السابع : الإفطار تقليداً لمن أخبر بدخول الليل \ الثامن : الإفطار لظلمة أوجبت القطع بحصول الليل فبان خطأه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4620


   السابع : الإفطار تقليداً لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جائزاً له لعمى أو نحوه ، وكذا إذا أخبره عدل بل عدلان ، بل الأقوى وجوب الكفّارة أيضاً إذا لم يجز له التقليد (2) .

ــــــــــــــــــــــــ
   (2) أمّا إذا لم يكن خبر المخبر حجّة إمّا لعدم كونه ثقة أو لأجل البناء على عدم اعتبار خبر الثقة في الشبهات الموضوعيّة ، فلا شكّ في وجوب القضاء بل الكفّارة أيضاً وإن لم ينكشف الخلاف فضلا عن الانكشاف ، نظراً إلى عدم جواز الإفطار ما لم يحرز دخول الليل بحجّة شرعيّة ، اسـتناداً إلى استصحاب بقاء

ــ[424]ــ

النهار ، أو عدم دخول الليل ، فهذا الإفطار محكوم شرعاً بوقوعه قبل الليل أو في النهار الذي هو موضوع لوجوب القضاء ، وكذا الكفّارة ، إلاّ إذا كان جاهلا بالمسألة فتخيّل أنّ إخبار كل مخبر بانقضاء النهار يسوّغ الإفطار ، فإنّه لا كفّارة حينئذ ، بناءً على أنّ الجاهل لا كفّارة عليه .

   وأمّا إذا كان خبره حجّة ، إمّا لحجّيّة خبر الثقة ، أو لفرض قيام البيّنة ، فأفطر استناداً إليها ثمّ انكشف الخلاف ، فقد ذهب صاحب المدارك (قدس سره) حينئذ إلى عدم وجوب القضاء، لأ نّه عمل بوظيفته بمقتضى قيام الحجّة الشرعيّة ، فإذا  كان الإفطار بحكم الشارع وبترخيص منه لم يكن أيّ وجه للقضاء فضلا عن الكفارة(1) .

   ولكنّه واضح الدفع ، ضرورة أنّ الحكم الشرعي المزبور ظاهري مغيّى بعدم انكشاف الخلاف ، والبيّنة لا تغيّر الواقع ولا توجب قلبه ، فهذا الإفطار قد وقع في النهار ، ومثله محكوم بالبطلان بمقتضى إطلاق ما دلّ على وجوب الإمساك فيما بين الفجر إلى الغروب ، غايته أ نّه معذور في ذلك لأجل قيام الحجّة .

   وعلى الجملة : الجواز التكليفي ظاهراً لا يلازم الصحّة الواقعيّة ، فبعد تبيّن الخلاف ينكشف عدم الإتيان بالوظيفة ، فلا مناص من القضاء إلاّ إذا تعدّينا عن مورد النصّ الآتي الوارد فيمن أفطر بظنّ دخول الوقت ، ولكن التعدّي لا وجه له .

   ودعوى القطع بعدم الخصـوصيّة مجازفة ظاهرة ، فلابدّ من الاقتصار على مورد النصّ .

   وملخّص الكلام : أ نّه في كلّ مورد جاز الإفطار بحكم ظاهري ـ إمّا من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 6 : 94 .

ــ[425]ــ

   الثامن : الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطأه ولم يكن في السماء علّة ، وكذا لو شكّ أو ظنّ بذلك منها ، بل المتّجه في الأخيرين الكفّارة أيضاً، لعدم جواز الإفطار حينئذ، ولو كان جاهلا بعدم جواز الإفطار فالأقوى عدم الكفّارة وإن كان الأحوط إعطاؤها .

   نعم ، لو كانت في السماء علّة فظنّ دخول الليل فأفطر ثمّ بان له الخطأ لم يكن عليه قضاء فضلا عن الكفّارة (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أوّل الوقت استناداً إلى استصحاب بقاء الليل ، أو من آخره استناداً إلى قيام حجّة معـتبرة على دخول الليل ـ ثمّ انكشف الخلاف ، فإفطاره هذا وإن كان مشروعاً لكونه مسموحاً به من قبل الشارع ، إلاّ أ نّه لا محيص عن القضاء بمقتضى القاعدة بعد فوات الفريضة في ظرفها وعدم الدليل على إجزاء الناقص عن الكامل .

