عدم الفرق في بطلان الصوم بين الخبر المكذوب كونه مكتوب في كتاب من 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4483


ــ[145]ــ

   [ 2407 ] مسألة 24 : لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوباً في كتاب من كتب الأخبار أو لا ، فمع العلم بكذبه لا يجوز الإخبار به وإن أسنده إلى ذلك الكتاب (1) ، إلاّ أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الإخبار ، بل لا يجوز الإخبار به على سبيل الجزم مع الظنّ بكذبه ، بل وكذا مع احتمال كذبه ، إلاّ على سبيل النقل والحكاية (2) ، فالأحوط لناقل الأخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر أن يسنده إلى الكتاب أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكفّارة ، لعدم وجود المفطر خارجاً وإن كان الظاهر هو البطلان حينئذ أيضاً من أجل نيّة المفطر وقصده ، التي قد عرفت أنّها بنفسها تستوجب البطلان لفرض تعلّق القصد به أولا ، ولا أثر للرجوع في إزالته كما هو الظاهر .

   (1) إذ المناط في صدق الكذب قصد الحكاية عن الواقع مع عدم المطابقة له ، فمتى تحقّق ذلك فقد كذب وأبطل صومه ، سواء أكان ذلك مكتوباً في كتاب من كتب الأخبار أم لا ، أسنده إلى ذلك الكتاب أم أخبر به ابتداءً ومن غير إسناد ، إذ لا دخالة لشيء من ذلك في تحقّق ما هو المناط في الكذب حسبما عرفت .

   نعم ، لو كان الإخبار على نحو الحكاية عن ذلك الكتاب لا الحكاية عن الواقع لم يكن كذباً ، لصدقه في هذه الحكاية .

   (2) يقع الكلام في الإخبار الجزمي تارةً : مع العلم بكذب الخبر ، واُخرى : مع الظن به ، وثالثةً : مع الشكّ .

   أمّا مع العلم به والقطع بمخالفته للواقع : فإن فسّرنا الكذب بأ نّه الإخبار على خلاف الاعتقاد ـ كما قيل به واستشهد له بقوله تعالى : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ

ــ[146]ــ

المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )(1) حيث حكم تعالى عليهم بالكذب بمجرّد  المخالفة لاعتقادهم وإن كان ما أخبروا به من رسالة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) مطابقاً للواقع ـ فقد تحقّق البطلان في المقام بمجرّد الإخبار وإن انكشف بعد ذلك أ نّه كان مطابقاً للواقع ، لتحقّق موضوعه بتمامه ، وهو التعمّد إلى الإخبار بما يعتقد خلافه ، الذي هو المناط في الكذب حسب الفرض .

   وإن فسّرناه ـ كما هو الظاهر ـ بأنّه الإخبار على خلاف الواقع وأنّ الاعتقاد طريقٌ إليه والآية المباركة لا تنافيه ـ لما قيل في محلّه من أنّ تكذيبهم راجع إلى قولهم : نشهد أنّك ... إلخ ـ فحينئذ إن كان مخالفاً للواقع فقد تعمّد الكذب وبطل صومه ، وأمّا إذا انكشف أ نّه مطابقٌ للواقع فهو وإن لم يرتكب المفطر لانتفاء الكذب فلا كفّارة عليه ، وإلاّ أ نّه مع ذلك يبطل صومه من أجل نيّة المفطر ، فالصوم باطل على كلّ حال ، طابق الواقع أم خالف ، وإنّما الفرق من حيث ترتّب الكفّارة وعدمه .

   وأمّا مع الظن فحيث إنّه لا دليل على حجّيّته فيلحق بالشكّ ، وحكمه عدم جواز الإخبار بدون العلم بالواقع على صورة الجزم ، سواء أكان ظانّاً به أم بعدمه أم شاكّاً ، وهذا ممّا لا كلام فيه حسبما دلّت عليه الآيات ، التي منها قوله تعالى : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )(2) .

   وإنّما الكلام في إبطاله للصوم ، فربّما يقال بعدم البطلان ، نظراً إلى الشكّ في مخالفته للواقع، الموجب للشكّ في حصول الإفطار به، فيرجع إلى أصالة البراءة، بل لا حاجة إلى التمسّك بالأصل، للعلم بعدم المفطريّة واقعاً، لأ نّه إن كان مطابقاً للواقع فلا كذب أصلا ، وإن كان مخالفاً فلا تعمّد إليه ، فإنّ المفطر خصوص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المنافقون 63 : 1 .

(2) يونس 10 : 68 .

ــ[147]ــ

التعمّد إليه كما سيجيء إن شاء الله تعالى(1) ، المنتفي في المقام بعد فرض الشكّ في المطابقة .

   أقول : بل الظاهر هو البطلان ، لصدق العمد بعد تنجّز الاحتمال ، لأجل كونه من أطراف العلم الاجمالي ، الذي لا مجال معه للرجوع إلى أصالة البراءة ، حيث إنّه يعلم إجمالا بكذب أحد الأمرين إمّا ذاك الخبر المفروض أو نقيضه ، وإنّ أحد الإسنادين إلى الإمام (عليه السلام) مخالفٌ للواقع جزماً ، فمثلا : لو فرض أنّ الخبر المشكوك مطابقته للواقع هو أنّ الصادق (عليه السلام) قال : إنّ الشيء الفلاني حرام ، فيعلم إجمالا بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع ـ  أمّا هذا الخبر ، أو خلافه وهو أ نّه قال الصادق (عليه السلام) : الشيء الفلاني بعينه حلال  ـ وأنّ أحدهما كذب قطعاً ، فبالعلم الإجمالي يتنجّز الواقع لا محالة ، ولا مجال معه للرجوع إلى أصالة البراءة .

   ونتيجة ذلك : أ نّه يكون قد تعمّد الكذب اختياراً على تقدير كون الخبر مخالفاً للواقع ، نظير ما لو علم إجمالا أنّ أحد الإناءين خمر ، فشرب أحدهما وصادف الواقع ، فإنّ الإقدام مع الاحتمال غير المقرون بالمؤمّن الموجب لتنجزّ الواقع كاف في صدق العمد إلى شرب الخمر . ففي أيّ مورد أقدم مع تنجّز الواقع فقد تعمّد ، سواء أكان في موارد العلم الإجمالي أو الشبهات قبل الفحص .

   ففي المقام إذا انكشف مخالفة الخبر للواقع واتّصافه بالكذب فقد تعمّد الكذب حينئذ وبطل صومه ، بل هو باطل وإن لم ينكشف ،لأنه مع هذا العلم الإجمالي قاصدٌ للكذب على تقدير مخالفة الواقع كما عرفت ، فيوجب ذلك إخلالا بنيّة الصوم ، لأنّ اللازم على الصائم نيّة الإمساك عن جميع المفطرات في جميع الآنات وعلى جميع التقادير ، والمفروض أ نّه غير ناو للإمساك عن الكذب على تقدير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 265 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net