مبدأ حساب المسافة في البلدان الصغيرة والمتوسطة - مبدأ حساب المسافة في البلدان الكبيرة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5036


ــ[46]ــ

   [ 2246 ] مسألة 15 : مبدأ حساب المسافة سور البلد أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصـغار والمتوسطات ، وآخر المحلّة في البلدان الكبار((1)) الخارقة للعادة ، والأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلدان الجمع وإن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلّة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) المستفاد من نصوص التحديد بالثمانية أنّ مبدأ الاحتساب هو أوّل زمان يتلبّس المسافر بالوصف العنواني ، ويتّصف عرفاً بكونه مسافراً ، وهو بحسب المتفاهم العرفي إنّما يتحقّق بالخروج من البلد ، وإلاّ فعندما يسير في البلد ولم يخرج بعدُ عنه فهو مريد للسفر وليس بمسافر ، فانّ السفر هو البروز والخروج ومنه المرأة السافرة ، أي البارزة الكاشفة لما لا ينبغي كشفه .

   فصدق عنوان السفر متقوّم بالخروج من البلد ، ويختلف صدقه حسب اختلاف الموارد ، ففيما له سور يتحقّق بالخروج عن السور ، وفيما لا سور له بالتجاوز عن آخر البيوت ، وفي من كان من سكنة البوادي القاطنين في بيت من شعر أو قصب يتحقّق بالخروج من المنزل .

   فمبدأ الاحتساب يكون هو السور أو آخر البيوت أو المنزل حسب اختلاف الموارد كما ذكره في المتن . هذا ما يقتضـيه التبادر والفهم العرفي من نصوص التحديد . ويستفاد ذلك أيضاً من بعض النصوص الخاصّة .

 ففي صحيحة زرارة : «وقد سافر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى ذي خشب وهو مسيرة يوم من المدينة» (2) حيث جعل مبدأ الاحتساب بلد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إذا كانت البلدة الكبيرة متّصلة المحلاّت فالظاهر اعتبار المبدأ من سور البلد أو من آخر البيوت فيما لا سور له .

(2) الوسائل 8 : 452 /  أبواب صلاة المسافر ب 1 ح 4 .

ــ[47]ــ

المدينة ، أي أوّل نقطة من حدودها ، لا منزله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو غير ذلك .

   ولا يخفى أنّ هذه الرواية رواها الصدوق في الفقيه في ذيل رواية يرويها عن زرارة ومحمد بن مسلم (1) ، وطريقه إلى ابن مسلم وإن كان ضعيفاً لكن طريقه إلى زرارة صحيح (2) ، ولا يقدح ضمّ غيره معه . فالرواية موصوفة بالصحّة .

   ولكن صاحب الوسائل كأ نّه تخيّل أنّ هذه العبارة من كلام الصدوق فنسبها إليه، حيث قال : قال : وقد سافر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى آخر ما مرّ .

   وليس كذلك قطعاً ، فانّ في ذيل هذه العبارة قرينة واضحة تشهد بأ نّها من كلام الإمام (عليه السلام) حيث قال بعد ذلك: «وقد سمّى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوماً صاموا حين أفطر العصاة، قال: فهم العصاة إلى يوم القيامة، وإنّا لنعرف أبنائهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا»(3).

   فانّ هذه الدعوى ـ أعني معرفة العصاة وأبنائهم وأبناء أبنائهم ـ لا تكاد تصدر من غير الإمام (عليه السلام) كما هو ظاهر . وكيف ما كان ، فهي رواية صحيحة عن الإمام (عليه السلام) كما ذكرناه ، دلّت على أنّ المبدأ نفس البلد هذا .

   ويستفاد من موثّقة عمار أنّ المدار على أحد الأمرين من القرية أو المنزل قال (عليه السلام) : «لا يكون مسـافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ... » إلخ (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقيه 1 : 278 / 1266 .

(2) الفقيه 4 (المشيخة) : 6 ، 9 .

(3) الفقيه 1 : 278 / 1266 .

(4) الوسائل 8 : 469 /  أبواب صلاة المسافر ب 4 ح 3 .

ــ[48]ــ

   ولكن بما أنّ التخيير بين الأقل والأكثر لا معنى له كما لا يخفى ، فهي محمولة على أنّ المسافر إن كان في قرية فالعبرة بقريته، وإلاّ كما في أهل البوادي الساكنين في بيوت الشعر فمن منزله .

   فالعبرة بأحد الأمرين حسب اختلاف الموردين على ما يقتضيه طبع السفر عرفاً بمقتضى سير الجمال والدواب ، فانّ الساكنين في القرى أو البلدان يتحقّق الركوب منهم للسفر في آخر القرية أو البلد غالباً ، وأمّا سكنة البر فمن منازلهم .

   وكيف ما كان ، فالمستفاد من الروايات ومن نفس نصوص التحديد هو ما عرفت ، ولا شكّ أنّ مقتضى الإطلاق عدم الفرق في البلدان بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، وأنّ العبرة في جميعها بنفس البلدة .

   ولكن الماتن (قدس سره) تبعاً لغيره جعل المدار في البلدان الكبار الخارقة للعادة بآخر المحلّة . وليس له وجه ظاهر ، بل هو مخالف للإطلاق كما عرفت وقد كانت الكوفة في زمانهم (عليهم السلام) كبيرة جدّاً كما يشهد به التاريخ وغيره، ومع ذلك كان مبدأ الاحتساب نفس البلدة كما يشهد به حديث القادسية حسبما تقدّم (1) .

   وعلى الجملة : مقتضى الجمود على ظواهر النصوص تعميم الحكم لما إذا كانت البلدة صغيرة كالمدينة ، أو كبيرة كالكوفة ، أو متوسطة كغيرهما ، بعد أن لم يكن دليل على التقييد بالمحلّة في البلدان الكبيرة .

   نعم ، ربّما يفرض بلوغ البلدة من الكبر حدّاً خارقاً للعادة جدّاً بحيث يصدق على السـير فيها عنوان السفر ، كما لو بلغ طولها خمسـين فرسخاً أو مائة أو مائتين ـ وإن لم يوجد مصداق لها لحدّ اليوم ، وربّما يتّفق في الأجيال القادمة ـ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ الظاهر عدم تقدّم ما يدلّ على ذلك فلاحظ ] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net