وجوب القضاء على من فاته الصوم لنوم أو غفلة - حكم دوران الفائت بين الأقلّ والأكثر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4375


ــ[165]ــ

   [ 2526 ] مسألة 5 : يجب القضاء على من فاته الصوم للنوم بأن كان نائماً قبل الفجر إلى الغروب((1)) من غير سبق نيّة (1) ، وكذا من فاته للغفلة كذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا تفعل ، فإنّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة»(2) .

   ولكنّها ضعيفة السند جدّاً ، لجهالة طريق الشهيد إلى كتاب سعد بن عبدالله ، ولم توجد في غيره من كتب الأخبار ، أضف إلى ذلك جهالة الرجال المتخلّلين ما بين سعد وعمّار ، فهي إذن ساقطة عن درجة الاعتبار ، ولا يمكن التعويل عليها في الخروج عن مقتضى القواعد .

   وعلى الجملة : مورد النصوص المتقدّمة إمضاء الأعمال السابقة على سبيل الشرط المتأخّر وأنّها محكومة بالصحّة على تقدير التعقّب بالاستبصار ، فلا يجب عليه القضاء .

   وأمّا تصحيح عمل لم يأت به أصلا لعذر أو لغير عذر ، أو أتى به فاسداً بحيث كان عنده في حكم العدم كي لا يجب قضاؤه كما في الكافر ، فلم ينهض عليه أىّ دليل ، والنصوص المزبورة لا تقتضيه حسبما عرفت .

   (1) لبطلان الصوم غير المسبوق بالنيّة فوجب قضاؤه ، أمّا مع السبق فلا يضرّ النوم ، لعدم منافاته مع عباديّة الصوم كما تقدّم(3) .

   ثمّ إنّه في فرض عدم السبق لا حاجة في الحكم بالبطلان والقضاء إلى فرض استمرار النوم إلى الغروب كما صنعه في المتن ، بل يكفي فيه الانتباه عند الزوال ، لعدم الدليل على جواز تجديد النيّة بعد الزوال في صوم الفريضة بلا إشكال ، بل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل إلى الزوال والاحتياط فيما إذا انتبه بعد الفجر لا يترك .

(2) الوسائل 8 : 127 /  أبواب مقدّمة العبادات ب 31 ح 4 ، الذكرى : 136 .

(3) شرح العروة 21 : 37 ـ 45 .

ــ[166]ــ

   [2527] مسألة 6 : إذا علم أ نّه فاته أيّام من شهر رمضان ودار بين الأقلّ والأكثر (1) يجوز له الاكتفاء بالأقلّ ، ولكن الأحوط قضاء الأكثر خصوصاً إذا كان الفوت لمانع من مرض أو سفر أو نحو ذلك وكان شكّه في زمان زواله ، كأن يشكّ في أ نّه حضر من سفره بعد أربعة أيّام أو بعد خمسة أيّام ـ  مثلا  ـ من شهر رمضان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكذا قبله على الأصحّ ، بناءً على ما عرفت سابقاً من أنّ تجديد النيّة والاجتزاء بالناقص بدلا عن الكامل خلاف الأصل يقتصر فيه على مورد قيام الدليل كالمسافر الذي يقدم أهله قبل الزوال ولم يحدث شيئاً، وأمّا غيره ـ  ومنه المقام  ـ فهو باق تحت مقتضى الأصل الذي نتيجته البطلان حسبما عرفت .

   وعليه ، فيكفي ـ مع عدم سبق النيّة ـ الانتباه بعد الفجر ولو آناً ما ، لفوات محلّ النيّة حينئذ ، المستلزم للبطلان والقضاء وإن وجب الإمساك بقيّة النهار على ما تقدّم .

   (1) لا يخفى أنّ هذا الترديد قد يستند إلى الشكّ في موجب القضاء وهو الإفطار ، إمّا عن غير عذر كما لو علم أ نّه أفطر في عهد شبابه أيّاماً مردّدة بين الأقلّ والأكثر ، أو عن عذر كما لو أكل مع الشكّ في طلوع الفجر اعتماداً على استصحاب الليل ثمّ انكشف الخلاف وقد تكرّرت منه هذه الحادثة ولم يعلم عددها .

