السجود على البلور والزجاجة - السجود على الطين الأرمني 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4905


ــ[149]ــ

   [1350] مسألة 2 : لا يجوز السجود على البلّور والزجاجة(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويدل عليه مضافاً إلى ذلك : صحيح الحسن بن محبوب قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الجص توقد عليه العذرة وعظام الموتى ثم يجصّص به المسجد أيسجد عليه ؟ فكتب (عليه السلام) إلىّ بخطه : أن الماء والنار قد طهّراه»(1) فان التعليل المذكور في الجواب وإن كان لا يخلو من غموض وإشكال كما لا يخفى ، وسنتعرض له إن شاء الله تعالى مستقصى في مبحث السجود عند التكلّم عن اعتبار طهارة المسجد(2) لانحصار المستند في هذه الصحيحة ، إلا أنّها صريحة في مفروغية جواز السجود على الجص في حد نفسه ، وأنّ ذلك كان أمراً مغروساً في ذهن السائل ، وقد أقرّه الامام (عليه السلام) على ذلك ، وإنّما دعته إلى السؤال شبهة النجاسة ، فغايته إجمال الجواب عن هذه الشبهة ، وهو غير قادح في ظهورها ، بل صراحتها فيما نحن بصدده من صلاحية الجص للسجود عليه في حدّ نفسه كما هو ظاهر .

   (1) لعدم كونهما من الأرض ولا من نباتها ، وإن كانت مادتهما متخذة من الأرض من رمل ونحوه ، لكنها قد استحالت وتبدّلت صورتها النوعية ، فهما بالفعل متباينان مع الأصل خارجان عن مفهوم الأرض .

   ويؤيد الحكم في الزجاج : خبر محمد بن الحسين : «إنَّ بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي (عليه السلام) يسأله عن الصلاة على الزجاج ، قال : فلمّا نفذ كتابي إليه تفكّرت وقلت : هو مما أنبتت الأرض ، وما كان لي أن أسأل عنه ، قال : فكتب إليّ : لا تصلّ على الزجاج ، وإن حدثتك نفسك أنّهُ مما أنبتت الأرض ، ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوخان»(3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5 : 358 / أبواب ما يسجد عليه ب 10 ح 1.

(2) قبل المسألة [1609] التاسع من واجبات السجود .

(3) الوسائل 5 : 360 / أبواب ما يسجد عليه ب 12 ح 1 .

ــ[150]ــ

   ورواه في كشف الغمة نقلا من كتاب الدلائل لعبدالله بن جعفر الحميري في دلائل علي بن محمد العسكري (عليه السلام) قال : وكتب إليه محمد بن الحسن ابن مصعب يسأله ، وذكر مثله إلا أنّه قال : «فانه من الرمل والملح ، والملح سبخ»(1) .

   ورواه الصدوق في العلل بسنده عن السياري مثله(2) .

   ويقع الكلام في الرواية تارة من حيث السند واُخرى من ناحية الدلالة .

   أما السند : فالظاهر أنه مرسل ، وإن عبّر عنه غير واحد بالصحيح ، لأنّ محمد بن الحسين يروي أنّ بعض الأصحاب كاتب الهادي (عليه السلام) وهو مجهول ، وهذا بمجرّده وإن لم يكن قادحاً إذا كان محمد بن الحسين بنفسه شاهد خط الامام (عليه السلام) فحكى كتابته وروى عن شخصه (عليه السلام) بلا واسطة ، وإن كان المكاتب مجهولا ، لكنه في المقام ليس كذلك لأنّ مرجع الضمير في قوله : «قال : فكتب إلي» هو بعض الأصحاب(3) فهو الذي شاهد الخط الشريف دون الراوي عنه ، فمحمد بن الحسين لم يشهد بمقتضى حكايته إلا بأصل المكاتبة لا بكتابة الامام (عليه السلام) وإنما يرويها عن مكاتب مجهول لا نعرفه ، فيكون في حكم المرسل .

   نعم ، قد صرح باسم المكاتب في رواية كشف الغمة نقلا عن كتاب الدلائل وأنه محمد بن الحسن بن مصعب كما عرفت ، إلا أنّ طرق مؤلف كشف الغمة إلى كتاب الدلائل غير معتبر . مضافاً إلى أنّ الرجل بنفسه مجهول . وأما الطريق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كشف الغمة 2 : 384 .

(2) علل الشرائع : 342/5 الباب 42 .

(3) هذا بناء على نسخة الكافي [الكافي 3 : 332/14] وأمّا في التهذيب فالعبارة هكذا :  «قال : فكتب إليه» ج 2 ص 304 وبناء عليها فالمرجع هو محمد بن الحسين ، ومعه لا تكون الرواية مرسلة ، لكنّ الشأن في صحتها ، وحيث لم تثبت فتكون مرددة بين الارسال
   والاسناد فلا تصلح للاعتماد .

ــ[151]ــ

   [1351] مسألة 3 : يجوز على الطين الأرمني والمختوم(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثالث الذي ذكره الصدوق - كما مرّ - فهو أيضاً ضعيف من أجل السياري ، وبالجملة : فالرواية ضعيفة السند بطرقها .

   وأمّا الدلالة : فالمراد بقوله (عليه السلام) : «وهما ممسوخان» استحالة الملح والرمل وخروجهما عن حقيقتهما ، إما بمجرد المزج المحقق لحدوث طبيعة ثالثة أو عند صيرورتهما زجاجاً .

   وعلى أىّ حال فالزجاجة فعلا ليست من الأرض وإن كان بعض موادّها وهو الرمل أرضاً بحسب الأصل ، كما أنّها ليست من نباتها لا قبل الاستحالة ولا بعدها ، ولا ندري ما ذا تخيله السائل حيث حدثته نفسه أنّه مما أنبتت الأرض .

   وأما قوله في رواية كشف الغمة «فانه من الرمل والملح ، والملح سبخ» فالمراد أنّ الملح الذي هو من أجزاء الزجاج ليس من الأرض ولا النبات ، حيث إنّه سبخ ، وهو عبارة عما يعلو على الأرض عند نزيز المياه(1) المعبّر عنه بالفارسية بـ (شوره) فهو وإن كان يخرج من الأرض عند كونها ذات نزّ ، ولعله بهذا الاعتبار تخيل السائل أنّه مما أنبتت الأرض ، لكنه في الحقيقة ليس من الأرض ولا نبتها ، فلا يجوز السجود على الزجاج المتخذ منه ، وكيف كان فالرواية صريحة في المنع عن السجود فتكون مؤيّدةً للبطلان .

   (1) الأوّل طين أحمر ينتفع به ، والثاني طين أبيض كان يستعمل سابقاً - وقد أدركناه - بدل الصابون ينظّف به البدن . وعلى أيّ حال فهما كسائر أقسام الطين من مصاديق الأرض ، واللون الخاص أو الانتفاع المخصوص لا يخرجهما عن صدق اسم الأرض .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القاموس المحيط 1 : 261 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net