حكم ما لو نذر التصدّق بالعين الزكوية إن كان مؤقّتاً بما قبل الحول ووفى بالنذر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4269


ــ[102]ــ

وإن كان مؤقّتاً بما قبل الحول (1) ووفى بالنذر فكذلك لا تجب الزكاة إذا لم يبق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وعليه ، فلا مزاحمة ولا منافاة بين الحكمين ـ أعني : وجوب الزكاة ووجوب الوفاء بالنذر ـ فيمكنه دفع الزكاة أوّلاً من نقد أو عين اُخرى ليتمكّن من التصرّف في العين المنذورة ثمّ يتصدّق بها .

   وهذا كما لو نذر التصدّق بمال مأذون في التصرّف فيه أو نذر الولي التصدّق بمال الصبي، فإنّه حيث له الولاية على التبديل ـ إمّا لكونه وليّاً أو للإذن الخاصّ من المالك ـ صحّ النذر وإن كان متعلّقاً بملك الغير ، فيتصدّق ويفي بنذره ويدفع بدله للمالك .

   فما ذكره في المتن ـ من وجوب إخراج الزكاة أوّلاً ثمّ الوفاء بالنذر ـ غير ظاهر، لعدم التنافي بين الحكمين كما عرفت ، بل يجب الوفاء بالنذر وإخراج الزكاة ولو من القيمة كما نبّه عليه سيّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) في تعليقته الشريفة .

   فتحصّل : أنّ في حكم النذر في هذا الفرض وجوهاً ثلاثة :

   الصحّة مطلقاً .

   البطلان مطلقاً .

   التفصيل بين مقدار الزكاة وغيره ، فيبطل في الأوّل دون الثاني .

   وقد عرفت أنّ الصحيح هو الأوّل ، ومع الغضّ عنه فالأخير ، ولا وجه للثاني .

   (1) تقدّم الكلام في القسم الأوّل ، أعني : النذر المطلق .

   وأمّا القسم الثاني ـ وهو المؤقّت بوقت خاصّ ـ فقد يكون الوقت قبل الحول ـ  كما لو نذر أن يتصدّق به في شهر رجب والحول يتحقّق بحلول رمضان  ـ

ــ[103]ــ

بعد ذلك مقدار النصاب، وكذلك إذا لم يف به وقلنا بوجوب القضاء ـ بل مطلقاً ـ لانقطاع الحول بالعصيان ((1)).

   نعم ، إذا مضى عليه الحول من حين العصيان وجبت على القول بعدم وجوب القضاء . وكذا إن كان مؤقّتاً بما بعد الحول ، فإنّ تعلّق النذر به مانعٌ عن التصرّف فيه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واُخرى يكون بعده ، كما لو كان الوقت شهر شوّال في المثال .

   أمّا الأوّل : فإن وفى فيه بالنذر فلا إشكال في سقوط الزكاة ، لانتفاء الموضوع بعد فرض عدم بقاء مقدار النصاب بعد الوفاء كما هو ظاهر .

   وأمّا إذا لم يف به : فإن قلنا بوجوب القضاء ، كان حكمه حكم النذر المطلق الحاصل أثناء الحول ، لوحدة المناط ، وحينئذ : فإن بنينا ـ كما عليه المشهور ـ أ نّه يمنع عن تعلّق الزكاة ، نظراً إلى أنّ الحكم التكليفي بوجوب التصدّق والعجز التشريعي عن سائر التصرّفات بمثابة العجز التكويني ، قلنا به هنا أيضاً ، إذ الاعتبار في هذا المناط بمانعيّة الوجوب الفعلي ، سواء أكان بعنوان الأداء أم القضاء ، وحيث عرفت ثَمّة أنّ الأقوى عدم المانعيّة فكذا فيما نحن فيه .

   وأمّا إذا لم نقل بوجوب القضاء ، فهل يكون النذر بنفسه حينئذ موجباً لانقطاع الحول ـ كما ذكره في المتن ـ فلا تجب الزكاة إلاّ بعد مضيّ الحول من حين العصيان ؟

   الظاهر عدم القطع، حتى بناءً على أنّ العجز التشريعي مانعٌ عن تعلّق الزكاة،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العصيان لا يوجب انقطاع الحول ، فلو كان هنا قاطعٌ فلا محالة يكون هو النذر نفسه ، إلاّ أ نّك عرفت أ نّه ليس بقاطع ولا سيّما في الفرض المزبور .

ــ[104]ــ

لعدم الدليل عليه بوجه ، ضرورة أنّ الحكم التكليفي لو كان ثابتاً فعلاً أمكن أن يقال : إنّ العجز التشريعي ملحقٌ بالعجز التكويني عن التصرّف في المنع عن الزكاة ، وأمّا الحكم التكليفي العارض أثناء الحول الزائد بإنعدام الموضوع ـ  لكونه مؤقّتاً بوقت قد مضى وسقط التكلف ـ فقاطعيّته للحول ومانعيّته عن تعلّق الزكاة لدى استجماع الشرائط مشكلة جدّاً ، لعرائها عن أيّ دليل ، فلو كان له مالٌ وجب صرفه أثناء الحول ساعة أو ساعتين في أداء الدين للمطالبة أو لنفقة واجبة ، فعصى ولم يصرف ، فالحكم بالقاطعيّة بمجرّد ذلك في غاية الإشكال كما لا يخفى .

   هذا ، وأمّا ما في المتن ـ من قوله (قدس سره) : بل مطلقاً لانقطاع الحول بالعصيان ـ فلا تخلو العبارة عن قصور ومسامحة كما اُشير إليه في التعليقة (1) ، ضرورة أنّ العصيان لا يوجب انقطاع الحول جزماً ، فلو كان هناك قاطع فإنّما هو نفس الوجوب التكليفي الناشئ من قبل النذر ، وقد عرفت أنّ قطعه لا يخلو عن الإشكال في الفرض المزبور ، لانتفاء الوجوب فعلاً وزواله حسبما بيّناه .

   وأمّا الثاني ـ أعني : ما إذا كان الوقت بعد الحول ـ : فحكمه حكم النذر المطلق في المنع عن تعلّق الزكاة على القول به ، فإنّ زمان الواجب وإن كان متأخّراً إلاّ أنّ العبرة في هذا المنع بنفس الوجوب الحاصل من حين تعلّق النذر الذي كان قبل حلول الحول ، لوجوب حفظه مقدّمةً لصرفه في ظرفه ، فتعلّق النذر مانعٌ عن التصرّف فيه ، فبناءً على أنّ هذا المنع التشريعي بمثابة العجز التكويني في المانعيّة عن تعلّق الزكاة كما تقدّم في النذر المطلق ، لم تجب الزكاة في المقام أيضاً ، لوحدة المناط ، لكن المبنى غير تامّ كما مرّ غير مرّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 101 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net