أقسام الصوم المحظور - حرمة صوم يومي العيدين - حرمة صوم أيّام التشريق من ذي الحجّة لمن كان بمنى 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8836


ــ[326]ــ

   وأمّا المحظور منه ففي مواضع أيضاً :

   أحدها : صوم العيدين الفطر والأضحى(1) وإن كان عن كفّارة القتل في أشهر الحرم ، والقول بجوازه للقاتل شاذّ ، والرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً ودلالةً ((1)) .

   الثاني : صوم أيّام التشريق ، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجّة لمن كان بمنى(2)، ولا فرق على الأقوى بين الناسك وغيره .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا إشكال كما لا خلاف في حرمة صوم يومي العيدين حرمةً تشريعيّة ، فلا يجوز الصيام بقصد الأمر ، فإنّه تشريع محرّم ، وقد دلّت عليه النصوص المستفيضة .

   هذا ، ولم يفرّق المشهور بين ما كان عن كفّارة القتل في أشهر الحرم وما لم يكن كذلك ، أخذاً بإطلاق دليل المنع .

   ولكن عن الشيخ والصدوق في المقنع وابن حمزة : الجواز حينئذ(2) ، فيستثنى ذلك عن حرمة صوم العيد ، للنصّ الدالّ عليه . وقد تقدّم البحث حول ذلك مستقصىً في مطاوي المسألة الرابعة من الفصل السابق ، فراجع ولا نعيد(3) .

   (2) بلا خلاف معتدّ به أجـده فيه كما في الجـواهر(4) ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه ، وقد تعدّى كاشف الغطاء فأسرى الحكم إلى من كان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرواية صحيحة سنداً وتامّة دلالةً ، ولا مقتضي لرفع اليد عنها .

(2) النهاية : 166 ، المقنع : 155 ، الوسيلة : 354 .

(3) في ص 272 ـ 280 .

(4) الجواهر 17 : 122 .

ــ[327]ــ

بمكّة(1) ، ولا شاهد عليه .

   وتدلّ عليه جملة من النصوص ، التي منها معتبرة زياد بن أبي الخلاّل ـ أي من يصنع الخلّ ـ أو الحلاّل كما في الوسائل ـ باعتبار أنّ صانع الخلّ يحلّل الخمر بصنعه خلاًّ ـ وأمّا ما في الجواهر من الجلال فغلط من النسّاخ ولا معنى له كما لا يخفى . قال : قال لنا أبو عبدالله (عليه السلام) : «لا صيام بعد الأضحى ثلاثة أيّام ، ولا بعد الفطر ثلاثة أيّام ، إنّها أيّام أكل وشرب»(2) ، ونحوها غيرها .

   وهي وإن كانت مطلقة بالإضافة إلى من كان بمنى وغيره ، إلاّ أنّها منزّلة على الأوّل بقرينة التقييد به في طائفة اُخرى :

   كصحيح أبي أيّوب : «يصوم ذا الحجّة كلّه إلاّ أيام التشريق في منى» إلخ(3) .

   وصحيحة معاوية بن عمّار : عن صيام أيّام التشريق «فقال : أمّا بالامصار فلا بأس به ، وأمّا بمنى فلا»(4) .

   وصحيحته الاُخرى : عن صيام أيّام التشريق «فقال : إنّما نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن صيامها بمنى ، فأمّا بغيرها فلا بأس»(5) .

   وموثّقة عمّار : سألته عن الأضحى بمنى «فقال : أربعة أيّام» إلخ(6) .

   فيظهر منها اختصاص الحكم بمن كان بمنى ، فيكون عيده أربعة أيّام ، إلحاقاً لأيّام التشريق بالعيد كما تضمّنته الموثقة ، وأمّا في سائر الأمصار فالعيد يوم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كشف الغطاء : 324 .

(2) الوسائل 10 : 519 /  أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب 3 ح 1 .

(3) الوسائل 10 : 373 /  أبواب بقيّة الصوم الواجب ب 3 ح 8 .

(4) الوسائل 10 : 516 /  أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب 2 ح 1 .

