العلم إجمالاً بحرمة لبس أحد الثوبين لكونه حريراً ونحوه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3679


ــ[416]ــ

   [1315] مسألة 47 : إذا كان عنده ثوبان يعلم أنّ أحدهما حرير أو ذهب أو مغصوب والآخر ممّا تصحّ فيه الصلاة لا تجوز الصلاة في واحد منهما ، بل يصلّي عارياً (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وعليه فلو تجدّدت القدرة ولو في آخر الوقت كشف ذلك لا محالة عن انتفاء الموضوع من أوّل الأمر ، وأنّه لم يكن مأموراً بالبدل في صقع الواقع وإن توهّمه وتخيّله .

   نعم ، ظاهر مرسلة ابن مسكان جواز البدار في المقام ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «في الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة ، قال : يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد ، فان رآه أحد صلّى جالساً»(1) . ولكنّها مضافاً إلى ضعف السند محمولة على من علم من حاله استمرار الاضطرار إلى انتهاء الوقت كما لا يخفى .

   وأمّا الثاني : فالظاهر جواز البدار ظاهراً ، استناداً إلى استصحاب بقاء العذر إلى نهاية الوقت ، بناءً على ما هو الأصحّ من جريانه في الاُمور الاستقبالية كالحالية ، فانّه بذلك يحرز موضوع الانتقال إلى البدل .

   أجل لمّا كان هذا الجواز حكماً ظاهرياً يستند إلى الاستصحاب فلا جرم كان اعتباره مغيى بعدم انكشاف الخلاف ، فلا يجري مع كشفه ، إذ به يعلم عدم تحقّق الموضوع من الأوّل ، ومعه لا مناص من الإعادة .

   وبالجملة : فالصحّة تدور مدار استمرار العذر ، فان استمر صحّ العمل وان احتمل وقتئذ زواله ، وإن لم يستمر لم يصح ، وإن علم بالاستمرار آنذاك بعلم وجداني أو تعبّدي من استصحاب ونحوه فلاحظ .

   (1) تنحلّ المسألة إلى صور ثلاث :

   إحداها : ما لو كان له ثوبان يعلم إجمالاً بأنّ أحدهما لا يجوز لبسه ولا الصلاة فيه ، لكونه ذهباً أو حريراً أو مغصوباً ، وحكمه ما ذكره في المتن من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4  : 449 / أبواب لباس المصلي ب 50 ح 3 .

ــ[417]ــ

تركهما والصلاة عارياً ، لتنجيز العلم الإجمالي المانع من الاقتحام في شيء من الطرفين بحكم العقل بعد معارضة الأصل المؤمّن في كلّ منهما بالآخر ، فانّه بذلك يصبح عاجزاً عن استعمال الثوب السائغ الموجود في البين ، فلا مناص من الصلاة عارياً .

   نعم ، ربما يناقش بمعارضته بعلم إجمالي آخر ، وهو وجوب لبس أحدهما في الصلاة رعاية للستر الواجب فيها ، فيكون إذن من سنخ الدوران بين المحذورين المحكوم عقلاً بالتخيير ، نظراً إلى أنّ للعلم الإجمالي مقتضيين : أحدهما حرمة المخالفة القطعية ، والآخر وجوب الموافقة كذلك .

   والأوّل وإن تيسّر في المقام بأن يلبس أحد الثوبين دون الآخر ، إذ لا قطع حينئذ بالمخالفة لشيء من العلمين الإجماليين ، لكن الثاني متعذّر ، لامتناع الجمع بين لبس الثوبين وتركهما ، فلا جرم تسقط الموافقة القطعية ، ويكتفى بالموافقة الاحتمالية ، بأن يلبس أحدهما ويترك الآخر ، مخيّراً بينهما بعد عدم مرجّح للتقديم حتى احتمال الأهمّية ، ضرورة أنّه إنّما ينفع فيما إذا وقعت المزاحمة بين نفس التكليفين فيتقدّم حينئذ محتمل الأهمّية ، للقطع بسقوط الإطلاق في غير المحتمل إمّا للتساوي أو لكون غيره أهم ، فيبقى الإطلاق في المحتمل على حاله .

   وأمّا في المقام فمورد المزاحمة إحراز الامتثالين لا نفس التكليفين ، ومعه لا موقع للتقديم بالمرجّح المزبور إلاّ إذا اُحرز اهتمام الشارع بامتثال ما هو أهم ولو احتمالاً كما في الدماء والفروج والأموال الخطيرة ، لأنّ مرجع ذلك إلى إيجاب الاحتياط . ومن البيّن أنّ ما يجب فيه الاحتياط يتقدّم على ما لا يجب .

   فلو نذر أن يقتل كافراً مهدور الدم في وقت معيّن فرأى شخصاً مردّداً بينه وبين مؤمن محقون الدم ، أو نذر أن يجامع زوجته في ليلة معيّنة ، أو وجب الوطء لمضيّ أربعة أشهر وتردّدت المرأة بين الزوجة والأجنبية ، فانّه لا يجوز القتل ولا الوطء لمكان اهتمام الشارع بحفظ النفوس والفروج الموجب لتقديم إحراز أحد الامتثالين على الآخر كما هو واضح .

   وتندفع المناقشة بأنّ الكبرى المزبورة وإن كانت وجيهة ولكنّها غير منطبقة




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net