كفاية بقاء قصد نوع المسافة وإن عدل عن شخصها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4313


ــ[74]ــ

   [ 2253 ] مسألة 22: يكفي في اسـتمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص(1)، كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر يبلغ ما مضى وما بقي إليه مسافة ، فانّه يقصّر حينئذ على الأصح ، كما أ نّه يقصّر لو كان من أوّل سفره قاصداً للنوع دون الشخص ، فلو قصد أحد المكانين المشـتركين في بعض الطريق ولم يعيّن من الأوّل أحدهما بل أوكل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحدّ المشترك كفى في وجوب القصر .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فلو قصد مسافة معيّنة امتدادية وفي الأثناء عدل إلى مكان آخر يبلغ المجموع ممّا مضى وما بقى إليه المسافة ، فبدّل الامتداد بامتداد آخر ، أو بدا له في الرجوع وقد بلغ أربعة فراسخ ، فبدّل الامتداد بالتفليق ، أو كان قاصداً للنوع دون الشخص من أوّل سفره فقصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق وأوكل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحد المشترك ، ففي جميع ذلك يحكم بالتقصير ، لعدم الدليل على اعتبار الاستمرار في شخص القصد ، بل المدار على بقاء قصد نوع المسافة وكلّيها .

   ويدلّنا على ذلك الإطلاقات الأوّلية المتضمّنة لإناطة التقصير بقطع الثمانية المعبّر عنها بمسيرة يوم أو بياض النهار ونحو ذلك ممّا ذكر في لسان الروايات(1) خرجنا عن ذلك بمقتضى موثّقة عمّار الدالّة على عدم كفاية الثمانية على إطلاقها بل لا بدّ وأن تكون مقصودة من أوّل الأمر مع استمرار هذا القصد كما تقدّم (2) فلا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ، أي يكون قاصداً لذلك من ابتداء سـيره إلى بلوغ الثمانية . فبهذا المقدار نرتكب التقييد في تلك الإطلاقات .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدِّمة في ص 4 ـ 5 .

(2) في ص 51 .

ــ[75]ــ

   وأمّا الزائد على ذلك أعني لزوم استمراره على شخص الثمانية التي عيّنها في ابتداء سفره فلا تدلّ الموثقة عليه بوجه ، بل ظاهرها اعتبار البقاء على مجرّد قصد الثمانية في مقابل من يقطعها بقصدين وعزمين المفروض في السؤال . فلو قصد النوع من الأوّل ، أو بدّل شخصاً بشخص آخر ، فلا ينبغي التأمّل في كونه مشمولاً لإطلاق الموثّقة ، إذ يصدق حينئذ أ نّه سار من منزله ثمانية فراسخ كما لا يخفى .

   ولو أغمضنا عن ذلك وسلّمنا ظهورها في لزوم البقاء على شخص القصد الذي لازمه انتفاء القصر في الفروض المذكورة ، لكونها من قبيل ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، فلا مناص من رفع اليد عن هذا الظهور بصحيحة أبي ولاد الصريحة في التقصير لدى العدول من الامتداد إلى التلفيق ، حيث قال (عليه السلام) : « ... إن كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريداً فكان عليك حين رجعت أن تصلّي بالتقصير، لأ نّك كنت مسافراً إلى أن تصير في منزلك...» إلخ (1) .

   فانّها كما ترى صريحة في عدم لزوم الاستمرار في شخص القصد ، وكفاية البقاء على نوعه ، ولأجله حكم (عليه السلام) بالتقصير لدى التبدّل بالتلفيق مع أنّ قصده في ابتداء السفر كان متعلّقاً بخصوص المسافة الامتدادية .

   ومن ثمّ اعترف الشيخ (قدس سره) (2) بجواز العدول عن شخص القصد لكن في خصـوص ما لو عدل عن الامتداد إلى التلفيق الذي هو مورد هذه الصحيحة ، ولم يلتزم بالقصر فيما لو عدل عن الامتداد إلى امتداد مثله ، جموداً على مورد النص .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 469 /  أبواب صلاة المسافر ب 5 ح 1 .

(2) [ لعلّه ناظر إلى ما ذكره في النهاية : 124 ، السطر الأخير ] .

ــ[76]ــ

   لكن الظاهر هو التعميم ، أمّا أوّلاً : فبالأولوية القطعية ، إذ الأصل في المسافة هي الامتدادية ، والتلفيق ملحق بها بدليل الحكومة ومنزّل منزلتها بمقتضى قوله (عليه السلام) : «إنّه ذهب بريداً ورجع بريداً ، فقد شغل يومه» المذكور في صحيح ابن مسلم كما تقدم (1) ، فاذا ثبت الحكم في التلفيق وهذا شـأنه ففي الامتداد الذي هو الأساس بطريق أولى كما لا يخفى .

   وثانياً : مع الغض عن ذلك فيكفينا في التعدِّي عن مورد الصحيحة ما اشتمل ذيلها من التعليل بقوله (عليه السلام) : «لأ نّك كنت مسـافراً إلى أن تصير في منزلك» فانّ مقتضى عموم العلّة انسحاب الحكم لكلّ مورد يصدق معه كونه مسافراً إلى أن يصير في منزله ، ولا ريب في صدق هذا العنوان لدى تبدّل الامتداد بامتداد آخر ، كصدقه عند تبدّله بالتلفيق بمناط واحد .

   على أنّ الظاهر أ نّه لا إشكال عندهم في أنّ من خرج قاصداً لكلّي المسافة ونوع الثمانية على أن يعيّنها فيما بعد أ نّه يقصّر في الحدّ المشترك من الطريق . فيظهر من ذلك كلّه أنّ الاعتبار في الاستمرار بالبقاء على قصد النوع، فلا يضرّه العدول عن شخص القصد ، فانّه غير دخيل في موضوع الحكم .

   نعم ، لا تشمل الصحيحة ما لو عدل عن الامتداد إلى امتداد آخر ، وكان ذلك قبل بلوغ أربعة فراسخ ، كما لو خرج بقصد الثمانية الشخصية وبعد مضي ثلاثة فراسخ عدل عن مقصده وعزم مكاناً آخر يبلغ خمسة فراسخ ، بحيث كان مجموع الباقي مع الماضي ثمانية امتدادية ، فانّ هذا الفرض غير مشمول للصحيحة بوجه ، لاختصاصها بما إذا كان العدول بعد الخروج بريداً .

   لكن التقصير ثابت هنا أيضاً ، لعدم القول بالفصل ، فانّ القائل بجواز تبديل الامتداد بالامتداد لا يفرّق بين ما لو كان ذلك بعد مضي أربعة فراسخ أم قبله كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 8 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net