مساواة النافلة للفريضة في الحكم المتقدم - وجدان الماء أثناء غير الصلاة من العبادات 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4487


   ولا فرق في التفصيل المذكور بين الفريضة والنافلة على الأقوى (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إذن ما ذهب إليه المشهور من التفصيل بين وجدانه الماء قبل الركوع ووجدانه بعده هو الصحيح .

   نعم الاحتياط يقتضي إتمام الصلاة وإعادتها مع الوضوء كما في المتن ، وذلك لورود روايتين ضعيفتين دلّتا على أن وجدان الماء بعد الركوع موجب للانتقاض ، ولأجل الخروج عن الخلاف في المسألة .

   وإحدى الروايتين لزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل صلّى ركعة على تيمّم ثمّ جاء رجل ومعه قربتان من ماء ، قال : يقطع الصلاة ويتوضأ ثمّ يبني على واحدة»(1) أي يشرع من حيث قطعها .

   ودلالتها على وجوب التوضي وانتقاض التيمّم بوجدان الماء حتّى بعد الركوع ظاهرة ، لكن السند ضعيف بعلي بن السندي .

   وثانيتهما : رواية الحسن الصيقل قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل تيمّم ثمّ قام يصلِّي فمرّ به نهر وقد صلّى ركعة ، قال : فليغتسل وليستقبل الصلاة ، قلت : إنّه قد صلّى صلاته كلّها ، قال : لايعيد»(2) .

   ودلالتها ظاهرة كسابقتها ، لكن سندها ضعيف بموسى بن سعدان الّذي ضعّفوه(3) والمثنى المردد بين الثقة والضعيف ، والحسن الصيقل لعدم ثبوت وثاقته .

    التسوية بين النفل والفرض في الانتقاض بالوجدان

   (1) هل التفصيل المتقدم خاص بالفريضة وأ نّها الّتي دلّت الحسنة على عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 383 /  أبواب التيمّم ب 21 ح 5 .

(2) الوسائل 3 : 383 /  أبواب التيمّم ب 21 ح 6 .

(3) رجال النجاشي : 404 / 1072 .

 
 

ــ[381]ــ

   وإن كان الاحتياط بالإعادة في الفريضة آكد من النافلة (1) .

   [ 1153 ] مسألة 15 : لا يلحق بالصلاة غيرها إذا وجد الماء في أثنائها ، بل تبطل مطلقاً وإن كان قبل الجزء الأخير منها ، فلو وجد في أثناء الطواف ولو في الشوط الأخير بطل ((1)) (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتقاض التيمّم فيها بوجدان الماء بعد الركوع ، وأمّا النافلة فتبقى تحت المطلقات المتقدمة الدالّة على أن وجدان الماء ناقض للتيمم حيث لم يرد تخصيصها بالنافلة ، أو أنّ الحكم يعمّ النوافل ؟ .

   الصحيح شمول الحكم للنوافل فلا فرق بينها وبين الفرائض ، وذلك لإطلاق الحسنة المتقدمة حيث سئل فيها عن الرجل يصلِّي بتيمم واحد صلاة اللّيل والنهار وأ نّه لو أصاب الماء وقد دخل في الصلاة هل ينتقض تيمّمه أم لا ينتقض(2) ؟ وهو كما ترى يشمل النافلة . ودعوى الانصراف إلى الفريضة لا شاهد عليها بوجه .

   (1) وفي جملة من النسخ : وإن كان الاحتياط في النافلة آكد . والوجه فيه ظاهر لأنّ النافلة مضافاً إلى اشتراكها مع الفريضة في الخلاف ـ  وهو القول بعدم انتقاض التيمّم بوجدان الماء حتّى قبل الركوع ، وفي كونها مشمولة للروايتين الضعيفتين الدالّتين على أن وجدانه ناقض للتيمم حتّى بعد الركوع ـ تختص بشبهة اُخرى هي شبهة اختصاص المخصص بالفرائض وبقاء النافلة تحت المطلقات الدالّة على انتقاض التيمّم بوجدان الماء .

