العلم الاجمالي بنجاسة الماء أو غصبيته 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6473


    العلم الإجمالي بتنجس الماء أو غصبيته :

   (3) للعلم بحرمة شربه وبعدم جواز الوضوء به إما من جهة كونه نجساً وإما لكونه غصباً .

   (4) ذهب إلى ذلك بعض المحققين وهو الشيخ محمد طه نجف وتبعه المحقق الشيخ علي آل صاحب الجواهر (قدس سرهما) في هامش المتن ، وقد جوّزا التوضؤ بالماء في مفروض المسألة ومنعا عن شربه ، وقد بنيا هذه المسألة على ما ذكره المشهور في مبحث اجتماع الأمر والنهي ، وادعى عليه الاجماع في مفتاح الكرامة من أن الغصب لا يمنع عن صحة العبادة بوجوده الواقعي ، وإنما يمنع عنها بوجوده العلمي المحرز للمكلف ، وبما أن الغصب غير محرز في المقام لا على نحو التفصيل وهو ظاهر . ولا على نحو الاجمال لأن العلم الاجمالي إنما يتعلق بالجامع بين الأطراف أعني الجامع بين الغصب والنجس ، ولم يتعلق بخصوص الغصب ولا بخصوص النجس وعليه فلا يترتب أثر على أحد طرفي العلم الاجمالي في المقام ، لعدم بطلان الوضوء على تقدير كون الماء مغصوباً . نعم ، يبطل على تقدير كونه نجساً ، إلاّ أن نجاسته مشكوك فيها ومقتضى أصالة الطهارة طهارته من جهة التوضؤ به .

ــ[344]ــ

   وبتقريب آخر : تنجيز العلم الاجمالي يتوقف على تعارض الاُصول في أطرافه وتساقطها ومع عدم جريانها لا يكون مؤمّن في البين ، واحتمال التكليف من دون مؤمّن يقتضي تنجز الواقع فلا محيص من الاحتياط ، وليس الأمر كذلك في المقام فان حرمة شربه لا شك فيها ، وأصالة الاباحة لصحة الوضوء به لا مجرى لها في نفسها لما مرّ من أن الغصب بوجوده الواقعي غير مانع من صحة العبادة فلا تجري فيه أصالة الاباحة للقطع بصحة العبادة معه ، فتبقى أصالة الطهارة بالنسبة إلى الوضوء بلا معارض ، ومقتضاها جواز الوضوء به .

   وبما ذكرناه في تقريب ما ذهبا إليه يندفع ما قد يورد عليهما من النقض بما إذا علم إجمالاً بغصبية أحد الماءين ، فانّه لا خلاف عندهم في عدم جواز التوضؤ من الماءين حينئذ والمقام أيضاً كذلك .

   والوجه في الاندفاع أن الغصبية في المثال محرزة وواصلة إلى المكلف بالعلم الاجمالي وبه تتنجز في حقه ، ويجب الاجتناب عن المغصوب من الماءين ، وقد عرفت أن الغصب المحرز بشيء من علمي التفصيلي والاجمالي مانع عن صحة العبادة .

   فالصحيح في دفع ذلك أن يقال : أوّلاً : أن ما ذهبا إليه فاسد مبنى ، ولا يمكن المساعدة عليه بوجه ، لما بيّناه في بحث اجتماع الأمر والنهي (1) من أ نّا إذا قلنا بالامتناع وتقديم جانب الحرمة ، وكانت المبغوضية ناشئة عن مثل الماء في الوضوء والمكان في المسجد ، فلا محالة تكون المبغوضية مانعة عن صحة العبادة بوجودها الواقعي وإن لم يعلم بها المكلف ، وذلك لعدم امكان التقرب بما هو مبغوض واقعاً .

   وثانياً : أن تطبيق المبنى المتقدم ـ لو تمّ في نفسه ـ على محل الكلام غير صحيح وذلك لأن الغصب بوجوده الواقعي وإن لم يمنع عن صحة العبادة كما هو المفروض ، إلاّ أنه مانع لا محالة عن جواز سائر التصرفات من رشّه واستعماله في إزالة القذارة وسقيه للحيوان أو للمزارع وغيرها من الانتفاعات لحرمة التصرف في مال الغير من دون اذنه ، كما أن النجاسة الواقعية مانعة عن صحة العبادة بلا خلاف . ومن هذا يتولّد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 4 : 233 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net