جواز الاقتصار على التسبيحة الصغرى عند الاضطرار 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4538


ــ[59]ــ

   [ 1593 ] مسألة 13 : يجوز في حال الضرورة وضيق الوقت الاقتصار على الصغرى مرّة واحدة (1) فيجزئ «سبحان الله» مرّة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخيرتين جواز قصد التعـيين بالفرد الأوّل ، إذ المأمـور به إنّما هو الطبيعي اللاّ بشرط المساوق لصرف الوجود المنطبق بطبيعة الحال على أوّل الوجودات فانّ الانطباق قهري والإجزاء عقلي، فيقع الزائد على صفة الاستحباب لا محالة .

   وأمّا احتمال التخيير بين الأقل والأكثر فساقط ، لامتناعه عقلاً في الوجودات المستقلّة كما في المقام إلاّ أن يكون الأقل ملحوظاً بشرط لا كما في القصر والتمام ، وهو مع اندراجه حينئذ في المتباينين كما لا يخفى غير محتمل في المقام .

   (1) على المشهور ، ويمكن أن يستدل له بأحد وجهين :

   الأوّل :  مرسلة الصدوق في الهداية قال : «قال الصادق (عليه السلام) سبِّح في ركوعك ثلاثاً تقول سبحان ربِّي العظيم وبحمده ـ إلى أن قال ـ فان قلت سبحان الله سبحان الله سبحان الله أجزأك ، وتسبيحة واحدة تجزي للمعتل والمريض والمستعجل» (1) .

   دلّت على كفاية الواحدة من الصغرى لدى المرض والاستعجال ، الظاهر في الاستعجال العرفي الّذي هو أعم من الاستعجال الشرعي ، نظير ما تقدّم في السورة من سقوطها لدى العجلة العرفية . وعليه فتدل على السقوط عند الضرورة وضيق الوقت بطريق أولى كما لا يخفى .

   لكنّها كما ترى ضعيفة السند بالارسال فلا تصلح للاستدلال حتّى بناءً على مسلك الانجبار لعدم العامل بها بالاضافة إلى الاستعجال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 4 : 437 /  أبواب الركوع ب 16 ح 2 ، الهداية : 136 .

ــ[60]ــ

   الثاني : وهو العمدة ، صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قلت له أدنى ما يجزي المريض من التسبيح في الركوع والسجود ؟ قال : تسبيحة واحدة»(1) ، وهي من حيث السند صحيحة ، لما عرفت سابقاً من جواز العمل بما تفرد به محمّد بن عيسى العبيدي عن يونس بن عبدالرّحمان وإن لم يعمل به الصدوق ولا شيخه ، وقد مرّ الكلام عليه مستقصى (2) .

   وأمّا من حيث الدلالة فهي كالصريح في إرادة الصغرى من الواحدة بعد ضمّها بما رواه معاوية بن عمار نفسه عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «قلت : أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة ؟ قال : ثلاث تسبيحات مترسّلاً تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله» (3) .

   فانّا لو ضممنا إحدى الروايتين إلى الاُخرى وجعلناهما بمثابة رواية واحدة كانت الثانية قرينة قطعية على أنّ المراد من الواحدة في الاُولى خصوص الصغرى التي هي من سنخ الثلاث الصغريات المذكورات في الثانية . وينتج أنّ الأخف وما هو أقل الواجب ثلاث من الصغرى لغير المريض ، وواحدة منها للمريض كما هو واضح جدّاً بعد ملاحظة اتِّحاد الراوي والمروي عنه .

 ومع الغض عن هذا الاستظهار وتسليم الاطلاق في الصحيحة الاُولى فقد يقال بمعارضته مع إطلاق ما دلّ على لزوم كون الواحدة ـ لو اختار ـ هي الكبرى الشامل للمريض وغيره ، كصحيحة زرارة «ما يجزي من القول في الركوع والسجود ؟ فقال: ثلاث تسبيحات في ترسّل وواحدة تامّة تجزي»(4)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 301 /  أبواب الركوع ب 4 ح 8 .

(2) [ وسيأتي في ص 193 ] .

(3) الوسائل 6 : 303 /  أبواب الركوع ب 5 ح 2 .

(4) الوسائل 6 : 299 /  أبواب الركوع ب 4 ح 2 .

 
 

ــ[61]ــ

وغيرها الدالّة على أنّ الواحدة المجزية هي التامّة ، أي الكبرى .

   وليس تقييد الاطلاق الثاني بالأوّل أولى من العكس ، والنسبة عموم من وجه ، وبعد تساقط الاطلاقين فالمرجع إطلاق ما دلّ على عدم كفاية الواحدة من الصغرى .

   لكن الظاهر تعيّن الأوّل، إذ لا محذور فيه، ولا مجال للعكس فان فيه محذوراً، وهو لزوم إلغاء خصوصية المورد غير الخالي عن الاستهجان ، إذ لو قيّدنا صحيحة معاوية بهذه النصوص وحملنا الواحدة فيها على الكبرى لم يبق إذن فرق بين المريض وغيره، وكان الأحرى حينئذ أن يقول في الجواب بأنّ المريض وغيره سواء ، لا أن يجيب بقوله (عليه السلام) «تسبيحة واحدة» الظاهر في تقريره على ما اعتقده من ثبوت الفرق بين المريض وغيره . فيلزم من التقييد المزبور إلغاء عنوان المرض وهو قبيح كما عرفت .

   وهذا بخلاف تقييد هذه النصوص بالصحيحة ، فان غايته حملها على غير المريض ولا ضير فيه ، فلا مناص من المحافظة على إطلاق الصحيحة ، ونتيجة ذلك أنّ المريض يمتاز عن غيره باجتزائه بالتسبيحة الواحدة مطلقاً وإن كانت هي الصغرى .

   فظهر صحّة الاستدلال بالصحيحة سواء تمّ الاستظهار الّذي قدّمناه أم لا .

   نعم ، قد يقال بأنّ موردها المريض ، ولا قائل باستثنائه بعنوانه فلا دليل على التعدِّي إلى مطلق الضرورة .

   وفيه : ما لا يخفى ، لوضوح أنّ المريض المأخوذ في النص لا خصوصية فيه كي يكون ملحوظاً على وجه الصفتية والموضوعية ، فيسأل عن حكمه بما هو كذلك ، وإن كان قادراً على الثلاث الصغريات ، فان ذلك أظهر من أن يحتاج إلى السؤال سيّما من مثل معاوية بن عمار ، بل مناسبة الحكم والموضوع تقضي




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net