   نعم ، لا كفّارة عليه ، لفقد العمد كما هو ظاهر .

   (1) لو أفطر بمظنّة دخول الليل لظلمة ونحوها فبان خطأه فهل يجب القضاء حينئذ ؟

 اختلفت كلمات الفقهاء في هذه المسألة اختلافاً عظيماً ، ولا تكاد تجتمع على شيء واحد كما أشار إليه في الجواهر والحدائق(1) ، بل لم يُعلَم المراد من بعض الكلمات ـ كالشرائع(2) ـ حيث عبّر بالوهم ، ولم يُعلم أ نّه يريد به الظنّ أو الشكّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جواهر الكلام 16 : 283 ، الحدائق 13 : 105 ـ 106 .

(2) الشرائع 1 : 221 .

ــ[426]ــ

   ومحصّل المطلب : أنّ من فعل المفطر بتخيّل عدم طلوع الفجر أو بتخيّل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور ، إلاّ في صورة ظنّ دخول الليل مع وجود علّة في السماء من غيم أو غبار أو بخار((1)) أو نحو ذلك ، من غير فرق بين شهر رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب .

   وفي الصور التي ليس معذوراً شرعاً في الإفطار ، كما إذا قامت البينّة على أنّ الفجر قد طلع ومع ذلك أتى بالمفطر ، أو شكّ في دخول الليل أو ظنّ ظنّاً غير معتبر ومع ذلك أفطر ، يجب الكفّارة أيضاً فيما فيه الكفّارة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو الجامع بينهما ، وفصّل بعضهم ـ كابن إدريس(2) ـ بين الظنّ القوي والضعيف .

   وكيفما كان ، فلا بدّ من التكلّم في مقامين : أحدهما في أصل جواز الإفطار وعدمه . والآخر في وجوب القضاء لو أفطر .

   أمّا الأوّل : فلا ينبغي الإشكال في عدم جواز الإفطار ما لم يتيقّن ولو يقيناً تعبّدياً مسـتنداً إلى حجّة شرعيّة بدخول الوقت ، لاستصحاب بقاء النهار وعدم دخول الليل الذي هو موضوع لوجوب الإمساك فلو أفطر والحال هذه : فإن انكشف أ نّه كان في الليل فلا اشكال ، غايته أ نّه يجري عليه حكم المتجرّي ، وإن لم ينكشف فضلا عمّا لو انكشف الخلاف وجبت عليه الكفّارة والقضاء، لأنّه أفطر في زمان هو محكوم بكونه من النهار شرعاً بمقتضى التعبّد الاستصحابي .

   وقد تعرّضنا لهذه المسألة في كتاب الصلاة واستشهدنا بجملة من الروايات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأحوط اختصاص الحكم بالغيم .

(2) السرائر 1 : 377 ـ 378 .

ــ[427]ــ

الدالّة على عدم جواز الإتيان بالصلاة ما لم يثبت دخول الوقت بدليل شرعي ، ولا يكفي الظنّ به ، لعدم الدليل على حجّيّته إلاّ في يوم الغيم ، لورود النصّ على جواز الاعتماد حينئذ على الامارات المفيدة للظنّ ، كصياح الديك ثلاث مرّات ولاءً ، وذاك الكلام يجري بعينه في المقام أيضاً بمناط واحد .

   وأمّا الثاني : فبالنسبة إلى الصلاة لا إشكال في وجوب الإعادة ، لوقوعها في غير وقتها كما تقدّم في بحث الأوقات .

   وأمّا بالنسبة إلى الصوم ففيه خلاف عظيم كما مرّ ، حتّى أ نّه نُسِب إلى فقيه واحد قولان في كتابين بل في كتاب واحد، والمتّبع هو الروايات الواردة في المقام ، فقد دلّت جملة منها على عدم القضاء ، وهي :

   صحيحة زرارة ، قال : «قال أبو جعفر (عليه السلام) : وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإنّ رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكفّ عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئاً»(1).

