العزم على عدم العود إلى محلّ الإقامة في مفروض المسألة - العزم على العود إلى محلّ الإقامة من دون قصد إقامة اُخرى 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4113


ــ[300]ــ

   الثانية : أن يكون عازماً على عدم العود إلى محلّ الإقامة(1) وحكمه وجوب القصر إذا كان ما بقي من محلّ إقامته إلى مقصده مسافة ، أو كان مجموع ما بقي مع العود إلى بلده أو بلد آخر مسافة ، ولو كان ما بقي أقل من أربعة على الأقوى من كفاية التلفيق ((1)) ولو كان الذهاب أقل من أربعة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فان لم يكن بينه وبين المقصد مسافة بقي على التمام ـ وإن لم يتعرّض له في المتن ـ لما عرفت من الكبرى الكلّية ومن صحيحة أبي ولاد .

   وإن كان ما بينهما مسافة ـ وهو الذي تعرّض إليه في المتن وأشرنا إلى أ نّه خروج عن مقسم هذه الصور ـ كان حكمه القصر ، استناداً إلى عمومات التقصير لكلّ مسافر بعد فرض كونه قاصداً للمسافة الشرعية ، سواء أكانت امتدادية كما لو كان البعد المتخلّل ما بين محلّ الإقامة ومقصده ثمانية فراسخ  ـ والتعبير عن ذلك بما بقي من محلّ الاقامة كما في المتن ، باعتبار ما صدر منه من سفره قبل نيّة الإقامة كما هو واضح ـ أم كانت تلفيقيّة كما لو كان مجموع ما بقي من محلّ الاقامة إلى المقصد بضميمة العود منه إلى بلده أو بلد آخر يقيم فيه عشرة أيام ثمانية فراسخ ، لكن بشرط عدم كون ما بقي أقل من أربعة فراسخ لما عرفت سابقاً (2) من اختصاص دليل التلفيق بذلك ، وأ نّه لا يلحق بالامتداد إلاّ إذا كان كلّ من الذهاب والإياب أربعة ، لقوله (عليه السلام) في الصحيح : أدنى ما يقصّر فيه الصلاة بريد في بريد (3) .

   وما في المتن من التوسـعة وعدم رعاية هذا الشرط مبني على مسلكه من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم أنّ الأقوى خلافه .

(2) في ص 7 .

(3) الوسائل 8 : 456 /  أبواب صلاة المسافر ب 2 ح 2  (نقل بالمضمون) .

 
 

ــ[301]ــ

الاكتفاء بمطلق التلفيق ولو كان الذهاب أقل من أربعة ، وقد عرفت ضعفه في محلّه .

   نعم ، قد يناقش في عدّ ذلك من التلفيق فيما إذا كان الرجوع إلى غير بلده نظراً إلى أ نّه من مصاديق الامتداد ونوع من أنواعه ، إذ لا يعتبر فيه أن يكون السير على نحو الخط المستقيم ، بل يشمل المنكسر أيضاً كما مرّ (1) .

   ولكن الصحيح كونه من التلفيق كما ذكره في المتن ، فانّ الامتداد عبارة عن الابتعاد ، بأن يسلك طريقاً كلّما يسير فيه يبتعد عن بلده أو عن محلّ إقامته وهذا هو الذي قلنا إنّه لا تعتبر فيه الاستقامة ، بل يجوز أن يكون السـير فيه بنحو الخط المنكسر أو المنحني أو اللولبي وغير ذلك من الأشكال الهندسية لإطلاق الأدلّة وعدم خلوّ الأسفار الخارجية عن مثل ذلك غالباً ، سيما في الأماكن الجبلية ، إذ قلّما يوجد فيها ما يكون بنحو الخط المستقيم .

