بحث في مراسيل ابن أبي عمير 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7339


   وعن الثاني :  تارة بأنّ ابن أبي عمير قد روى في موضع آخر عن سفيان نفسه بلا واسطة، وهو في كتاب الزيّ والتجمّل من الكافي(1) ، وحيث إنّه لايروي إلاّ عن ثقة كما عرفت فروايته عنه توثيق له .

   واُخرى بأ نّه من أصحاب الإجماع الذي ادّعى الكشي الاتّفاق على تصحيح ما يصحّ عنهم(2) . فجهالته غير قادحة بعد اشتمال السند على مَن هو من أصحاب الإجماع المتّفق على العمل برواياتهم وعدم النظر في من بعدهم .

   أقول : والكلّ كما ترى . أمّا الجواب الأوّل ودعوى أنّ ابن أبي عمير لايرسل ولا يروي إلاّ عن الثقة فالأصل في هذه الدعـوى هو الشيخ في كتاب العدة حيث ادّعى تسوية الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان وأحمد بن محمّد بن أبي نصر وأضرابهم ممّن عرفوا بأ نّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة ، وبين ما أسـنده غيرهم (3) . وتبعه في ذلك من تبعه ممّن تأخّر عنه ، ولم يوجد من هذه الدعوى في كلمات المتقدّمين عليه عين ولا أثر .

   والظاهر أنّ هذا اجتهاد منه استنبطه من دعوى الكشي الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء ، فتخيّل أنّ هذا توثيق للرواة وأنّ منشأ الإجماع هو أنّ هؤلاء لا يروون إلاّ عن ثقة ، وإلاّ فلو كان أمراً ثابتاً في نفسه ومعروفاً متسالماً عليه بين الأصحاب لذكره غيره ، ولم يذكر كما مرّ .

   ولكنّه بمراحل عن الواقع ، والإجماع يشير إلى معنى آخر كما ستعرف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي 6 : 504 / 1 .

(2) رجال الكشي : 556 / 1050 .

(3) عدّة الاُصول 1  : 58 السطر 7 .

ــ[363]ــ

   ويكشـف عمّا ذكرناه من الاجـتهاد أ نّه (قدس سره) عطف على الثلاثة المذكورين قوله : وأضرابهم، فإلى من يشير بالأضراب غير أصحاب الإجماع ؟ ولم يدّع أحد تلك الدعوى في حقّ غير هؤلاء الثلاثة ، والشيخ بنفسه أيضاً لم يدّع ذلك .

   وممّا يدلّ على أ نّه اجتهاد رجوعه عنه بنفسه ، حيث إنّه ناقش في رواية ابن أبي عمير في بعض الموارد(1) بقوله في كلا الكتابين: فأوّل ما فيه أ نّه مرسل، وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة . وكذا في رواية عبدالله بن المغيرة (2) وغيره من أصحاب الإجماع . فلو تمّت تلك الدعوى وكانت من المتسالم عليها فكيف التوفيق بينها وبين هذه المناقشة .

   ويزيدك وضوحاً في بطلان الدعوى من أصلها أنّ ابن أبي عمير روى عن عدّة أشخاص ضعّفهم الشيخ بنفسه وكذا النجاشي كعلي بن أبي حمزة البطائني والحسـين بن أحمد المنقري وعلي بن حديد ويونس بن ظبيـان ، وهكذا في صفوان وابن أبي نصر . وليت شـعري مع تصريح الشيخ بضعف هؤلاء كيف يدّعي أ نّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة . فاذا ثبتت رواية ابن أبي عمير وغيره عن الضعيف ولو في مورد واحد ـ أمّا عن المجهول فكثير جدّاً ـ فمن الجائز عند روايته عن رجل مرسلاً أن يكون المراد به هو ذاك الضعيف ، ولا دافع لهذا الاحتمال ، فتكون الرواية من قبيل الشبهة المصداقية .

   وبعين هذه المناقشة ناقش المحقّق في المعتبر ـ في آداب الوضوء ـ بالنسبة إلى مراسيل ابن أبي عمير (3) ، ونعم ما تفطّن له .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منها ما في التهذيب 8 : 257 ذيل ح 932 والاستبصار 4 : 27 ذيل ح 87 .

(2) التهذيب 1 : 415 ذيل ح 1309 ، الاستبصار 1 : 7 ذيل ح 6 .

(3) المعتبر 1 : 165 .

ــ[364]ــ

   وعلى الجملة :  فهذه الدعوى ساقطة جزماً وغير قابلة للتصديق . فالمناقشة الاُولى متينة وفي محلّها ، ولا مدفع عنها .

   ومنه تعرف ما في الجواب الأوّل عن المناقشة الثانية ، فانّه لم يثبت أنّ ابن أبي عمير لا يروي إلاّ عن ثقة ، بل ثبت عـدمه بشهادة الشيخ والنجاشي كما عرفت . إذن فروايته عن سفيان بلا واسطة لا تدلّ على توثيقه بوجه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net