أدلّة وجوب رفع اليدين 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8783


   نعم ، يمكن أن يستدل على الوجوب بأحد أمرين :

   الأوّل :  ما رواه الكليني (قدس سره) بسنده عن إسماعيل بن جابر وغيره عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في رسالة طويلة كتبها إلى أصحابه ـ إلى أن قال ـ دعوا رفع أيديكم في الصلاة إلاّ مرّة واحدة حين يفتتح الصلاة ، فانّ الناس قد شهروكم بذلك، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلاّ بالله» (2) فانّها ظاهرة في أنّ ترك الرفع في بقية التكبيرات لأجل التقية وخوف الشهرة ، وإلاّ فلولا المانع كان الوجوب ثابتاً كما ثبت في تكبيرة الاحرام حيث لا تقية هناك لموافقته لهم .

   وفيه أوّلاً :  أ نّها ضعيفة السند بطرقها الثلاثة .

   وثانياً :  أ نّها قاصرة الدلالة ، إذ غايتها التزام الشيعة بأمر أوجب اشتهارهم بين الناس وامتيازهم عن مخالفيهم فردعهم الإمام عن ذلك تقية ، ولعل ما التزموا به كان من الاُمور المستحبة كالقنوت في الصلاة وغيره من المستحبات التي يلتزم بها وهي كثيرة جداً .

ـــــــــــــ
(2) الوسائل 6 : 28 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 9 ، الكافي 8 : 7 / 1 .

ــ[153]ــ

   الثاني :  ما رواه في المجالس بسنده عن الاصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) «قال : لما نزلت على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَر ) قال : يا جبرئيل ما هذه النحيرة التي أمر بها ربّي ؟ قال : يا محمد إنّها ليست نحيرة ولكنها رفع الأيدي في الصلاة» (1) .

   وفيه :  مضافاً إلى ضعف السند ، فانّ أكثر رجاله ممّن لم تثبت وثاقته ، بل هم من أبناء العامة، فلم تثبت الوثاقة حتى على مسلك العلامة الذي يكتفي فيها بمجرد كون الرجل إمامياً لم يرد فيه قدح(2)، أنّ الدلالة أيضاً قاصرة ، إذ لم يعلم المراد من رفع الأيدي، ولعلّها كناية عن القنوت ، أو عن الرفع في خصوص تكبيرة الاحرام ، لا في جميع تكبيرات الصلاة كما هو المدّعى .

   فتحصل :  أ نّه لا دليل على وجوب رفع اليدين حال التكبيرات كما يزعمه صاحب الحدائق .

   بل يمكن أن يقال بقيام الدليل على العدم ، وهي صحيحة حماد الواردة لبيان كيفية الصلاة (3) ، فانّها مع اشتمالها على الخصوصيات المعتبرة فيها حتى نبذاً من المستحبات ، خالية عن التعرّض لرفع الأيدي إلاّ عند التكبير للهوي إلى السجود على نسخة الفقيه (4) ، أو باضافة تكبيرة الركوع على نسخة الكافي (5) ولعلّها أضبط ، وعلى التقديرين فهي خالية عن سائر التكبـيرات ، فلو كانت واجبة كما زعمه المحدّث المزبور لزم التعرض لها ، فكيف أهملها (عليه السلام)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 29 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 13 ، أمالي الطوسي : 377 / 806.

(2) كما يظهر من الخلاصة : 66 / 86 في ترجمة أحمد بن إسماعيل بن سمكة .

(3) الوسائل 5 : 459 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 .

(4) الفقيه 1 : 196 / 916 ، [ ولكن هذا موافق لما نقله الوسائل عن الفقيه وأما النسخة المطبوعة من الفقيه فهي مشتملة على رفع الأيدي عند التكبير للركوع أيضاً ] .

(5) الكافي 3 : 311 / 8 .

ــ[154]ــ

وهو في مقام التعليم وبيان كل ما يعتبر فيها حتى أ نّه (عليه السلام) أشار إلى بعض المستحبات كما عرفت . مع أنّ هذه أحرى بالذكر على تقدير الوجوب . وبالجملة فلا ينبغي الارتياب في فساد هذا القول .

