حكم العنبر إذا اُخرج بالغوص 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4415


ــ[120]ــ

   [ 2903 ] مسألة 27 : العنبر إذا اُخرج بالغوص جرى عليه حكمه (1) ، وإن اُخذ على وجه الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له وجهان ، والأحوط اللحوق ، وأحوط منه إخراج خمسه وإن لم يبلغ النصاب أيضاً .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في وجوب الخمس فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ وكذا الياقوت والزبرجد اللّذين هما من سنخ المعادن بلوغ قيمته ديناراً ، الذي هو نصاب الغوص .

   وهذا هو الصحيح ، ومع الغضّ وتسليم فقد الترجيح والبناء على صدق كلا العنوانين على مثل ذلك فلا ينبغي التأمّل في أنّ دليل المعدن بالنسبة إلى ما بلغ ديناراً ولم يبلغ العشرين يكون من قبيل اللاّ مقتضي لا من قبيل مقتضي العدم .

   وأمّا دليل الغوص فهو بالنسبة إليه من قبيل المقتضي لثبوت الخمس ، ومن الضروري أنّ ما لا اقتضاء فيه لا يزاحم ما فيه الاقتضاء ولا ينافيه ، فالأوّل ينفي الحكم بعنوان المعدنيّة لا بكلّ عنوان ، والثاني يثبته بعنوان الغوص ، ولا منافاة بين الأمرين . ومعه ، فلا ينبغي الإشكال في وجوب الخمس في مثل ذلك بعنوان الغوص .

   (1) أمّا وجوب الخمس فيه في الجملة فالظاهر أ نّه لا إشكال فيه ولا خلاف ، كما نطقت به صحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن العنبر وغوص اللؤلؤ «فقال : عليه الخمس» (1) .

   وإنّما الكلام والإشكال في أ نّه هل هو عنوان مستقلّ في قبال الغوص والمعدن فيجب فيه الخمس مطلقاً وإن اُخذ من وجه الماء أو من الساحل ، أو أ نّه من الغوص فيلحقه حكمه ، أو من المعدن فيجري عليه حكمه؟ فيه وجوه بل أقوال :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 498 /  أبواب ما يجب فيه الخمس ب 7 ح 1 .

 
 

ــ[121]ــ

   نُسب الأوّل إلى جماعة منهم صاحب المدارك (قدس سره)(1) ، وكأنّ وجهه : أنّ ظاهر الصحيحة المزبورة وجوب الخمس فيه مطلقاً ، لا سيّما بقرينة عطف اللؤلؤ ـ مضافاً إليه الغوص ـ عليه ، المشعر بأنّ العنبر سواء اُخذ بالغوص أم بغيره يجب فيه الخمس .

   وفيه ما لا يخفى ، فإنّ الإطلاق المزبور لا ينافي تقييده بدليل اعتبار النصاب في الغوص ـ لو تمّ ـ ومقتضاه اختصاص وجوب تخميس العنبر المأخوذ غوصاً بما إذا بلغ النصاب .

   وعن كاشف الغطاء : اختيار الثاني ، استناداً إلى أ نّه ممّا يخرج من البحر بالغوص (2) .

   وفيه : أ نّه لم يثبت اختصاصه بذلك بعدما قيل من أ نّه قد يؤخذ من وجه الماء أو من الساحل ، ومعلومٌ أنّ إلحاق حكم الغوص به وإن لم يؤخذ بالغوص ممّا لا وجه له .

   وعن المفيد (قدس سره) : اختيار الثالث وأ نّه من المعادن (3) .

   وقد ذُكر في توجيه كونه منها أمران لا يمكن التعويل على شيء منهما :

   أحدهما : ما قيل من أ نّه نبع عين في البحر نظير عين الزاج والكبريت ، وقد مرّ أنّ المعدن إذا ظهر على وجه الأرض بسيل أو زلزلة أو نحوهما فاُخذ لحقه حكمه .

   ويدفعه : أنّ هذا أحد محتملاته ، وهناك محتملات بل أقوال اُخر في تفسير العنبر ، منها : أ نّه رجيع دوابّ بحريّة ، ومنها : أ نّه نبات في البحر ، ومنها : أ نّه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 5 : 377 ـ 378 .

(2) كشف الغطاء : 360 .

(3) حكاه في الجواهر 16 : 44 .

ــ[122]ــ

سمكة بحريّة ، وغير ذلك . فلا وثوق والحالة هذه بكونه من المعادن ليلحقه حكمها .

   بل أنّ مقتضى اصالة العدم الأزلي عدم كونه معدناً كما لا يخفى .

   ثانيهما : ما ذكره المحقّق الهمداني (قدس سره) من أنّ العنبر حيث إنّ له مكاناً مخصوصاً يتكوّن فيه ولا يوجد في غيره وهو البحر ، فإذن يصدق على ذلك المكان أ نّه معدنه وأ نّه اُخذ من معدنه توسّعاً (1) .

   ولكنّه ـ كما ترى ـ خلاف ما يفهم عرفاً من إطلاق المعدن . ومن الواضح جدّاً أنّ مجرّد كون البحر محلاًّ لتكوّنه لا يستوجب صدق اسم المعدن عليه ، وإلاّ لكان السمك أيضاً من المعادن ، لأنّ البحر مكان خاصّ له ، وهو معلوم البطلان .

   هذا ، ولو سلّم كونه ـ أي العنبر ـ منها فإلحاقه بها حكماً مطلقاً لا يكاد يتمّ ، لما عرفت من أنّ المعدن إذا اُخرج بالغوص لحقه حكمه، فيجب تخميسه إذا بلغ ديناراً ـ على القول به في الغوص ـ لما تقدّم سابقاً من أنّ كونه غوصاً مقتض للوجوب ، وكونه معدناً غير مقتض له ، لا أ نّه مقتض لعدمه ، ومن الواضح أنّ اللاّ مقتضي لا يزاحم المقتضي .

   ونُسب إلى الأكثر ـ ومنهم المحقّق (قدس سره) في الشرائع (2) ـ التفصيل بين ما إذا اُخرج بالغوص فيلحق به ، وما إذا اُخذ من وجه الماء أو الساحل فيلحق بالمعادن .

   وفيه : ما عرفت من أ نّه لم يثبت كونه من المعادن ، فإلحاقه بها إذا اُخذ من وجه الماء أو الساحل غير ظاهر الوجه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه 14 : 90 .

(2) الشرائع 1 : 207 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net