كفاية ضربة واحدة للتيمم بدلاً عن الوضوء والغسل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5048


ــ[305]ــ

   [ 1134 ] مسألة 16 : إذا رفع يده في أثناء المسح ثمّ وضعها بلا فصل وأتمّ فالظاهر كفايته (1) وإن كان الأحوط الإعادة .

   [ 1135 ] مسألة 17 : إذا لم يعلم أ نّه محدث بالأصغر أو الأكبر وعلم بأحدهما إجمالاً يكفيه تيمّم واحد بقصد ما في الذمّة (2) .

   [ 1136 ] مسألة 18 : المشهور على أ نّه يكفي فيما هو بدل عن الوضوء ضربة واحدة للوجه واليدين ، ويجب التعدّد فيما هو بدل عن الغسل ، والأقوى كفاية الواحدة فيما هو بدل الغسل أيضاً وإن كان الأحوط ما ذكروه ، وأحوط منه التعدّد في بدل الوضوء أيضاً (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   كفاية رفع اليد في أثناء المسح ثمّ الوضع

   (1) وذلك لإطلاقات الأخبار (1) ومسحهم (عليهم السلام) في الأخبار البيانيّة(2) وإن كان متّصلاً إلاّ أن فعلهم ذلك لا يدل على الوجوب لا سيما بملاحظة عدم الاهتمام ببيان اعتبار الاتصال في الأخبار ولو بالحكاية عن أ نّهم مسحوا من غير فصل .

   (2) لما تقدّم من أ نّه يكفي في التعيين تعيين المبدل عنه بالإجمال كقصد ما في الذمّة ولو مع العلم بأ نّه محدث بالأصغر أو الأكبر فضلاً عمّا إذا لم يعلم به .

    كفاية الضربة الواحدة مطلقا

   (3) الظاهر أنّ الأقوال في المسألة أربعة :

   الأوّل :  التفصيل بين التيمّم البدل عن الوضوء وبين الّذي هو بدل عن الغسل فيكفي في الأوّل ضربة واحدة للوجه واليدين ، وفي الثّاني تعتبر ضربتان : ضربة قبل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 360 /  أبواب التيمّم ب 11 ح 7 ، ب 12 ح 2 ، وغيرهما .

(2) الوسائل 3 : 358 /  أبواب التيمّم ب 11 .

ــ[306]ــ

مسح الوجه واُخرى قبل مسح اليدين بعد مسح الوجه . ذهب إليه المحقق(1) والشيخ في مبسوطه ونهايته (2) والمفيد في المقنعة (3) وجمع آخرون ، بل نسب إلى أكثر المتأخرين .

   الثّاني :  كفاية الضربة الواحدة مطلقاً سواء كان التيمّم بدلاً عن الغسل أم كان بدلاً عن الوضوء . وقد ذهب إليه جمع كالمرتضى(4) وابن الجنيد(5) وابن أبي عقيل(6) وجمع من متأخري المتأخرين .

   الثّالث :  اعتبار الضربتين في التيمّم مطلقاً . وهو منسوب إلى جماعة من المتقدمين .

   الرّابع :  ما نسب إلى علي بن بابويه من اعتبار ضربات ثلاث في التيمّم بلا فرق بين ما هو بدل عن الوضوء وما هو بدل عن الغسل(7) .

   أمّا القول الأخير فقد استدلّ عليه بصحيحة محمّد بن مسلم المتقدمة قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن التيمّم فضرب بكفيه الأرض ثمّ مسح بهما وجهه ، ثمّ ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ، ثمّ ضرب بيمينه الأرض ثمّ صنع بشماله كما صنع بيمينه ... » (8) . حيث دلّت على أنّ التيمّم ثلاث ضربات .

   وفيه : ما قدّمناه(9) من أ نّها محمولة على التقية ، إذ لا يجب في التيمّم المسح من المرفق كما مرّ ، على أ نّها مخالفة لجميع الأخبار الواردة في التيم لدلالتها على أ نّه ضربة أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المعتبر 1 : 388 .

(2) المبسوط 1 : 33 ، النهاية : 49 .

(3) المقنعة : 62 .

(4) المسائل الناصريات : 149، مسألة 46 .