   ومعـتبرته الاُخرى ـ التي هي إمّا صحيحة أو في حكم الصحيحة ، لمكان اشتمال السند على أبان بن عثمان ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث : أ نّه قال لرجل ظنّ أن الشمس قد غابت فأفطر ثمّ أبصر الشمس بعد ذلك «قال : ليس عليه قضاء»(2) .

   ورواية أبي الصباح الكناني : عن رجل صام ثمّ ظنّ أنّ الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ، ثمّ إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب «فقال : قد تمّ صومه ولا يقضيه»(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 122 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 51 ح 1 .

(2) ، (3) الوسائل 10 : 123 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 51 ح 2 ، 3 .

ــ[428]ــ

   ورواية زيد الشحّام : في رجل صائم ظنّ أنّ الليل قد كان وأنّ الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر ، ثمّ إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب «فقال: تمّ صومه ولايقضيه»(1).

   وبإزائها الموثّقة التي رواها الكليني تارةً عن أبي بصير وسماعة واُخرى عن سماعة خاصّة مع اختلاف يسير في المتن ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أ نّه الليل فأفطر بعضهم ، ثمّ إنّ السحاب انجلى فإذا الشمس «فقال : على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ، ان الله عزّ وجلّ يقول : (أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الليْلِ) ، فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه ، لأ نّه أكل متعمّداً»(2) وفي السند الآخر : فظنّوا بدل : فرأوا .

   فإنّ مقتضى استدلاله (عليه السلام) بالآية المباركة أنّ الواجب من الصيام ليس هو طبيعي الإمساك ، بل خصوص ما بين الحدّين ، فيجب الإنهاء إلى الليل ، وحيث لم يتحقّق ذلك لفرض إفطاره قبله وإن لم يعلم به وجب عليه القضاء ، لعدم الإتيان بالواجب على ما هو عليه ، ولأجله فرّع عليه قوله (عليه السلام) : «فمن أكل» إلخ ، إيعازاً إلى عدم حصول المأمور به في مفروض السؤال ، فهي تدلّ على وجوب القضاء في محلّ الكلام ، وموردها السحاب والغيم الذي هو القدر المتيقّن من الظنّ .

   هذا ، وقد نسب في الجواهر إلى المعظم أنّهم استدلوا لما ذهبوا إليه من القضاء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 123 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 51 ح 4 .

(2) الوسائل 10 : 121 /  أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 50 ح 1 ، الكافي 4 : 100 / 2 و 1 . والآية في البقرة 2 : 187 .

ــ[429]ــ

بهذه الموثّقة(1) بعد الطعن في بقيّة الروايات بضعف الدلالة في صحيحة زرارة ـ  نظراً إلى أنّ مضيّ الصوم لا يستلزم عدم القضاء ، فإنّ «مضى» بمعنى : فعل وانقضى ، وهو لا يدلّ على نفي القضاء بوجه ـ وضعف السند في بقية الروايات ، فلا يمكن أن يعارض بها الموثّقة .

   ثمّ اعترض (قدس سره) على ذلك بأنّ المضيّ مساوق للنفوذ الملازم للصحّة فلا معنى للقضاء ، فالمناقشة في الدلالة واهية ، وذكر (قدس سره) أنّ الطعن في السند في غير محلّه ، فإنّ روايات المقام كلّها صحاح كما يظهر بمراجعة الرجال .

   أقول : أمّا اعتراضه على تضـعيف الدلالة ففي محلّه ، إذ لا معنى للمضيّ إلاّ الصحّة الملازمة لنفي القضاء كما ذكره ، مضافاً إلى أنّ روايته الاُخرى ـ التي هي معتبرة على كلّ حال ، إمّا صحيحة أ ومصحّحة كما مرّ ـ مصرّحة بنفي القضاء ، وكأنّ المناقش قصر نظره على الصحيحة الاُولى فحاول التشكيك في مفادها وغفل عن الاُخرى المصرّحة بالمطلوب .

   وأمّا منعه من ضعف السند بدعوى أنّ تلك الروايات جميعها صحاح ، فلا  يخلو من غرابة :

   أمّا رواية الكناني : فمخدوشة بأنّ الراوي عنه ـ أعني : محمد بن فضيل ـ مشترك بين الظبيّ الثقة والأزدي الضعيف ، وكلاهما في عصر واحد وفي طبقة واحدة ، وليس في البين أيّ مميّز كما صرّح به الشهيد الثاني في مقام آخر(2) .