   فلو كان المسير من بلده إلى مقصده على شكل القوس لكونه على ساحل البحر مثلاً وكان ثمانية فراسخ قصّر في صـلاته ، وإن كان البُعد الملحـوظ بين الجانبين بنحو الخط المستقيم أقل من ذلك بطبيعة الحال ، لكون المدار على السير الخارجي الابتعادي بأيّ شكل كان كما تقدّم سابقاً ، فهذا هو الامتداد .

   وأمّا إذا  كان السـير مشتملاً على الابتعاد والاقتراب ومتضمّناً للذهاب والإياب فيبعد ثمّ يعود ويقرب كما هو المفروض في المقام ، ولا سيما إذا كان العود في نفس الخط الذي ابتعد فيه ، كما لو خرج من النجف إلى ذي الكفل ثمّ عاد منه إلى بلد آخر واقع في عرضه بحيث كان مقدار من الطريق مشتركاً فيه بين الذهاب والإياب ، فلا ينبغي التأمل في أنّ ذلك معدود من التلفيق ، وليس هو من الامتداد في شيء ، لفرض اشتماله على الابتعاد والاقتراب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 41 .

ــ[302]ــ

   الثالثة : أن يكون عازماً على العود إلى محلّ الإقامة من دون قصد إقامة مستأنفة (1) لكن من حيث إنّه منزل من منازله في سفره الجديد ، وحكمه وجوب القصر أيضاً ((1)) في الذهاب والمقصد ومحلّ الإقامة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومن هنا ذكرنا في المسافة الدورية (2) أ نّه كلّما يبتعد عن المحلّ فهو ذهاب إلى أن يصل إلى منتهى البعد وهي النقطة الموازية للبلد ، وكلّما يأخذ في الاقتراب فهو إياب ، ويكون المجموع من مصاديق التلفيق ، ويقصّر إذا كان كلّ منهما أربعة فراسخ .

   وعلى الجملة : لا يعتبر في التلفيق أن يكون العود إلى نفس المحلّ الذي خرج منه ، بل المناط الاشتمال على الذهاب والإياب والابتعاد والاقتراب وإن كان العود إلى محلّ آخر غير بلده ، وهو متحقّق في المقام حسب الفرض ، فلا مناص عن عدّه من التلفيق .

   فتحصّل : أنّ ما ذكره الماتن من احتساب ذلك من مصاديق المسافة التلفيقية هو الصحيح ، غير أنّ الحكم بالقصر حينئذ مشروط بما إذا لم يكن الذهاب أقل من أربعة فراسخ ، لعدم الدليل على ما اختاره من الاكتفاء بمطلق التلفيق حسبما عرفت .

   (1) لخروجه معرضاً عنه ومنشئاً لسفر جديد ، وإنّما يعود إليه لوقوعه في طريقه وكونه منزلاً من منازل سفره ، وربّما يبيت فيه ليلة أو ليلتين كسائر منازله ، كما لو خرج من النجف إلى الكوفة قاصداً كربلاء ، المستلزم للعود إليه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا في خصـوص إيابه عن المقصد ، وأمّا فيه وفي الذهاب إليه فحكمـه التمـام على الأظهر .

(2) في ص 43 .

ــ[303]ــ

والمرور عنه ، لوقوعه في الطريق ، أو أ نّه اختار العود وإن كان له طريق آخر .

   وقد حكم (قدس سره) حينئذ بوجوب القصر أيضاً في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الاقامة ، وهذا مبني على ما سلكه (قدس سره) من ضمّ الذهاب إلى الإياب مطلقاً وإن كان أقل من أربعة فراسخ ، إذ عليه يتلبّس بالسفر إلى كربلاء مثلاً من حين خروجه من النجف ، لكن بهذا الترتيب المستلزم للعود إليه بما أ نّه منزل من منازله . فهو مسافر وقاصد للمسافة الشرعية التلفيقية من لدن خروجه عن محلّ الإقامة ، الموجب لانقطاع الحكم بالتمام الثابت آنذاك لكونه مغيى بعدم الخروج السفري بمقتضى صحيحة أبي ولاد (1) ، وقد حصلت الغاية فوجب القصر مطلقاً .

