واجبات التشهّد \ 1 ـ الشهادتان 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7578


   وواجباته سبعة :  الأوّل : الشهادتان (2)

 ــــــــــــــــــــــ
 (2) أي الشهادة بالتوحيد وبالرسالة بلا خلاف كما ادّعاه غير واحد ، بل اجماعاً كما حكاه الأصحاب قديماً وحديثاً ، ولم ينسب الخلاف إلاّ إلى الجعفي في الفاخر(4) حيث خصّ الوجوب بالشهادة الاُولى في التشهّد الأوّل وإن أوجبهما

ــــــــــــ
(4) حكاه عنه في الذكرى 3 : 420 .

ــ[247]ــ

في الثاني ، وإلاّ إلى الصدوق في المقنع (1) حيث حكي عنه الاجتزاء بقول : بسم الله وبالله بدل الشهادتين .

   ويدل على المشهور جملة من النصوص فيها الصحيح وهو المعتمد المؤيِّد بغيره .

   فمنها :  صحيحة محمّد بن مسلم قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : التشهّد في الصلوات ؟ قال : مرّتين ، قال قلت : كيف مرّتين ؟ قال : إذا استويت جالساً فقل : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ... » إلخ (2) .

   ومنها :  رواية عبدالملك بن عمرو الأحول عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : التشهّد في الركعتين الأولتين : الحمد لله أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته وارفع درجته» (3) ، ولا يقدح اشتمالها على ما ثبت استحبابه من الخارج كما لا يخفى . نعم ، هي ضعيفة السند بالأحول فانّه لم يوثق ، غير أنّ الكشي روى رواية في مدحه (4) ، لكن السند ينتهي إلى الرجل نفسه فلا يعتمد عليه .

 ومنها : رواية يعقوب بن شعيب عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: التشهّد في كتاب علي شفع»(5) فانّ المراد بالشفع هو الزوج أي المرّتان اللّتان وقع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ المقنع : 96 .

(2) الوسائل 6 : 397 /  أبواب التشهّد ب 4 ح 4 .

(3) الوسائل 6 : 393 /  أبواب التشهّد ب 3 ح 1 .

(4) رجال الكشي : 389 / 730 .

(5) الوسائل 6 : 398 /  أبواب التشهّد ب 4 ح 5 .

ــ[248]ــ

التصريح بهما في بقيّة الأخبار كصحيحة ابن مسلم المتقدِّمة وغيرها ، لا التعدّد باعتبار الموضع ، وإلاّ فلا شفع بهذا المعنى في الثنائية المشمولة لاطلاقها . وهي أيضاً ضعيفة السند بعلي بن عبيد حيث لم يوثق .

   ومنها :  رواية سورة بن كليب قال : «سـألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أدنى ما يجزئ من التشهّد، قال: الشهادتان»(1) والمراد بالشهادتين هما الشهادتان المعهودتان المشار إليهما في بقية الأخـبار ، أي الشهادة بالتوحـيد وبالرسالة . وهي أيضاً ضعيفة عند القوم بـ «سورة» إذ لم يوثق ، ولكنّها معتبرة عندنا لوقوعه في أسناد تفسير القمي .

   وأمّا مقالة الجعفي ، فان أراد بها الاكتفاء بإحدى الشهادتين في التشهّد الأوّل من غير تعيين فلم يعرف له مستند أصلاً ، وإن أراد خصوص الشهادة بالتوحيد فيمكن الاستدلال عليه بصحيحة زرارة قال : «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : ما يجزئ من القول في التشهّد في الركعتين الأوّلتين ؟ قال : أن تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، قلت : فما يجزئ من تشهّد الركعتين الأخيرتين ؟ فقال : الشهادتان» (2) .

   لكن لا يبعد أن تكون الصحيحة ناظرة إلى بيان عدم وجوب سائر الأذكار والأدعية المستحبّة الواردة في التشهّد التي تضمنتها موثقة أبي بصير (3) . فقوله (عليه السلام) «أن تقول أشهد ... » إلخ ، إشارة إلى مجموع الشهادتين المعهودتين وأ نّه يقتصر عليهما في قبال سائر الأذكار ، لا خصوص الشهادة الاُولى ، وهذا النوع من الاطلاق دارج في الاستعمالات فيذكر أوّل الكلام ويراد به تمامه وإلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 398 /  أبواب التشهّد ب 4 ح 6 .