   نعم ، حاول الأردبيلي في جامعه إثبات أنّ محمّد بن فضيل هذا هو محمّد بن القاسم بن فضيل الذي هو ثّقة ومن أصحاب الرضا (عليه السلام) ، فنسب إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جواهر الكلام 16 : 285 .

(2) وجدناه محكيّاً عن ابن الشهيد الثاني في منتهى المقال 6 : 160 .

ــ[430]ــ

جدّه ولم يذكر والده ، وأقام شواهد على ذلك(1) .

   وكلّها على تقدير صحّتها وتماميّتها لا تفيد أكثر من الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شـيئاً وإن أطال الكـلام فيها ، إذ بعد أن كان الظبيّ والأزدي أيضاً من أصحاب الرضا ولهما روايات كثيرة فكيف يمكن الجزم بأنّ المراد به ما ذكره من غير أيّة قرينة تقتضيه ؟! وما ذكره من الشواهد لاتخرج عن حدود الظنّ كما عرفت .

   وعليه ، فيعامل مع الرواية معاملة الضعيف بطبيعة الحال .

   وتوضيح المقام: أنّ الأصل فيما  ذكره  الأردبيلي هو ما في رجال السيّد التفريشي، حيث ذكر عند ترجمة ابراهيم بن نعيم العبدي ـ الذي هو اسم لأبي الصباح الكناني ـ أ نّه روى عنه محمّد بن الفضيل ، وذكر أنّ الصدوق في كتاب الفقيه روى كثيراً عن محمّد بن فضيل عن الكناني(2) . ولم يذكر في المشيخة طريقة إليه ، وإنّما ذكر فيها طريقه إلى محمّد بن القاسم بن فضيل مع أ نّه لم يرو عنه في الفقيه إلاّ في موضعين . ومن البعيد عقد الطريق لأجل هذين الموضعين وإهماله الطريق إلى من روى عنه كثيراً ـ أعني : محمّد بن فضيل ـ فلأجل هذه القرينة يستكشف أنّ مراده من محمّد بن فضيل هو محمّد بن القاسم بن فضيل .

   ثمّ استدرك أخيراً هذا الكلام وقال : لعلّ الصدوق لم يذكر في المشيخة طريقه إلى محمّد بن فضيل كما لم يذكر طريقه إلى الكناني أيضاً ، مع أ نّه روى كثيراً عنه أيضاً(3) ، فلا يمكن استكشاف أنّ مراده به هو محمّد بن القاسم بن فضيل .

   أقول : ما ذكره أخيراً هو الصحيح ، فإنّ الصدوق يروي في موارد كثيرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جامع الرواة 2 : 174 ـ 175 .

(2) نقد الرجال 1 : 92 / 158 .

(3) نقد الرجال 1 : 94 .

ــ[431]ــ

ـ  لعلّها تقرب من مائة مورد  ـ روايات عن أشخاص ولم يذكر طريقه إليهم في المشيخة ، وهم أجلاّء معروفون منهم : الكناني الذي يروي عنه أكثر ممّا يروي عن محمّد بن فضيل ، ومنهم : بريد ويونس بن عبدالرّحمن وجميل بن صالح وحمران بن أعين وغيرهم من الأجلاّء المشهورين المعروفين ، الذين روى عنهم في الفقيه كثيراً وأهملهم في المشيخة إمّا غفلةً وخطأً أو لأمر آخر لا ندري به ، فليكن محمّد بن فضيل من قبيل هؤلاء، كما أ نّه ربّما ينعكس الأمر فيذكر طريقه في المشيخة إلى من لم يرو عنه في الفقيه أصلا ولا رواية واحدة .

   وعلى الجملة : فلا يمكن استكشاف أنّ المراد من محمّد بن فضيل هو محمّد ابن القاسم بن فضيل بوجه . وعليه ، فرواية الكناني في المقام ضعيفة كما ذكرناه .