   ولكن بناءً على ما عرفت(2) من عدم الاكتفاء بمطلق التلفيق ، وأنّ الذهاب المتعقّب بالإياب لا يعدّ من المسافة الشرعية إلاّ إذا كان أربعة فراسخ ، المفقود في مفروض المسألة ، فذهابه هذا يلغى ولا يحسب جزءاً من السفر وإن خرج معرضاً عن المحلّ . فلا مناص من الإتمام فيه .

   وبعبارة اُخرى : محقّق السفر الشرعي ـ ثمانية فراسخ ـ هو الابتعاد بهذا المقدار ، المنطـبق على الامتداد بحسب ظاهر الدليل ، فكفاية الابتعاد المتعقّب بالرجوع المعبّر عنه بالتلفيق يحتاج إلى الدليل ، ولا دليل إلاّ في صورة خاصّة وهو ما إذا كان الذهاب أربعة ، فالأقل من ذلك لا يعدّ جزءاً من السفر في نظر الشرع وإن قصده المسافر وخرج عن محلّ إقامته معرضاً وعازماً على السفر . فلا مناص فيه من الإتمام كما عرفت . وكذا الحال في المقصد ، إذ ما دام فيه لم يكن شارعاً في السفر ، لتقوّمه بالمشي والسير الخارجي ، وعدم كفاية القصد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدِّمة في ص 284 .

(2) في ص 7 .

ــ[304]ــ

والنيّة المجرّدة .

   وأمّا في الإياب ومحلّ الإقامة فهل الحكم هو التمام أيضاً أو القصر ؟ قد يقال بالأوّل ، نظراً إلى أنّ المستفاد من صحيحة أبي ولاد أنّ المقيم في بلد محكوم بالتمام حتّى يخرج من البلد ، فلا ينقلب الحكم إلى القصر إلاّ إذا تحقّق الخروج والسفر من نفس البلد، والإياب وإن كان سفراً إلاّ أ نّه سفر من المقصد كالكوفة في المثال ، لا من بلد الإقامة ، فلا يقصّر فيه ، لانحصار موجب التقصير بسفر خاص، وهو الذي يكون مبدؤه البلد نفسه على ما هو ظاهر قوله (عليه السلام) : «حتّى تخرج» أي تخرج من محلّ الإقامة . إذن يتم في الإياب وفي محلّ الإقامة إلى أن يخرج منه ، ومتى خرج عنه ينقلب الحكم حينئذ إلى القصر .

   وعليه فيجب التمام في جميع الحالات من الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة ، أمّا في الأولين فلمّا مرّ ، وأمّا في الأخيرين فلهذه النكتة .

   ولكنّه كما ترى ، لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، إذ لا دلالة في الصحيحة على اختصاص الغاية بالسفر الذي يكون مبدؤه محلّ الإقامة ، بل ظاهر قوله (عليه السلام) : «حتّى تخرج» هو التلبّس بالخروج السفري ولو كان ابتداؤه من مكان آخر ، وإلاّ فلو فرضـنا أ نّه خرج عن محلّ الإقامة كالنجف مثلاً إلى الكـوفة لا بقصد السـفر ، بل لغاية من الغـايات كزيارة مسـلم (عليه السلام) بانياً على الرجوع ، ثمّ بدا له السفر من الكوفة إلى الحلّة ، أفهل يمكن القول بعدم التقصير لأ نّه ليس سفراً من محلّ الإقامة ؟ لا يحتمل ذلك جزماً ، فيكشف ذلك عن أنّ الغـاية مطلق الخروج السفري ، أي حتّى ينشئ سفراً جديداً ، سواء أكان من محلّ الإقامة أم من غيره .

   ومع التنزل وتسليم أنّ الصحيحة مجملة من هذه الجهة فتكفينا إطلاقات القصر في السفر ، خرج عنها ناوي الإقـامة ، وأمّا غيره فيبقى تحت الإطلاق




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net