   وأمّا مقالة الاسكافي ، من اختصاص الوجوب بتكبيرة الاحرام ، فيمكن أن يستدل له بعدّة روايات :

   منها :  صحيحة الحلبي : «إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطاً ثم كبّر ثلاث تكبيرات ... » إلخ (1) فانّ ظاهر الأمر بالرفع الوجوب ، ولا يقدح الاشتمال على بسط الكفين والدعاء ونحوهما من الاُمور المستحبة ، لقيام القرينة الخارجية على الاستحباب فيها دونه كما لا يخفى .

   ومنها :  صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَر ) قال: «هو رفع يديك حذاء وجهك» (2) وحيث إنّ المخاطب في قوله (عليه السلام) «هو رفع يديك» هو عبدالله بن سنان ، فيعلم أنّ توجه الخطاب في قوله تعالى : (وَانْحَر ) إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لكونه فرداً من المصلين ، لا بما أ نّه نبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإلاّ لما طبّقه الإمام (عليه السلام) عند تفسير الآية على الراوي .

   فيظهر من ذلك أنّ الخطاب في الآية المباركة عام لجميع المصلين ، فلا يتوقف الاستدلال بهذه الصحيحة على إثبات قاعدة الاشتراك بيننا وبينه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) التي قد يتأمّل فيها ، لاختصاصه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأحكام لا تعدوه ولعلّ المقام منها . نعم ، ربما يحتاج إلى القاعدة في غير هذه الصحيحة ممّا ورد في تفسير الآية كرواية الأصبغ بن نباتة ونحوها (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 24 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 8 ح 1 .

(2) الوسائل 6 : 27 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 4 .

(3) الوسائل 6 : 29 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 13 .

ــ[155]ــ

   ومنها :  صحيحة زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك ولا ترفعهما كل ذلك» (1) .

   ومنها :  صحيحته الاُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا قمت في الصلاة فكبّرت فارفع يديك ، ولا تجاوز بكفيك اُذنيك ، أي حيال خديك» (2) . فهذه صحاح أربع دلت على وجوب الرفع على ما يقتضيه ظاهر الأمر المؤيدة بروايات اُخر ، وإن كانت أسانيدها مخدوشة .

   وربما يجاب :  بحمل الأمر فيها على الاستحباب ، بقرينة ما في بعض النصوص من تعليل الرفع بأ نّه زينة كما في خبر مقاتل بن حيّان (3) أو بأ نّه ضرب من الابتهال والتضرع ، وبأنّ في رفع اليدين احضار النيّة وإقبال القلب كما في رواية الفضل بن شاذان (4) مما هو ظاهر في الاستحباب .

   وفيه :  أ نّه نعم الحمل لولا الضعف في أسانيد هذه النصوص كما أشرنا آنفاً فلا يمكن رفع اليد عن تلك الصحاح بهذه النصوص الضعيفة .

 والصحيح أن يجاب أوّلاً :  بأنّ الوجوب لو كان ثابتاً في هذه المسألة العامّة البلوى الكثيرة الدوران لابتلاء كل مكلف بها في كل يوم على الأقل خمس مرّات لكان واضحاً مبيّناً لم يقع الخلاف فيه من أحد ، كيف وقد تسالم الأصحاب على خلافه ، إذ لم ينسب الوجوب إلاّ إلى الإسكافي ـ لو صدقت النسبة ـ وإلى السيّد المرتضى مع احتمال إرادة الاسـتحباب ، لقرينة في كلامه مرّت الاشارة إليها (5) ، فهذه القرينة التي تمسّكنا بها في كثير من المقامات ممّا تورث القطع بعدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 31 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 10 ح 1 .

(2) الوسائل 6 : 31 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 10 ح 2 .

(3) الوسائل 6 : 30 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 14 .

(4) الوسائل 6 : 29 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 11 .

