الشك في شرائط الصلاة - الشك في أفعال الصلاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4639


ــ[128]ــ

   [ 2029 ] مسألة 9 : إذا شكّ في بعض شرائط الصلاة فامّا أن يكون قبل الشروع فيها أو في أثنائها أو بعد الفراغ منها، فإن كان قبل الشروع فلابدّ من إحراز ذلك الشرط ولو بالاستصحاب ونحوه من الاُصول، وكذا إذا  كان في الأثناء، وإن كان بعد الفراغ منها حكم بصحّتها وإن كان يجب إحرازه للصلاة الاُخرى ، وقد مرّ التفصيل في مطاوي الأبحاث السابقة (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومنه تعرف الحال في الصحيحة السـابقة ، فانّ موردها النقض أيضاً ولو بقرينة الروايات الواردة في كثير الشكّ في الأجزاء الناهية عن الاعتناء كموثّقة عمّار المتقدّمة ، بناءً على ما استظهرنا منها ـ كما مرّ ـ من الدلالة على البطلان وانتقاض الصلاة لو اعتنى بشكّه من أجل الزيادة العمدية ، فقياس ما عدا ذلك عليه قياس مع الفارق . فلا وجه للتعدّي عن مورد الصحيحتين .

   إذن يبقى عموم أدلّة الشكوك شرعيّها وعقليّها سليماً عن المخصّص ، ولعلّه من أجل ذلك لم يلتزم الفقهاء باجراء حكم الشكّ المتعلّق بالأجزاء أو الركعات فيما عداهما ، بل بنوا على الاعتناء .

   (1) بعدما فرغ (قدس سره) عن بيان حكم الشكّ في أصل الصلاة تعرّض (قدس سره) في هذه المسألة لحكم الشكّ في الشرائط ، وفي المسائل الآتية لحكم الشكّ في الأجـزاء . فذكر (قدس سره) أنّ الشكّ في الشرط قد يكون قبل الشروع في الصلاة ، واُخرى أثناءها ، وثالثة بعد الفراغ منها .

   أمّا في الأخير :  فلا إشكال في عدم الاعتناء والبناء على الصحّة ، لقاعدة الفراغ المستفادة من الروايات الكثيرة كما هو مقرّر في محلّه (1) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 262 وما بعدها .

ــ[129]ــ

   وأمّا في الأوّل :  فلابدّ من إحراز الشرط ولو بالأصل من استصحاب ونحوه إذ الشكّ في الشرط شكّ في المشروط ، وهو مانع عن إحراز الامتثال الذي لابدّ من اليقين به في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم .

   وأمّا في الثاني :  فان كان محرزاً للشرط فعلاً وقد شكّ في تحقّقه بالإضافة إلى الأجزاء السابقة كما لو رأى نفسه متوجّهاً نحو القبلة وشكّ في كونه كذلك قبل ذلك ، لا مانع حينئذ من جريان قاعدة التجاوز في الأجزاء السابقة ، فتكون صحّتها محرزة بالتعبّد وصحّة اللاّحقة بالوجدان ، فيحكم بصحّة الصلاة بضمّ الوجدان إلى الأصل .

   وأمّا إذا لم يحرزه بالفعل كما لو كان شاكاً في الطهارة وجب الاعتناء ، لعين ما مرّ في الأوّل من لزوم إحراز الشرط ، عملاً بقاعدة الاشتغال .

   وربما يقال ـ كما عن بعض ـ بأنّ الشكّ في الطهارة في الأثناء لا يستوجب البطلان ، بل يتوضّأ ويبني على صلاته بعد إجراء قاعـدة التجاوز بالنسبة إلى الأجزاء السابقة .

   وفيه ما لا يخفى ، فانّه خلط بين ما هو شرط للجزء وما يكون شرطاً في أصل الصلاة ، ففي الأوّل يتمّ ما اُفيد كما في مثال القـبلة المتقدّم ، وكما لو شكّ حال القراءة في القيام حال التكبير الذي هو شرط في صحّته ، بل هو ركن كما مرّ (1) ، فيبني على صحّة الجزء السابق بقاعدة التجاوز ، ويحرز الشرط للجزء اللاّحق بالوجدان ، فتصحّ الصلاة بضمّ الوجدان إلى الأصل كما عرفت .

   وأمّا الطهارة فهي من قبيل الثاني ، حيث إنّها شرط في تمام حالات الصلاة بما فيها من الأكوان المتخلّلة بين الأجزاء ، وليست شرطاً في الأجـزاء خاصّة بل في الأكوان أيضاً وإن لم تكن هي من الصـلاة . فما دام المصلّي في الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 52 .

ــ[130]ــ

[ 2030 ] مسألة 10 : إذا شكّ في شيء من أفعال الصلاة فامّا أن يكون قبل الدخول في الغير المرتّب عليه وإمّا أن يكون بعده (1) ، فإن كان قبله وجب الإتيان كما إذا شكّ في الركوع وهو قائم ، أو شكّ في السجدتين أو السجدة الواحدة ولم يدخل في القـيام أو التشهّد ، وهكذا لو شكّ في تكبيرة الإحرام ولم يدخل فيما بعدها، أو شكّ في الحمد ولم يدخل في السورة ، أو فيها ولم يدخل في الركوع أو القنوت . وإن كان بعده لم يلتفت وبنى على أ نّه أتى به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومتشاغلاً بها يجب أن يكون متطهّراً. وعليه ففي حالة الاشتغال بالتوضي ـ  التي هي كون صلاتي حسب الفرض ـ غير محرز للشرط ، فلا يمكن تحصيله بالتوضي في الأثناء ، بل لا مناص من إعادة الصلاة بعد تحصيل الطهارة كما ذكرناه .

   (1) الشكّ في جزء من أفعال الصلاة قد يكون بعد تجاوز المحلّ المتحقّق بالدخول في الغير المترتّب عليه كما لو شكّ في القراءة بعدما ركع ، أو في الركوع بعدما سجد . وقد يكون قبل التجاوز كما لو شكّ في الركوع وهو قائم ، أو في السجود ولم يدخل في القيام أو التشهد . ففي الأوّل لم يلتفت وبنى على أ نّه أتى به ، وفي الثاني يجب الاعتناء والإتيان بالمشكوك فيه .

   ويدلّ على الحكمين مضافاً إلى التسالم وعدم الخلاف جملة وافرة من النصوص المعتبرة التي منها صحيحة زرارة المتكفّلة لكلا الحكمين، قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل شكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة ، قال : يمضي ، قلت : رجل شكّ في الأذان والإقامة وقد كبّر، قال : يمضي، قلت : رجل شكّ في التكبير وقد قرأ ، قال : يمضي ، قلت : شكّ في القراءة وقد ركع ، قال : يمضي ، قلت : شكّ في الركوع وقد سجد ، قال : يمضي على صلاته ، ثمّ قال : يا زرارة إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» (1) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 237 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net