    بطلان غير الصلاة بالوجدان في الأثناء

   (2) ما ذكره (قدس سره) هو الّذي تقتضيه القاعدة ، لدلالة الأدلّة على أنّ التيمّم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والأحوط الإتيان بعد الطّهارة المائية بطواف كامل بقصد الأعم من الإتمام والتمام إذا كان وجدان الماء بعد تجاوز النصف وكان طوافه مع التيمّم مشروعاً في نفسه .

(2) تقدّم شطر منها في ص 368 وذيلها في ص 371 .

ــ[382]ــ

ينتقض بوجدان الماء الّذي مقتضاها أنّ المتيمِّم لو وجده قبل الفراغ من العمل المشروط بالطّهارة ولو بجزء بطل تيمّمه ووجب عليه استئنافه مع الوضوء أو الاغتسال ، وأدلّة عدم البطلان بوجدان الماء بعد الركوع خاصّة بالصلاة ولا تأتي في الطواف ونحوه .

   إلاّ أن مقتضى الأدلّة الواردة في الطواف وأنّ الطائف لو أحدث في أثنائه يفصّل بين ما إذا صدر منه الحدث غير الاختياري قبل الشوط الرّابع استأنف طوافه من الابتداء ، وبين ما لو أحدث بعده فيحصّل الطّـهارة ويشرع من حيث قطع (1) هو التفصيل في المقام أيضاً ، لدلالة الأدلّة على انتقاض التيمّم عند وجدان الماء وكونه محدثاً بعد وجدانه ، ومعه لو وجده قبل الشوط الرّابع استأنف طوافه ولو وجده بعده توضأ أو اغتسل واستأنف الأشواط من حيث قطعها .

   ولعلّ الماتن (قدس سره) إنّما أفتى بما تقتضيه القاعدة ، وإلاّ فبالنظر إلى ما ذكرناه لا مناص من التفصيل .

   ثمّ إن محل الكلام في الطائف المتيمِّم الّذي يجد الماء أثناء طوافه ما إذا كان متيمماً بتيمم صحيح كما لو تيمّم بدلاً عن الغسل أو الوضوء ، أي لغير الطواف من الغايات كالصلاة إذا تيمّم لأجلها وصلّى لعدم وجدانه الماء في وقت الصلاة ثمّ بعد انقضاء وقتها أراد أن يطوف فوجد الماء أثناء طوافه ، لما مرّ من أنّ المتيمِّم لغاية يباح له الدخول في جميع الغايات المترتبة عليه إلاّ بالتيمّم لضيق الوقت ، لأ نّه حينئذ فاقد للماء بالإضافة إلى الصلاة وحسب ، وهو واجد للماء حال التيمّم بالإضافة إلى غير الصلاة فلا يسوغ له الدخول في غيرها من الغايات .

   وهذه الصورة هي الّتي قلنا إنّه لا يبعد التفصيل فيها بين ما إذا وجد الماء بعد التجاوز عن نصفه المتحقق باتمام الشوط الرابع ـ ومن هنا عبّروا باتمام الشوط الرابع وبالتجاوز عن نصفه ـ فيجب عليه أن يتوضأ أو يغتسل ويتم طوافه من حيث قطع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 378 /  أبواب الطواف ب 40 .

ــ[383]ــ

وبين ما إذا وجده قبل إتمـام النصف والشوط الرّابع فيجب عليه اسـتئناف أشواطه والإتيان بها مع الطّهارة المائية .

   وأمّا إذا لم يكن متيمِّماً بتيمّم صحيح كما لو تيمّم للطواف ثمّ وجد الماء في أثنائه فلا إشكال في وجوب الاستئناف عليه من الابتداء مطلقاً سواء وجده قبل النصف أم بعده ، وذلك لأنّ الطواف موسع بل غير مؤقت بوقت ، فالتيمّم لأجله إنّما يسوغ فيما لو لم يجد الماء مطلقاً ، وأمّا لو انكشف عدم كونه فاقداً للماء بل كان متمكّناً منه واقعاً فينكشف بذلك أنّ التيمّم لم يكن مشروعاً في حقّه ولم يكن طوافه بصحيح .