   واُخرى : يستند إلى الشكّ في مقدار ما هو المانع عن الصحّة الموجب للفوت من سفر أو مرض ونحوهما .

   أمّا الأوّل : فلا ريب أنّ المرجع فيه الأصل الموضوعي وهو أصالة عدم

ــ[167]ــ

الإفطار، وعدم حدوث تلك الحادثة زائداً على المقدار المتيقّن، كما لو كان الشكّ في أصل الإفطار .

   ومع الغضّ عنه فيرجع إلى الأصل الحـكمي ـ أعني : أصالة البراءة عن القضاء ـ للشكّ في موضوعه وهو الفوت زائداً على المقدار المعلوم ، كما هو الشأن في كلّ واجب دائر بين الأقلّ والأكثر ، ولا سيّما غير الارتباطيّين منه ، كما في المقام .

   هذا ، وقد يقال : إنّ الرجوع إلى البراءة إنّما يتّجه فيما إذا كان المشكوك فيه هو التكليف الواقعي غير المنجّز ، وأمّا لو تعلّق الشكّ بتكليف منجّز ، بمعنى : أ نّا احتملنا تكليفاً لو كان ثابتاً واقعاً لكان منجّزاً كما في الشبهات الحكميّة قبل الفحص أو المقرونة بالعلم الإجمالي ، فإنّ المرجع في مثله قاعدة الاشـتغال بلا إشكال ، لعدم المؤمّن في تركه .

   والمقام من هذا القبيل ، لأنّ الزائد المشكوك فيه لو كان ثابتاً واقعاً لكان معلوماً في ظرفه فكان منجّزاً ـ طبعاً ـ بالعلم . إذن فمتعلّق الاحتمال هو التكليف المنجّز الذي هو مورد لأصالة الاشتغال دون البراءة ، فيجب عليه الاحتياط ، إلاّ إذا كان عسراً فيتنزّل عندئذ من الامتـثال القطعي إلى الظنّي كما نُسب إلى المشهور من ذهابهم إلى التصدّي للقضاء بمقدار يظنّ معه بالفراغ .

   ويندفع : بأنّ هذه مغالطة واضحة ، ضرورة أنّ مورد الاشتغال إنّما هو احتمال التكليف المنجّز بالفعل كالمـثالين المذكورين لا ما كان منجّزاً سابقاً وقد زال عنه التنجيز فعلا، فإنّ صفة التنجيز تدور مدار وجود المنجّز حدوثاً وبقاءً.

   ومن ثمّ لو تبدّل العلم بالشكّ الساري سقط عن التنجيز بالضرورة ، فلو كان عالماً بالنجاسة ثمّ انقلب إلى الشكّ فيها لم يكن مانع من الرجوع إلى قاعدة الطهارة أو استصحابها .

ــ[168]ــ

   والمفروض في المقام زوال العلم السابق لو كان وتبدّله بالشكّ ، فمتعلّق الاحتمال ليس إلاّ تكليفاً غير منجّز بالفعل جزماً ، إذ لا أثر للتنجيز السابق الزائل .

   ومن هنا لا يشكّ أحد في الرجوع إلى البراءة عن المقدار الزائد على المتيقّن فيما لو استدان زيد من عمرومبلغاً سجّلاه في دفترهما عند الاستدانة ثمّ ضاع الدفتر ونسيا المبلغ ، وتردّد بين الأقلّ والأكثر ، مع أنّ الزائد على تقدير ثبوته كان منجّزاً سابقاً لفرض العلم به في ظرف الاستدانة ، وليس ذلك إلاّ لما عرفت من أنّ المانع من الرجوع إلى البراءة إنّما هو احتمال التكليف المنجّز فعلا ، لا ما كان كذلك سابقاً كما هو ظاهر جدّاً .

   وعلى الجملة : فلم يتعلّق الاحتمال في المقام بالتكليف المنجّز ، بل بتكليف لعلّه كان منجّزاً سابقاً ، ومن البيّن أنّ العبرة في جريان الأصل بحال التكلّف حال الجريان لا فيما تقدّم وانصرم .

