب إنزاله فوراً والصلاة عليه ، ولو لم يمكن إنزاله يصلّى عليه وهو مصلوب مع مراعاة الشرائط بقدر الإمكان (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوجداني ولا إشكال حينئذ في وجوبها عليه ثانياً ، لعلمه بالتكليف وعدم سقوطه عن ذمّته بعمل المصلّي .

   وقد يرى بطلانها باجتهاد أو تقليد ـ كما لو صلّى عليها وتكلّم المصلِّي في أثنائها لاعتقاده عدم كون التكلّم مبطلاً لها ، والآخر يعتقد كونه مبطلاً لها باجتهاد أو تقليد  ـ فهل يجوز له الاجتزاء بتلك الصلاة ؟

   وهذه المسألة وإن عنونت في المقام إلاّ أنها سارية في كل واجب كفائي يأتي به الفاعل صحيحاً في نظره وهو باطل عند الآخر بحسب اجتهاده أو تقليده ، وكذلك الحال في غير الواجب كما لو طهر المسجد بماء قليل ملاق النجس باعتقاد أن القليل كالكثير لا ينفعل بالملاقاة ، أو أنه غسل الميِّت بذاك الماء أو ذبح ذبيحة بآلة غير حديدية كالصفر والنحاس باعتقاد أن الحديد لا خصوصية له مع أن الآخر يرى نجاسة القليل بالملاقاة أو اشتراط الذبح الشرعي بآلة الحديد وهكذا .

   والصحيح عدم جواز الاجتزاء بفعل الغير حينئذ ، وذلك لأن التكليف قد تنجز في حقه بعلمه ، وعمل العامل لا يسقط الأمر عنه لبطلان عمل الغير عنده أو عند مجتهـده ، ولعدم دلالة الدليل على كفايته إذا كان صحيحاً عنده ، فلا بدّ من إعادة الصلاة على الميِّت في المقام ، كما ولا بدّ من غسل المسجد أو الميِّت ثانياً والاجتناب عن الذبيحة في المثال .

    حكم المصلوب بحكم الشرع

   (1) ما أفاده (قدس سره) في المصلوب الذي لم يصلب بحكم الشرع متين ، فانه

ــ[274]ــ

لا بدّ من إنزاله فوراً ثم الصلاة عليه لو أمكن ، وإلاّ صلِّي عليه وهو مصلوب كما ورد في حق زيد (رحمه الله) (1) .

   وأما المصلوب بحكم الشرع فما أفاده من إنزاله بعد ثلاثة أيام والصلاة عليه وإن كان مشهوراً إلاّ أنه لا يمكن المساعدة عليه ، لأن الأخبار الواردة فيه ضعيفة الأسناد ونقل صاحب الوسائل (قدس سره) في أبواب حد المحارب ثلاث روايات تدل على ذلك :

   الاُولى : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) صلب رجلاً بالحيرة ثلاثة أيام ثم أنزله في اليوم الرابع فصلى عليه ودفنه»(2) وهي ضعيفة بالنوفلي (3) .

   والثانية : «أن رسول الله قال : لا تدعوا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل ويدفن»(4) وهي أيضاً ضعيفة بالنوفلي الموجود في طرقها .

   والثالثة : ما رواه الصدوق مرسلاً «قال الصادق (عليه السلام) : المصلوب ينزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام ...»(5) وهي ضعيفة لإرسالها .

   ونقل في الوسائل في باب التاسع والأربعين من أبواب الاحتضار رواية رابعة عن أبي عبدالله قال «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تقروا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل ويدفن»(6)، وهي أيضاً ضعيفة السند بموسى بن عيسى الذي لم يوثق وبمحمد بن ميسر الضعيف أو المردّد بين الثقة والضعيف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 130 / أبواب صلاة الجنازة ب 35 ح 1 .

(2) الوسائل 28 : 319 /  أبواب حد المحارب  ب 5 ح 1 .

(3) تبدل رأيه (دام ظله) فبنى على وثاقة النوفلي ، راجع المعجم [ 7 : 122 ] ليظهر لك الحال .

(4) الوسائل 28 : 319 /  أبواب حد المحارب  ب 5 ح 2 .

(5) الوسائل 28 : 319 / أبواب حد المحارب  ب 5 ح 3 ، الفقيه 4 : 48 / 166 .

(6) الوسائل 2 : 476 / أبواب الاحتضار ب 49 ح 1 . هذا وقد تبدل رأيه (دام ظله) فبنى على وثاقة محمد بن ميسر على ما أفاد في المعجم 18 : 306 ، فالضعف من جهة موسى بن عيسى فقط .

ــ[275]ــ

   [ 984 ] مسألة 16 : يجوز تكرار الصلاة على الميِّت سواء اتحد المصلي أو تعدد، لكنّه مكروه(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إذن لا يجوز تأخير إنزال الجنازة عن الخشبة ، لأنه هتك للمؤمن وهو حرام ، وإنما يجوز بمقدار دلالة الدليل وهو صلبه ، والغرض منه الموت فاذا تحقق الغرض وجب إنزاله والصلاة عليه ودفنه .