   ثمّ إنّ الدليـل على ذلك عدّة من الروايات وإن ذكر صاحب الوسـائل في هذا الباب(1) رواية واحدة مرسلة إلاّ أ نّه أرشد إلى غيرها بما تقدّم ويأتي ، ومن جملتها ما ورد في المرأة إذا فاجأها الحيض أثناء طوافها ففصل بين إتمام الشوط الرّابع والتجاوز عن نصفه فحكم عليها بأن تغتسل بعد طهرها وتبدأ من حيث قطع ، وأمّا إذا  كان قبل النصف بطلت أشواطها فتستأنف الطواف من الابتداء بعد غسلها من الحيض(2) وحيث إن روايته صحيحة وواردة في الحيض والحكم فيها على خلاف مقتضى القاعدة خصوا ذلك بالحدث غير الاختياري ، وقلنا في محلِّه : إنّه الأحوط(3) . وقد عبّر في الرواية بقوله : حاضت أو اغتسلت (4) أو طمثت ونحوها ممّا يرجع إلى مفاجأة الحيض غير الاختيارية .

   وحيث إن وجدان الماء أيضاً ناقض للتيمم فلا يبعد إلحاقه بالأحداث غير الاختيارية ، لأنّ الصحيحة وإن وردت في الحيض إلاّ أ نّه إذا جاز إتمام الأشواط فيه مع أنّ الفصل في الحيض طويل ـ  فان أقلّه ثلاثة أيّام وقد يطول إلى عشرة أيّام  ـ جاز ذلك في غيره من الأحداث بطريق أولى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي باب 40 من أبواب الطواف من الجزء 13 .

(2) الوسائل 13 : 453 /  أبواب الطواف ب 85 .

(3) شرح العروة 29 : 9 ، 10 الصورة الثانية ، الثالثة .

(4) الصحيح : اعتلت .

ــ[384]ــ

   وكذا لو وجد في أثناء صلاة الميّت بمقدار غسله بعد أن يُمّم لفقد الماء فيجب الغسل وإعادة الصلاة (1) بل وكذا لو وجد قبل تمام الدفن .
ـــــــــــــــــــــ

    وجدان الماء في أثناء صلاة الميّت الميمّم

   (1) ما أفاده (قدس سره) وإن كان صحيحاً لما قدّمناه من أنّ الأمر بتيمم الميت إنّما هو في فرض عدم وجدان الماء إلى آخر وقت يمكن الانتظار إليه ، فلو وجد الماء بعد ما يمّم الميت وقبل أن يدفن كشف ذلك عن عدم مشروعية تيمّمه ، لأ نّه كان مبنياً على تخيّل عدم الماء ، ولا أثر للتخيل فلا بدّ من أن يغسّل ويصلّى عليه .

   إلاّ أ نّه أجنبي عمّا نحن فيه بالكلية ، لأنّ الكلام في أنّ المصلّي المتيمِّم هل تنتقض صلاته ويجب إعادتها إذا وجد الماء بعد الدخول فيها أو لا ؟ والمصلّي في المقام لم يكن متيمماً ، إذ لا يشترط الطهور في الصلاة على الميت وإنّما ييممّ الميت بدلاً عن تغسيله ووجوب تغسيله عند وجدان الماء عقيب التيمّم أجنبي عمّا نحن بصدده .

   ويمكن أن يقال : إنّ الكلام في انتقاض التيمّم عند وجدان الماء في المصلِّي بعد الدخول في الصلاة ، وفي الميت قبل أن يدفن وعدم الانتقاض ، وحيث إن أدلّة عدم الانتقاض مختصّة بالصلاة فلا يمكن الحكم بعدمه في الميت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net