(2) الوسائل 6 : 396 /  أبواب التشهّد ب 4 ح 1 .

(3) الوسائل 6 : 393 /  أبواب التشهّد ب 3 ح 2 .

ــ[249]ــ

آخره فيكتفى بالاشارة إليه لمعهوديته الموجبة للاسـتغناء عن التعرّض إليه تفصيلاً .

   ومنه تعرف أنّ جوابه (عليه السلام) عن السؤال الثاني بقوله (عليه السلام) : «الشهادتان» لم يرد في مقام الفرق بين الركعتين الأوّلتين والأخيرتين في عدد الشهادة كما هو مبنى الاستدلال ، بل المراد بيان الاتِّحاد في كيفية الشهادة وأنّ الواجب فيهما على حد سواء ردّاً لما توهّمه السائل من الفرق بينهما ، كما يكشف عن ذلك وقوع السؤال عن الاتِّحاد في صحيحة البزنطي قال : «قلت لأبي الحسن (عليه السلام) جعلت فداك التشهّد الّذي في الثانية يجزئ أن أقول في الرابعة ؟ قال : نعم» (1) .

   وأمّا ما نسب إلى الصدوق في المقنع من الاجتزاء بقول : بسم الله وبالله ، فلم يعرف له مستند أصلاً . نعم ، هناك روايتان يظهر منهما الاجتزاء بقول : بسم الله من دون اضافة «وبالله» .

   إحداهما :  موثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إن نسي الرجل التشهّد في الصلاة فذكر أ نّه قال بسم الله فقط فقد جازت صلاته ، وإن لم يذكر شيئاً من التشهّد أعاد الصلاة» (2) . والحكم بالاعادة في ذيلها محمول على الاستحباب لحديث لا تعاد المقتضي لعدم الاعادة من نسيان التشهّد .

   الثانية :  رواية علي بن جعفر قال : «سألته عن رجل ترك التشهّد حتّى سلّم كيف يصنع ؟ قال : إن ذكر قبل أن يسلِّم فليتشهّد ، وعليه سجدتا السهو ، وإن ذكر أ نّه قال أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أو بسم الله ، أجزأه في صلاته ، وإن لم يتكلّم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 397 /  أبواب التشهّد ب 4 ح 3 .

(2) الوسائل 6 : 403 /  أبواب التشهّد ب 7 ح 7 .

ــ[250]ــ

بقليل ولا كثير حتّى يسلم أعاد الصلاة» (1) .

   لكن موردهما خصوص حال النسيان فلا يشمل صورة العمد ، مضافاً إلى ضعف سند الثانية بعبدالله بن الحسن ، هذا والحكم بالاعادة في ذيل الأخيرة محمول على الاستحباب أيضاً كما سبق . وأمّا الحكم بسجدتي السهو فغير واضح إذ التذكّر إنّما كان في المحل لكونه قبل التسليم وقد أتى بالتشهّد ، فلم يعرف موجب للسجدتين أصلاً .

   ثمّ إنّه قد يظهر من رواية الخثعمي الاجتزاء بالتحميد «قال: إذا جلس الرجل للتشهّد فحمد الله أجزأه» (2) .

   لكنّها مضافاً إلى ضعف السند قاصرة الدلالة على كفايته عن الشهادتين ، إذ المفروض فيها جلوس الرجل للتشهّد ولا يكون الجلوس متّصفاً بكونه جلسة التشهّد إلاّ إذا اشتمل عليه واقترن به ، وواضح أنّ التحميد ليس من التشهّد في شيء .

   فالتشهّد مفروض الوجود لا محالة. إذن يكون  المراد  بالاجتزاء  اجتزاء التحميد عن بقية الأذكار والأدعية الواردة في بقية الروايات ولا سيّما موثقة أبي بصير الطويلة المشتملة على جملة من الأذكار المستحبّة (3) لا عن أصل التشهّد ، كما يشهد لهذا الحمل رواية بكر بن حبيب قال : «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أيّ شيء أقول في التشهّد والقنوت ؟ قال : قل بأحسن ما علمت فانّه لو كان موقتاً لهلك الناس» (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 404 /  أبواب التشهّد ب 7 ح 8 .

(2) الوسائل 6 : 399 /  أبواب التشهّد ب 5 ح 2 .

(3) الوسائل 6 : 393 /  أبواب التشهّد ب 3 ح 2 .

(4) الوسائل 6 : 399 /  أبواب التشهّد ب 5 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net