العلم بفوت إحدى الصلوات الخمس - العلم بفوت اثنتين من الخمس 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4628


ــ[148]ــ

   [1797] مسألة 21: لو علم أنّ عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمّة مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، مخيّراً فيها بين الجهر والإخفات(1).

   وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب وركعتان مرددّة بين الأربع، وإن لم يعلم أنّه كان مسافراً أو حاضراً يأتي بركعتين مردّدتين بين الأربع، وأربع ركعات مرددة بين الثلاث، ومغرب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لصحيحة علي بن أسباط المتقدّمة(1) المؤيّدة بمرفوعة الحسين بن سعيد(2) وقد مرّ الكلام حول ذلك مستقصى في شرح المسألة السادسة عشرة فلاحظ.

   وحيث كان مفاد الصحيحة هو الاجتزاء بالرباعية المأتي بها عن كلّ رباعية فائتة فُهم منها على سبيل القطع عدم الخصوصية للمورد، وأنّه يجتزئ أيضاً بالثنائية المأتي بها عن كلّ ثنائية فائتة ولو كانت هي الظهرين والعشاء في حال السفر، كالجمع بين الأمرين لو لم يعلم أنّه كان حاضراً أو مسافراً.

   كما عرفت أيضاً أنّ المستفاد منها إلغاء اعتبار الجهر والإخفات عند تردّد الفائتة بين الجهرية والإخفاتية، ولأجل ذلك ذكرنا هناك أنّ من فاتته صلاتان متساويتان من حيث العدد مختلفتان من حيث الجهر والإخفات ولم يعلم السابق منهما من اللاحق لا يلزمه التكرار حينئذ - بناء على اعتبار الترتيب في القضاء - بل يجزيه الإتيان بصلاتين، قاصداً بالاُولى الفائتة أوّلاً وبالثانية الفائتة بعدها، مخيّراً فيهما بين الجهر والإخفات، وذلك لتردّد الاُولى - بوصف كونها اُولى - بين الجهر والإخفات، وكذلك الحال في الثانية. فيسقط إذن بمقتضى الصحيحة المتقدّمة اعتبار الجهر والإخفات، هذا.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 142.

(2) تقدّم ذكرها ص 143.

ــ[149]ــ

   مضافاً إلى قصور المقتضي، لاختصاص دليل اعتبارهما الذي عمدته صحيحة زرارة(1) بحال العلم، فينتفي اعتبارهما واقعاً في حال الجهل والتردّد. ولا مانع من أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه مع اختلاف المرتبة كما تقدّم.

   وهل التخيير الثابت فيما ذكرناه مشروط بحصول الموافقة الاحتمالية للفائتة بأن يجهر في إحدى الصلاتين ويخفت في الاُخرى مخيّراً بينهما، فلا يجوز الإجهار أو الإخفات فيهما معاً لاستلزامه المخالفة القطعية، إذ الفائتة مردّدة بين جهرية وإخفاتية، فيكون الإتيان بالصلاتين معاً جهراً أو إخفاتاً مخالفة للواقع في إحداهما قطعاً، أو أنّ التخيير ثابت مطلقاً حتى وإن استلزم ذلك؟

   الظاهر هو الثاني، لعدم حصول المخالفة القطعية إلاّ في موارد الأحكام الواقعية الثابتة في حالتي العلم والجهل، لامثل المقام ممّا كان الحكم فيه منوطاً بحال العلم، ومنتفياً ظاهراً وواقعاً في حال الجهل كما دلّت عليه صحيحة زرارة على ما عرفت.

   وعليه فاذا أجهر مثلا في الصلاتين معاً فقد علم بالمخالفة في إحداهما، إلاّ أنّ هذا العلم الحاصل فيما بعد لا أثر له، ولا يترتّب عليه تنجيز الحكم بعد فرض جهله بالجهر أو الإخفات حال الإتيان بالعمل. ففي ظرف الامتثال لم يثبت في حقّه وجوب الجهر أو الإخفات، لأجل جهله المانع عن توجّه الحكم بإلاضافة إليه بعد فرض تقوّمه بالعلم، بل إنّه بهذا الاعتبار لا يكون احتمال المخالفة فضلا
عن القطع بها كما لا يخفي.

   وعليه فبعد قصور دليل الاعتبار عن الشمول لمثل ذلك يشمله الإطلاق في صحيحة علي بن أسباط بطبيعة الحال.

   وهل يثبت التخيير حتى في الصلاة الواحدة بأنّ يجهر في إحدى الركعتين الاُوليين ويخفت في الاُخرى؟ مقتضى الإطلاق في صحيحة علي بن أسباط جواز ذلك. لكنّه مشكل، للزوم المخالفة القطعية في شخص الصلاة، للعلم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6: 86/ أبواب القراءة في الصلاة ب 26 ح 1، وقد تقدمت في ص 144.

ــ[150]ــ

إجمالا بأنّها إمّا جهرية بتمامها أو إخفاتية كذلك. فالتفكيك فيها بين الركعات مناف للعلم المذكور.

   وبكلمة اُخرى: أنّه يتولّد من العلم الإجمالي المذكور العلمُ تفصيلا ببطلان الصلاة، حيث يشمله قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة «في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه: أيّ ذلك فعل متعمّداً فقد نقض صلاته، وعليه الإعادة...»(1) .

   إذ المراد من الموصولِ الصلاةُ، فهو في هذه الصلاة يعلم بأنّه إمّا أجهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه، والمفروض أنّه فعل ذلك متعمّداً، فعليه الإعادة. فلا يقاس المقام بالفرض المتقدّم، لعدم العلم فيه بالنسبة إلى كل صلاة باعتبار الجهر أو الإخفات.

