فأرة المسك 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9369


    فأرة المسك :

   (1) أعني الجلدة وهي قد تكون من المذكى واُخرى من الميتة وثالثة من الحي .

   أمّا فأرة المذكى : فلا إشكال في طهارتها لأنها كبقية أجزاء الظبي عند تذكيته .

   وأمّا فأرة الحي : فقد وقع الخلاف في طهارتها بين الأصحاب ولعلّ الوجه في نجاستها أن الفأرة من الأجزاء المبانة من الحي وهي كالميتة نجسة .

   ويدفعه : ان مدرك الحكم بنجاسة الجزء المبان منحصر في روايات إليات الغنم وما أخذته الحبالة من الصيد كما مرّ وهي مختصة بموردها . وشمولها لمثل الفأرة مما ينفصل عن الحي بنفسه ويعد من ثمرته كما في الأشجار بعيد غايته ، بل الظاهر أن الغالب أخذ المسك من الفأرة المنفصلة من الحي وهو الذي تلتقطه سكنة البوادي في البادية . وأمّا غيره من الأقسام كما يؤخذ من دم الظبي حين
ذبحه ويختلط بروثه فهو قليل غايته . فالصحيح في هذه الصورة أيضاً طهارة الفأرة كما ذهب إليه العلاّمة (1) والشهيد (2) (قدس سرهما) لما عرفت من أنه لا إطلاق ولا عموم في الروايات المتقدمة حتى يتمسك به في المقام .

   وأمّا الفأرة المأخوذة من الميتة : فالصحيح أنها نجسة لأنها كبقية أجزاء الميتة وهي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التذكرة 1 : 58 .

(2) الذكرى : 14 السطر 5 .

ــ[438]ــ

نجسة ، كما أن الدم المتكوّن فيها كذلك لأنه من أجزاء الميتة ، اللّهم إلاّ أن يقال إن الدم المتكوّن فيها كان محكوماً بالطهارة حال حياة الحيوان ، وكل جزء حكم عليه بالطهارة حال حياته مما لا تحله الحياة فهو محكوم بطهارته بعد موته أيضاً ، وعليه فالدم المذكور طاهر دون جلدته .

   ودعوى : أنها مما لا تحله الحياة فحالها حال الصوف وأشباهه .

   ظاهرة الفساد : لأنها كبقية جلود الحيوانات مما تحله الحياة فلا وجه لطهارتها ، إلاّ أن يقال إن الفأرة بالاضافة إلى الظبي نظير البيضة بالنسبة إلى الدجاجة ، فكما أنها تتكوّن في جوف الدجاجة من دون أن تعد من أجزائها كذلك الحال في الفأرة بعينها فلا تكون من أجزاء الميتة .

   ثم إنه إذا قلنا بنجاسة فأرة الميتة ولم يكن المسك المتكوّن فيها منجمداً حال حياة الظبي ، فلا محالة يتنجس مسكها إلاّ أنها نجاسة عرضية وإنما نشأت من ملاقاة الميتة وإن لم يمكن تطهيره ، وهذا بخلاف ما إذا كان مسكها منجمداً حال حياته لأنه طاهر في ذاته وتزول نجاسته العرضية الناشئة من ملاقاة الفأرة الرطبة النجسة بتطهيره ، هذا كله فيما تقتضيه القاعدة .

   وأمّا بالنظر إلى النص الوارد في المقام ففي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : «سألته عن فأرة المسك تكون مع من يصلي وهو في جيبه أو ثيابه ؟ فقال : لا بأس بذلك» (1) واستدل بها في المدارك على طهارة مطلق الفأرة سواء انفصلت من الظبي في حياته أم اُخذ من المذكى أو من الميتة ، لاطلاق قوله (عليه السلام) لا بأس به وهو ملازم لطهارة الفأرة (2) .

   والاستدلال بها يتوقف على عدم جواز حمل النجس أو خصوص الميتة في الصلاة ، وهو في حيّز المنع لجواز حمل النجس بل وحمل الميتة في الصلاة كما يأتي في محله ، فعدم البأس بحمل الفأرة في الصلاة لازم أعم لطهارتها . هذا مع الاغماض عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 433 / أبواب لباس المصلِّي ب 41 ح 1 .

(2) المدارك 2 : 275 .

ــ[439]ــ

انصراف الفأرة إلى ما هو المتداول الكثير منها خارجاً وهو الفأرة التي تلقيها الظبية في حياتها كما مرّ . فاذن لا تشمل الصحيحة لما يؤخذ من الميتة .

   وذهب كاشف اللثام إلى نجاسة مطلق الفأرة إلاّ الفأرة المأخوذة من المذكى فانّها طاهرة كغيرها من أجزائه بخلاف ما أخذ من الميتة أو أسقطه الظبي حال حياته واستدل على ذلك بصحيحة عبدالله بن جعفر قال : «كتبت إليه ـ يعني أبا محمد (عليه السلام) ـ يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرة المسك ؟ فكتب : لا بأس به إذا كان ذكياً» (1) حيث دلت على أنّ الظبي إذا لم يكن ذكياً سواء أ كان حيّاً أم ميِّتاً ففي الصلاة في فأرة مسكه بأس ، وليس هذا إلاّ لكون الفأرة ميتة نجسة (2) .

   ودعوى : أن المنع عن الصلاة في شيء أعم من نجاسته وإن كانت صحيحة كما في الحرير وبعض أجزاء ما لايؤكل لحمه من الحيوان ، إلاّ أن المنع في المقام لا يحتمل استناده إلى غير النجاسة .

   والاستدلال بهذه الصحيحة على مدعى كاشف اللثام يبتني على أمرين :

   أحدهما : أن يكون ضمير كان راجعاً إلى الظبي .

   وثانيهما : أن يكون المذكى في قبال كل من الحي والميت لا في مقابل خصوص الميتة ، وكلاهما ممنوع .

   أمّا الأوّل : فلأنه لم يسبق ذكر من الظبي في الرواية ، فيحتمل رجوع الضمير إلى الفأرة باعتبار أنها مما مع المصلي فيصح تذكير الضمير بهذا الاعتبار ، والرواية على هذا تدل على أن الفأرة قسمان : قسم طاهر بالذات وهو المذكى وقسم نجس كذلك وهو غير المذكى ، وقد عرفت نجاسة فأرة الميتة .

   وأمّا الثاني : فلأن الظاهر أن الذكي في مقابل الميتة فحسب ، لأن المذكى والميتة قسمان للحيوان الذي زهق روحه وأمّا الحي فهو خارج عن المقسم لا أنه داخل في قسم غير المذكى فلا دلالة للرواية على نجاسة فأرة الحي ، وغاية ما يستفاد منها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 433 / أبواب لباس المصلي ب 41 ح 2 .

(2) كشف اللثام 1 : 406 .

ــ[440]ــ

نعم لا إشكال في طهارة ما فيها من المسك (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نجاسة فأرة الميتة وقد بيّنا أن نجاستها على طبق القاعدة من غير حاجة في ذلك إلى النص .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net