الأخبار التي استدلّ بها على التخيير بين البناء على الأقل أو الأكثر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4216


   فلا بدّ إذن من النـظر إلى الأخـبار التي اسـتدلّ بها على التخـيير بالمعـنى المشهور .

   فمنها:  قوله (عليه السلام) فيما رواه إبراهيم بن هاشم في نوادره: «ولا سهو في نافلة ... » إلخ(1) بدعوى دلالته على أنّ السهو الّذي هو بمعنى الشك ملغى في النافلة وغير ملتفت إليه ، فوجوده كالعدم ، فيبني على وقوع المشكوك فيه إلاّ إذا كان مفسداً فيبني على عدمه .

   وفيه : مضافاً إلى ضعف السند بكلا طريقيه من جهة الإرسال كما تقدّم (2) أ نّها قاصرة الدلالـة ، فانّ هذه الفقرة من الرواية مع قطع النظر عن القرينـة الخارجية من الإجماع ونحوه القائم على ثبوت التخيير في النافلة مجملة لم يعلم المراد منها ، فانّ المعني به في سائر الفقرات اُمور مختلفة حسب اختلاف الموارد .

   ففي الفقرة الاُولى أعني قوله (عليه السلام) : «ليس على الإمام سهو» وقوله : «ليس على مَن خلف الإمـام سهو» يراد منها نفي أحـكام الشـك الأعم من الصحيحة والباطلة ، ورجوع كلّ من الإمام والمأموم إلى الآخر للمتابعة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 241 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 24 ح 8  .

(2) في ص 31 ، وقد أسند الرواية في مصباح الفقيه (الصلاة) : 587 السطر 21 إلى حسنة ابن البختري ، ولعلّه سهو من قلمه الشريف .

ــ[60]ــ

   وفي قوله : «لا سهو في سهو» معنى آخر تقدّم البحث عنه (1) على ما هو عليه من الإجمال كما مرّ (2) . وفي قوله : «ولا في المغرب سهو» وكذا الفقرتان اللّتان بعده ، المراد بطلان الصلاة .

   وأمّا قوله : «لا سهو في نافلة» فلم يعلم أنّ المراد هل هو البطلان أيضاً كما في سابقه ، أو البناء على الاحتمال المصحّح من طرفي الشك من البناء على الأكثر إلاّ إذا كان مفسداً فعلى الأقل ، كما في مثل قوله : لا سهو لمن كثر عليه السهو(3) على ما مرّ (4) . فهذه الفقرة في نفسها غير بيّنة ولا مبيّنة ، فهي مجملة لا يمكن الاستدلال بها بوجه .

   على أنّ غايتها الدلالة على البناء على الأكثر ، لا التخيير بينه وبين الأقل وإن لم يكن مفسداً ، إلاّ بمعونة القرينة الخارجية من إجماع ونحوه كما لا يخفى .

   ومنها ـ  وهي العمدة  ـ  : صحيحة محمّد بن مسلم المرويّة بطريقـين كلاهما صحيح قال : «سألته عن السهو في النافلة ، فقال : ليس عليك شيء» (5) .

   بتقريب أنّ المنفي ـ  سواء أكانت النسخة (عليك) بصيغة الخطاب كما أثبتنـاه أم بصيغة الغياب كما في بعض النسخ ، وسواء أرجع الضمير على هذا التقدير إلى السهو أم إلى الساهي ـ ليس هو الحكم التكليفي والوجوب النفسي بالضرورة إذ لا مجـال لتوهّم ذلك حتّى في الفرائض لولا ما ثبت فيها من حرمة القطع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 18 : 301 .

(2) في ص 35 .

(3) [ الظاهر إرادة قوله (عليه السلام) : «إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك ... » الوسائل 8 : 227 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 1 ] .

(4) في ص 4  وما بعدها .

(5) الوسائل 8 : 230 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 18 ح 1 .

 
 

ــ[61]ــ

فضلاً عن النوافل كي يتصدّى لنفيه ، ومن ثمّ ذكرنا فيما سبق أ نّه بناءً على جواز القطع لم يكن الشاك ملزماً بالعمل بأحكام الشكوك ، لأنّ الدليل المتعرّض لها لم يكن إلاّ بصدد العلاج والتصحيح دون التكليف والإلزام الشرعي .

   وإنّما المنفي هو الحكم الوضـعي والوجـوب الشرطي الّذي كان ثابتاً في الفريضة من البناء على الأكثر ونحوه ، ومرجع ذلك إلى أنّ الشاك في ركعات النافلة لم يجعـل في حقّه شيء ، ولم يكن تصحيح صلاته منوطاً ومتوقّفاً على شيء .

   وهذا كما ترى بنفسه مساوق للتخيير وأنّ له البناء على ما يشاء من الأقل أو الأكثر ، لاندراج ما عداه من البطلان أو تعيّن البناء على الأكثر أو الأقل في المنفي، ضرورة صدق وجوب شيء عليه لو ثبت واحد من هذه الاُمور. فاطلاق نفي الشيء لا يجتمع إلاّ مع التخيير .

   نعم ، قد يناقش بعدم وضوح إرادة الشك من السهو ، فمن الجائز إرادة السهو بالمعنى المعروف المنسبق إلى الذهن عند إطلاقه ، المساوق للغفلة والنسيان .

   ويدفعه أوّلاً : أنّ إطلاق السهو على الشكّ كثيراً في لسان الأخبار يجعله ظاهراً إمّا في إرادته بالخصوص أو لا أقلّ من الأعم منه ومن المعنى المزبور فيكون الشك هو المتيقّن إرادته من لفظ السهو .

   وثانياً : مع الغض عن ذلك فلا ريب في جواز إرادته من اللّفظ، لشيوع إطلاقه عليه . فكان على الإمام (عليه السلام) عندئذ استفصال السائل عما يريده من هذا اللفظ . فاطلاق الجواب المستفاد من ترك الاستفصال دالّ على العموم .

   وعلى الجملة : فهذه الصحيحة بنفسها دالّة على التخيير بالمعنى المشهور ، من دون حاجة إلى التماس دليل آخر أو انضمام قرينة اُخرى من إجماع ونحوه .

   لكنّ هذا مبني على أن يكون متن الحـديث ما أثبتناه ، أعني قـوله (عليه




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net