وجوب تقليد الأعلم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9417


    وجوب تقليد الأعلم

   (1) هذا هو المعروف بين أصحابنا (قدّس سرّهم) وعن ظاهر السيد في ذريعته انه من المسلّمات عند الشيعة . بل عن المحقق الثاني دعوى الاجماع عليه ، ونسب إلى جمع ممّن تأخر عن الشهيد الثاني (قدّس سرّه) عدم الوجوب وجواز الرجوع إلى غير الأعلم ، وتفصيل الكلام في ذلك يقع في موردين :

   أحدهما : فيما يستقل به عقل العامي في نفسه ـ أي من غير تقليد في المسألة ـ وأن وظيفته هل هي الرجوع إلى تقليد الأعلم أو التخيير بينه وبين تقليد غير الأعلم ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل وجوبه مع العلم بالمخالفة ولو إجمالاً فيما تعم به البلوى ، هو الأظهر .

ــ[107]ــ

   وثانيهما : فيما تقتضيه وظيفة المجتهد حسبما يستظهره من الأدلة الاجتهادية وأنه هل يمكنه الافتاء بجواز الرجوع إلى غير الأعلم أو ليس له سوى الحكم بوجوب تقليد الأعلم ؟

   أمّا المورد الأوّل : فلا ينبغي التوقف في أن العامّي يستقل عقله بلزوم الرجوع إلى الأعلم عند العلم بالمخالفة بينه وبين غير الأعلم في الفتوى ، وذلك لدوران الأمر بين أن تكون فتوى كل من الأعلم وغيره حجة تخييرية ، وبين أن تكون فتوى الأعلم حجة تعيينية للعلم بجواز تقليد الأعلم على كل حال سواء استند في أصل مشروعيته إلى الارتكاز وبناء العقلاء أم استند إلى دليل الانسداد ، ففتوى الأعلم إما أنها في عرض فتوى غير الأعلم فالمكلف يتخير في الرجوع إلى هذا وذاك أو أنها متقدمة على غيرها ، وحيث إن فتواه متيقنة الحجية وفتوى غير الأعلم مشكوكة الاعتبار فيستقل عقل العامّي بوجوب تقليد الأعلم وعدم جواز الرجوع إلى غيره للشك في حجية فتواه وهو يساوق القطع بعدمها ، فإن غير ما علم حجيته يقترن دائماً باحتمال العقاب ، والعقل يستقل بلزوم دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب .

   إذن النتيجة وجوب تقليد الأعلم حسبما يدركه عقل العامّي واجتهاده ، وقد قدّمنا أن مسألة جواز التقليد ليست تقليدية .

   وأمّا المورد الثاني : فتفصيل الكلام فيه أن للمسألة صوراً ثلاثاً :

   الاُولى : ما إذا علمت موافقة الأعلم وغير الأعلم في الفتوى بجميع خصوصياتها .

   الثانية : ما إذا علمت مخالفتهما في الفتوى كما إذا أفتى الأعلم بوجوب شيء وأفتى غير الأعلم بحرمته أو باباحته .

   الثالثة : ما إذا شككنا في ذلك ولم يعلم موافقتهما أو مخالفتهما .

   أما الصورة الاُولى : أعني صورة العلم بالموافقة فهي وإن كانت من الندرة بمكان إلاّ أنها لو اتفقت في مورد لم يجب فيها تقليد الأعلم بوجه ، وذلك لأن الحجية على ما  تقدم من أدلتها إنما ثبتت لطبيعي فتوى العالم أو الفقيه على نحو صرف الوجود والعامّي إذا عمل بفتياهما فقد عمل على طبق فتوى الفقيه ، وهذا يكفي في الامتثال ، إذ لم يقم دليل على وجوب تعيين المجتهد المقلد له وتمييزه ، فإن حال المقام حال ما إذا قام

ــ[108]ــ

خبران على وجوب شيء فإن المجتهد إذن أفتى بالوجوب مستنداً إلى الجامع بين الخبرين فقد استند إلى الحجة وعمل على طبقها من دون أن يجب عليه تعيين ما عمل به وأنه أيهما .

   وأما الصورة الثانية : أعني ما إذا علمت المخالفة بينهما ولو على سبيل الاجمال ، كما إذا علم بمخالفتهما في المسائل الّتي هي محل الابتلاء ، وكان فتوى غير الأعلم على خلاف الاحتياط ، أو كان كل منهما موافقاً للاحتياط من جهة ومخالفاً له من جهة فقد قدّمنا أن المعروف بين أصحابنا وجوب تقليد الأعلم ، وعن شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) أنه لم ينقل فيه خلاف عن معروف (1) . بل ادعى بعضهم عليه الاجماع . وذهب جماعة ومنهم صاحب الفصول إلى جواز الرجوع إلى غير الأعلم (2).




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net