فضلة ما لا نفس له 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7248


    فضلة ما لا نفس له

   (1) قد اختلفوا في نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه مما لا نفس له كالأسماك المحرمة والسلحفاة ـ ولها بول كثير ـ فذهب المشهور إلى طهارة بوله وخرئه ، وتردد المحقق في طهارتهما في بعض كتبه (1) ، والكلام في مدرك ما ذهب إليه المشهور ، لأن مقتضى إطلاق ما دلّ على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه أو عمومه أعني روايتي عبدالله بن سنان (2) عدم الفرق في نجاستها بين كونها مما له نفس سائلة وعدمه ، فلا بدّ في إخراج ما لا نفس له من ذلك الاطلاق أو العموم من إقامة الدليل عليه .

   فقد يتمسك في ذلك بالانصراف بدعوى : أن لفظتي البول والخرء منصرفتان عن بول ما لا نفس له وخرئه ، لأنهما منه بمنزلة عصارة النبات . وفساد هذا الوجه بمكان من الوضوح ، فانّه لا مدخلية لكون الحيوان مما له نفس أو مما لا نفس له في صدق عنوان البول على بوله أو الخرء على مدفوعه ، فهذا الوجه مما لا يعتنى به .

   والذي ينبغي أن يقال : إنه لا اشكال في طهارة الخرء مما لا نفس له لقصور ما يقتضي نجاسته ، لما مرّ من أن نجاسته في الحيوانات المحرمة التي لها نفس سائلة مستندة إلى عدم الفرق بين بولها وخرئها بالارتكاز ، والارتكاز مختص بما له نفس سائلة ، وعليه فالخرء من الحيوانات التي لا نفس لها خارج عن محل الكلام ، والنزاع مختص ببوله . وإذا قد عرفت ذلك فنقول :

   إنّ الحيوانات المحرمة التي لا نفس لها إذا كان لها لحم معتد به كالأسماك المحرمة والحيات ونحوهما ، فلا محالة يشملها عموم ما دلّ على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه أو اطلاقه لأنها من أفراده ، وإذا لم يكن لها لحم كذلك كالخنفساء والذباب وأمثالهما لم يحكم بنجاسة بولها ، لأنها خارجة عمّا دلّ على نجاسة بول الحيوانات المحرمة ، فان في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرائع الاسلام 1 : 51 .

(2) الوسائل 3 : 405 / أبواب النجاسات ب 8 ح 2 ، 3 .

ــ[388]ــ

مورد هذه الأدلّة قد فرض حيوان وله لحم محرم أكله فحكم بنجاسة بوله ، وهذا كما ترى يختص بما له لحم ، وعليه فهذه الأدلة قاصرة الشمول لما لا لحم له من الابتداء حيث لا لحم له ليحرم أكله ، فأبوال ما لا نفس له إذا كان من هذا القبيل مما لا دليل على نجاسته .

   إلاّ أن هذا إنما يتم فيما إذا قلنا بانصراف ما دلّ على نجاسة مطلق البول إلى بول الآدمي كصحيحتي محمد بن مسلم المتقدِّمتين (1) وغيرهما ولا أقل من انصرافه عن بول الحيوانات التي لا لحم لها . وأمّا إذا لم يتم الانصراف فمقتضى تلك المطلقات نجاسة البول مطلقاً حتى مما لا لحم له فيما إذا كان محرم الأكل .

   نعم ، يمكن أن يستدل على طهارة أبوال ما لا نفس له مطلقاً كان له لحم أم لم يكن بموثقة حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال: «لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة»(2) فقد دلت باطلاقها على عدم تنجس الماء ببول ما  لا نفس له ولا بدمه ولا بميتته ولا بغيرها مما يوجب نجاسة الماء إذا كانت له نفس سائلة ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون له لحم أم لم يكن .

   وأصحابنا (قدس الله أسرارهم) وإن ذكروا هذه الرواية في باب عدم نجاسة الميتة مما لا نفس له إلاّ أنه لا يوجب اختصاصها بها ، فانّها مطلقة ومقتضى إطلاقها عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 374 ، 376 .

(2) الوسائل 3 : 464 / أبواب النجاسات ب 35 ح 2 . ثم إن في سند الرواية أحمد بن محمد عن أبيه والظاهر أنه أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وهو وإن كان من مشايخ الشيخ المفيد (قدس سره) إلاّ أنه لم تثبت وثاقته بدليل ، وكونه شيخ إجازة لا دلالة له على وثاقته فالوجه في كون الرواية موثقة أن في سندها محمد بن أحمد بن يحيى وللشيخ إليه طرق متعددة ، وهي وإن لم تكن صحيحة بأسرها إلاّ أن في صحة بعضها غنىً وكفاية ، وذلك لأن الرواية إما أن تكون من كتاب الراوي أو من نفسه ، وعلى كلا التقديرين يحكم بصحة رواية الشيخ عن محمّد بن أحمد لتصريحـه في الفهرسـت [ 144 / 612 ] بأن له إلى جميع كتب محمد بن أحمد ورواياته طرقاً متعددة وقد عرفت صحة بعضها ، وإذا صحّ السند إلى محمد بن أحمد بن يحيى صحّ بأسره لوثاقة الرواة الواقعة بينه وبين الإمام (عليه السلام) وبهذا الطريق الذي أبديناه أخيراً يمكنك تصحيح جملة من الروايات كذا أفاده (دام ظله) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net