شرائط يجب توفرها في العاملين على الزكاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4928


ــ[62]ــ

   ويشترط ((1)) فيهم : التكليف بالبلوغ والعقل (1) والإيمان ، بل العدالة والحرّيّة أيضاً على الأحوط . نعم ، لا بأس بالمكاتب .

   ويشترط أيضاً معرفة المسائل المتعلّقة بعملهم اجتهاداً أو تقليداً ، وأن لا يكونوا من بني هاشم . نعم ، يجوز استئجارهم من بيت المال أو غيره ، كما يجوز عملهم تبرّعا .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ذكر الفقهاء شروطاً للعاملين على الزكاة قد ادّعي عليها الإجماع في كلمات غير واحد .

   منها : البلوغ والعقل ، وذكروا في وجهه أنّ الصبي والمجنون قاصران يحتاجان في نفوذ تصرّفهما إلى الولي ، ولا ريب أنّ استعمال الشخص لجباية الزكوات يتضمّن نوع ولاية على الصدقات ، فكيف يقبل الاتّصاف بهذا العنوان من هو محتاج في تصرّفه إلى الولي ؟!

   ولكن هذا لعلّه واضح البطلان ، ضرورة أنّ العامل لا يزيد على كونه أجيراً محضاً ، وليست له أيّة ولاية على الزكاة بوجه ، وإنّما هو كسائر العمّال المتصدّين بإجارة أو جعالة ونحوهما لغيرها من سائر الأعمال ، ولا شكّ في جواز استئجار الصبي أو المجنون بإذن الولي فيما إذا لم يبلغ المجنون حدّاً يوجب إتلاف المال .

   فإن تمّ إجماع قطعي كاشف عن رأي المعصوم (عليه السلام) ـ ولايتمّ جزماً  ـ فهو ، وإلاّ فلا مانع من استئجارهما ، سيّما وأنّ بعض الصبيان لهم قابليّة العمل أقوى من البالغين .

   والحاصل : أ نّه لم يكن لدينا دليل تعبّدي من نصّ أو إجماع قطعي على هذا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

ــ[63]ــ

الاعتبار ، فالحكم مبني على الاحتياط .

   ومنها : الإيمان والحرّيّة وأن لا يكون من بني هاشم ، وقد استُدلّ بالإجماع أيضاً على اعتبار هذه الشروط الثلاثة .

   والأولى التمسّك بما دلّ من الروايات على عدم جواز دفع الزكاة لبني هاشم والمخالف والعبد ، فإنّ النسبة بين هذه العناوين وبين العاملين وإن كانت هي العموم من وجه إلاّ أنّ الحكم في الآية المباركة حكم وحداني متعلّق بمجموع الأصناف الثمانية والطبيعي الجامع لها ، ولم يكن انحلاليّاً بأن تجعل الزكاة للعامل مستقلاًّ وللفقير مستقلاًّ وهكذا لكي تلاحظ النسبة بينها وبين العامل بالخصوص، وإنّما النسبة تلاحظ بين هذه العناوين الثلاث وبين مجموع الأصناف ، ولا شكّ أنّ النسبة حينئذ عموم مطلق ، بحيث لو فرضنا الجمع بينهما في الآية المباركة بأن قال تعالى : (إِنَّما الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) ثمّ ذيّلها بقوله : ولا يعطى لبني هاشم أو للمخالف والعبد ، لم يبق العرف متحيّراً ولم يشكّ في التخصيص وأنّ الذيل قرينة التصرّف في الصدر .

   وقد ذكرنا في الاُصول أنّ الضابط العامّ لتشخيص أقوى الظهورين فرضهما مجتمعين ومتّصلين في كلام واحد، فإن بقي العرف متحيّراً كان الظهوران متكافئين والدليلان متعارضين، وإلاّ فلا تعارض في البين ، بل يكون أحد الظهورين أقوى من الآخر وقرينة على التصرّف فيه بحيث يكون مانعاً عن انعقاد الظهور في المتّصل وعن حجّيّته في المنفصل .

   وعلى الجملة : فلا يبعد استفادة حكم المقام من نفس النصوص الواردة في العناوين الثلاثة .

   وأمّا ما ورد في بعض نصوص العبد من تقييد عدم الدفع إليه بصورة الحاجة كما في صحيحة ابن سنان : « ... ولو احتاج لم يعط من الزكاة» ، فالقيد مسوق

ــ[64]ــ

لبيان تحقّق الموضوع ، وإلاّ فلا يحتمل أن يدلّ بمفهومه على جواز الدفع في صورة الغنى وعدم الحاجة ، فإطلاق ما دلّ على أنّ العبد لا يعطى من الزكاة شيئاً ـ كموثقة إسحاق بن عمّار (1) وغيرها ـ محكّم .