(5) ، (6) الوسائل 10 : 517 /  أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب 2 ح 2 ، 4 .

ــ[328]ــ

واحد .

   ويقتضيه أيضاً ما تقدّم من نصوص التفرقة بين الثلاثة أيّام بدل الهدي وأنّه لو صام يوم التروية وعرفة أخّر الثالث إلى ما بعد أيّام التشريق .

   هذا ، وللمحقّق (قدس سره) في الشرائع كلمة قد أشكل تفسيرها على الشارحين ، وهي قوله : على الأشهر(1) ، بعد أن عنون أيّام التشريق لمن كان بمنى وأنّ هذا القيد هل يرجع إلى أصل الصيام في هذه الأيّام أو إلى الاختصاص بمن كان بمنى ، مع أ نّه لا خلاف(2) في شيء منهما ، فكيف يقول : على الأشهر ؟ ! الدالّ على وجود الخلاف ، بل وشهرته ، غير أنّ هذا أشهر منه ، أو أ نّه يرجع إلى شيء آخر ، وقد ذكروا في شرحها وجوهاً كلّها بعيدة عن الصواب . وبالأخيرلم يتّضح المراد ، وهو أعرف بما قال .

   ثم إنّ مقتضى إطلاق الأدلّة عدم الفرق في الحرمة لمن كان بمنى بين الناسك وغيره ، غير أنّ بعضهم خصّ الحكم بالأوّل بدعوى الانصراف إليه ، ولا نعرف له وجهاً بعد الإطلاقات ، ولا سيّما التعليل في بعضها ـ كما مرّ ـ بأنّها أيّام أكل وشرب ، المقتضي للتعميم لكلّ من كان بمنى كما لا يخفى .

   ثمّ إنّ الماتن (قدس سره) تعرّض في المقام لفروع قد ظهر الحال فيها ممّا مرّ في محالّها في مطاوي الأبحاث السابقة ، فلا حاجة إلى شرحها .

   والحمد لله أوّلا وآخراً ، وصلّى الله على سيِّدنا محمّد وآله الطاهرين ، واللّعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 241 .

(2) بل كل منهما محلّ للخلاف ، وقد مرّ الخلاف في الأوّل في ص 274 ، وفي الثاني في ص 326 ، لاحظ الجواهر 17 : 123 .

ــ[329]ــ

   الثالث : صوم يوم الشكّ في أ نّه من شـعبان أو رمضـان بنيّة أ نّه من رمضان ، وأمّا بنيّة أ نّه من شعبان فلا مانع منه كما مرّ .

   الرابع : صوم وفاء نذر المعصية ، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني ، أو إذا ترك الواجب الفلاني ، يقصد بذلك الشكر على تيسّره ، وأمّا إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به .

   نعم ، يلحق بالأول في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها .

   الخامس : صوم الصمت ، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه بجعله في نيّته من قيود صومه ، وأمّا إذا لم يجعله قيداً وإن صمت فلا بأس به ، بل وإن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من المفطرات وتركه قيداً في صومه .

   السادس : صوم الوصال ، وهو صوم يوم وليلة إلى السحر ، أو صوم يومين بلا إفطار في البين ، وأمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به ، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكان الفراغ من كتاب الصوم في اليوم العاشر من شهر ذي القعدة الحرام من السنة الرابعة والتسعين بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة النبويّة في جوار القبّة العلويّة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحيّة في النجف الأشرف .

ــ[330]ــ

   السابع : صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج ، والأحوط تركه((1)) بلا إذن منه ، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه .

   الثامن : صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى ، والأحوط تركه من دون إذنه ، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه .

   التاسع : صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين وأذيّتهما .

   العاشر : صوم المريض ومن كان يضرّه الصوم .

   الحادي عشر : صوم المسافر ، إلاّ في الصور المستثناة على ما مرّ .

   الثاني عشر : صوم الدهر حتّى العيدين على ما في الخبر[ (2)] ، وإن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو .
ـــــــــــــــــ

(1) هذا في التطوّع .

[ 2 ] الوسائل 10 : 525 /  أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب 7 ح 1 و 2 و 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net