اشتراط كون تركة الميت لا تفي بدينه ، وإلاّ لا يجوز احتسابه زكاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4136


ــ[40]ــ

لكن يشترط في الميّت أن لا يكون له تركة تفي بدينه ، وإلاّ لا يجوز (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وتؤيّده رواية يونس بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر (خير) ، إن أيسر قضاك ، وإن مات قبل ذلك احتسبت به من الزكاة» (1) .

   وهي صريحة الدلالة ، غير أنّ السند ضعيف ، فإنّه وإن كان صحيحاً إلى ثعلبة إلاّ أنّ السندي لم يوثّق ، فلا تصلح إلاّ للتأييد .

   ونحوها رواية هيشم الصيرفي ـ  هكذا في الوسائل (2) ، والصحيح : هيثم ، بالثاء  ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : القرض الواحد بثمانية عشر ، وإن مات احتسب بها من الزكاة» (3) .

   فإنّها أيضاً ضعيفة ، لجهالة الصيرفي .

   (1) لانتفاء الاستحقاق والفقر عن الميّت بعد وفاء تركته بالدين ، فإنّ مقدار الدين باق على ملكه ولم ينتقل إلى الورثة ، إذ لا إرث إلاّ بعد الدين والوصيّة، قال تعالى : (مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصَى بِها أَو دَيْن)(4) ، ولم تجب عليه النفقة ليراعى مؤونة السنة كما كان كذلك في حال الحياة ، فهو إذن غني يتمكّن من أداء دينه عن ماله الشخصي ، ولا شكّ أنّ صرف الزكاة في الغرماء يختصّ بغرمهم لا يتمكّن من أداء دينه وإن كان واجداً لمؤونة سنته كما سيجيء إن شاء تعالى في محلّه ، فلا ينطبق على الميّت المزبور ، فإنّ الاحتساب عنه ينتفع به

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 299 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 49 ح 1 .

(2) في الوسائل المحقق جديداً : هيثم ، بالثاء .

(3) الوسائل 9 : 301 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 49 ح 8 .

(4) النِّساء 4 : 12 .

 
 

ــ[41]ــ

الوارث دون الميّت ، والكلام فعلاً في تفريغ ذمّته لا في إيصال النفع لغيره ، ولا موضوع له حسبما عرفت ، فالحكم مطابق للقاعدة من غير حاجة إلى النصّ الخاصّ .

   مضافاً إلى وروده في المقام ، ففي صحيحة زرارة : قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل حلّت عليه الزكاة ومات أبوه وعليه دَين ، أيؤدّي زكاته في دين أبيه وللابن مال كثير ؟ فقال (عليه السلام) : «إن كان أبوه أورثه مالاً ثمّ ظهر عليه دَين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه ، قضاه من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته ، وإن لم يكن أورثه مالاً لم يكن أحد أحقّ بزكاته من دَين أبيه فإذا أدّاها في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه» (1) .

   فإنّها صريحة في عدم الأداء من الزكاة لو كان له مال ، وأ نّه يصرف حينئذ في الدين ويكون مقدّماً على الإرث فيقض من جميع الميراث ، أي يخرج من الأصل فيردّ من جميع الورثة لو ظهر الدَين بعد القسمة لا من حصّة الولد فقط ، وإنّما يؤدّي الدَين من الزكاة إذا لم يكن له مال ، إذ لم يكن أحد أحقّ بزكاته من دين أبيه ، ومعلوم أنّ الأب بعد الموت لم يكن واجب النفقة كما كان كذلك حال الحياة كي لا يجوز صرف الزكاة فيه ، ومن ثمّ قال (عليه السلام) : «من دين أبيه» ولم يقل : من أبيه .

   نعم ، موردها الأداء دون الاحتساب ، لكن يتعدّى إليه بالقطع بعدم الفرق بحسب الفهم العرفي، إذ يفهم منها أنّ الاعتبار بتمكّن الميّت من أداء دينه وعدمه، وأ نّه مع التمكّن لا يقع مصرفاً للزكاة كما لو كان حيّاً . ولا يفرق في هذا المناط بين الأداء والاحتساب كما هو ظاهر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 250 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 18 ح 1 .

ــ[42]ــ

   نعم، لو كان له تركة لكن لا يمكن الاستيفاء منها ـ لامتناع الورثة أو غيرهم ـ فالظاهر الجواز(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لو امتنع الورثة من صرف التركة في الدين إمّا عصياناً أو جهلاً بالموضوع، لعدم ثبوت الدين عندهم شرعاً ، فامتنعوا عن الصرف المزبور حقّاً أو باطلاً أو أ نّه عرض تلف على التركة من ضياع ونحوه بحيث لا يمكن استيفاء الدين منها، فهل يجوز احتسابه حينئذ زكاة ؟

   الظاهر هو الجواز كما اختاره في المتن ، إذ المال الذي لا ينتفع به ولا يتمكّن المالك من صرفه في حوائجه في حكم العدم ، فالميّت حينئذ فقير عرفاً ومثله مورد للزكاة، كما هو الحال في حال الحياة، فلو كان لشخص أموالٌ كثيرة ولكنّها سرقت أو غصبت بحيث أصبح صفر الكفّ لا ينبغي الشكّ في أ نّه فقير حينئذ عرفاً ومصرفٌ للزكاة، فمجرّد الملكيّة لا تستوجب الغنى وزوال الفقر ما لم يتمكّن صاحبها من الانتفاع والصرف ، فيجوز الاحتساب في المقام عملاً بإطلاق الغارمين في الآية المباركة ، فالحكم مطابق للقاعدة .

   وأمّا صحيحة زرارة المتقدّمة فليس فيها ما ينافي ذلك ، إذ المفروض فيها تصدّي الابن لأداء دين أبيه وعدم تمرّده عنه ، فلا إطلاق لها يشمل صورة الامتناع .

 ولعلّ هذا هو مراد صاحب الجواهر من الاقتصار في تقييد الإطلاق على محلّ اليقين (1) ، يعني : أنّ المتيقّن من دلالة الصحيحة على عدم الاحتساب هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 15 : 366 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net