التاسعة والخمسون : الشك في شيء بعد الدخول في الغير الواقع في غير محلّه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3505


ــ[294]ــ

   [ 2192 ] المسألة التاسعة والخمسون : لو شكّ في شيء وقد دخل في غيره الّذي وقع في غير محلّه كما لو شكّ في السجدة من الركعة الاُولى أو الثالثة ودخل في التشهّد ، أو شكّ في السجدة من الركعة الثانية وقد قام قبل أن يتشهّد ، فالظاهر البناء على الإتيان((1)) وأنّ الغير أعم من الّذي وقع في محلّه أو كان زيادة في غير المحل ، ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضاً (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهذا بخلاف الصورة السابقة ، فانّ الزيادة فيها على ما تقتضيه الوظيفة الواقعية مشكوكة ، وعلى ما تقتضيه الوظيفة الظاهرية مقطوعة العدم ، لفرض عدم ارتكاب شيء ـ زائداً على ما تقتضيه الوظيفة ـ بعد البناء على الأكثر ، فلا موجب لسجود السهو بوجه .

   نعم ، لو كان الشك المفروض عارضاً أثناء التشهّد فحيث إنّه يجب عليه قطعه بعد البناء على الأكثر فلا جرم يحصل له العلم الإجمالي إمّا بزيادة ما قرأ منه لو كان في الركعة الثالثة واقعاً ، أو بنقيصة ما ترك منه لو كان في الثانية فيعلم بحصول الزيادة أو النقصان في صلاته ، ومعه لم يكن بدّ من الإتيان بسجود السهو بقصد ما في الذمّة لو قلنا بوجوبه لكلّ زيادة ونقيصة .

   بل يجب الإتيان به لأجل نفس الشك وإن لم نقل بذلك ، بناءً على ما عرفت من أنّ العلم الإجمالي بالنقص أو الزيادة بنفسه من موجبات سجدتي السهو كما تقدّم سابقاً (2) .

   (1) لا ريب في اعتبار الدخول في الغير في جريان قاعدة التجاوز كما نطقت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الظاهر عدمه كما مرّ ، وقد تقدّم منه (قدس سره) في المسألة الخامسة والأربعين ما يناقض ما ذكره هنا .

(2) شرح العروة 18 : 370 وما بعدها .

ــ[295]ــ

به صحيحة زرارة : « ... إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» (1) وغيرها .

   إنّما الكـلام في أ نّه هل يعـتبر الدخـول في خصـوص الغير المترتِّب على المشكوك فيه ، أو أ نّه يكفي الدخول في مطلق الغير الأعم ممّا وقع في محلّه وما كان زيادة في غير المحل .

   وقد تعرّض الماتن (قدس سره) لهذه المسألة في مواضع ثلاثة مع اختلاف نظره (قدس سره) فيها، فاستظهر الاكتفاء بمطلق الغير في هذه المسألة ، واستظهر خلافه في المسألة الخامسة والأربعين(2) ، وتردّد فيها في المسألة السابعة عشرة .

   وكيف ما كان ، فقد يقال بكفاية الدخول في مطلق الغير استناداً إلى الإطلاق في صحيحة زرارة المتقدِّمة .

   وقد يقال باعتبار الغير المترتِّب . ويستدلّ له تارة بانصراف الغير الوارد في الأدلّة إليه وأ نّه مقيّد بحكم الانصراف بالدخـول فيما لولا الشك لمضى فيه واسترسل في صلاته .

   وفيه ما لا يخفى ، فانّه لا موجب للانصراف أصلاً ، والتقييد المزبور غير بيِّن ولا مبين ولا شاهد عليه بوجه . فالإطلاق محكّم .

   واُخرى بما عن شـيخنا الاُسـتاذ (قدس سره) (3) من أنّ لازم العود لتدارك المنسي وإتيان الجزء المترتِّب عود محلّ الشك ووقوعه فيه ، كما لو شكّ في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 237 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 1 .

(2) بل صرّح (قدس سره) في المسألة العاشرة من فصل الشك بأنّ المراد الغير المترتِّب . اللّهمّ إلاّ أن لا يكون له إطلاق من حيث الوقوع في المحل أو في خارجه الّذي هو محلّ الكلام ، فلاحظ وتأمّل .

(3) لاحظ كتاب الصلاة 3 : 51 ، العروة الوثقى 3 : 391 .

ــ[296]ــ

السجدة الثانية من الركعة الثانية بعدما دخل في القيـام سهواً قبل أن يتشهّد فانّه محكوم بالعود لتدارك التشهّد ، وبعدما عاد يعود محلّ الشك لا محالة .

   وفيه أيضاً ما لا يخفى ، فانّه بالعود لا يتّصف الشك بعروضه في المحل ، إذ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه . ومن الواضح أنّ هذا هو الشك السابق العارض قبل العود بعيـنه ، وليس شكّاً غيره ، والمدار في كون الشك قبل التجاوز أو بعده بحدوث الشك لا ببقائه . وعليه فبناءً على كفاية الدخول في مطلق الغير فهذا من الشك العارض بعد التجاوز لا محالة وإن عاد إلى المحل .

   فالصحيح أن يستدلّ له بما أشرنا إليه سابقاً من أنّ التجاوز عن الشيء مع فرض الشك في أصل وجوده كما هو مورد هذه القاعدة ممّا لا يجتمعان ، فهو بمعناه الحقيقي متعذِّر الصدق ، وإنّما يتّجه فيما لو كان متعلّق الشك وصف الصحّة كما في قاعدة الفراغ ، لصدق المضي والتجاوز حينئذ عن نفس الشيء حقيقة . وعليه فلا مناص من أن يراد به في المقام التجاوز عن المحلّ بضرب من العناية .

   ومن الواضـح أنّ التجاوز والخروج عن محلّ المشـكوك فيه إنّما يتحـقّق بالدخول في الجزء المترتِّب عليه شرعاً الّذي له محلّ معيّن متأخِّر عنه ، وإلاّ فالغير غير المترتِّب لا محل له ، فالدخول فيه لايحقِّق الخروج عن محلّ المشكوك فيه ، بل هو باق بعد سواء أتى بذلك الغير أم لا ، فتحقيقاً للخروج عن المحل لا بدّ من الاختصاص بالمترتِّب .

   فتحصّل :  أنّ الأظهر اعتبار الدخـول في الغير المترتِّب ، لهذا الوجه الّذي ذكرناه ، لا للوجهين السابقين المزيّفين بما عرفت . فلا يكفي الدخول في مطلق الغير في جريان قاعدة التجاوز . وعليه ففي المثالين المذكورين في المتن لا بدّ من الرجوع والإتيان بالسجدة بمقتضى أصالة عدم الإتيان بها ، وبسجدتي السهو لذلك الغير الزائد بناءً على وجوبها لكلّ زيادة ونقيصة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net