هل يشترط في ابن السبيل عدم تمكّنه من الاستدانة أو بيع ما يملكه ، وأن لا يكون سفره في معصية 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4128


ــ[119]ــ

بشرط عدم تمكّنه من الاستدانة أو بيع ما يملكه أو نحو ذلك (1) ، وبشرط أن لا يكون سفره في معصية (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثمّ قال تعالى : (وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيل الله وَابْنِ السَّبِيل ) .

   فإنّه لا يبعد أن تكون النكتة في هذا التغيير والعدول عن الاسلوب والإيعاز إلى اختلاف الأصناف وعدم كون المصارف على نمط واحد، بل في الأربعة الاُول تمليك لأشخاصهم يتصرّفون كيفما يشاؤون ، وفي الأربعة الباقية صرف في جهة خاصّة من غير تضمّنها ملكيّة مطلقة .

   (1) لعدم الحاجة مع التمكّن المزبور ، وقد عرفت اعتبارها فيه ، إمّا لتقوّم مفهومه بها ، أو لاختصاص الزكاة بالمحتاج بمقتضى حكمة التشريع ، أو لمرسلة علي بن إبراهيم المنجبرة بالعمل على القول بالانجبار. وعلى أيّ حال، فلا يستحقّ الزكاة مع قدرته على الوصول إلى وطنه من دون الاستفادة منها إمّا بالاستدانة أو بغيرها ، ومنه تعرف أ نّه لا مجال للتمسّك بالإطلاق .

   (2) لم يرد هذا الشرط إلاّ في مرسلة علي بن إبراهيم المتقدّمة المتضمّنة لكون السفر في طاعة الله ، فإنّ المراد من الطاعة ما يقابل المعصية ولا يختصّ بالواجب أو المندوب .

   وما في الحدائق (1) من أ نّهما عبارة عن موافقة الأمر ومخالفته ، فلا تشملان المباح ، ومن ثمّ احتمل اعتبار كون السفر للعبادة جموداً على ما يرتئيه من كونه ظاهر الرواية .

   مدفوعٌ بأنّ الظاهر من الطاعة هو العمل الصادر بإذن الله لا خصوص الصادر عن أمره ، وقد ورد : «إنّ الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق الناضرة 12 : 203 .

ــ[120]ــ

بعزائمه»(1) ، الظاهر في أنّ الأخذ بالمرخّص فيه محبوبٌ له تعالى كالأخذ بالمأمور به فهو أيضاً طاعة لا محالة . وورد أيضاً أنّ «من ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس» (2) ، وهو شامل للمباح ، فتأمّل .

   فالإيراد على الرواية بأنّ ظاهرها اعتبار الطاعة وعدم كفاية عدم المعصية وهو مخالف للإجماع ، مبني على التفسير المزبور ولا أساس له .

   والحاصل : أنّ السفر في غير المعصية سفر بإذن الله ، فهو طبعاً مطيع في سفره وليس بعاص .

   غير أنّ ضعف الرواية بالإرسال مانع عن الاعتماد عليها .

   فالأولى الاستدلال له بعد الإجماع المدّعى في كلمات غير واحد بأنّ ذلك هو مقتضى مناسبة الحكم والموضوع ، حيث إنّ الزكاة إنّما شرّعت للإرفاق بالفقراء وسدّ حاجة المحتاجين ، والمناسب جدّاً لهذا التشريع اختصاصه بما إذا لم يستلزم الإرفاق إغراءً بالقبيح وتشجيعاً للمعصية وإعانةً على الإثم، ولا سيّما على المشهور من حرمتها ، فإنّ ابن السبيل في الآية المباركة منصرف عن مثل ذلك جزماً .

   هذا كلّه في سفره إلى المعصية .

   وأمّا لو عرضته الحاجة وأصبح ابن السبيل بعد الانتهاء عنها وإرادة الرجوع والعود إلى الوطن فهل يجوز الدفع إليه من هذا السهم ؟

   أمّا إذا كان ذلك بعد التوبة والندم فلا ينبغي الإشكال في الجواز ، لإطلاق الآية بل شمول المرسلة ـ لو عملنا بها ـ لعدم صدق سفر المعصية حالئذ ، بل هو من سفر الطاعة حسبما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 107 /  أبواب مقدّمة العبادات ب 25 ح 1 ، و ج 16 : 232 /  أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ب 29 ح 20 .

(2) الوسائل 15 : 246 /  أبواب جهاد النفس ب 21 ح 15 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net