معنى السجود لغةً واصطلاحاً - البحث حول ركنية السجود 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 16596


ــ[84]ــ

 فصل في السجود

    وحقيقته وضع الجبهة على الأرض بقصد التعظيم وهو أقسام : السجود للصلاة  ومنه  قضاء السجدة المنسيّة، وللسهو وللتلاوة وللشكر وللتذلّل والتعظيم أمّا سجود الصلاة فيجب في كل ركعة من الفريضة والنافلة سجدتان(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) السجود لغة (1) يطلق على معان لعل أكثرها استعمالاً : نهاية التذلّل والخضوع التي أظهرها مصداقاً وضع الجبهة على الأرض، وربما يطلق على وضع ما عدا الجبهة من سائر أعضاء الوجه ، لكنّه مختص بفرض العجز عن الجبهة فهو في طول الاستعمال الأوّل .

   والمراد بالأرض أن يكون الاعتماد عليها ، سواء أكان مع الواسطة أو بدونها فلا يصدق السجود على الفاقد للاعتماد ، كأن يضع جبهته على يده المرتفعة عن الأرض ، بحيث يكون السجود على الفضاء .

   وكيف ما كان ، فهو بمفهومه اللّغوي والعرفي متقوّم بوضع الجبهة على الأرض ولا مدخل لوضع سائر المساجد في الصدق المزبور .

   والظاهر أ نّه في لسان الشرع أيضاً يطلق على ما هو عليه من المعنى اللّغوي غايته مع مراعاة خصوصيات اُخر كما ستعرف ، فالسجود الوارد في الكتاب والسنّة كالواقع في حديث لا تعاد وغيره كلّها تنصرف إلى هذا المعنى ، وليس للشارع إصطلاح جديد في ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لسان العرب 3 : 204 ، مجمع البحرين 3 : 62 .

ــ[85]ــ

وهما معاً من الأركان (1) فتبطل بالاخلال بهما معاً ، وكذا بزيادتهما معاً في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا ما ورد في جملة من الأخـبار(1) من أنّ السـجود على سبعة أعظم : الجبهة والكفّان والركبتان والابهامان ، فليس ذلك بياناً لمفهوم السجود شرعاً كي يقتضي الحقيقة الشرعية ، ولا شارحاً للمراد من لفظ السجود الوارد في لسان الشارع ولو مجازاً ، فانّ كلاً من الأمرين مخالف لظواهر هذه النصـوص بل هي مسوقة لبيان واجبات السجود والاُمور المعتبرة فيه ، فمفادها إيجاب هذه الاُمور في تحقّق السجود الواجب ، وإن كان ذلك لا يخلو عن ضرب من المسامحة كما لا يخفى ، لا دخلها في المفهوم أو في المراد .

   ومنه تعرف أنّ ما ورد من المنع عن السجود على القير مثلاً ، إنّما يراد به المنع عن وضع الجبهة عليه ، الّذي هو حقيقة السجود كما عرفت ، لا عن وضع سائر المساجد ، كما أنّ ما دلّ على وجوب السجود على الأرض أو نباتها يراد به اعتباره في خصوص مسجد الجبهة لا سائر المساجد كما عليه السيرة ، بل الاجماع من دون نكير .

   ويترتّب عليه أيضاً: أنّ المدار في زيادة السجود ونقيصته الموجبتين للبطلان على وضع الجبهة وعدمه ولا عبرة بسائر المساجد ، فلو ترك وضع الجبهة في السجدتين بطلت صلاته وإن كان واضعاً لسائر المساجد ، كما أ نّه من طرف الزيادة لو وضع جبهته مرّتين بطلت وإن لم يضع مساجده الاُخر ، فالركنية تدور مدار وضع الجبهة وعدمه كما نبّه عليه الماتن (قدس سره) في ذيل كلامه .

   (1) لا ريب في وجوب السـجود في الصلاة فريضة كانت أم نافلة ، لكل ركعة مرّتين بضرورة من الدين ، وقد اشتهر التعـبير عنهما معاً بالركن ، وأنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 343 /  أبواب السجود ب 4 ح 2 ، 8 .

ــ[86]ــ

الفريضة عمداً  كان أو سهواً  أو جهلاً، كما أ نّها تبطل بالاخلال باحداهما  عمداً وكذا بزيادتها ، ولا تبطل على الأقوى بنقصان واحدة ولا بزيادتها سهواً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زيادتهما أو نقيصتهما عمداً أو سهواً موجبة للبطلان ، بخلاف السجدة الواحدة حيث إنّ الاخلال بها سهواً نقصاً أو زيادة غير قادح فليست هي بركن .