   على أنّه يمكن استفادة حكم العامل بالخصوص من بعض النصوص الواردة في بني هاشم ، كصحيحة العـيص بن القاسم عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «قال : إنّ اُناساً من بني هاشم أتوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله عزّ وجلّ العاملين عليها فنحن أولى به ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا بني عبدالمطّلب (هاشم)، إنّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم ، ولكنّي وعدت الشفاعة» (2) .

   فإنّها صريحة في منعهم عن جميع السهام حتّى من سهم العاملين .

   وهي تدلّ أيضاً على ما تقدّم سابقاً من اختصاص العاملين بمن يستعمله الإمام وينصبه للعمل ، وليس لكلّ أحد التصدّي لذلك من غير الإذن .

   ويمكن استفادته أيضاً من بعض النصوص الواردة في منع الزكاة عن المخالفين، وهي صحيحة زرارة وابن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام)، أ نّهما قالا : «الزكاة لأهل الولاية ، قد بيّن الله لكم موضعها في كتابه» (3) .

   حيث دلّت على أنّ الزكاة التي هي مختصّة بأهل الولاية هي التي بيّن الله موضعها في كتابه ، وهي المصارف الثمانية التي منها سهم العاملين ، فكأ نّه تعالى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 294 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 44 ح 3 .

(2) الوسائل 9 : 268 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 29 ح 1 .

(3) الوسائل 9 : 224 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 5 ح 9 .

ــ[65]ــ

قال هكذا : إنّما الصدقات لأهل الولاية وهم الفقراء والمساكين والعاملين عليها . فقد دلّت بوضوح على اختصاص سهم العاملين بالمؤمنين .

   ثمّ لا يخفى أنّ المستفاد من الأدلّة ليس إلاّ أنّ الهاشمي لا يعطى من الزكاة ، لا أ نّه غير قابل للاستئجار من مال آخر، فلو رأى وليّ الأمر المصلحة في استعماله وإعطائه من ماله أو من بيت مال المسلمين أو تصدّى هو للعمل تبرّعاً لم يكن به بأس ، إذ ليس الممنوع العمل بل الإعطاء من الصدقة حسبما عرفت .

   ومنها : العدالة ، وقد ادّعي الإجماع أيضاً على اعتبارها في العامل ، لكن الإجماع القطعي غير محقّق ، بل لم يدلّ عليه أيّ دليل ، ويكفي كونه ثقة أميناً .

   كما لم يدلّ دليل على عدم الاعتبار أيضاً .

   والاستدلال له بما في صحيح بريد بن معاوية من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لمصدّقه : « ... فإذا قبضته فلا توكل به إلاّ ناصحاً شفيقاً أميناً حفيظاً غير معنف بشيء منها» (1) ، حيث يظهر منه الاكتفاء بالأمانة والوثاقة وعدم اعتبار العدالة .

   في غير محلّه ، لأ نّها ناظرة إلى ما بعد القبض والجمع ، أعني : التوكيل في التقسيم وأن يكون المقسّم ثقة أميناً ، فهي أجنبيّة عن العامل ، أو فقل : إنّها أخصّ من المدّعى ، فتأمّل .

   إذن لا دليل على الاعتبار نفياً وإثباتاً ، ويكفينا في عدم الاعتبار عدم الدليل على الاعتبار .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 129 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 14 ح 1 .

ــ[66]ــ

   والأقوى عدم سقوط هذا القسم في زمان الغيبة (1) مع بسط يد نائب الإمام (عليه السلام) في بعض الأقطار . نعم ، يسقط بالنسبة إلى من تصدّى بنفسه لإخراج زكاته وإيصالها إلى نائب الإمام (عليه السلام) أو إلى الفقراء بنفسه .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لإطلاق الأدلّة وعدم الدليل على التخصيص بحال الحضور ، عدا ما في كلمات الأصحاب من تفسير العاملين بالنوّاب والسعاة من قبل الإمام ، حيث ذكر بعـضهم : أ نّه يستظهر منه الاختصاص المزبور ، وأ نّه من وظائف الإمام (عليه السلام) . ولكنّه كما ترى ، بل لم يظهر وجه للتفسير المذكور بعد جعل هذه الحصّة في الأدلّة لوليّ الأمر، الشامل بإطلاقه للإمام الأصلي ونائبه الخاصّ أو العامّ حسب اختلاف الأزمنـة ، فلو كان الحاكم الشرعي في عصر الغيبة مبسوط اليد ولو في بعض الأقطار وقد تمكّن من جباية الزكوات دفع سهماً منها للعاملين بمقتضى إطلاق الأدلّة حسبما عرفت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net