   وأمّا الثاني ـ أعني : الشك من جهة المانع ـ  : فقد يكون من أجل الشك في زمان حدوثه ، واُخرى في مقدار بقائه وزمان زواله وارتفاعه .

   أمّا الأوّل : كما لو علم أ نّه رجع عن السفر أو برئ من المرض في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان ـ مثلا ـ وشكّ في مبدأ السفر أو المرض وأنّه كان اليوم الثامن عشر ليكون الفائت منه خمسة أيّام أو العشرين ليكون ثلاثة ، فلا ريب في الرجوع حينئذ إلى الأصل الموضوعي النافي للقضاء وهو استصحاب عدم السفر ، أو عدم المرض قبل يوم العشرين ، فإنّ موضوع وجوب الصوم في أيّام اُخر هو المريض والمسافر ، فباستصحاب عدمهما ينتفي الحكم .

   وبعبارة اُخرى : إنّ مقتضى الاستصحاب أنّ الصوم كان واجباً عليه قبل

ــ[169]ــ

يوم العشرين والمفروض علم المكلّف بأنّه قد صام كلّ ما كان واجباً عليه فلا موجب للقضـاء ، كما هو الحال لو تعلّق الشكّ بأصل السفر أو المرض ـ لا بكمّيّتهما ـ المنفي بالأصل بالضرورة .

   ومع الغضّ عن ذلك فيكفينا الأصل الحكمي وهو أصالة البراءة عن وجوب القضاء بعد الشك في موضوعه وهو الفوت زائداً على المقدار المعلوم، كما لو شكّ في أصل الفوت وأنّه هل سافر أو هل مرض ليفوت عنه الصوم أو لا ، الذي هو مورد لأصالة البراءة عن وجوب القضاء بلا خلاف فيه ولا إشكال . وهذا واضح .

   وأمّا الثاني : أعني الشك من حيث البقاء وزمان الارتفاع ، كما لو علم سافر أو مرض يوم الثامن عشر وشك في أ نّه هل حضر أو برئ يوم العشرين ليكون الفائت منه يومين ، أو الحادي والعشرين ليكون ثلاثة ، فلهذا الفرض ـ  الذي جعل الماتن الاحتياط فيه بقضاء الأكثر آكد  ـ صورتان :

   إذ تارةً : يفرض العلم بأنّه قد أفطر في سفره أو مرضه كما أ نّه صام في حضره أو صحّته .

   واُخرى : يفرض أ نّه قد صام في سفره ومرضه أيضاً وإن لم يكن مشروعاً ، فلا يدري أنّ الصوم الصادر منه باطلا المحكوم عليه بالقضاء هل كان يومين أو ثلاثة ، فبالنتيجة يشك في صحّة صومه في اليوم الثالث وفساده .

   مقتضى إطلاق عبارة المتن جواز الاقتصار على الأقلّ في الصورتين ، فلا يجب عليه قضاء الأكثر في شيء منهما .

   وربّما يعلّل بأنّ استصحاب بقاء السفر أو المرض إلى اليوم الأخير المشكوك فيه وإن كان مقتضياً لفوات الصوم فيه الموجب لقضائه ، إلاّ أنّ قاعدة الصحّة في الصورة الثانية كقاعدة الحيلولة في الصورة الاُولى الحاكمتين على الاستصحاب

ــ[170]ــ

تقتضـيان البناء على وقوع الفريضة في ظرفها صحيحة ، فلا يُعتنى بالشكّ في أصل الصوم ، ولا بالشكّ في صحّته بمقتضى هاتين القاعدتين ، ومعه لا مقتضي لوجوب القضاء .

   ويندفع : بما هو المقرّر في محلّه من اختصاص مورد القاعدتين بما إذا  كان الأمر محرزاً ، وكان الشكّ في مرحلة الامتثال ، وما يرجع إلى فعل المكلّف من حيث انطباق المأمور به عليه وعدمه ، وأ نّه هل امتثل في ظرفه ، أو أنّ امتثاله هل كان صحيحاً مستجمعاً للأجزاء والشرائط أو كان فاسداً .

   وأمّا إذا كان الأمر مشكوكاً من أصله فكان احتمال الفساد مستنداً إلى احتمال فقدان الأمر ، ففي مثله لا سبيل لإجراء شيء من القاعدتين .

