جواز احتساب الدَين على الفقير زكاة سواء كان حيّاً أو ميّتاً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4204


ــ[37]ــ

   [ 2709 ] مسألة 11 : لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة سواء كان حيّاً أو ميّتا (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفي الأخيرين بأ نّهما قضيّة في واقعة وحكاية فعل مجمل لا إطلاق له ليتمسّك به ، ومن الجائز أ نّه قد حصل للإمام (عليه السلام) قناعة شخصيّة بفقر الرجل لقرائن محفوفة ماليّة أو مقاليّة أورثت الاطمئنان بصدقه ، فلا يمكن استفادة ضابط كلّي لمدّعي الفقر ليشمل باب الزكوات والصدقات .

   فهذه النصوص مؤيّدة للمطلوب ، والعمدة هو الاستصحاب حسبما عرفت .

   (1) بلا خلاف فيه ، ويدلّ عليه قبل النصوص الكتاب العزيز ، قال تعالى : (إِنَّما الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ)، فإنّ عطف (الغَارِميِن) على (الرِّقَاب) يستدعي دخول حرف الجرّ عليه، أي وفي الغارمين، يعني: أنّ الصرف في هذا السبيل من أحد مصارف الزكاة ، والمصرفيّة كما تشتمل الأداء والوفاء عن الغريم بالدفع والتسليم تشمل
الاحتساب عنه بأن يكون له دين على الفقير وعليه زكاة في ماله فيحتسبه عنها، ولا يختصّ بالأوّل ، إذ لم يقل للغارمين كما في قوله تعالى : (لِلْفُقَرَاء) بل قال تعالى : في الغارمين، والظرفيّة تعمّ الوفاء والاحتساب كما أ نّها تعمّ الحيّ والميّت، فالآية المباركة مطلقة من كلتا الناحيتين ، فهي بمجرّدها وافية بإثبات المطلوب من غير حاجة إلى دليل بالخصوص .

   مضافاً إلى دلالة جملة من النصوص عليه :

   منها : صحيحة عبدالرحمان، قال: سألت أبا الحسن الأوّل (عليه السلام) عن دَين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون

ــ[38]ــ

للزكاة ، هل لي أن ادعه فأحتسب به عليهم من الزكاة ؟ «قال : نعم» (1) ، وهي صريحة في المطلوب .

   وموثّقة سماعة : عن الرجل يكون له الدَين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة «فقال : إن كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دَين من عرض من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملاً يتقلّب فيها بوجهه ، فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دَينه ، فلا بأس أن يقاصّه بما أراد أن يعطيه من الزكاة، أو يحتسب بها ، فإن لم يكن عند الفقير وفاء ولا يرجو أن يأخذ منه شيئاً فيعطيه من زكاته ولا يقاصّه بشيء من الزكاة» (2) .

   ودلالتها أيضاً ظاهرة وإن تضمّنت التفصيل في جواز الاحتساب بين تمكّن الفقير ـ على فقره ـ من أداء الدين ولو ببيع شيء من متاع البيت وبين من هو أشدّ حالاً منه الذي لايتمكّن من هذا أيضاً، الذي يطلق عليه البائس اصطلاحاً، وأ نّه يحتسب في الأوّل دون الثاني ، بل يعطى إليه الزكاة من غير مقاصّة .

   فإنّ هذا الحكم مبني على الاستحباب قطعاً ، إذ لا يجب دفع الزكاة إلى هذا الشخص بالضرورة ، بل له الدفع إلى فقير آخر ، فالأمر بالدفع إليه والنهي عن الاحتساب مبني على الإرفاق والاستحباب ، كي لا يحرم المسكين من عطاء الزكاة ، فلا ينافي إطلاق الحكم بالجواز الذي تضمّنته الصحيحة المتقدّمة كما هو ظاهر .

   وتؤيّده رواية عقبة بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ أنّ عثمان بن عمران قال له : إنّي رجل موسر ويجيئني الرجل ويسألني الشيء وليس هو إبّان زكاتي ، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : «القرض عندنا بثمانية عشر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 295 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 46 ح 2 .

(2) الوسائل 9 : 296 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 46 ح 3 .

ــ[39]ــ

والصدقة بعشرة ، وماذا عليك إذا كنت كما تقول موسراً أعطيته فإذا كان إبّان زكاتك احتسبت بها من الزكاة ، يا عثمان لا تردّه فإنّ ردّه عند الله عظيم» (1) .

   وهي ـ كما ترى ـ صريحة الدلالة وإن كانت ضعيفة السند بسهل بن زياد فلا تصلح إلاّ للتأييد .

   هذا كلّه في الاحتساب عن الحيّ .

   وأمّا الاحتساب عن الميّت فقد عرفت أنّ إطلاق الكتاب واف للشمول له وأنّ مصرفيّة الغريم للزكاة يشمل الحيّ والميّت ، كما أ نّه يعمّ الأداء والاحتساب .

   ويستفاد ذلك من النصوص أيضاً، وعمدتها صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج ـ  التي رواها الكليني بطريقين عن صفوان بن يحيى، عنه ـ قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل عارف فاضل تُوفّي وترك عليه ديناً قد ابتلي به ، لم يكن بمفسد ولا بمسرف ولا معروف بالمسألة ، هل يقضى عنه من الزكاة الألف والألفان ؟ «قال : نعم» (2) .

   فإنّ القضاء بمعنى الإنهاء والإتمام المساوق في المقام لتفريغ الذمّة عن الدَين، فيشمل الاحتساب ، ولا يختصّ بالأداء والدفع الخارجي .

   ومع التسليم فهو يشمل الاحتساب بالقطع بعدم الفرق بحسب الفهم العرفي، فإنّ سـياق الصحيحة يشهد بأنّ حيثيّة السؤال ناظرة إلى جهة الموت ، وأنّ مصرفيّة الدَين للزكاة هل تختصّ بمال الحياة أم تعمّ الموت أيضاً من دون احتمال خصوصيّة القضاء ، فقوله (عليه السلام) في الجواب : «نعم» يدلّ على جريان أحكام الحياة حال الموت ، وقد عرفت أنّ تلك الأحكام تشمل الاحتساب ـ  ولا أقلّ من أجل إطلاق الآية ـ فكذا في حال الموت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 300 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 49 ح 2 .

(2) الوسائل 9 : 295 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 46 ح 1 ، الكافي 3 : 549 / 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net