   وأمّا رواية زيد الشحّام : فهي ضعيفة جدّاً ، لأنّ في السند أبا جميلة مفضّل بن صالح الذي صرّح بضعفه كلّ من تعرّض له من علماء الرجال ، وليت شعري كيف يدّعي صاحب الجواهر أنّ الروايات كلّها صحاح وفيها هذه الرواية وهي بهذه المثابة من الضعف ؟!

   وبالجملة : فهاتان الروايتان ضعيفتان ، والعمدة هي الثلاثة الباقية ، أعني : صحيحتي زرارة الواقعتين بإزاء موثّقة سماعة .

   أمّا الموثّقة : فهي واضحة الدلالة على الوجوب كما سبق .

   والمناقشة فيها بأنها غير ناظرة إلى القضاء في مفروض السؤال ، بل إلى الإتمام والإمساك بعد ظهور الشمس ، لقوله تعالى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَام إِلَى الليْلِ) ، والقضاء المذكور بعد ذلك بيانٌ لحكم الآخرين ممّن يأكل قبل أن يدخل الليل .

   ساقطةٌ جدّاً ، فإنّ سياقها يشهد بأنّها ناظرة إلى القضاء ، فإنّ الإمام (عليه السلام) أثبت الصغرى مستشهداً بالآية المباركة ، ثمّ تعرّض لحكم آخر مترتّب على هذا الحكم فذكر أوّلا : أن أمد الإمساك هو ما بين الحدّين ، لقوله تعالى :

ــ[432]ــ

(ثُمَّ أَتِمُوا الصِّيَامَ إِلَى الليْلِ) ، ثمّ بيّن : أنّ من أكل قبله كان عليه القضاء ، فهذا الشخص أيضاً يجب عليه القضاء ، لأنّه أكل واقعاً قبل الليل وان لم يعلم به .

   فالمناقشة في دلالة الموثّقة غير مسموعة جزماً ولا تقبل التأويل بوجه .

   وهذا الحكم ـ أعني : وجوب القضاء ـ مطابق لمقتضى القاعدة ، فإنّه وإن جاز الأكل بظنّ الوقت إذا لم يتمكّن من العلم ـ إمّا في خصوص الغيم كما هو الصحيح ، أو مطلقاً على الخلاف المقرّر في محلّه ـ إلاّ أ نّه حيث لم يتحقّق المأمور به على وجهه ولا دليل على إجزاء الناقص عن الكامل فلا مناص من القضاء .

   وأمّا الصحـيحتان اللتان هما بإزاء الموثّقة وكلتاهما عن أبي جعـفر (عليه السلام) : فلا يبعد بل من المطمأنّ به أنّهما رواية واحدة نقلها زرارة بالمعنى بكيفيّتين مع نوع مسامحة في التعبير ، إذ قد فرض في أولاهما رؤية القرص بعد الغيبوبة ، فإنّه بظاهره غير معقول ، إذ كيف تُرى الشمس بعد غيابها في الاُفق ؟! فلا بدّ من فرض قيام الحجّة على السقوط : إمّا العلم الوجداني وإن كان بعيداً غايته كما لا يخفى ، أو الظنّ المعتبر، فيتّحد مفادها مع الصحيحة الاُخرى المصرّحة بالظنّ بالغيبوبة التي لا مناص من أن يراد بها الظنّ المعتبر كما قيّدناه به ، وإلاّ فغير المعتبر تجب معه الإعادة ، سواء رأى القرص بعد ذلك وأبصر الشمس أم لا ، لعدم كونه محرزاً حينئذ لدخول الوقت بحجّة شرعيّة ، ولا شكّ ولا كلام في أنّ الظـنّ مطلقاً ليس حجّة في الوقـت ، وقد وردت روايات دلّت على لزوم إحراز دخول الوقت ، فلابدّ من فرض حجيّة الظنّ في المقام بحيث لم تكن حاجة إلى الإعادة لو لم ير القرص بعد ذلك . وقد ذكرنا في بحث الصلاة أنّ الظنّ حجّة إذا كان في السماء مانع من خصوص الغيم ـ كما هو الصحيح ـ أو مطلق العلّة .

   وعليه ، فتحمل الصحيحة بطبيعة الحال على ما إذا كان في السماء مانع ـ إمّا السحاب أو الأعمّ منه ـ فتجب إعادة الصلاة لدى انكشاف الخلاف دون الصوم




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net