   ويمكن دفع الإشكال المذكور أيضاً بعدم وضوح إرادة الصلاة من الموصول بل الظاهر أنّ المراد به هي القراءة التي تتّصف بالجهر والإخفات. فالعبرة بملاحظة القراءة في كلّ ركعة بحيالها، لا مجموع الصلاة، ولا شك في أنّه حين القراءة في كلّ من الركعتين غير عالم باعتبار الجهر أو الإخفات فيها، فيكون جاهلا باعتبارهما في كلّ من الركعتين، كما هو الحال بالنسبة إلى كلّ من الصلاتين في الفرض السابق.

   فالمقتضي إذن قاصر في كلتا الصورتين، فيرجع إلى الإطلاق في صحيحة علي ابن أسباط، ومع الشكّ والترديد في المراد من الموصول وأنّه الصلاة أو القراءة يكون المرجع أيضاً هو إطلاق الصحيحة، لإجمال صحيحة زرارة المتقدّمة، فلا تنهض لتقييد الإطلاق.

   فتحصّل: أنّ الأظهر هو سقوط اعتبار الجهر والإخفات في الفائتة المردّدة والحكم بثبوت التخيير في ذلك بين الجهر والإخفات مطلقاً.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6: 86/ أبواب القراءة في الصلاة ب 26 ح 1.

ــ[151]ــ

   [1798] مسألة 22: إذا علم أنّ عليه اثنتين من الخمس مردّدتين في الخمس من يوم (1) وجب عليه الإتيان بأربع صلوات، فيأتي بصبح إن كان أوّل يومه الصبح، ثمّ أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر، ثمّ مغرب، ثمّ أربع ركعات مردّدة بين العصر (2) والعشاء.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   هذا كلّه على تقدير اعتبار الترتيب في قضاء الفوائت المستلزم ذلك للترديد في كون الفائتة الاُولى بوصف كونها اُولى هل هي جهرية أو إخفاتية، وأمّا على تقدير عدم اعتباره كما هو الصحيح على ما تقدّم(1) فاللازم مراعاة الجهر والإخفات، لعدم الترديد في ذلك حينئذ. فمن فاتته ظهر وعشاء صلّى الظهر إخفاتاً والعشاء جهراً وإن علم بتأخّر الاُولى في الفوت عن الثانية فضلا عمّا إذا كان جاهلا بالسابق منهما واللاحق، لعدم اعتبار الترتيب بين الصلاتين، فلا يحصل الترديد بين الجهر والإخفات في القضاء.

   وهذه إحدى الثمرات المهمّة المترتّبة على القولين، إذ تجب مراعاة الجهر والإخفات على القول بعدم اعتبار الترتيب، ويسقط ذلك بناء على اعتباره.

   (1) لا يخفى أنّ الفقيه ليس من شأنه إلاّ بيان كبرى المسألة مثل اعتبار الترتيب في قضاء الفوائت وعدمه، والاكتفاء بأربع ركعات عمّا فاته من الرباعية عند الجهل بحال الفائتة، وعدم اعتبار الجهر والإخفات في قضاء الفائتة المردّدة بينهما، ونحو ذلك.

   وأمّا تطبيق الكبريات على صغرياتها فليس ذلك من شأنه، بل لا عبرة بنظره في هذا الباب، وربما يشتبه الأمر في ذلك عليه كما وقع ذلك للماتن (قدس سره) في هذه المسألة والمسألة الثالثة والعشرين، ولأجل ذلك لزمنا التنبيه على مواضع الاشتباه.

   (2) وذلك لجواز كون الفائتتين هما الظهران، فتقع الأربع الاُولى حينئذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 136 وما بعدها.

ــ[152]ــ

وإن كان أوّل يومه الظهر أتى بأربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء (1) ثمّ بالمغرب، ثمّ بأربع ركعات مردّدة بين العصر والعشاء (2) ثمّ بركعتين للصبح.

   وإن كان مسافراً يكفيه ثلاث صلوات، ركعتان مردّدتان بين الصبح والظهر والعصر (3) ومغرب ثمّ ركعتان مردّدتان بين الظهر والعصر والعشاء (4) إن كان أوّل يومه الصبح، وإن كان أول يومه الظهر تكون الركعتان الاُوليان مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، والأخيرتان مردّدتان بين العصر والعشاء والصبح. وإن لم يعلم أنّه كان مسافراً أو حاضراً أتى بخمس صلوات، فيأتي في الفرض الأوّل بركعتين مردّدتين بين الصبح والظهر والعصر، ثم أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر ثم المغرب، ثم ركعتين مردّدتين بين الظهر والعصر والعشاء، ثم أربع ركعات مردّدة بين العصر والعشاء. وإن كان أوّل يومه الظهر فيأتي بركعتين مردّدتين بين الظهر والعصر((1)) (5)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظهراً والثانية عصراً.

   (1) لا حاجة إلى ملاحظة العشاء بعد فرض الإتيان بعد المغرب برباعية مردّدة بينها وبين العصر.

   (2) وإنّما لم يذكر الظهر للاستغناء عنها على تقدير فوتها بالرباعية الاُولى.

   (3) لاحتمال انطباق الفائتة الاُولى على كلّ واحدة منها.

   (4) وإنّما لم يذكر الصبح للاستغناء عنها على تقدير فوتها بالثنائية الاُولى ومنه يظهر الوجه في الفروض الآتية.

   (5) لابدّ من ضمّ العشاء أيضاً، لجواز كون الفائتتين هما العشاء قصراً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل بالمردّدتين بين الظهر والعصر والعشاء، ولعلّ السقط من النسّاخ.

ــ[153]ــ

وأربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثمّ المغرب، ثمّ ركعتين مردّدتين بين العصر والعشاء والصبح، ثمّ أربع ركعات مردّدة بين العصر والعشاء.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net