(5) في ص 151 .

ــ[156]ــ

الوجوب وإرادة الاستحباب .

   ويؤيده : خلوّ صحيحة حماد الواردة في مقام التعليم عن التعرض لذلك ، فلو كان الرفع واجباً لكان أحرى بالذكر من جملة من الاُمور المستحبة المذكورة فيها .

   وثانياً :  أ نّه تدل على إرادة الاستحباب من الأوامر الواردة في هذه الصحاح: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) الواردة في وصية النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) «قال : وعليك برفع يديك في صلاتك وتقليبهما»(1) فانّ التنبيه على ذلك في مقام الوصية من مثل النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لوصـيه الأكرم (عليه السلام) أقوى شـاهد على استحبابه والعناية بشأنه كي لا يترك ، وإلاّ فلو كان واجباً لعرفه  كل أحد حتى النساء ، فلا حاجة إلى مزيد الاهتمام بشأنه في مقام الإيصاء ، بل هو أمر لا بدّ من مراعاته في الصلاة كسائر الأجزاء والشرائط التي يتحفظ عليها  كل من يتصدى للصلاة ، أفهل ترى صحة أن يوصي أحد أحداً ـ سيّما إذا  كان عالماً فقيهاً ـ أن يراعي الاستقبال أو الطهارة في الصلاة ، أم هل وردت في شيء من الروايات الوصية ولا سيّما من مثل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للوصي (عليه السلام) بمراعاة واجبات الصلاة من الأجزاء والشرائط .

   وثالثاً :  أ نّه تدل عليه صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) «قال : قال على الإمام أن يرفع يده في الصلاة ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة» (2) فانّ مناسبة الحكم والموضوع تقضي بأنّ المراد رفع اليدين حال تكبير الاحرام كي يتبين للمأموم دخول الإمام في الصلاة فيأتم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 28 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 8 .

(2) الوسائل 6 : 27 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 7 .

ــ[157]ــ

إلى الاُذنين أو إلى حيال الوجه أو إلى النحر (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وقد دلّت صريحاً على عدم الوجوب في المأموم ، فكذا الإمام ، لعدم القول بالفصل ، فتحمل على الاستحباب مع اختلاف مرتبة الفضل وأ نّه في الإمام آكد . ولا يعارض بقلب الدعوى وجعل الأمر بالعكس ، لاستلزام طرح النفي في قوله «ليس على غيره» بالكلية ، بخلاف الأوّل ، فانّ الأمر حينئذ محمول على الاستحباب كما عرفت .

   هذا ، وصاحب الحدائق قد تعرّض لهذه الصحيحة وناقش فيها بالاجمال واحتمال إرادة القنوت
فيها(1).

   وهذا من غرائب كلماته ، فانّ مناسبة الحكم والموضوع كما عرفت تقضي بارادة تكبيرة الاحرام ، ولم يحتمل أحد التفصيل بين الإمام والمأموم في القنوت والسيرة القطعية شاهدة بخلافه .

   هذا ، مع أنّ الرواية وردت بطريق آخر صرّح فيها برفع اليدين في التكبيرة وقد نقل هذا الطريق في الوسائل متصلاً بالطريق الأوّل ، ومن المقطوع به عادة أنّ صاحب الحدائق لاحظه واطلع عليه فكيف أهمله وأعرض عنه وأبدى الاحتمال المزبور .

   نعم ، هذا الطريق ضعيف عندنا من جهة عبدالله بن الحسن الواقع في سند الحميري ، ولكنه يراه صحيحاً ويعتمد عليه ، فلا سبيل للاعتذار عنه بذلك .

   (1) فانّ المسـتفاد من مجموع الروايات بعد ضم بعضها إلى البعض ، هو التخيير بين الاُمور الثلاثة ، لتعلّق الأمر بكل منها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 8 : 45 .

