اشتراط وحدة محلّ الإقامة - بيان المراد بوحدة محلّ الإقامة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3997


ــ[264]ــ

في واحدة منها عشرة أيام (1) . ولا يضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل الشطّ بعد كون المجموع بلداً واحداً كجانبي الحلّة وبغداد ونحوهما ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هل يعتبر في محلّ الإقامة وحدة المكان بحيث لو قصد الإقامة في الأمكنة المتعدِّدة عشرة أيام كالنجف والكوفة ، أو الكاظمية وبغداد ونحو ذلك ممّا ذكره في المتن لم ينقطع حكم السفر أو لا ؟

   يقع الكلام تارة في اصل الاعتبار ، واُخرى في تحديد المقدار وبيان ضابط الوحدة وميزانها .

   أمّا نفس الاعتبار فالظاهر أ نّه ممّا لا خلاف فيه ولا إشكال، لظهور النصوص في إناطة انقلاب القصر بالتمام بالإقامة الوحدانية الممتدة عشرة أيام ، المتقوّمة بالوحدة المكانية بطبيعة الحال ، فلا تجدي إقامة العشرة المتفرقة في الأمكنة المتعدّدة ، إذ لا يصدق معه أ نّه أقام في البلد الفلاني أو المحلّ الكذائي عشرة أيام كما هو ظاهر جدّاً .

   نعم ، ربما يستفاد كفاية ذلك ممّا رواه الكافي في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجّاج، قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيقيم فيها أيتم أم يقصّر؟ قال : يتم»(1) حيث دلّت على وجوب التمام لدى الإقامة في الضـياع المتفرّقة الواقعة في الأمكنة المتعدِّدة . فلا تعـتبر الوحدة في محلّ الإقامة .

   ويردّه أوّلاً :  عدم ظهور الصحيحة في إرادة الإقامة الشرعية أعني عشرة أيام التي هي محلّ الكلام ، لعدم قرينة على التخصيص بذلك ، بل ظاهرها أنّ صاحب الضياع محكوم بالإتمام متى أقام فيها ، سواء أكانت إقامته في مجموع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 495 /  أبواب صلاة المسافر ب 14 ح 12 ، الكافي 3 : 438 / 6 .

ــ[265]ــ

تلك الضياع عشرة أيام أم أقل أم أكثر ، فتكون من قبيل الروايات الدالّة على أنّ مجرّد الملك كاف في الحكم بالإتمام متى دخله ، التي تقدّمت سابقاً (1) وعرفت لزوم تقييدها بمقتضى صحيحة ابن
بزيع(2) بسبق إقامة ستّة أشهر كي تتّصف الضيعة بالوطن الشرعي . فهي أجنبية عما نحن فيه .

   وثانياً :  أ نّها مروية بعين المتن في الفقيه(3) والتهذيب(4) ، غير أنّ المذكور فيها «يطوف» بدل «يقيم» وعليه فتكون أظهر فيما ذكرناه من الدلالة على أنّ مجرّد الطواف والمرور بمطلق الملك موجب للإتمـام . فلا ربط لها بالإقامة الشرعية المبحوث عنها في المقام . وكيف ما كان ، فالصحيحة غير مخالفة لما ذكرناه من اعتبار الوحدة في محلّ الإقامة . مع أنّ الظاهر أنّ المسألة ممّا لا خلاف فيها كما عرفت .

   إنّما الكلام في بيان المراد من الوحدة المكانية وتشخيص ضابطها بعد القطع بعدم إرادة الوحدة الحقيقية ، ضرورة جـواز تردّد المقـيم في بلد من داره إلى المسجد أو السوق أو الحمام ونحوها . فلا يراد الإقامة في منزل خاص كالمحبوس بل لعلّه لا يتحقّق ذلك إلاّ في مثل المحبوس ونحوه ، وإلاّ فالفاعل المختار يخرج بطبيعة الحال إلى خارج الدار ، بل خارج البلد أحياناً .

   فنقول :  قد ورد التعبير عن محلّ الإقامة في الروايات بألسنة مختلفة ، كالبلد أو البلدة أو المدينة أو الضيعة أو المكان أو الأرض ، ولا شكّ أنّ المراد بالإقامة في الأخيرين ما يقابل الارتحال ، فانّ المسافر بحسب طبعه ينزل أثناء السير في مكان أو أرض فيرتحل ، فلا يكون مقيماً في ذلك المحل ، بل الغاية من النزول

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 240 .

(2) المتقدمة في ص 242 .

(3) الفقيه 1 : 282 / 1281 .

(4) التهذيب 3 : 213 / 522 .

ــ[266]ــ

الاستراحة أو الأكل أو الشرب ، إمّا ليلاً أو نهاراً حسب اختلاف الفصول ممّا يقتضيه طبع السفر .

   ولكن قد يتعلّق نظره بالإقامة في مكان خاص أو أرض كذلك ، فلا يرتحل فاعتبرت هذه الإقامة التي هي في مقابل الارتحال مناطاً للإتمام إذا كانت عشرة أيام . فيستفاد من مجموع الروايات أنّ المناط في وحدة المحلّ صدق الإقامة العرفية فيه على نحو لا يعدّ التباعد عنه ارتحالاً عن ذلك المكان ، سواء أكان بلداً أم قرية أم ضيعة أم غيرها من برّ أو ساحل بحر ونحو ذلك . فالعبرة بصدق الإقامة عرفاً في مكان واحد في قبال الارتحال عنه الذي يختلف سعة وضيقاً حسب اختلاف الموارد وخصوصيات الأمكنة .

   ثمّ إنّ الصدق المزبور إن كان محرزاً فلا إشكال ، كما لو أقام في بلد بل برّ أو ساحل بحر بحيث يصدق معه عرفاً أ نّه مقيم في ذلك المكان ، وإن دعت الحاجة إلى التعدّي والمشي يميناً وشمالاً لبعض حاجياته من تحصيل ماء أو كلأ ونحو ذلك ، لعدم اعتبار المكث في مكان شخصي وحداني كما عرفت .

   كما لا إشكال أيضاً إذا كان عدمه محرزاً مثل ما لو أقام في مكان من البر ليلة وفي مكان آخر ليلة اُخرى بينهما مسافة ربع الفرسخ مثلاً وهكذا ، أو أقام عند عشيرتين متباعدتين بربع الفرسخ عشرة أيام ، بحيث لا يصدق عرفاً أ نّه أقام في مكان واحد عشرة أيام، فان كان الصدق محرزاً من الطرفين فلا إشكال .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net