حكم إكراه غير الصائم زوجته الصائمة على الجماع 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5085


ــ[374]ــ

   [ 2487 ] مسألة 18 : إذا كان الزوج مفطراً بسبب كونه مسافراً أو مريضاً أو نحو ذلك وكانت زوجته صائمة، لا يجوز له إكراهها على الجماع (1) ، وإن فعل لا يتحمّل عنها الكفّارة ولا التعزير . وهل يجوز له مقاربتها وهي نائمة ؟ إشكال ((1)) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحكام ، مثل : إلحاق الولد ، ونحو ذلك .

   وعلى الجملة : لا خصوصية للموطوءة شبهةً ، بل هي كالأجنبيّة في الخروج عن مورد النصّ ، فلا موجب للتعدّي إلى شيء منهما .

   (1) أمّا مع مطاوعتها فلا إشكال في تعلّق الكفارة بها ، وأمّا مع الإكراه فيقع الكلام في جهتين :

   تارةً : في أنّ الزوج هل يتحمّل كفّارتها كما كان يتحمّل لدى كونه صائماً؟

   وقد ظهر الحال في هذه الجهة ممّا تقّدم ، وأ نّه لا تحمّل في المقام ، إذ هو على خلاف القاعدة ، والنصّ أو الاجماع يختصّ بما إذا كانا صائمين معاً ، ففرض صوم الزوجة فقط خارجٌ عن الدليل المخصّص باق تحت مقتضى القواعد .

   واُخرى : في جواز هذا العمل في نفسه وأ نّه هل يسوغ للزوج المفطر إكراه زوجته الصائمة على الجماع ، أو أ نّه حرام ؟

   ادّعى بعضهم حرمته ، باعتبار أ نّه لا يجوز لأحد أن يكره غيره فيما ليس له عليه حقّ ، إذ ليس لأحد السلطنة على غيره بإجباره إلاّ لأجل إحقاق حقّه المشروع الثابت له عليه ، كما لو أكره الغريم المماطل على أداء الدين ، وأمّا فيما لا حقّ له ـ كما في المقام ، حيث إنّ الزوج ليس له حقّ الانتفاع في هذا الحال ـ فلا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إلاّ أنّ الجواز غير بعيد .

ــ[375]ــ

يسوغ له الإجبار ، لأنّ حرمة الإفطار عليها مانعٌ عن ثبوت هذا الحق ، إلاّ أن يقال بعدم المانعيّة .

   فبنوا المسألة على المناقشـة الصغرويّة وأنّ وجوب الصوم عليها هل يمنع الزوج عن حقّ الانتفاع من البضع ، أو لا ؟

   فعلى تقدير المنع وانتفاء الحقّ لا يجوز له الإجبار وإلاّ جاز .

   ولكنّ الظاهر أنّ الكبرى في نفسها غير تامّة وإن سلّمنا الصغرى وبنينا على المانعيّة ، إذ لا دليل على حرمة إكراه الغير على ما ليس له فيه الحقّ على نحو الكبرى الكلّيّة .

   نعم ، لو كان العمـل المكرَه عليه محرّماً ـ كشرب الخمر ـ أو كان المتوّعد عليه شيئاً لا يسوغ ارتكابه في حدّ نفسه ـ كما لو هدّده بالقتل أو الضرب أو الهتك ، أو خوّفه بنحو ذلك من أقسام الإيذاء التي لايجوز ارتكابها شرعاً ، من أجل أنّ تخويف المؤمن حرام وإن لم يكن في البين أيّ إكراه ـ كان الإكراه المزبور حراماً حينئذ كما هو ظاهر .

   وأمّا لو لم يكن لا هذا ولا ذاك فيلزمه ويكرهه على عمل سائغ ـ وإن لم يكن له فيه الحقّ ـ بتوعيده بما هو أيضاً سائغ في حدّ نفسه ، كما لو فرضنا أنّ الزوجة تعمل عملا غير مناف لحقّ الزوج من كتابة أو خياطة أو مطالعة ونحو ذلك ممّا لا ينافي حقّ الاستمتاع ، ولكن الزوج لا يعجبه ذلك العمل ولا يرضى به فيهدّدها بالطلاق أو بالتسرّي عليها ، أو بترك الإنفاق على ابنتها التي هي ربيبته ، ونحو ذلك ممّا هو سائغ على الزوج ومرخّص في ارتكابه شرعاً ، فلا دليل على حرمة مثل هذا الإكراه ، فإنّ الإكراه من حيث هو إكراه لا حرمة فيه ، لعدم كونه ظلماً ولا تعدّياً ، وإنّما هو إلزام وتوعيد للغير بأن يفعل كذا أو يترك كذا .