    إعادة الصلاة على الميِّت

   (1) الأخبار الواردة في جواز تكرار الصلاة على قسمين :

   القسم الأوّل : هو حكاية فعل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو الوصي (عليه السلام) وأنه صلّى على حمزة سبعين صلاة وكبّر عليه سبعين تكبيرة (1) أي أربع عشرة صلاة ، وكبّر أمير المؤمـنين (عليه السلام) على سهل بن حنيف وكان بدرياً خمساً وعشرين تكبيرة (2) أي خمس صلوات .

   ولا يمكن الاستدلال بها على جواز تكرار الصلاة في غير موردها ، لأن الفعل إنما يدل على المشروعية في مورده ولا سيما بملاحظة التعليل بأنه كان بدرياً ، وكذا ما ورد من أن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى عليه جماعة كثيرة فلاحظ(3) ، إذ لعل ذلك من الخصوصيات للبدريين أو للنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

   القسم الثاني : هو أخبار تدل على جواز التكرار ، إلاّ أنها ضعيفة الأسناد لا يمكن الاعتماد عليها في شيء . وإليك تلكم الأخبار :

   منها : ما عن عمار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «الميِّت يصلى عليه ما لم يوار بالتراب وإن كان قد صلِّي عليه» (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 81 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 3 .

(2) الوسائل 3 : 80 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 1 .

(3) الوسائل 3 : 83 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 2 ، 9 ، 10 ، 11 .

(4) الوسائل 3 : 86 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 19 .

ــ[276]ــ

   ومنها : ما عن يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن الجنازة لم اُدركها حتى بلغت القبر اُصلِّي عليها ؟ قال : إن أدركتها قبل أن تدفن فان شئت فصل عليها» (1) .

   وهاتان الروايتان ضعيفتان ، لأن في طريق الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال : ابن الزبير وهو ضعيف (2) .

   ومنها : ما رواه في الوسائل عن عمرو بن شمر عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث : «إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خرج على جنازة امرأة من بني النجار فصلّى عليها فوجد الحفَرة لم يمكنوا فوضعوا الجنازة فلم يجئ قوم (أقوام) إلاّ قال لهم : صلّوا عليها» (3) .

   وهي ضعيفة بعمرو بن شمر لعدم توثيقه ، بل قيل إنه كان وضّاعاً . على أن الرواية بهذا الإسناد عن أبي عبدالله (عليه السلام) لم نعثر عليها ، والموجود في الاستبصار بهذا السند إنما هو عن أبي جعفر (عليه السلام) لا عن أبي عبدالله (عليه السلام) (4) كما أنها رويت في أحكام الميِّت من التهذيب عن عمرو بن شمر (5) لا بهذا الإسناد ، ولعلّه سهو من القلم .

   هذا على أن هناك عدة من الروايات المعتبرة دلت على نفي المشروعية .

   منها : موثقة الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) : «إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى على جنازة فلما فرغ منها جاء قوم لم يكونوا أدركوها فكلّموا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يعيد الصلاة عليها فقال : قد قضيت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 86 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 20 .

(2) الحديثان معتبران ، فان طريق النجاشي (رحمه الله) يصحح طريق الشيخ إلى علي بن الحسن ابن فضال كما أفاده في اُصل الكبرى في المعجم [ 1 : 78 ] ذيل المقدّمة الرابعة من المدخل .

(3) الوسائل 3 : 87 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 22 .

(4) الاستبصار 1 : 484 / 1877 .

(5) التهذيب 3 : 325 / 1012 .

ــ[277]ــ

إلاّ إذا كان الميِّت من أهل العلم والشرف والتقوى (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصلاة عليها ولكن ادعوا لها»(1) فان الحسين بن علوان موثق كما ورد في ترجمة أخيه الحسن ، حيث ذكروا أنه أوثق من أخيه (2) فدلّ على وثاقة الحسين .

   ومنها : موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى على جنازة فلما فرغ جاء قوم فقالوا : فاتتنا الصلاة عليها ، فقال : إن الجنازة لا يصلى عليها مرتين ، ادعوا لها وقولوا خيراً»(3) .

   ومع ذلك فقد ذكر المحقق الهمداني (قدس سره) : أن الطائفة الدالّة على نفي الجواز ضعيفة السند ، ومقتضى الجمع بينها وبين ما دل على الجواز هو الحكم بجواز التكرار على كراهة (4) .

   ولكنك عرفت أن الأمر بالعكس والطائفة الدالّة على الجواز ضعيفة السند ومعه لا  يمكن الحكم بالجواز ، بل الأمر كذلك حتى لو بنينا على أن الطائفة المانعة ضعيفة أيضاً ، وذلك لأن المشروعية على خلاف القاعدة وتحتاج إلى دليل ، حيث إن العبادات توقيفية فهي محتاجة إلى المجوز .

   إذن فان تم إجماع هناك على المشروعية فهو وإلاّ فلا يجوز التكرار بمقتضى الأخبار والقاعدة ، نعم لما كان المشهور هو الجواز لا بأس بالتكرار رجاء .

   (1) كما يستفاد من فعل علي (عليه السلام) وتكراره الصلاة على سهل بن حنيف البدري .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 84 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 13 ، 24 .

(2) كما تقدّم في ص 248 .

(3) الوسائل 3 : 87 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 23 .

(4) مصباح الفقيه (الصلاة) : 510  السطر 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net