ــ[158]ــ

   أمّا النحر : فيدل عليه صريحاً المرسل المروي في مجمع البيان عن علي (عليه السلام) «في قوله تعالى (فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَر ) أنّ معناه ارفع يديك إلى النحر في الصلاة»(1) فما في الحدائق(2) من عدم وقوفه على لفظ النحر في شيء من الأخبار غريب(3) . وقد وقع ـ كما اعترف به ـ في صحيحة معاوية بن عمار ما يؤدي هذا المعـنى وإن لم يكن بلفظه ، قال : «رأيت أبا عبدالله (عليه السلام) حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قريباً»(4) ، فانّ القريب من أسفل الوجه ملازم للنحر .

   وأمّا حيال الوجه: فالأخبار الواردة فيه كثيرة، كصحيحة عبدالله بن سنان(5) وغيرها فلاحظ .

   وأمّا إلى الاُذنين : فتدل عليه رواية أبي بصير «إذا افتتحت الصلاة فكبّرت فلا تجاوز اُذنيك» (6) فانّ النهي عن تجاوز الاُذن يدل على أنّ غاية حدّ الرفع هو البلوغ إلى الاُذن ، فهذا هو أقصى حدّ الاستحباب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 30 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 15 ، مجمع البيان 10 : 837 .

(2) الحدائق 8 : 47 .

(3) ربما يظهر من عبارة المجمع 10:837 ، أنّ هذا المرسل نقل بالمعنى ومصطاد من النصوص لا ا نّه عين لفظ النص ، فلا يكون صريحاً في الرد على الحدائق . والأولى تبديله بمرسل الصدوق في الفقيه قال «وارفع يديك بالتكبير إلى نحرك» الفقيه 1 : 198 / 917 . وكيف ما كان فمرسل المجمع مروي من طرقنا لا من طرق العامة كما جاء في جامع الأحاديث 5 : 315 / 7839 .

(4) الوسائل 6 : 26 / أبواب تكبيرة الاحرام ب9 ح2 . [ والموجود في الوسائل والتهذيب قليلاً ] .

(5) الوسائل 6 : 26 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 3 .

(6) الوسائل 6 : 27 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 5 .

ــ[159]ــ

مبتدئاً بابتدائه ومنتهياً بانتهائه(1) فاذا انتهى التكبير والرفع أرسلهما ، ولا فرق بين الواجب منه والمستحب في ذلك. والأولى أن لا يتجاوز بهما الاُذنين(2) نعم، ينبغي ضم أصابعهما حتى الإبهام والخنصر ، والإستقبال بباطنهما القبلة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كما يقتضيه ظاهر المقارنة بين التكبير والرفع في صحيحة معاوية بن عمار : «حين افتتح الصلاة يرفع يديه ... » إلخ (1) فانّ إطلاق القضية الحينية يقتضي الاقتران في تمام أجزاء المتقارنين ، ونتيجته اقتران أوّل التكبير بأوّل الشروع في الرفع ، واقتران آخره بالانتهاء عنه ، الذي هو غاية حدّ الرفع .

   نعم ، مقتضى صحيح الحلبي : «فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطاً ثم كبّر ثلاث تكبيرات» (2) وقوع التكبير بعد حصول الرفع فلا تعتبر المقارنة . فهذه الطريقة أيضاً مجزئة في العمل بالاستحباب . وأمّا التكبير بعد انتهاء الرفع وحال إرسال اليدين فلا دليل عليه .

   (2) للنهي عنه في صحيح زرارة بقوله : «ولا تجاوز بكفيك اُذنيك» (3) ، وقد وقع الخلاف في أ نّه تنزيهي ـ كما يظهر من المتن ـ أو تحريمي ، وعلى الثاني فهل هو نفسي أو غيري ؟ لكن الظاهر أ نّه إرشاد إلى تقيد المستحب ، وهو رفع اليدين بعدمه .

   وتوضيحه : أ نّا وإن ذكرنا في محله (4) عدم حمل المطلق على المقيد في باب المستحبات ، لكنه خاص بما إذا كان القيد مستحباً كالمطلق ، والوجه في عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 26 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 2 .