(5) ، (6) حكاه في المختلف 1 : 271 ، مسألة 202 .

(7) حكى نسبته إليه في الجواهر 5 : 208 .

(8) الوسائل 3 : 362 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 5 .

(9) في ص 271 ، 273 .

ــ[307]ــ

ضربتان ، فهي رواية شاذّة ومخالفة للسنّة القطعيّة فلا مناص من طرحها . فهذا القول ساقط .

   وأمّا القول الأوّل الّذي ذهب إليه المحقق والطوسي وغيرهما من التفصيل بين التيمّم البدل عن الغسل وما هو بدل عن الوضوء فهو ممّا لا يمكن الالتزام به أيضاً حيث لا دليل عليه ، وإن استدلّ عليه الشيخ الطوسي (قدس سره) (1) بما حاصله : أنّ الأخبار على طائفتين :

   إحداهما :  تدل على أنّ التيمّم ضربة واحدة . ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين ما هو بدل عن الغسل وما هو بدل عن الوضوء .

   وثانيتهما :  تدل على أ نّه ضربتان . ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين البدل عن الغسل والبدل عن الوضوء . إلاّ أ نّا نأخذ بالقدر المتيقن من كل منهما ونرفع به اليد عن ظاهر الاُخرى .

   وحيث إنّ القدر المتيقن من الطائفة الثّانية هو اعتبار الضربتين فيما هو بدل عن الغسل ، إذ لا يحتمل أن تكون الضربتان معتبرتين فيما هو بدل عن الوضوء دون الغسل ، فنأخذ به ونرفع اليد لأجله عن إطلاق الطائفة الدالّة على أ نّه ضربة واحدة بحملها على ما هو بدل عن الوضوء .

   كما أنّ القدر المتيقن من الطائفة الاُولى اعتبار الضربة الواحدة فيما هو بدل عن الوضوء ، لأ نّا لا نحتمل عكسه ، فنأخذ به ونرفع اليد عن إطلاق الطائفة الثّانية بحملها على ما هو بدل عن الغسل .

   وقد صنع الشيخ (قدس سره) نظير ذلك في الجمع بين ما دلّ على أن «ثمن العذرة سحت» (2) وبين ما دلّ على أ نّه «لا بأس ببيع العذرة» (3) بحمل الاُولى على عذرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 1 : 211 .

(2) الوسائل 17 : 175 /  أبواب ما يكتسب به ب 40 ح 1 .

(3) الوسائل 17 : 175 /  أبواب ما يكتسب به ب 40 ح 2 ، 3 .

ــ[308]ــ

الإنسان وحمل الثّانية على عذرة غيره بعين البيان المتقدم (1) .

   ولا يمكن الاعتماد على ما ذكره بوجه ، وذلك :

   أمّا أوّلاً :  فلأن وجود القدر المتيقن من الخارج لا يقلب الرواية عن ظاهرها وعليه فهما متعارضتان لا بدّ من علاجهما . وحمل إحداهما على ما هو بدل عن الغسل والاُخرى على ما هو بدل عن الوضوء ليس بجمع عرفي بينهما .

   وأمّا ثانياً :  فلأن في المقام روايتين تدلاّن على أنّ التيمّم في كل من الغسل والوضوء على ترتيب واحد .

   إحداهما: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قلت له : كيف التيمّم؟ قال : هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرّتين ... »(2) . فان معناها أنّ التيمّم قسم واحد للوضوء والغسل ، وفي كليهما تضرب بيديك .

   ودعوى : أن معنى الرواية هو أنّ التيمّم ضرب واحد للوضوء ، وأمّا الغسل فلا بدّ فيه من ضرب اليد على الأرض مرّتين . مندفعة : بأ نّه خلاف الظاهر جدّاً ، لأن «تضرب ... » لا يمكن حمله على الغسل .

   وثانيتهما :  موثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن التيمّم عن الوضوء والجنابة ومن الحيض للنساء سواء ؟ فقال : نعم» (3) وهي أصرح من سابقتها . وهما تدلاّن على بطلان التفصيل بين التيمّم البدل عن الوضوء وما هو بدل عن الغسل .

