الرابع : الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الإكمال 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4320


ــ[194]ــ

   الرابع : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الإكمال ، فانّه يبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمذهب العامّة ، لاستقرار رأيهم على العمل بالاسـتصحاب في باب الركعات (1) فتحملان على التقيّة ، فتبقى تلك النصوص المتضمّنة للبناء على الأكثر سليمة عن المعارض ، فيتعيّن العمل بها كما عليه المشهور .

   (1) فان كانت ثنتين كانت الركعـتان من قيام جابرتين ، وإن كانت ثلاثاً فالركعتان من جلوس عوض عن الركعة الناقصة ، ولا يقدح الفصل بالركعتين من قيام، كما لم يقدح تخلّل السلام في الفروض السابقة بعد ورود النصّ المرخص في ذلك . هذا هو المعروف والمشهور .

   وعن الصدوقين(2) وغيرهما أ نّه بعد البناء على الأربع يصلّي ركعة من قيام وركعتين من جلوس ، وقوّاه في الذكرى من حيث الاعتبار ، لأ نّهما تنضمان حيث تكون الصلاة ثنتين ـ ولايقدح الفصل بالسلام بعد ثبوت العفو عنه وعن التكبير في نظائر المقام ـ ويجتزي بأحدهما حيث تكون ثلاثاً (3) . وقيل بالتخيير بين الكيفيّتين أعني ركعتين من قيام وركعتين من جلوس، وبين ركعة قائماً وركعتين جالساً .

   ويستدلّ للمشهور بصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم ـ التي رواها الصدوق في الفقيه ـ قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) رجل لايدري

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حلية العلماء 2 : 160 ، المغني 1 : 711 ، المجموع 4 : 106 .

(2) الفقيه 1 : 230 / 1021 وذيل ح 1024 ، وحكاه عنهما في المختلف 2 : 384 المسألة 272 .

(3) الذكرى 4 : 77 .

ــ[195]ــ

اثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً ؟ فقال : يصلّي ركعتين من قيام ثم يسلّم ، ثمّ يصلّي ركعتين وهو جالس» (1) .

   وهي صريحة في المدعى ، غير أنّ نسخ الفقيه مختلفة ، والموجود في بعضها «ركعة» بدل «ركعتين» ، بل قيل: إنّ نسخة «ركعة» أشهر ضبطاً وإنّ في النسخة الاُخرى تصحيفاً . وعليه فلم تثبت الرواية بذاك المتن كي تصلح للاستدلال .

   ومن هنا عدلوا عنها إلى الاستدلال بمرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في رجل صلّى فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً؟ قال: يقوم فيصلّي ركعتين من قيام ويسلّم، ثمّ يصلي ركعتين من جلوس ويسلّم فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة ، وإلاّ تمّت الأربع»(2).

   ولكن هذا إنّما يتّجه بناءً على حجّية مراسيل ابن أبي عمير وكونها في حكم المسانيد كما عليه المشهور ، وأمّا بناءً على ما هو الصحيح من عدم الفرق بين مراسيله ومراسيل غيره لما شاهدناه من روايته عن الضعاف أحياناً فيشكل الحكم في المقام ، لأنّ ما صحّ سنده غير ثابت المتن ، وما صحّ متنه فهو ضعيف السند .

   فلم يبق حينئذ مستند للقول المشهور من تعيّن الركعتين من قيام وركعتين من جلوس ، بل مقتضى القـاعدة حينئذ التخـيير بين ذلك وبين ركعة قائماً وركعتين جالساً ، أخذاً باطلاق نصوص البناء على الأكثر الدالّة على تتميم ما ظنّ نقصه بعد التسليم كما في موثّقة عمّار ، فانّ إطلاقها يعمّ الكيفيّتين ، لحصول التتميم وجبر النقص المحتمل بكل منهما كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 222 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 13 ح 1 ، الفقيه 1 : 230 / 1021 .

(2) الوسائل 8 : 223 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 13 ح 4 .

ــ[196]ــ

   ولكنّ الذي يهوّن الخطب أ نّه لاينبغي التأمّل في أنّ الصحيح من نسخة الفقيه هي نسخة «ركعتين» ، فانّه (قدس سره) بعد أن روى الصحيحة المذكورة روى ما أسنده عن علي بن أبي حمزة في من لا يدري واحدة صلّى أم ثنتين أم ثلاثاً أم أربعاً أ نّه (عليه السلام) قال : «فليمض في صلاته ويتعوّذ بالله من الشيطان فانّه يوشك أن يذهب عنه» (1) .

   ثمّ روى (قدس سره) باسناده عن سهل بن اليسع عن الرضا (عليه السلام) في ذلك أ نّه قال : «يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ، ويتشهّد تشهّداً خفيفاً» (2) ثمّ قال (قدس سره) : وقد روى «أ نّه يصلّي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس» (3) ، ثمّ قال بعد ذلك : ليست هذه الأخبار بمختلفة ، وصاحب السهو بالخيار بأيّ خبر منها أخذ فهو مصيب (4) انتهى .

