شروط طهارة ماء الاستنجاء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9077


    شرائط طهارة ماء الاستنجاء :

   (1) وإلاّ فهو محكوم بالنجاسة ، لعموم ما دلّ على نجاسة الماء المتغير بأوصاف النجس ، والسر في هذا الاشتراط هو أن السؤال والجواب في روايات الباب ناظران إلى ناحية ملاقاة الماء القليل للعذرة فحسب ، ولا نظر لهما إلى سائر الجهات ، لأن انفعال القليل بالملاقاة كان مرتكزاً في أذهان الرواة ولأجله سألوهم عن حكم الماء القليل في الاستنجاء الملاقي لعين النجس وأجابوا بعدم انفعاله ، فلا يستفاد منها طهارته فيما إذا تغيّر بأوصاف النجس أيضاً ، فان التغيّر ليس أمراً غالبياً في ماء الاستنجاء بل هو نادر جداً فيخرج عن إطلاقات الأخبار لا محالة .

   ثم إن أبيت عن ذلك وجمدت على ظواهر الأخبار بدعوى أنها مطلقة ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في طهارة ماء الاستنجاء بين صورتي تغيره وعدمه ، وأغمضت عن عموم ما دلّ على نجاسة الماء المتغيّر ، وعدم معهودية ماء متغيّر لم يحكم عليه بالنجاسة شرعاً من القليل والكثير وماء الأنهار والآبار والأمطار ، ولم تلتفت إلى أن السؤال والجواب في الأخبار ناظران إلى عدم سببية ملاقاة النجاسة للانفعال في ماء الاستنجاء .

   قلنا : إن النسبة على هذا بين أخبار ماء الاستنجاء ، وما دلّ على نجاسة الماء المتغيّر عموم من وجه، لأن الطائفة الاُولى تقتضي طهارة ماء الاستنجاء مطلقاً تغيّر بالنجس

 

ــ[321]ــ

   الثاني : عدم وصول نجاسة إليه من خارج (1) .

   الثالث : عدم التعدي الفاحش على وجه لا يصدق معه الاستنجاء (2) .

   الرابع : أن لا يخرج مع البول أو الغائط نجاسة اُخرى مثل الدم (3) . نعم ، الدم

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أم لم يتغيّر به ، كما أن الطائفة الثانية دلت على نجاسة الماء المتغيّر كذلك سواء استعمل في الاستنجاء أم لم يستعمل ، فتتعارضان بالاطلاق في مادّة الاجتماع ، والترجيح مع الطائفة الثانية لأن فيها ما هو عام وهو صحيحة حريز : «كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب ...» (1) وبما أن دلالته بالوضع فيتقدم على إطلاق الطائفة الاُولى لا محالة ، وبذلك يحكم بنجاسة ماء الاستنجاء عند تغيّره بأوصاف النجس .

   (1) بأن كانت يده متنجسة قبل الاستنجاء أو كان المحل كذلك أو تنجس بشيء أصابه حال الاستنجاء ، والوجه في هذا الاشتراط هو أن أدلّة طهارة ماء الاستنجاء إنما تقتضي عدم انفعاله بملاقاة عين الغائط أو البول حال الاستنجاء ، وأمّا عدم انفعاله بوصول النجاسة إليه خارجاً فلم يقم عليه دليل ، فيشمله عموم انفعال الماء القليل بملاقاة النجس .

   (2) هذا في الحقيقة مقوّم لصدق عنوان الاستنجاء وليس من أحد الشروط وإنما ذكروه تنبيهاً ، وحاصله اعتبار أن يكون الماء المستعمل مما يصدق عليه أنه ماء مستعمل في الاستنجاء ـ الذي هو بمعنى غسل موضع الغائط المعبّر عنه بالنجو ـ وهذا إنما يصدق فيما إذا لم يتجاوز الغائط عن الموضع المعتاد ، وأمّا إذا تجاوز عنه كما إذا كان مبتلى بالاسهال فأصاب الغائط فخذه أيضاً ، فلا يصدق على غسل الفخذ عنوان الاستنجاء بوجه فيبقى الماء تحت عموم ما دلّ على انفعال الماء القليل ، ولعلّ هذا مما لا خلاف فيه .

   (3) بمعنى أنه كما يشـترط في طهارة ماء الاسـتنجاء أن لا تصل إليه نجاسـة من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 137 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 1 .

ــ[322]ــ

الذي يعد جزءاً من البول ((1)) أو الغائط لا بأس به (1) .

   الخامس : أن لايكون فيه الأجزاء من الغائط(2) بحيث يتميز أمّا إذا كان معه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخارج ، كذلك يشترط فيها عدم وصول النجاسة إليه من الداخل ـ  كالدم الخارج مع الغائط أو البول  ـ وهذا كما أفادوه ، لما مرّ من أن الاستنجاء بمعنى غسل موضع النجو وهو الغائط ، وأمّا غسل الدم فهو ليس من الاستنجاء في شيء .

   (1) لا وجه لهذا الاستثناء ، لأن الدم الخارج من الغائط مثلاً إن كان منعدماً في ضمنه بالاستهلاك فلا كلام في طهارة الماء حينئذ ، إلاّ أنه خارج عن اختلاط الدم بالغائط حيث لا دم ليعد جزءاً من الغائط . وأمّا إذا لم يستهلك فيه وكان موجوداً معه فتعود المناقشة المتقدمة ويقال : الاستنجاء بمعنى غسل موضع النجو ، ولا يصدق على غسل الدم وموضعه ، فلا مناص من الحكم بنجاسته فهذا الاستثناء مشكل .