   ومن ثمّ لو شكّ بعد الصلاة في دخول الوقت أو بعد الغسل في كونه جنباً لم يمكن تصحيحهما بقاعدة الفراغ بلا إشكال .

   والمقام من هذا القبيل ، بداهة أنّ الصوم المأتي به في الصورة الثانية وإن كان مشكوك الصحّة والفساد ، إلاّ أنّ منشأ الشكّ احتمال السفر أو المرض الموجبين لانتفاء الأمر ، فلم يكن الأمر محرزاً لكي يتمسّك بما يعبّر عنه بأصالة الصحّة ، أو بقاعدة الفراغ .

   وهكذا الحال في الصورة الاُولى ، فإنّ قاعدة الحيلولة وإن بنينا على جريانها في مطلق المؤقّتات وعدم اختصاصها بمورد النصّ وهو الصلاة ـ كما هو غير بعيد ـ إلاّ أنّها أيضاً خاصّة بفرض ثبوت الأمر ولم يحرز في المقام أمر بالصوم بعد احتمال كونه مريضاً أو مسافراً في اليوم المشكوك فيه الذي مضى وقته ودخل حائل ، ولم يدر أ نّه هل صام فيه أو لا ، ومن البيّن أنّ القاعدة ناظرة إلى امتثال الأمر المتيقّن لا إلى إثبات الأمر في ظرفه .

   إذن ففي كلتا الصورتين لا يجري أىّ من القاعـدتين ، بل المرجع أصالة

ــ[171]ــ

البراءة عن وجوب القضاء الذي هو بأمر جديد يشكّ في حدوثه زائداً على المقدار المتيقّن .

   وبعبارة اُخرى : الأمر الثابت في الوقت قد سقط بخروجه يقيناً ، وقد تعلّق أمر جديد بعنوان القضاء ، وحيث إنّ موضوعه الفوت وهو مردّد بين الأقلّ والأكثر، فلا جرم يقتصر على المقدار المتيقّن، ويدفع الزائد المشكوك فيه بأصالة البراءة .

   وقد يقال : إنّ أصالة البراءة محكومة باستصحاب بقاء السفر أو المرض ، حيث إنّ مقتضى قوله سبحانه : (فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر) إلخ ، أنّ المريض والمسافر موضوع لوجوب القضاء ، فاستصحاب المرض أو السفر يستوجب ترتيب هذا الأثر ، ومعه لا يبقى مجال لأصالة البراءة .

   وربّما يجاب عنه : بأنّ المرض أو السفر بنفسهما لا يقتضيان القضاء جزماً وإن اُخذا موضوعاً له في ظاهر الآية الكريمة ، ومن ثمّ لو صام المسافر جهلا أو صام المريض باعتقاد عدم الضرر وهو يضرّه واقعاً ضرراً لا يبلغ حدّ الحرمة صحّ صومهما ، فلا يحتمل أن يكونا بمجرّدهما موضوعين لوجوب القضاء على حدّ سائر الأسباب الشرعيّة ـ كالاستطاعة لوجوب الحجّ ـ ليترتّب الأثر على استصحابهما كما يترتّب المسبّب على مجرّد ثبوت السبب بالأصل .

   بل المستفاد من مجموع الآيات ولو بضمّ الروايات : أنّ من شهد الشهر وكان صحيحاً حاضراً يجب عليه الصوم ، وغيره وهو المريض أو المسافر غير مأمور به فهو ـ طبعاً ـ لا يصوم ، فإذا لم يصم يجب عليه القضاء ، فهو ـ أي القضاء ـ تدارك لترك الصوم في ظرفه لا أ نّه عمل مستقلّ مترتّب على المرض أو السفر ، وإلاّ لم يكن قضاء كما لا يخفى ، وقد عُبِّر بلفظ القضاء في جملة من الروايات .

ــ[172]ــ

   إذن فالموضوع للقضاء إنّما هو عدم الصوم حال السفر أو المرض لأنفسهما . وعليه ، فلا أثر لاستصحابهما ، إذ لا يترتّب عليه ترك الصوم في ذلك اليوم الذي هو الموضوع للأثر إلاّ على القول بالأصل المثبت .