   فانّ المشار إليه بقوله : في ذلك ، عند ذكر خبر سهل ليس هو مورد رواية علي بن أبي حمزة جزماً ، فانّ موردها كثير الشكّ كما عرفت سابقاً (5) ، ولا شكّ أنّ مثله لا يبني على اليقين الذي تضمّـنه خبر سهل ، إذ لا قائل به حتّى من العامّة القائلين بالبناء على الأقلّ في باب الشكّ في الركعات ، فانّ هذا الفرد مستثنى عن هذا الحكم لدى الكلّ ، ووظيفته ليست إلاّ المضيّ في الصلاة وعدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 228 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 4 ، الفقيه 1 : 230 / 1022 .

(2) الوسائل 8 : 223 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 13 ح 2 ، الفقيه 1 : 230 / 1023 .

(3) الوسائل 8 : 223 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 13 ح 3 ، الفقيه 1 : 231 / 1024 .

(4) الفقيه 1 : 231 ذيل ح 1024 .

(5) في ص 161 .

ــ[197]ــ

الاعتناء بالشكّ إجماعاً .

   بل هو إشارة إلى مورد رواية ابن الحجاج التي ذكرها أوّلاً ، أعني الشكّ بين الثنتين والثلاث والأربع . ومن هنا نقل في الوسائل رواية سهل وكذا المرسلة التي بعدها عقيب رواية ابن الحجاج ، لاستفادته اتحاد مورد الكلّ ، وأفرد رواية ابن أبي حمزة في باب آخر كما مرّ . ونعم ما صنع .

   وبالجملة :  فالمرسلة كرواية سهل كلتاهما واردتان في مورد صحيحة ابن الحجاج قطعاً، وعليه فلا بدّ من مغايرة مضمون المرسلة مع الصحيحة كي تصح المقابلة ويتّجه حكمه (قدس سره) بالخيار بين الأخذ بأيّ منها شاء، وحيث إنّ المرسلة متضمّنة للركعة فيكشف ذلك عن أنّ متن الصحيحة هو (الركعتين) وأنّ النسخة الصحيحة هي المشتملة على هذا اللفظ جزماً .

   وأمّا هذه الروايات الثلاث التي ذكرها الصدوق وأفتى بالتخيير في العمل بمضمونها فالمرسلة منها من أجل إرسالها غير صالحة للاعتماد ، فيدور الأمر بين صحيحة (1) ابن الحجاج ورواية سهل التي هي أيضاً صحيحة ، ولكن الثانية من أجل موافقتها للعامّة تحمل على التقية ، فيتعيّن العمل بالاُولى ، المؤيّدة بمرسلة ابن أبي عمير . فما عليه المشهور هو المتعيّن .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يخفى أنّ في طريق الصدوق إلى عبدالرحمن بن الحجاج في المشيخة [ أي في الفقيه 4 (المشيخة) : 41 ] أحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، وهو مجهول عند سيّدنا الاُستاذ كما صرّح به في المعجم 3 : 122 / 932 فالطريق ضعيف ، ولكنّه (دام ظله) بالرغم من ذلك يرى صحّة الرواية ، نظراً إلى أنّ الراوي عنه في الطريق المزبور هو الحسن بن محبوب وابن أبي عمير ، وللشيخ الصدوق (قدس سره) طريق صحيح إلى جميع كتبهما ورواياتهما كما يظهر ذلك بمراجعة الفهرست [  : 46 / 151 ، 142 / 607 ] وبذلك يصبح طريق الصدوق إلى جميع روايات عبدالرحمن الواردة في الفقيه صحيحاً أيضاً فلاحظ .

ــ[198]ــ

والأحوط تأخير الركعتين من جلوس ((1)) (1) .
ــــــــــــــــــــــــ

   (1) بل هو الأظهر ، لاشتمال الصحيحة وكذا المرسلة على العطف بـ «ثمّ» الظاهر في الترتيب ولزوم التأخير ، ولا موجب لرفع اليد عن هذا الظهور ، فلو عكس وقدم الركعتين من جلوس وصادف نقص الصلاة ركعتين لم يكن ثمة مؤمّن عن هذه الزيادة الفاصلة بين الصلاة الأصلية وبين الركعتين من قيام بعد كونه على خلاف ظاهر الدليل . فمقتضى الجمود على ظاهر النصّ تعيّن ذلك وعدم جواز العكس .
ـــــــــــــــ

(1) بل هو الأظهر ، وأمّا إذا كانت وظيفته الصلاة عن جلوس فيحتاط بالإتيان بركعتين عن جلوس ثمّ بركعة عن جلوس .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net