   وثالثاً :  لأنّ التفصيل بذلك لا يمكن الالتزام به في نفسه ، لأنّ الأخبار البيانية الدالّة على أنّ التيمّم ضربة واحدة قد ورد أكثرها في قضيّة عمار(4) وهو إنّما كان مأموراً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاستبصار 3 : 56 / ذيل ح 2 ، 3 .

(2) الوسائل 3 : 361 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 4 .

(3) الوسائل 3 : 362 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 6 .

(4) الوسائل 3 : 358 /  أبواب التيمّم ب 11 .

ــ[309]ــ

بالغسل من الجنابة على ما صرّح به في الأخبار ، ومعه كيف يمكن حملها على التيمّم البدل عن الوضوء .

   وقد يقال : إنّ الجمع بين الطائفتين بما ذكره الشيخ (قدس سره) إنّما هو للشاهد الّذي نقله العلاّمة (1) عن الشيخ من أ نّه روي عن محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «إنّ التيمّم من الوضوء مرّة واحدة ومن الجنابة مرّتان» (2) ، وهي شاهدة الجمع بين الطائفتين .

   ويندفع بأنّ الرواية ليس لها وجود ، ولعل أوّل من تنبه له صاحب المنتقى(3) ، وقد ذكر أ نّه اجتهاد من الشيخ وأنّ العلاّمة ظنّ من عبارته أ نّه رواية ، حيث إنّ الشيخ بعدما نقل الأخبار وما استدلّ به على التفصيل المذكور بما ذكرناه من الجمع بين الطائفتين قال : على أ نّا أوردنا خبرين مفسرين لهذه الأخبار ، أحدهما عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) والآخر عن ابن اُذينة
عن محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّ التيمّم من الوضوء مرّة واحدة ومن الجنابة مرّتان(4) .

   وقوله : أوردنا ، كالصريح في أ نّه يشير إلى الأخبار الّتي نقلها قبل ذلك ، وليس في الأخبار ما يدل على التفصيل المذكور ، فقوله : إنّ التيمّم من الوضوء مرّة واحدة ... نتيجة ما فهمه عن نقل الأخبار والجمع بينها .

   على أ نّا لو سلّمنا وجود تلك الرواية فهي تدل على تفصيل آخر لم يقل به أحد من الأصحاب ، حيث إنّها تدل على أنّ التيمّم بدلاً عن الوضوء مرّة واحدة وعن الغسل مرّتان ، أي يجب في البدل عن الوضوء التيمّم مرّة وفي البدل عن الغسل تيممان ، ولم يقل بهذا فقيه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المنتهى 3 : 103 .

(2) الوسائل 3 : 363 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 8 .

(3) منتقى الجمان 1 : 351 .

(4) التهذيب 1 : 211 .

ــ[310]ــ

   وإنّما التزموا بوحدة التيمّم في كليهما ، واختلفوا في اعتبار الضربة الواحدة فيه أو اعتبار الضربتين أو اعتبار التفصيل . فهذا القول الأوّل الّذي يتضمن التفصيل المشهور ممّا لا يمكن الاعتماد عليه .

   إذن يدور الأمر بين القول بكفاية الضربة الواحدة مطلقاً ـ فيما هو بدل عن الوضوء والغسل ـ وبين القول بلزوم تعدّد الضربة مطلقاً .

   والصحيح هو الأوّل وهو الاجتزاء بالضربة الواحدة مطلقاً ، وذلك لأن ما استدلّ به على اعتبار تعدّد الضربة قاصر عن إثبات ذلك المدّعى في نفسه ، على أ نّه لو تمّ في الدلالة عليه لا يقاوم معارضة الأدلّة الدالّة على كفاية الضربة الواحدة .

   والكلام يقع في مقامين :

   المقام الأوّل :  في قصور الأخبار المستدل بها على التعدّد عن إثبات مدّعى القائلين بالتعدّد ، وذلك لأ نّه من تلك الأخبار :

   صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «سألته عن التيمّم فقال : مرّتين مرّتين للوجه واليدين»(1) ، فانّ قوله (عليه السلام) : «مرّتين مرّتين» لا يمكن حمله على كونه صادراً عنه (عليه السلام) بأن تدل على اعتبار الضرب في التيمّم أربع مرّات ، لأ نّه ممّا لم يقل به أحد من أصحابنا ، فلا مناص من حمله على أن لفظة «مرّتين» الاُولى من الراوي بأن يقال : مراده أ نّه (عليه السلام) قال مرّتين : التيمّم مرّتين للوجه واليدين . ولأجل الدلالة على أ نّه قال كذلك مرّتين أضاف الراوي كلمة «مرّتين» ثانية .