   ويندفع : بإمكان إجراء الأصل في ذاك العنوان العدمي أيضاً ، فكما يستصحب السفر يستصحب عدم الصوم في ذلك اليوم للشكّ في أ نّه هل كان حاضراً فصام، أو مسافراً فتركه ، فيستصحب العدم ويترتّب عليه الأثر بطبيعة الحال .

   فالصحيح أن يقال : إنّ الموضوع للقضاء ليس هو السفر أو المرض ولا مجرّد الترك ، وإنّما هو عنوان الفوت على حذو باب الصلاة ، ومثله غير قابل للإحراز بالاستصحاب .

   وتوضيحه : إنّ المستفاد من قوله سبحانه : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ) أ نّه يصوم بعدد ما لم يصمـه من أيّام سفره أو مرضه ، وقد عُبّر في بعض الأخـبار عن القضاء بالصوم يوماً بدل يوم ، فيُعلم أ نّه عوض عمّا فاته فلم يكن أثراً لمجرّد السفر نفسه ، كيف ؟ ! ولازمه وجوب القضاء على المغمى عليه أو المجنون لو سافرا في شهر رمضان ، فإنّ ما دلّ على نفي القضاء عنهما غايته الدلالة على أنّ الترك المستند إلى الجنون أو الإغماء لا يستوجب القضاء ، فلا مقتضي من هذه الناحية ، وهذا لا ينافي وجود مقتض آخر وهو السفر ، فاللاّزم الحكم بالقضاء عليهما مع السفر دون الحضر ، وهو كما ترى .

   إذن فلم يكن السفر بمجرّده ـ وكذا المرض ـ موضوعاً للحكم جزماً .

   وبما أنّ من المقطوع به أنّ المغمى عليه أو المجنون أو الصبي لا يجب عليهم القضاء وإن سافروا ، والمريض أو المسافر يجب عليه ، فيستكشف من ذلك أنّ مجرّد الترك أيضاً لم يكن موضوعاً .

ــ[173]ــ

   وإنّما الموضوع الوحيد هو الترك مع ثبوت المقتضي والمقرون بالملاك الملزم ، وهو المعبَّر عنه بالفـوت . ومن ثمّ لا يصدق في حقّ المجنون ونحوه ، لعدم المقتضي ، ويصدق في المريض والمسافر لثبوته ، نظراً إلى تحقّق الملاك الملزم المصحّح لصدق عنوان الفوت وإن لم يكن الخطاب فعليّاً .

   إذن فيكون حال الصوم حال الصلاة في أنّ الموضوع للقضاء فيهما إنّما هو عنوان الفوت الذي هو أمر وجودي أو كالوجودي ، لكونه من قبيل الأعدام والملكات .

   وعلى أىّ حال ، فلا يمكن إثباته بأصالة العدم أو باستصحاب السفر أو المرض ، إلاّ على القول بحجّيّة الاُصول المثبتة .

   فإن تمّ ما استظهرناه وإلاّ فلا أقلّ من تطرّق احتماله من غير برهان على خلافه ، الموجب لتردّد الموضوع ـ بعد الجزم بعدم كونه هو السفر بنفسه حسبما عرفت ـ بين أن يكون أمراً عدميّاً ـ وهو عدم الإتيان بالواجب في ظرفه ليمكن إحرازه بالاستصحاب ـ أو عنواناً وجوديّاً وهو الفوت كي لا يمكن . ومعه لا سبيل أيضاً لإجراء الاستصحاب كما لا يخفى .

   وعلى الجملة : فالصوم والصلاة إمّا أنّهما من واد واحد في أنّ الموضوع للقضاء في كليهماهو الفوت كما لعلّه الأقرب حسبما استظهرناه ، أو أ نّه مجهول في الصوم لعدم ذكره في شيء من الأدلّة ، ومن الجائز أن يكون هو الفوت في جميع موارده من المرض والسفر والحيض والنفاس ونحوها ، وحيث لم يحرز ما هو الموضوع للحكم الشرعي فلا مجال طبعاً للتمسّك بالاسـتصحاب ، فيكون المرجع عندئذ أصالة البراءة حسبما ذكره في المتن .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net