هل تجب زكاة الفطرة عن الضيف ؟ - لو نزل الضيف بعد دخول الليلة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 14871


ــ[393]ــ

   وكذا تجب عن الضيف (1) بشرط صدق كونه عيالاً له وإن نزل عليه في آخر يوم من رمضان ، بل وإن لم يأكل عنده شيئاً ، لكن بالشرط المذكور، وهو صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر بأن يكون بانياً على البقاء((1)) عنده مدّة، ومع عدم الصدق تجب على نفسه، لكن الأحوط أن يخرج صاحب المنزل عنه أيضاً ، حيث إنّ بعض العلماء اكتفى في الوجوب عليه مجرّد صدق اسم الضيف، وبعضهم اعتبر كونه عنده تمام الشهر، وبعضهم: العشر الأواخر، وبعضهم : اللّيلتين الأخيرتين ، فمراعاة الاحتياط أولى .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) الجهة الثانية : لا إشكال في وجوب الإخراج عن الضيف كما نطق به صحيح ابن يزيد المتقدّم ، وإنّما الكلام في تحديده وبيان المراد من الضيافة المجعولة موضوعاً لهذا الحكم .

   فعن جماعة ـ منهم الشهيد الثاني والمحقّق في المعتبر (2) ـ الاكتفاء بصدق اسم الضيف المتحقّق بنزوله في آخر جزء من الشهر بحيث يهلّ الهلال وهو في ضيافته ، واختاره صاحب الجواهر (3) ، بل قد صرّح الشهيد الثاني بكفاية مجرّد الصدق وإن لم يأكل عنده .

   وعن جماعة آخرين : اعتبار صدق العيلولة عرفاً، فلاتكفي الضيافة بمجرّدها ما لم تقترن بالصدق المزبور ، واختار هذا القول السيّد الماتن (قدس سره) .

   وعن الشيخ والسيّد المرتضى : اشتراط الضيافة طول الشهر (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أنّ صدق العيلولة لا يتوقّف عليه .

(2) المسالك 1 : 445 ، المعتبر 2 : 603 ـ 604 .

(3) الجواهر 15 : 497 .

(4) الخلاف 2 : 133 ، الانتصار : 228 .

ــ[394]ــ

   واكتفى الشيخ المفيد بالنصف الأخير (1) .

   وعن جماعة الاكتفاء بالعشر الأخيرة .

   وعن ابن إدريس : الاجتزاء بالليلتين الأخيرتين من الشهر (2) .

   وعن المنتهى والتذكرة : الاكتفاء بالليلة الأخيرة .

   وعن الوسيلة ونهاية الشيخ : الاكتفاء بمسمّى الإفطار في الشهر (3) .

   ولا يخفى أنّ ما عدا القولين الأولين غير ظاهر الوجه ، إذ لم نجد لها أيّ مستند ، والعمدة إنّما هما القولان الأوّلان المبنيّان على الاختلاف في كيفيّة الاستظهار من صحيح ابن يزيد المتقدّم .

   فصاحب الجواهر يستظهر أنّ قوله : «نعم» هو تمام الجواب عن سؤال فطرة الضيف ، الذي مقتضاه أنّ مجرّد الضيافة بعنوانها موضوع مستقلّ لأداء الفطرة وأنّ قوله (عليه السلام) بعد ذلك «الفطرة واجبة» جملة مستأنفة قد تفضّل بها الإمام (عليه السلام) لبيان موضوع آخر لأداء الفطرة ، وهو عنوان العيلولة ، فكلّ من العنوانين ـ الضيافة والعيلولة ـ موضوع مستقلّ لأداء الفطرة لا يناط شيء منهما بالآخر .

   ولكنّك خبير بما في هذا الاستظهار ، إذ عليه كان الأحرى والأوفق بقواعد الأدب تصدير الجملة المزبورة بواو الاستئناف كما لا يخفى ، وإذ لم تصدّر فظاهرها أ نّها في مقام التعليل ، لقوله (عليه السلام) : «نعم» ، ومسوقة لبيان كبرى كلّيّة تنطبق على الصغرى المذكورة في السؤال ، وتكون النتيجة : أنّ وجوب الإخراج عن الضيف إنّما هو لكونه من مصدايق هذه الكلّيّة ـ أعني : وجوب الإخراج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المقنعة : 265 .

(2) السرائر 1 : 466 .

(3) النهاية : 189 .

ــ[395]ــ

عن كلّ من يعول ـ ولازم ذلك أنّ الضيافة بعنوانها لا موضوعيّة لها وإنّما يجب الإخراج عن الضيف لكونه ممّن يعول وجزءاً من أفراد عائلة المضيف ، يتكفّل مؤونته ومعاشه ويقوم بشؤونه كسائر من يضمّ إليه من عائلته ، فلو تجرّد الضيف عن هذا العنوان ـ كما لو نزل ليلاً وبات وخرج صباحاً من غير أن يتكلّف المضيف شيئاً ما عدا منامه ـ لم يجب الإخراج عنه .