   فيقع الكـلام أوّلاً في تحديد الركن وتطبيقه على المقام ثمّ في بيان مدرك الحكم المزبور .

   فنقول :  قد أشرنا في أوائل بحث أفعال الصـلاة(1) إلى أنّ الركن بلفظه لم يرد في شيء من النصوص ، وإنّما هو اصطلاح محدث دارج في ألسـنة الفقهاء (قدس سرهم) من دون أن يكون له في الأخبار عين ولا أثر ، كما نصّ عليه شيخنا الأنصاري (قدس سره) (2) ولا بأس بهذا الاطلاق حيث إنّ ركن الشيء هو عموده وما يبتني عليه بحيث ينتفي بانتفائه عمداً كان أو سهواً ، وما يعد من الأركان في الصلاة كذلك ، غير أ نّهم (قدس سرهم) فسّروه بما يوجب الاخلال به ـ عمداً وسهواً زيادة ونقصاً ـ البطلان .

   ومن هنا أشكل الأمر في تطبيقه على المقام مع الالتزام بعدم قدح السجدة الواحدة سهواً زيادة ونقصاً ، حيث إنّ الركن إن كان هو مجموع السجدتين على صفة الانضمام ، فزيادته وإن أوجب البطلان إلاّ أنّ نقيصته المتحقِّقة بترك إحدى السجدتين نسياناً ـ لانتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه ـ لا توجبه ، لالتزامهم بالصحّة حينئذ كما عرفت . وإن كان مسمّى السـجود وماهيّته ، فنقصـه وإن أوجب البطلان ، إلاّ أنّ زيادته لا توجبه ، لبنائهم على عدم قدح زيادة السجدة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 14 : 3 .

(2) كتاب الصلاة 1 : 487 .

ــ[87]ــ

الواحدة سهواً كما مرّ مع صدق زيادة المسمّى حينئذ .

   وقد وقعوا في الجواب عن هذا الاشكال المشهور في حيص وبيص ، وذكروا أجوبة مختلفة مذكورة في الكتب المطوّلة (1) لا يخلو شيء منها ـ بحيث يتّجه انطباق ضابط الركن من طرفي الزيادة والنقيصة على محل واحد ـ عن تكلّف .

   وهذا الاشكال كما ترى إنّما نشأ من التفسير المزبور الّذي لا شاهد عليه لا من العرف ولا اللّغة ولا غيرهما ، لعدم تقوّم مفهوم الركن إلاّ بما يقدح الاخلال به من ناحية النقص فقط دون الزيادة . أترى أنّ أركان البنيان لو تعدّدت أو أعمدة الفسطاط لو تكثرت يوجب ذلك خللاً في البناء لو لم يستوجب مزيد الاستحكام .

   وعلى الجملة :  لو تمّ الاشكال فانّما هو متوجِّه على القوم في تفسيرهم الركن بما ذكر ، وأمّا على المبنى الآخر في تفسيره المطابق لمفهوم اللفظ عرفاً ولغة من تحديده بما يوجب البطلان من ناحية النقص فقط كما قدّمناه ، فلا إشكال أصلاً ، إذ عليه يمكن الالتزام بأنّ الركن في المقام هو مسمّى السجود ، فلو أخلّ به رأساً عمداً أو سهواً بطلت الصلاة ، وأمّا من طرف الزيادة ، فحكمه صحّة وفساداً خارج عن شأن الركنية وأجنبي عنه بالكلِّيّة . نعم ، دلّ الدليل على البطلان بزيادة السجدتين ، والصحّة بزيادة السجدة الواحدة ، وكل ذلك لا مساس له بحديث الركنية بوجه .

 وأمّا مستند الحكم في المسألة : أمّا من حيث النقيصة والزيادة العمديتين فظاهر ، كما هو الشأن في بقية الأجزاء . وأمّا الاخلال السهوي فمستند البطلان في ترك السجدتين عقد الاستثناء في حديث لاتعاد. مضافاً إلى حديث التثليث(2)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذكر في الجواهر 10 : 134 وجهاً وجيهاً لتصوير الركنية بناءً على المسلك المشهور في تفسيرها لعلّه أحسن ما قيل في المقام وإن كان بعد لا يخلو عن النظر فراجع وتدبر .

(2) الوسائل 6 : 389 /  أبواب السجود ب 28 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net