   فتدلّنا الصحيحة على اعتبار التعدّد في التيمّم ، إلاّ أ نّه لا دلالة لها على أنّ المراد هو التعدّد على الكيفيّة الّتي يدعيها القائل به بأن يعتبر في التيمّم ضربة قبل مسح الوجه وضربة اُخرى قبل مسح اليدين بعد مسح الوجه ، لأن مقتضى إطلاقها جواز إيقاع الضربتين قبل مسح الوجه . فلا دلالة لها بوجه على لزوم كون إحدى الضربتين قبل مسح الوجه والاُخرى بعده قبل مسح اليدين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 361 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 1 .

ــ[311]ــ

   ومنها :  صحيحة إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا (عليه السلام) قال : «التيمّم ضربة للوجه وضربة للكفين»(1) وهي أصرح رواية يمكن الاستدلال بها على التعدّد.

   إلاّ أ نّها أيضاً كسابقتها في قصور الدلالة على مراد المدعي للتعدّد ، إذ لا دلالة لها على أن إحدى الضربتين تقع قبل مسح الوجه والثّانية تقع قبل مسح اليدين بعد مسح الوجه ، لاحتمال إرادة وقوعهما قبل مسح الوجه ، بل مقتضى إطلاقها ذلك .

   كما أن مقتضى بعض الأخبار الواردة في التعدّد أن تكون الضربتان قبل مسح الوجه ، وذلك كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قلت له : كيف التيمّم ؟ قال : هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة ، تضرب بيديك مرّتين ثمّ تنفضهما نفضة للوجه ومرّة لليدين»(2) لدلالتها على أنّ الضربتين لا بدّ أن تقعا قبل مسح الوجه لمكان لفظة «ثمّ» .

   وصحيحة ليث المرادي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في التيمّم ، قال : تضرب بكفيك على الأرض مرّتين ثمّ تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك» (3) وذلك لمكان لفظة «ثمّ» أيضاً .

   إذن ليس هناك رواية تدل على مدّعى القائل بالتعدّد إلاّ صحيحة محمّد بن مسلم المتقدمة(4) الّتي حملناها على التقية ، حيث صرّحت باعتبار ضربات ثلاثة في التيمّم : واحدة للوجه وثانية لليد اليمنى وثالثة لليد اليسرى . ولا يمكن الاعتماد عليها على ما مرّ . هذا كلّه في المقام الأوّل .

   المقام الثّاني :  في أنّ الأخبار المستدل بها على اعتبار التعدّد بناءً على دلالتها على هذا المدّعى لا تقاوم الأخبار الدالّة على كفاية الضربة الواحدة في التيمّم ، وأ نّها لا بدّ أن تحمل على الاستحباب وإن لم يكن قائل باستحباب التعدّد قبل مسح الوجه أيضاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 361 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 3 .

(2) الوسائل 3 : 361 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 4 .

(3) الوسائل 3 : 361 /  أبواب التيمّم ب 12 ح 2 .

(4) في ص 306 عند نقل الاستدلال على القول الآخر .

ــ[312]ــ

   والسر في ذلك : أنّ الأخبار البيانيّة على كثرتها لم يذكر فيها أ نّهم (عليهم السلام) ضربوا كفيهم على الأرض مرّتين ، وحيث إنّها في مقام البيان فيستكشف منها أنّ المعتبر في التيمّم هو الضربة الواحدة دون الضربتين ، فلو كانوا (عليهم السلام) ضربوا مرّتين لنقلته الرواة إلينا كما نقلت إلينا الأخبار البيانيّة .