   واعتراض صاحب الجواهر (قدس سره) ـ بعدم صدق العيال على الضيف بقول مطلق ، بل مقيّداً بوقت خاصّ من الشهر أو نصفه أو ليلة ونحوها (1) ـ ممّا لا محصّل له ، فإنّه اعتراف منه بالصدق المؤقّت ، ولا ريب أنّ الاعتبار في الإخراج بصدق العيال أو صدق من يعوله في خصوص ليلة العيد ، لا من كان يعوله سابقاً أو سيعوله لاحقاً ، فليس الموضوع إلاّ الصدق المؤقّت المتقيّد بهذه الحالة دون المطلق الشامل لما مضى أو ما سيأتي ، إذ لا أثر للعيلولة السابقة ولا اللاّحقة ، وإنّما العبرة بالحالة الفعليّة ، وهو صادق في المقام حسب اعترافه (قدس سره) ، فيصدق على الضيف أ نّه عيال له أو ممّن يعوله في هذه الليلة وإن لم يصدق العيال عليه بقول مطلق ، فتدبّر جيّداً .

   وعلى الجملة : عال زيد فلاناً ، أي كفاه مؤونته ومعاشه ، ومعلوم أنّ الضيف كذلك ، فإنّ ربّ البيت هو المتكفّل لذلك ، فيكفيه اُموره من مأكله ومشربه ومنامه وسائر ما يحتاج إليه ، فهو عنده تحت نظره ورعايته ، والظاهر من الرواية أنّ المناط في الوجوب كونه عيالاً له في هذا اليوم ، ولذا يقول : «فيحضر يوم الفطر» ، إذ من الضروري عدم وجوب الفطرة عمّن كان عيالاً سابقاً أو سيصير عيالاً لاحقاً ، وإنّما العبرة بالتلبّس الفعلي بالعيلولة ، وهو يوم الفطر أو ليلته ـ كما ستعرف ـ وهو صادق على الضيف الموجود في هذا الوقت ، فإنّه أيضاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 15 : 496 .

ــ[396]ــ

   وأمّا الضيف النازل بعد دخول الليلة (1) فلا تجب الزّكاة عنه ((1)) وإن كان مدعوّاً قبل ذلك .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متلبّس فعلاً بعنوان العيال في هذا الحال حسبما عرفت .

   وقد تحصّل : أنّ الأظهر أنّ الضيافة بعنوانها لا خصوصيّة لها ، فلو تجرّدت عن العيلولة ـ كما لو كان ضيفاً في مجرّد البيتوتة ، بحيث إنّ ربّ المنزل لم يكن مسؤولاً عن أيّ شيء يرجع إليه ما عدا منامه ـ لم تجب الفطرة عنه ، وإنّما تجب بشرط صدق كونه عيالاً كما اختاره في المتن ، فهذا القول هو الأقوى .

   وممّا ذكرنا يظهر أنّ ما أفاده في المتن من التقييد بكونه بانياً على البقاء مدّة ، بلا ملزم ، لعدم توقّف صدق العيلولة على ذلك ، فلو فرضنا أ نّه يزور يوم العيد وبعده يخرج ، ولكن بما أنّ ذلك النزول كلفته ومؤونتـه على ربّ البيـت وفي كفايته يصدق عرفاً أ نّه ممّن يعوله في هذا اليوم فلا يلزم أن يكون ناوياً بقاء شهر أو شهرين مثلا .

   كما أ نّه يظهر أيضاً عدم وجوب الفطرة عن المدعوّين للإفطار في آخر شهر رمضان أو في ليلة العيد، لعدم دخولهم في عنوان العيال وإن جاءوا قبل الغروب ، إذ ليسوا هم بضيوف بهذا المعنى ، أي في كفاية ربّ البيت ورعايته بل مجرّد أكل وخروج ، مثل : أن يدخل شخص فيشرب ويخرج فإنّه لا يصدق عليه أ نّه ممّن يعوله وإن صدق عليه الضيف بمفهومه الواسع .

   (1) الجهة الثالثة : إذا نزل الضيف بعد الغروب فهل يجب الإخراج عنه ؟

   المشهور : العدم وإن كان مدعوّاً قبل ذلك ، بناءً منهم على ما تقدّم من لزوم استجماع الشرائط مقارناً للغروب ، ولكن عرفت أنّ هذا لا دليل عليه أصلاً ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا فيما إذا لم يصدق عليه العيلولة ، وإلاّ وجبت الزكاة عنه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net