دوران الأمر بين ترك القيام رأساً وترك الاستقلال - بين ترك القيام رأساً وترك الاستقرار 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3695


   أمّا أوّلاً :  فلأن وجوب الاستقلال على القول به ـ وقد تقدم أنّ الأظهر منعه (1) ـ مقيّد بالتمكن وحالة الاختيار ، فانّ عمدة الدليل عليه هو صحيحة ابن سنان (2) وموثقة ابن بكير (3) وكل منهما مقيد بذلك .

   وأمّا ثانياً : فلأنّه مع الغض وتسليم وجود دليل مطلق ، قد عرفت آنفاً أنّ الصلاة جالساً مقيّدة بعدم التمكن من مطلق القيام ، فمع التمكّن منه ـ ولو في الجملة ، وفاقداً لبعض الخصوصيات المعتبرة فيه كما في المقام ـ لا تصل النوبة إلى الصلاة عن جلوس .

   وفيما إذا دار الأمر بين الصلاة جالساً وبين الصلاة قائماً غير مستقر ، فقد يراد من الاستقرار ما يقابل الاضطراب واُخرى ما يقابل المشي .

   فعلى الأوّل :  قدّم الثاني، سواء أكان مدرك اعتباره الاجماع ـ  كما هو الأظهر  ـ أم الروايات . أمّا الأوّل : فظاهر ، ضرورة أ نّه دليل لبي يقتصر على المتيقن منه وهو غير صورة الدوران المزبور .

 وأمّا الثاني :  بدعوى استفادته من مثل قوله (عليه السلام) : «وليتمكّن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة» (4) الذي هو دليل لفظي ، فلما عرفت أيضاً من أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 184 .

(2) الوسائل 5 : 500 /  أبواب القيام ب 10 ح 2 .

(3) الوسائل 5 : 487 /  أبواب القيام ب 1 ح 20 .

(4) الوسائل 5 : 404 /  أبواب الأذان والاقامة ب 13 ح 12 .

ــ[205]ــ

الصلاة قائماً بأي مرتبة كانت مقدّمة على الصلاة جالساً ، لتقيّد دليلها بالعجز عن مطلق القيام حسبما تقدم .

   وعلى الثاني :  فقد احتاط الماتن فيه بالتكرار كما نبّه عليه في المسألة الثامنة عشرة من الفروع الآتية .

   واختار جماعة تقديم الصلاة جالساً على الصلاة ماشياً ، بل قد نسب ذلك إلى المشهور .

   وعلّله المحقق الهمداني (1) (قدس سره) بأنّ الاستقرار ـ المقابل للمشي ـ مأخوذ في مفهوم القيام ، لا بمعنى أخذه فيه لغة أو اصطلاحاً ، كيف والماشي مصداق للقائم البتة، بل بدعوى الانصراف عن الماشي في خصوص باب الصلاة بمقتضى مناسبة الحكم والموضـوع ، نظراً إلى أ نّها بحسب الارتكاز عبادة فناسب أداؤها حالة الوقوف الحاوية لنوع من السكينة والخشوع ، فالوقوف إذن مقوّم للقيام انصرافاً ، ولأجله كانت أدلة اعتباره في الصلاة منصرفة إلى القيام مع الوقوف ، فلا جرم كان العاجز عنه عاجزاً عن القيام الصلاتي ، فينتقل إلى الصلاة جالساً بطبيعة الحال .

   ولكنّك خبير بأنّ هذه الدعوى غير بيّنة ولا مبيّنة وعهدتها على مدّعيها كيف وقد صحّت النافلة حال المشي حتى اختياراً مع ضرورة صدق القائم على المصلي .

 وبالجملة :  لا ريب في اعتبار الوقوف حال الاختيار في القيام كغـيره مما اعتبر فيه من الانتصاب والاستقلال ونحوهما ، كما يكشف عنه مضافاً إلى الارتكاز المزبور ، ما ورد (2) في من يريد التخطي في صلاته من الأمر بالكف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الصلاة) : 261 السطر 18 .

(2) الوسائل 6 : 98 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 34 ح 1 .

ــ[206]ــ

عن القراءة ، فالوقوف فيه زائداً على القيام اعتبر في الصلاة بمقتضى النص . وأمّا اعتباره على سبيل الاطلاق ، بدعوى دخله في مفهوم القيام ولو انصرافاً فهو أوّل الكلام، بل ممنوع، لما عرفت من عدم وضوح أيّ مستند للانصراف المزبور وعليه فمقتضى القاعدة على ضوء الضابطة السابقة بعد المعارضة بين الدليلين هو التخيير بين الصلاة قائماً ماشياً وبين الصلاة جالساً .

   ولكن الأظهر لزوم تقديم الأوّل ، لصحيحة جميل(1) الناطقة بتقديم الصلاة عن مطلق القيام على الجلوس وإن كان فاقداً لبعض القيود المعتبرة فيه من الانتصاب أو الاستقرار أو الاستقلال ، لما عرفت(2) من حكومتها على جميع أدلّة تلك القيود ، ونتيجته تقديم الصلاة ماشياً على الصلاة جالساً .

   وقد اتضح ممّا ذكرناه : ما في دعوى الماتن من تكرار الصلاة ، حيث إنّه مبني على العلم الاجمالي بوجوب أحدهما بخصوصه من غير تعيين ، وقد عرفت لزوم تقديم الصلاة ماشياً ، ومعه لا تصل النوبة إلى العلم الاجمالي المزبور .
ـــــــــــــــ

(1) الوسائل 5 : 495 /  أبواب القيام ب 6 ح 3 .

(2) في ص 203 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net