   ودعوى : أ نّها إنّما وردت لبيان الماسح والممسوح وأ نّه لا يلزم مسح تمام البدن بدلاً عن غسله ، مندفعة بأن جملة منها وردت في قضيّة عمار لبيان ما يعتبر في التيمّم وتعليمه إيّاه فكيف يمكن أن يدعى أ نّها ليست في مقام البيان ؟ حيث إنّ عماراً لم يكن يعلم بكيفيّة التيمّم ، فلو لم يكن (صلّى الله عليه وآله) بصدد بيان كيفيّته وما يعتبر فيه لم يكن هذا مفيداً في حقّه وكان حاله بعده كحاله قبله . فلا يمكن دعوى أ نّها ليست بصدد البيان ، بل قد ورد في مقام تعليمه وبيان أ نّه لا يجب التمرغ في التراب ما هو كالصريح في عدم اعتبار التعدّد في التيمّم .

   وهذه صحيحة زرارة قال «قال أبو جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذات يوم لعمار في سفر له : يا عمار بلغنا أ نّك أجنبت فكيف صنعت ؟ قال : تمرّغت يا رسول الله في التراب ، قال فقال له : كذلك يتمرغ الحمار ، أفلا صنعت كذا ، ثمّ أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ثمّ مسح جبينه (جبينيه) بأصابعه وكفيه إحداهما بالاُخرى، ثمّ لم يعد ذلك»(1) .

   فان قوله : «لم يعد ذلك» كالصريح في أ نّه ضرب يديه على الأرض مرّة واحدة من دون إعادتها ، هذا .

   وقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) أنّ قوله (عليه السلام) : «ثمّ لم يعد ذلك» يحتمل فيه أمران :

   أحدهما : ما قدّمناه من أ نّه (عليه السلام) ضرب يديه على الأرض مرّة واحدة من دون أن يكرّرها ويعيدها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 360 /  أبواب التيمّم ب 11 ح 8 .

ــ[313]ــ

والأولى أن يضرب بيديه ويمسح بهما جبهته ويديه ثمّ يضرب مرّة اُخرى ويمسح بها يديه . وربما يقال : غاية الاحتياط أن يضرب مع ذلك مرّة اُخرى يده اليسرى ويمسح بها ظهر اليمنى ثمّ يضرب اليمنى ويمسح بها ظهر اليسرى .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وثانيهما : أ نّه لم يَعدُ ـ أي لم يتجاوز ـ في المسح ولم يمسح زائداً على جبينه وكفيه وعليه فالرواية تصبح مجملة (1) . ولعله أخذ ذلك من المحدث الكاشاني حيث إنّه ذكر هذين الاحتمالين بعد نقل الصحيحة (2) هذا .

   ولكن الظاهر هو الأوّل ، وذلك لوجود لفظة «ثمّ» ، لأ نّه لو كان بمعنى لم يتجاوز ولم يَعدُ كان ذلك متّصلاً بمسحه أي لم يتجاوز في مسحه ، فلا معنى فيه للتأخير المدلول عليه بلفظة «ثمّ» ، فوجودها موجب لظهور الرواية في أ نّه لم يُعد أي لم يكرّر الضرب .

   ثمّ لو فرضنا أنّ الرواية كانت صريحة في الثّاني ـ أي لم يَعدُ ولم يتجاوز ـ لم يكن مناص أيضاً من حمله على أ نّه لم يتجاوز في ضرب اليدين أيضاً ، لمكان لفظة «ثمّ» وأ نّه بعدما مسح كفيه لم يُعِد الضرب . فالرواية كالصريحة فيما ذكرناه .

   إذن لا بدّ من الالتزام بكفاية الضربة الواحدة في التيمّم على الإطلاق وحمل ما دلّ على التعدّد على الاستحباب أو التقيّة .

   نعم الأحوط أن يكرّر الضرب مرّتين كما في الأخبار . وأحوط منه أن يتيمّم مرّتين : بالضربة الواحدة يتيمّم مرّة ، ويتيمّم اُخرى بضربتين قبل مسح الوجه . كما يحصل الاحتياط بما ذكره الماتن من أ نّه يضرب يديه مرّة واحدة ويمسح وجهه ويديه ثمّ يضرب مرّة اُخرى ويمسح بها يديه .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 5 : 214 .

(2) الوافي 6 : 580 /  أبواب التيمّم ، باب صفة التيمّم ، ذيل ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net