ــ[376]ــ

   فإذا فرضنا أنّ الفعل المكرَه عليه يصدر عن المكرِه على وجه سائغ ، والإكراه أيضاً بشيء هو سائغ للمكره ، كما لو كانت المرأة مستطيعة ولكن الزوج لاتسمح له نفسه بذهابها إلى الحجّ ، فيعدم موضوع الاسـتطاعة بالإكراه ، فيقول : إن ذهبتِ إلى الحجّ طلّقتكِ أو تزوجت عليكِ اُخرى وكلّ من الطلاق والتزوج حرج عليها ، وهو أمر سائغ في الشريعة المقدّسة ، حتّى ابتداءً ومن غير إكراه ، أفهل هناك مانع من جواز هذا الإكراه ؟

   والمقام من هذا القبيل ، فإنّ تمكين الزوجة الصائمة وإن كان حراماً إلاّ أ نّه بالإكراه يرتفع موضوع الحرمة بمقتضى حديث الرفع فيصدر عنها الفعل بنحو سائغ ، فإذا أكرهها الزوج بالتوعيد بشيء هو سائغ له من الطلاق ونحوه فأيّ مانع من هذا الإكراه ؟!

   وعلى الجملة : لم يقم أيّ دليل على هذه الكبرى ـ أعني : عدم جواز الإكراه على ما ليس له فيه حقّ ـ فإنّه وإن لم يكن له حقّ في العمل المكره عليه إلاّ أ نّه قد يكون له حقّ آخر ، وهو الحقّ فيما به يتحقّق الإكراه والتوعـيد ، نظراً إلى حلّيّته وجـوازه وأ نّه أمر سـائغ له حلال عليه مرخّص في ارتكابه شرعاً ، كالطلاق أو التزويج بامرأة اُخرى ونحوهما ممّا عرفت .

   فهذه الكبرى غير ثابتة ولا نناقش في المسألة من هذه الجهة ، وإنّما الذي ينبغي التكلّم فيه هو أ نّه هل يجـوز الإكراه على أمر محرّم في نفسـه ولو كان المتوعدّ عليه مباحاً؟ فإنّ الحرام الصادر عن المكرِه وإن كان حلالا حال الإكراه بمقتضى حديث رفع الإكراه إلاّ أنّ الشأن في أ نّه هل يجوز إيجاد موضوع الجواز بالإكراه أو لا ؟ فلا بدّ من البحـث عن هذه النكـتة التي هي مبنى المسـألة ، لا  البحث عن جواز الإكراه فيما لا حقّ له ، الذي لا ينبغي التأمّل في جوازه حسبما عرفت .

ــ[377]ــ

   فنقول : الظاهر عدم الجواز ، فإن الشارع أو المولى العرفي إذا نهى شخصين أو جماعة عن ارتكاب عمل ، يفهم العرف من ذلك أنّ المبغوض للمولى هو صدور هذا العمل وتحـقّقه خارجاً من غير خصوصيّة لجهة الإصدار ، وأنّ المتصدّي له هل هو الفاعل بالمباشرة أو بالتسبيب ، ولا ينبغي التأمّل في أنّ هذا هو مقتضى الفهم العـرفي ، فلو منع المولى شخصين عن الدخول عليه فأكره أحدهما الآخر وأجبره على الدخول يعاقب المكرِه على فعله التسبيبي وإن كان المكرَه معذوراً في عمله .

   وعليه، فالمستفاد ممّا دلّ على حرمة الجماع حال الصوم أنّ الشارع لا يرضى بتحقّق هذا الفعل الخارج وأنّ مطلق وجوده مبغوض له ، وقصارى ما يقتضيه حديث رفع الإكراه هو رفع المؤاخذة والعقاب دون المبغوضيّة، فالفاعل بالمباشرة معـذور في ايجاد هذا المبغوض بمقتضى الحديث ، وأمّا الفاعل بالتسـبيب فقد أوجد المبغوض للمولى من غير عذر، وبذلك يكون مرتكباً للحرام بطبيعة الحال .

   وعلى هذا الأساس بنينا في كتاب الطهارة على عدم جواز تقديم الطعام أو الشراب النجس إلى المكلف الجاهل ليأكله أو يشربه ، فإنّ المباشر وإن كان معذوراً لجهله ـ كما هو معذور في المقام من جهة الإكراه حسبما عرفت ـ إلاّ أنّ الفاعل بالتسبيب غير معذور في التصدّي لايجاد مبغوض المولى خارجاً ، حيث انّه يستفاد من دليل المنع عن أكل النجس أو شربه عدم رضا الشارع بتحقّق هذا العمل خارجاً . وقد عرفت أنّ الفهم العرفي يقتضي عدم الفرق بين الفاعل بالمباشرة أو بالتسبيب .

   نعم ، يتوقّف ما ذكرناه على ما إذا كان المقتضي للحرمة محرزاً كما في المقام ، وأمّا لو شكّ في تحقّقه لفقد ما يحتمل دخله فيه فضلا عمّا علم الدخل كصدور الفعل عن الفاعل المختار فسبّب أحدٌ في صدوره عمّن لا شعور له ولا اختيار ،




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net