(2) الوسائل 6 : 24 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 8 ح 1 .

(3) الوسائل 6 : 31 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 10 ح 2 .

(4) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 381 .

ــ[160]ــ

ويجوز التكبير من غير رفع اليدين ، بل لا يبعد جواز العكس (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمل حينئذ ظاهر ، إذ بعد جواز ترك القيد كما هو مقتضى فرض استحبابه لم يكشف عن تقيّد المطلق به .

   وأمّا إذا كان المقيد بلسان النهي كما في المقام فلا مناص من حمل المطلق عليه ، إذ لا وجه لحمل النهي على التنزيه بعد كونه ظاهراً في التحـريم . نعم قامت القرينة العامة في باب المركبات على انقلاب ظهور الأوامر والنواهي من الوجوب والتحريم إلى الارشاد إلى الجزئية والشرطية أو المانعية .

   وعليه فالنهي في المقام يرشد إلى مانعية التجاوز عن الاُذن عن العمل بالرفع المستحب ، فيكشف لا محالة عن تقيد موضوع الاستحباب بعدمه ، ونتيجة ذلك حمل المطلق على المقيد ، وأنّ العمل بالاستحباب مشروط بعدم التجـاوز عن الاُذن .

   (1) أمّا التكبير من غير الرفع فهو مقتضى فرض استحباب الرفع لا وجوبه كما تقدم (1) . وأمّا عكسه أعني الرفع من غير تكبير فلا دليل عليه ، إذ لم يثبت استحبابه في نفسه ، والاستدلال له بالتعليل الوارد في بعض النصوص المتقدمة(2) من أنّ رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع كما في خبر الفضل بن شاذان(3) مخدوش بضعف سند الخبر في نفسه كما مرّ ، مضافاً إلى قصور الدلالة إذ ظاهرها إرادة الرفع حال التكبير لا مطلقاً كما لا يخفى (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 150 .

(2) في ص 155 .

(3) الوسائل 6 : 29 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 11 .

(4) ولكن يمكن الاستدلال له بموثقة ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : في    الرجل يرفع يده كلّما أهوى للركوع والسجود وكلّما رفع رأسه من ركوع أو سجود قال : هي العبودية» . الوسائل 6 : 297 /  أبواب الركوع ب 2 ح 3 . حيث لم يفرض فيها اقتران الرفع بالتكبير .

 
 

ــ[161]ــ

   [ 1459 ] مسألة 15 : ما ذكر من الكيفية في رفع اليدين إنّما هو على الأفضلية(1) وإلاّ فيكفي مطلق الرفع ، بل لا يبعد جواز رفع إحدى اليدين((1)) دون الاُخرى .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فانّ ما سبق في الكيفية من رفع اليدين إلى الاُذنين أو إلى حيال الوجه أو إلى النحر وإن ورد بها النص كما عرفت ، إلاّ أ نّه يدل على الاكتفاء بمطلق الرفع ما ورد في وصية النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) من قوله : «وعليك برفع يديك في صلاتك وتقليبهما» (2) إذ لا مقتضي لحمل المطلق على المقيد في باب المستحبات ، فتكون تلك الكيفية أفضل الأفراد مع عموم الاستحباب لغيرها .

   ومنه تعرف أنّ الاستقبال بباطن اليدين إلى القبلة المذكور في رواية منصور(3) أيضاً كذلك .

   وأمّا جواز رفع إحدى اليدين دون الاُخرى فهو مشكل وإن لم يستبعده في المتن، لاختصاص النصوص برفع اليدين معاً، فلا دليل على استحباب الواحدة عدا توهم استفادته من التعليل الوارد في رواية الفضل بن شاذان المتقدمة(4) من أ نّه ضرب من الابتهال والتبتل. وفيه: مضافاً إلى ضعف السند كما مرّ، أنّ مورده

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا بأس بالاتيان به رجاءً .

(2) الوسائل 6 : 28 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 8 .

(3) الوسائل 6 : 27 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 9 ح 6 .

(4) في ص 155 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net