   وأشكل منه ما إذا خرج الدم مع البول ، وذلك لأنه لم يدل دليل لفظي على الماء المستعمل في إزالته ، إذ الاستنجاء كما مرّ بمعنى غسل موضع النجو أو مسحه بالأحجار ، والنجو هو ما يخرج من الموضع المعتاد من غائط أو ريح وهو لا يشمل البول . وغسله ليس من الاستنجاء في شيء إلاّ أ نّا ألحقنا البول بالغائط من جهة الملازمة العرفية ، لعدم معهودية الاستنجاء من الغائط في مكان ، ومن البول في مكان آخر إذا العادة جرت على الاستنجاء منهما في مكان واحد ، وقد حكم على الماء المستعمل في إزالتهما بالطهارة ، فيستفاد من ذلك طهارة الماء المستعمل في إزالة البول أيضاً ، والمقدار المسلّم من هذه الملازمة هو طهارة الماء المستعمل في إزالة نفس البول . وأمّا المستعمل في البول مع الدم فلم تتحقق فيه ملازمة ، فان خروج الدم معه أمر قد يتفق ، وليس أمراً دائمياً أو غالبياً ، فلا يمكن الحكم بطهارته .

   (2) والوجه في هذا هو أنّ المتعارف في الإستنجاء ما إذا بقي من النجاسة في الموضع شيء يسير بحيث لا يوجد شيء من أجزائها المتمايزة في الماء وهو الذي حكمنا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على نحو يستهلك في البول أو الغائط .

ــ[323]ــ

دود أو جزء غير منهضم من الغذاء أو شيء آخر لا يصدق عليه الغائط فلا بأس به .

   [ 136 ] مسألة 3 : لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء سبق الماء على اليد وإن كان أحوط (1) .

   [ 137 ] مسألة 4 : إذا سبق بيده بقصد الاستنجاء ثم أعرض ثم عاد لا بأس إلاّ إذا عاد بعد مدة ينتفي معها صدق التنجس بالاستنجاء فينتفي حينئذ حكمه (2) .

   [ 138 ] مسألة 5 : لا فرق في ماء الاستنجاء بين الغسلة الاُولى والثانية في البول الذي يعتبر فيه التعدّد (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه بالطهارة ، وأمّا إذا كان الباقي في الموضع كثيراً خارجاً عن العادة على نحو وجد بعض أجزائها في الماء متميزاً حين الاستنجاء أو بعد الفراغ عنه ، فلا يمكن الحكم فيه بطهارة الماء وذلك لأن الأجزاء الموجودة في الماء نجاسة خارجية ، وملاقاتها توجب الانفعال فلا مناص من الحكم بنجاسته . وأمّا ما دلّ على طهارة ماء الاستنجاء فهو إنما دلّ على أن ملاقاة الماء القليل لعين النجاسة في موضعها لا توجب الانفعال ، دون ما إذا كانت الملاقاة في غير موضع النجس .

   (1) هذا هو الشرط السادس الذي اشترطه بعضهم في طهارة ماء الاستنجاء إلاّ أن جملة من المحققين (قدس الله أسرارهم) لم يرتضوا باشتراطه ، وهو الصحيح فان كلاً من سبق الماء على اليد وسبق اليد على الماء أمر متعارف في الاستنجاء ، والاطلاق يشملهما وهو المحكم في كلتا الصورتين. نعم، لو أصابت يده الغائط لا لأجل الاستنجاء بل بداعي أمر آخر لم يحكم عليها بالطهارة ، لعدم صدق الاستنجاء عليه .

   (2) لأجل عدم صدق الاستنجاء في حقه .

   (3) ليس الوجه في ذلك هو الاطلاق كما في بعض الكلمات ، حيث لا دليل لفظي على طهارة الماء المستعمل في إزالة البول حتى يتمسك باطلاقه، بل مستنده هو الملازمة العرفية التي قدمنا تقريبها آنفاً ، فان العادة جرت على الاستنجاء من البول والغائط في

ــ[324]ــ

   [ 139 ] مسألة 6 : إذا خرج الغائط من غير المخرج الطبيعي فمع الاعتياد كالطبيعي ((1)) ومع عدمه حكمه حكم سائر النجاسات في وجوب الاحتياط من غسالته (1) .

   [ 140 ] مسألة 7 : إذا شكّ في ماء أنه غسالة الاستنجاء أو غسالة سائر النجاسات يحكم عليه بالطهارة ((2)) (2) وإن كان الأحوط الاجتناب .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مكان واحد مرة أو مرتين ، وقد حكم على المستعمل في إزالتهما بالطهارة .

   (1) قد فصّل الماتن (قدس سره) بين ما إذا كان خروج الغائط من غير الموضع المعتاد اعتيادياً ، كما إذا انسد مخرجه لمرض أو علاج ، وجعلت له ثقبة اُخرى ليخرج منها غائطه فحكم فيه بطهارة الغسالة ، وما كان خروجه عنه اتفاقياً ، كما إذا أصاب بطنه سكين فخرج من موضع إصابته غائط فحكم في غسالته بالنجاسة ، لأنه أمر اتفاقي لا يطلق عليه الاستنجاء .

   ولكن ما أفاده في نهاية الإشكال ، لأن الاستنجاء لا يصدق على غسل موضع الغائط أو مسحه في ما إذا خرج من غير موضعه ، إذ النجو هو ما خرج من الموضع المعتاد من ريح أو غائط ، وليس معناه مطلق ما خرج من البطن ، فالغائط الخارج من غير موضعه ليس بنجو ، وغسله أو مسحه لا يسمى استنجاء ، من دون فرق في ذلك بين كون الموضع العرضي اعتيادياً وعدمه ، هذا ولا أقل من انصراف الأخبار إلى الاستنجاء المتعارف .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net