حكم الصلاة إذا تبين الانحراف إلى اليمين أو اليسار أو الاستدبار 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4468


ــ[54]ــ

   وإن كان منحرفاً إلى اليمين واليسار أو إلى الاستدبار فان كان مجتهداً مخطئاً أعاد في الوقت دون خارجه ، وإن كان الأحوط الإعادة مطلقاً ، لا سيما في صورة الاستدبار ، بل لا ينبغي أن يترك في هذه الصورة((1)) ، وكذا إن كان في الأثناء ، وإن كان جاهلاً أو ناسياً أو غافلاً فالظاهر وجوب الإعادة في الوقت وخارجه((2))(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وحديث عدم سقوط الصلاة بحال لا يجدي في تصحيحه ، فانه أجنبي عن المقام ، إذ ليس شأنه إلا إثبات الأمر بالصلاة الفاقدة للشرط لدى المزاحمة بينه وبين الوقت ، فهو لا يتكفّل إلا لإحداث الأمر بالفاقد وإيجاده في هذا الظرف ، لا لتصحيح العمل السابق الصادر حينما وقع سليماً عن المزاحمة وكان فقده للشرط لأجل الغفلة أو الخطأ ونحوهما كما لا يخفى ، هذا .

   ومع الغض عما ذكر وتسليم انصراف الموثق عن المقام فالمرجع حينئذ عموم قوله (عليه السلام) : «لا صلاة إلا إلى القبلة»(3) المقتضي لفساد الصلاة في الفرض ولزوم إعادتها مستقبلاً ، إذ الخارج عن العموم ـ في الانحراف الكثير الذي هو محل البحث ـ ما إذا كان الانكشاف خارج الوقت بمقتضى النصوص(4) النافية للقضاء فيما إذا استبان في غير الوقت ، ولا ريب في عدم شمول ذلك لمثل الفرض ، لكون الانكشاف في الوقت على الفرض ، فالمرجع هو العموم المزبور المقتضي للبطلان .

   (1) أمّا وجوب الإعادة في الوقت في الانحراف الكثير سواء كان إلى اليمين واليسار أو الاستدبار فلا إشكال فيه ، لجملة وافرة من النصوص التي تقدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لابأس بتركه .

(2) لا يبعد عدم وجوب القضاء في غير الجاهل بالحكم .

(3) الوسائل 4 : 312 / أبواب القبلة ب 9 ح 2 .

(4) الآتية بعد قليل .

ــ[55]ــ

بعضها(1) ، وأمّا عدم وجوب القضاء فهو المشهور المنصور ، لتلك النصوص المفصّلة بين الوقت وخارجه في الإعادة وعدمها ، وسنذكر بعضها ، ولا يخفى الباقي على المراجع .

   إنّما الكلام في أنّ هذا الحكم هل يختص بالمجتهد المخطئ ـ كما ذكره في المتن ـ أو يعمه والغافل ، وكذا الجاهل بالموضوع أو ناسيه ؟ وأمّا الجاهل بالحكم أو ناسيه أو المتردد فقد سبق(2) خروجه عن منصرف النصوص .

   الظاهر هو الثاني ، إذ لا مقتضي للتخصيص بعد إطلاق الأخبار التي منها صحيحة عبدالرحمن عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك أنّك صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد وإن فاتك الوقت فلا تعد»(3) فانّها باطلاقها تعم المجتهد وغيره .

   ونحوها صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا صليت على غير القبلة فاستبان لك قبل أن تصبح أنّك صليت على غير القبلة فأعد صلاتك»(4) فان عدم الإعادة بعد الإصباح وخروج وقت العشاءين المستفاد من المفهوم مطلق يعم المجتهد وغيره .

   ولا نعرف وجهاً للتخصيص الذي ذكره في المتن عدا التقييد بالاجتهاد أو التحري في روايتين :

   إحداهما : صحيحة سليمان بن خالد قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيّم فيصلي لغير القبلة ، ثم يضحي فيعلم أنّه صلى لغير القبلة كيف يصنع ؟ قال : إن كان في وقت فليعد صلاته ، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده»(5) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 40 ، 44 وغيرهما .

(2) في ص 40 ـ 43 .

(3) الوسائل 4 : 315 / أبواب القبلة ب 11 ح 1 .

(4) الوسائل 4 : 316 / أبواب القبلة ب 11 ح 3 .

(5) الوسائل 4 : 317 / أبواب القبلة ب 11 ح 6 .

ــ[56]ــ

   وفيه : أنّ ذكر الاجتهاد ليس لخصوصية فيه ، بل لأجل أنّ المفروض في السؤال أنّ الرجل في قفر من الأرض واليوم غيّم ، وبطبيعة الحال يتحرى المتصدي للصلاة ويفحص عن القبلة في مثل هذا الظرف ، فتخصيص الاجتهاد بالذكر لكونه جارياً مجرى الغالب ، فلا يدلّ على المفهوم حتى يتقيد به الإطلاق المزبور لو قلنا بثبوت المفهوم الاصطلاحي للقيد .

   الثانية : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة ، قال : يعيد ولا يعيدون ، فانّهم قد تحروا»(1) فانّ تعليل إعادته دونهم بتحرّيهم دونه يدلّ على دوران الصحة مدار التحري والاجتهاد ، فبدونه تجب الإعادة ، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين الوقت وخارجه .

   وفيه : أنّ ظاهر الصحيح أنّ الانكشاف للأعمى إنّما كان في الوقت وبعد الفراغ من الصلاة ، من جهة إخبار المأمومين إيّاه الذين قد تحروا فلا يشمل خارج الوقت .

   ويعضده التصريح بالتفصيل بين الوقت وخارجه في صحيحة أبي بصير الواردة في الأعمى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «الأعمى إذا صلّى لغير القبلة فان كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى الوقت فلا يعيد»(2) .

   وبالجملة : فالصحيحة أجنبية عن القضاء الذي هو محلّ الكلام ، بل هي خاصة بالإعادة في الوقت فتحمل على الانحراف الكثير ، للنصوص المتقدمة النافية للإعادة في الوقت مع الانحراف اليسير وإن لم يتحرّ كأن كان غافلاً ونحوه كما مرّ(3) ، إذ لا يحتمل اختصاص الأعمى بحكم دون غيره .

   وكيف كان ، فالإطلاق المتقدم محكّم بعد سلامته عما يصلح للتقييد ، ولأجله يحكم بشمول الحكم للمجتهد وغيره كما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 317 / أبواب القبلة ب 11 ح 7 .

(2) الوسائل 4 : 318 / أبواب القبلة ب 11 ح 9 .

(3) في ص 39 فما بعد .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net